top of page
Search
  • Writer's pictureIllidan Stormrage

الفطرة الحيوانية: نقاش الأصول

Updated: Feb 27


“Zoologists have engaged in such extreme denial of motivation and goal-directed behavior, not to mention animal consciousness and complex intellectual abilities,”

Mary West-Eberhard “Developmental plasticity and evolution” (2003): 314


لقد كان علماء الحيوان ينكرون بشدة وجود سلوكيات هادفة و عمليات ذهنية متقدمة لدى الكائنات


“Function is not a question that is usually addressed in science because Function implies a design and the design a designer”

Luc-Alain Giraldeau “The Function of behavior” in “The behavior of animals: Mechanisms, Function and Evolution” (2005): 199


ان البحث عن وظيفة السلوك أمر يتجنبه العلم لأن الوظيفة توحى بوجود تصميم و التصميم يوحى بوجود مصمم


Most ecologists understand that ‘ecological strategy’ is a misleading teleological shorthand for evolved adaptive behaviour determined by natural selection

David G Robinson et al., "Plant “intelligence” changes nothing" EMBO Reports (2020)21:e50395


القول بوجود استراتيجيات بقاء مضلل لأنه يوحى بالغائية بل هى اليات تكيفية من انتاج الانتخاب الطبيعى (تعقيب شخصى: هناك تضليل فعلا و لكن ليس فى القول بوجود استراتيجيات!!!)


“Philosophers have rightly been wary of functional approaches in biology, because to ask the question ‘What is behavior x for?’ is teleological: it implies purpose”

Innes Cuthill “The study of function in behavioral ecology” in “Tinbergen’s Legacy: Function and mechanisms I behavioral biology” (2009): 111


ان الفلاسفة قلقون جدا من أسلوب التعامل مع الوظائف فى علم الأحياء لأنك عندما تسأل ما الهدف من هذا السلوك فان هذا يوحى بوجود غاية و هدف


For any biological process, including evolution, to be allowed as natural and scientific, no purpose, intelligence, direction, or design is permissible.

Olen R. Brown and David A. Hullender "Neo-Darwinism must Mutate to survive" Progress in Biophysics and Molecular Biology 172 (2022) 24-38


لكى يتم اعتبار أى عملية بيولوجية طبيعية و علمية يجب عدم السماح بوجود هدف أو ذكاء أو توجيه أو تصميم


“Behavior analysts reject teleology...when these principles are called teleological, readers and listeners may well misunderstand”

Hayne W. Reese “Teleology and Teleonomy in behavior analysis” The behavior analyst, no.1 (1994): 88-89


ان دارسى السلوك يرفضون الغائية...عندما نقول بوجود غاية فان هذا يقود الى سوء فهم



الحرب على الغاية و الهدف Teleophobia


تقع مثل هذه العبارات الدوغمائية (و التى ذكرنا سابقا أمثلة أكثر عليها) فى قلب التفسيرات التطورية للسلوك الحيوانى و تعتبر هى الأساس الفلسفى الذى تنطلق منه نظرية التطور لتفسير سلوك الحيوانات بكل طريقة و أى طريقة سوى التصميم و الغاية و الهدف ثم اخبار الناس أن "العلم" ينفى وجود التصميم بينما هم من رفض وجود تصميم من البداية و قدم تفسيره على هذا الأساس ثم سماه علما و لكن ان لم يكن للبناء و الهندسة و تحكم الكائن فى بيئته و تطويعها لأغراضه ناهيك عن التواصل لنقل المعلومات هدف فما الذى له هدف اذن؟


يعتبر جوهر معركة نظرية التطور مع العقل و العلم و البيانات هو نفى الغائية و الهدف عن الأنظمة البيولوجية و التأصيل لغياب التصميم و القصد و اثبات العشوائية المحكومة بسياق التاريخ historical contingency لدرجة أن مصمم الأنظمة الملاحية اريك كاسل كاتب كتاب Animal Algorithms و الذى عمل فترة مستشارا لدى وكالة الفضاء الأمريكية NASA و وكالة الطيران الفيدارلية الأمريكية FAA وصف حالة علماء البيولوجيا التطورية بما أسماه Teleophobia الرعب المرضى من فكرة الغائية و التصميم (لعل هذه الحالة امتدادا لحالة تشارلز داروين ذاته الذين كان يقول عن الصفات التى تبدو "غائية" أو مصممة فى الكائنات أنها تشعره بالبرد الشديد و الغثيان) و يحاولون عادة ترقيع سلوكهم هذا بادعاءات كاذبة مفادها أن الحديث عن التصميم و الغاية معناه ايقاف البحث العلمى و هذا طبعا كلام فارغ فلم يقل أحد يوما ما: برامج الحاسب الالى و أنظمة الملاحة و الاتصالات مصممة اذن أوقفوا البحث العلمى فى هذه المجالات!


يقدم لناعلماء السلوك الماديين نموذجا على الجنون الفلسفى المطبق المسمى التكيفية Teleonomy المصطلح البديل للغاية أو الوظائفية Structuralism/teleology و الذى كان من أول من روجوا له ارنست ماير أحد مؤسسى التراكيبية الحديثة. مثلا يخبرنا صاحب المصدر الأخير ان الطائر لا ينقر لأنه يريد أن يأكل و لديه ادراك أن هذا طعام هدفه الوصول اليه بل لأنه فى تاريخه السابق قام بهذا السلوك بلا هدف و تلته مكافأة تتمثل فى الحصول على طعام فتم انتقاء هذا السلوك من قبل الانتخاب الطبيعى selection by consequences بسبب عواقبه. أى أن ما يفعله فى الواقع خدعة كلامية يحاول بها وضع العربة أمام الحصان فالصفة ليست موجودة لأنها مطلوبة لوظيفة بل نشأت بالصدفة ثم تصادف أن وجدت لها وظيفة...مجرد تغيير فى ترتيب الأحداث التاريخية بلا أى دليل ليمرر وجهة نظره الخالية من الغاية و التصميم و يقوم بتأويل البيانات على مقاسها حتى لو كان ذلك تأويلا سخيفا ثم يتظاهر بأن "العلم" يثبت ما يقول.


طبعا هذا الكلام ساقط علميا لأنهم لا يثبتون أبدا أن هناك سلسلة من الطفرات النافعة ستقود الى بناء السلوك خطوة خطوة بل يفترضون ذلك لأن النظرية تحتاج اليه و لا يثبتون أبدا أن الزمن المتاح كافى لحدوث كل هذه الطفرات بل يكتفون باطلاق كلمة ملايين السنين. أضف الى ذلك أنهم يتجاهلون أن السلوكيات تحتاج الى سمات تشريحية و سلوكية اخرى تقوم باكمالها لتصنع حزمة تكيفية تساعد الكائن دون أن يكون كل جزء منها مفيدا بمفرده فمثلا كنموذج مبسط فى حالة نقار الخشب فأى طائر يحاول القيام بمثل هذا السلوك دون أن يكون منقاره و جمجمته و عنقه مجهزين تماما اما سيفشل أو سيقتل نفسه أو على الأقل سيؤذى نفسه أذى شديدا و هذه التجهيزات التى أنتجتها أخطاء نسخ يتم استلهامها لتحسين تصميمات معدات امتصاص الصدمات


These are its hard-but-elastic beak; a sinewy, springy tongue-supporting structure that extends behind the skull called the hyoid; an area of spongy bone in its skull; and the way the skull and cerebrospinal fluid interact to suppress vibration.

Marks, P. Woodpecker's head inspires shock absorbers. New Scientist. February 4, 2011


Yoon, S.-H. and S. Park. 2011. A mechanical analysis of woodpecker drumming and its application to shock-absorbing systems. Bioinspiration & Biomimetics. 6 (1): 016003.



الان حاول أن تتخيل مثل هذه التفسيرات الطبيعانية الانتخابية على مستوى سلوكيات أكثر تعقيدا و تركيبا كالبناء أو التخاطب أو الهجرة أو الانتشار أو الملاحة أو غيرها من الأمثلة التى ذكرناها لتدرك كمية العبث المطلوب تصديقه للتواؤم مع هذه الفلسفة المادية التى جعلت من نفسها نظرية علمية "التطور بالانتقاء الطبيعى". ان الأمثلة التى ذكرناها سواءا على مستوى السلوكيات الجماعية التعاونية أو الفردية مجرد نقطة فى بحر الكائنات الحية فهل قامت كل هذه الكائنات بتجربة كل التصرفات الممكنة عبر التاريخ لضبط برنامجها السلوكى من بين كل التعليمات و الترتيبات و القيم الممكنة؟ هل “تطور” أيضا لهذه الكائنات خوارزميات جماعية كبرمجيات swarm intelligence و معالجة معلومات موزعة distributed processing و شبكات اتصالات فى حالات السلوك الجماعى كالنمل و النحل و البكتيريا؟ لاحظ أننا نناقش فقط نشأة هذه الاليات و لم نتطرق الى معضلة أخرى و هى أن الأنانى الغير متعاون و الذى لا ينسق مع الاخرين و لا يلتزم بالتعاون بل يقتات على مجهود الجماعة سيربح دائما مما يؤدى الى انهيار المجتمع كما ناقشنا فى أيقونات التطور: الانتخاب الطبيعى . .بل ان مجرد وجود التعاون حتى لو لم يكن فى سلوكيات معقدة أمر يعجز عنه الانتخاب الطبيعى وفقا للأدلة


و طبعا الرد التطورى جاهز و هو أن الانتخاب الطبيعى اذا أراد شيئا فانما يقول له كن فيكون مهما كان معقدا و مركبا


Migration is a trait complex that integrates many different characters, including behaviors, physiology, morphology, and life histories, into a syndrome...high level of integration among single traits; in other words, the expression of one trait covaries with the expression of another trait...De novo evolution of and evolutionary changes in the migratory syndrome follow the same processes that determine the evolution of other complex traits: Whenever selection persistently favors the simultaneous optimization of multiple traits, genetic correlations among these traits will evolve.

Francisco Pulido “The genetics and Evolution of Avian Migration” BioScience 57, no.2 (2007): 166-170


و أن الأشياء المعقدة و المركبة لا يصنعها مهندسون بل تصنعها عملية لاغائية كالتطور


Observing that something is complex and diverse is evidence that an evolutionary process created it, rather than an engineer.

PZ Myers "Creationist thinks evo-devo ‘refutes’ evolution" Free Thought Blogs (7 March 2023)


و أن التطور لم يذهب الى كلية الهندسة و لكنه يقوم بأعمال المهندسين


although evolution did not go to engineering school, its outcomes, evolved biological systems, have striking similarities to certain aspects of engineered systems

Uri Alon "An introduction to systems Biology – Second Edition" p. 273


و غيرها من التصريحات الدوغمائية التى لا تفعل شيئا سوى ان تنظر الى ما هو موجود فى الكائنات الحية و تنسبه الى "التطور" بلا أى دليل و تزعم أن له خطوات من الطفرات نافعة بلا أى برهان و تؤكد أنه طالما السمة التشريحية او السلوكية مفيدة فبالتأكيد هى من صنع الانتخاب لأن من يمتلكها سيتكاثر اكثر و كأن طريقة الانتشار تفسر النشأة و عليك أن تلغى عقلك و تكرر هذا الايمان الأعمى كالببغاء بلا أى دليل بل حتى و ان عارضته الأدلة و الا طبعا فقائمة الاتهامات جاهزة: خلقوى – عدو العلم – تنكر الحقيقة – مؤدلج...الخ. مع الأسف ان المسألة ليست علما و لم تكن كذلك فى أى يوم من الأيام بل هى فى الواقع نتاج فلسفات عدمية عشوائية لاغائية يتم فرضها على العلم فرضا ثم الكذب على الناس و الزعم أنها استنتاجات علمية.



خوارزميات الحيوانات و السلف المشترك:


الأيتام من جديد:


كنا قد ناقشنا من قبل فكرة الجينات اليتيمة (التى لا سلف تطورى لها) عند الحديث عن أشجار الحياة التطورية و كيف تظهر فى الكثير من الكائنات و تكون مسئولة عن الصفات الجديدة و المميزة بشكل يتنافى مع الفرضية التطورية القائلة بأن الجديد يتطور من القديم (ملحوظة اطلاق اسم فخم على الظاهرة على غرار de novo origination التنشؤ الجديد لا يسمى تفسيرا انما يسمى "تسمية"). حسنا هذه الجينات اليتيمة تظهر أيضا بشكل كثيف فيما يتعلق بخوارزميات عمل الكائنات الحية. أى اذا سلمنا جدلا بأن هذه البرامج السلوكية مشفرة فى الجمض النووى بشكل ما فان تطورها يتطلب مزيجا من تعديل الجينات الموجودة فى السلف المفترض (الغير اجتماعى) و انشاء جينات جديدة من الصفر و تنسيق كل هذا معا لأن لا المعدات تعمل بدون برنامج التشغيل و لا برنامج التشغيل له قيمة بدون معدات و لا حتى كل جهاز أو برنامج متفرد له قيمة وظيفية قبل اجتماع حد أدنى من الأجزاء/التعليمات.


يعشق التطوريون الهروب من فكرة وجود حد أدنى من الأجزاء لأى نظام لكى يعمل عن طريق فرضية أن هذه الأشياء كانت موجودة لاستخدامات أخرى و يا محاسن الصدف اتضح امكان استخدامها فى أمور جديدة فتم استقطابها/تجنيدها/دمجها/اقتراضها exapted/coopted/recruited/borrowed (عادة تسمى ritualization فى مسائل السلوك) الى اخر قائمة المصطلحات الجوفاء التى يتظاهرون بأنها “اليات”. نقدنا هذه الفرضيات من قبل و وضحنا كيف أن هذه المصطلحات لا تعنى أى شئ بل هى مجرد توصيفات و قصص و ليست تفسيرا فلا هى فسرت كيف نشات المكونات و لا هى حلت مشكلة عدم وجود وقت كافى لاختبار ملايين الترتيبات الغير وظيفية الممكنة. لكن الأهم من ذلك أن هذه المصطلحات الرنانة تسقط تماما أمام فكرة الجينات اليتيمة/التنشؤ الجديد فهذه الأشياء لم تكن موجودة من قبل فى أى سلف.


لقد وجدت دراسات مختلفة مئات الجينات المستجدة فى الأنواع الاجتماعية لتساعدها على هذا السلوك الذى نشأ 11 مرة بشكل مستقل (منهم 6 مرات فى النحل) و كالعادة بدأت استراتييجية التفسير عن طريق "اطلاق الأسماء" فبعضها تمت نسبته الى التطور السريع rapid و أخرى الى المتسارع accelerated و ثالثة الى النشوء من الصفر de novo مع ملعقتين من التطور المتقارب convergent لتبرير ظهور هذه الجينات فى أنواع منعزلة تطوريا.


S. Hollis woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of Eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


Karen M. Kapheim et al., “Genomic Signatures of evolutionary transitions from solitary to group living” Science 348 (2015):1139-1143


و فى حالات أخرى كانت الجينات الجديدة المطلوبة بالالاف و ليس المئات


We also found 9,361 proteins that are unique to A. cephalotes, representing over half of its predicted proteome. These proteins likely include those specific to ants or to A. cephalotes.

Garret Suen et al., "The Genome Sequence of the Leaf-Cutter Ant Atta cephalotes Reveals Insights into Its Obligate Symbiotic Lifestyle" PLOS Genetics February 10, 2011


Doori park et al., “Uncovering the novel characteristics of Asian Honey bee, Apis Cerana, by whole genome sequencing” BMC Genomics 16, no. 1 (2015): 1-5


Pedro Ferreira et al., “Transcriptome analyses of primitively Eusocial wasps reveal novel insights into the evolution of sociality and the origin of alternative phenotypes” Genome Biology 14 (2013): k20


ان مثل هذه الدراسات تأخذ مشكلة الجينات المستجدة الى مستوى اخر تماما فمثلا فى الورقة الثاانية تم ايجاد جينات كثيرة مستجدة ليست فقط على مستوى النحل بل على مستوى سلالة بعينها من النحل لا تشاركها فيها سلالات النحل الاجتماعى الأخرى أى أن المسألة تجاوزت عدم وجود سلف مشترك للحشرات الاجتماعية و دخلت فى مستوى عدم وجود سلف واحد للنحل الاجتماعى ذاته و الورقة الأولى تأرجحت بين كون الاف الجينات الجديدة خاصة بالنمل بشكل عام أم بسلالة النمل المدروسة بشكل خاص.


حالة أخرى تمت فيها مقارنة 7 سلالات من النمل وجدت نحو 4000 جين مستجد مهم للوظائف المختلفة فى كل سلالة لنصل الى حوالى 28 ألف (28,581) جين مستجد فى النمل!!! لكن الألطف أن 64 منها فقط هى المشتركة بين السبع سلالات بينما 12,054 جين أى نحو 42.2% قاصرة على سلالة دون الباقين lineage-specific genes (موزعة ما بين هذه و تلك و ليست كلها فى واحدة) أى أننا حتى لا نستطيع افتراض سلف مشترك واحد للنمل الاجتماعى ورثت منه كل هذه الجينات ناهيك عن وجود "تطور" فى العناصر التنظيمية لألفين جين اخرين بين الحشرات الاجتماعية و غير الاجتماعية و طبعا الحل: لابد أن النمل "تطور بسرعة"


Daniel Simola et al., “Social insect genomes exhibit dramatic evolution in gene composition and regulation while preserving regulatory features linked to sociality” Genome Research 23 (2013): 1235


لاحظ أنه حتى لو افترضنا أن الجينات متشابهة و بالتبعية موروثة من سلف ما فان هذا أصلا لا يفسر نشأتها فى السلف و لكن تشعبها الشديد و اختلافها بين أنواع النمل ذاتها يطعن حتى فى وجود سلف مشترك للنمل الاجتماعى و طبعا كما جرت العادة يتم افتراض تطور بعض الجينات بسرعة و أخرى بمنتهى السرعة و تجنيد أخرى لوظائف جديدة الى اخر المسميات التى لا تصلح كتفسير ثم يخرجون علينا قائلين البيانات لا تعارض أشجار تطور السلالات


S. Hollis Woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of Eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


فى الصورة أعلاه مسار واحد فقط من المسارات البيوكيميائية glycolysis و هو مسار تحلل الجلوكوز الذى يعتبر بدائيا قديما فى الكائنات الحية يفترض أن الجينات المظللة فيه خضعت لتعديلات سريعة و مكثفة لتتلاءم مع السلوك التعاونى فما بالك بالمسارات المتقدمة المتعلقة بالسلوك ذاته. فعلا تظليل الجينات دليل دامغ على أن التطور يمكن أن يعمل بسرعة!!!



لا يوجد تطور من سلف مشترك...عفوا أقصد التطور المتقارب:


حسنا دعنا نتجاهل الأيتام – ماذا عن التطور المتقارب؟ ان الكثير من هذه البرامج المعقدة (و المعدات المطلوبة لعملها) و على استحالة نشأتها طبيعيا مرة واحدة قد نشأت أكثر من مرة بشكل مستقل دون سلف مشترك. التطور المتقارب معناه حرفيا أن الصفات التى يشار اليها على أنها نتيجة سلف مشترك تنشأ بدون وجود اى سلف مشترك و هو ما تقر به المصادر التى افتتحنا بها هذا المبحث: 11 مرة بدون سلف مشترك. كما تقر بذلك مصادر أخرى كثيرة


there are striking parallels with various groups of insects (most famously in the hymenopterans (ants, bees and wasps))...not only is eusociality rampantly convergent, but also remarkably instructive in terms of parallels with human organization and activities(agriculture, warfare, and competitive exclusion)

Simon Conway Morris “Life’s solution” (2005) p.143, also ch. 10 “the ubiquity of convergence”


و السؤال البديهى هو ما الذى يمنع أن تكون باقى المرات التى يفترض فيها السلف المشترك هى الأخرى نشأت بدون سلف مشترك؟ ان كون التطورى قد نجح فى رسم شجرة علاقات تصنيفية بين مجموعة كائنات لا يثبت أبدا أنها تنتمى لسلف مشترك طالما أن مبدأ نشأة الصفات بلا سلف مشترك موجود و مثبت و عندما تضيف الى ذلك أن أشجار العلاقات التصنيفية/التطورية تتضارب فيما بينها تصبح المشكلة أكثر وضوحا. مثلا احدى الدراسات قارنت 9 سلالات من النحل فوجدت التعاون ينشأ بينها عدة مرات بشكل منفصل منها مرة يقفز من لا تعاون الى تعاون متقدم بدون المرور بمرحلة "تعاون بدائى" (و أرجو هنا ملاحظة أنه حتى فى الحالة التى مرت فيها السلالات عبر مرحلة التعاون البدائى فان هذا فى الواقع لا يثبت فعلا وجود سلف مشترك بين هذه السلالات و لكنه يثبت وجود نسبة تشابه جينى كبيرة لا أكثر كما لا ننسى أن نذكر القارئ بأن دراسات أخرى تستغل سمات مختلفة قد تصل الى علاقات تطورية مختلفة تماما)


S. Hollis Woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of Eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


مئات الجينات فى مسارات و وظائف مختلفة كلها خضعت لتغيرات بشكل مستقل بلا سلف مشترك و سريع – 212 جين لكل السلالات المتعاونة و 173 خاصة بالتعاون "البدائى" و 218 بالتعاون المتقدم (و طبعا لا تسأل كيف و لماذا ظهرت الطفرات المطلوبة بسرعة لينشرها الانتخاب فقد افترضوا ظهور مئات الجينات الكاملة فجأة فى حالات الجينات اليتيمة فما بالك بتعديل مئات أخرى بالتوازى مع ذلك؟ انها نظرية التطور التى تموت على أعتابها كل قواعد العقل و المنطق و الرياضيات)



S. Hollis Woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of Eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


طبعا فى الحالة التى ظهر فيها التعاون المتقدم فجأة بدون بدائى يسبقه ليتطور منه فان القفزة المفاجئة فى سرعة التطفر يجب أن تشمل الجينات التأسيسية للتعاون و تلك الخاصة بالتعاون المتقدم دفعة واحدة و لكن من الملفت فعلا أن هناك تعديلات خاصة بما يسمى التعاون البدائى غائبة فى التعاون المتقدم و هو ما يؤكد ما نقوله دائما و أكدته معضلة نمل بونيرين ponerine paradox : توزيع الصفات لا علاقة له بالتطور من الأبسط الى الأعقد بل باحتياجات الكائن فى بيئته التى قد تكون بسيطة. ان ما يسمى تعاون بدائى ليس سلفا للتعاون المتقدم و لا فى طريقه اليه أو فى مرحلة وسيطة بل سلوك مستقل تماما مناسب لنمط حياة حامله و كونه يحمل جينات مشتركة مع التعاون الأكثر تعقيدا فهو أمر بديهى لوجود نسبة مشتركة من الوظائف و لكن له أيضا جيناته المستقلة تماما


حتى اذا تجاهلنا دلالة التطور المتقارب ضد السلف المشترك فان التفسير العجيب الذى يقوله متحمسو هذا النموذج مستحيل عمليا: الكائنات اختبرت نسبة كبيرة من الطفرات و الابتكارات الممكنة حتى وصلت الى نفس النتيجة بشكل مستقل أكثر من مرة. هذا الكلام مستحيل رياضيا بسبب ضخامة فضاء البحث و عدم كفاية الوقت (ملايين السنين) لبحث و لو جزء ضئيل مه خاصة فى حالة الكائنات متعددة الخلايا. ما الذى يحدث؟ لماذا تظهر مئات الجينات فجأة من العدم و بالتوازى مع ذلك تخضع مئات أخرى لتعديلات سريعة؟ هل يوحى هذا بتطور تدريجى؟ و ما معنى كلمة تطور سريع أصلا؟ سيقول لك التطورى "ضغط انتخابى" و لكن الظروف البيئية لا يمكنها تسريع معدل التطفر الطبيعى للكائن بهذا الشكل ما لم تكن الطبيعة تقصف الكائنات بالاشعاع النووى أو الأسلحة الكيميائية ناهيك عن أن تجعل الجماعة الحية تتحمل معدل تطفر جنونى يسمح بانشاء كل هذا بسرعة دون أن تموت و تنقرض من التشوهات و الطفرات الضارة التى لن يلاحق عليها الانتخاب بل و ربما يختارها و يحافظ عليها لأنها تكيفية برغم ضررها مما يتسبب فى انتروبيا الجينوم (تدهوره) حتى فى ظل معدلات التطفر الطبيعية. ان اثار التصميم و المعلوماتية واضحة جدا و لكن هناك من يريد أن ينكرها لأن نظريته تتطلب ذلك.



أوه ماى داروين...انها مجرد اعادة تنظيم:


حسنا دعنا نتنزل مع المخالف الى أبعد مدى و نتجاهل الأيتام و التطور المتقارب و كل ما يمت للسلف المشترك بصلة فانه من التبريرات العجيبة التى يلقيها بعض التطوريين هو أن الصفات و الجينات المطلوبة للتعاون كلها كانت موجودة فى سلف مشترك و ما تغير فقط هو العمليات التنظيمية. بغض النظر عن أن هذا التبرير خاطئ تماما وفقا للبيانات القائلة بوجود جينات جديدة كما أوردنا بالأعلى لكن سؤال لمن يؤمن بهذا التبرير: أنت ماذا فسرت بهذا الزعم؟ لا أنت شرحت كيف نشأت الصفات فى السلف المشترك المزعوم و لا كيف تغير تنظيمها و الذى قد يصل فى بعض الأحيان الى الاف التغييرات. ان السمة الواحدة قد تتطلب عدة جينات الى جانب الية تنظيمية ليتم تفعيلها فى الظرف الصحيح و ليس أى ظرف اخر و لتحدث الخطوات بالترتيب الصحيح دون أى ترتيب اخر الى جانب تنسيقها مع سمات/سلوكيات مختلفة الى جانب احتياج بعض السمات/السلوكيات كالبناء و التحكم فى بيئة العش الى ضبط هندسى و فيزيائى دقيق و أنت كل مافعلته هو الاشارة الى أن هذا كله أو معظمه كان موجود فى كائن اخر. هذا ليس تفسير هذا مجرد دفع للمشكلة لمكان اخر فحسب.


فى الحالات التى لا تحتوى على جينات جديدة بل مجرد اعادة تنظيم عمل expression جينات موجودة بالفعل نجد مئات و أحيانا الاف الاختلافات. مثلا فى سلالة من النمل عثر الباحثون على حوالى خمسة الاف جين تخضع لعمليات تنظيم مختلفة وفقا للوظيفة المكلف بها العامل. 5 الاف عملية تعديل يجب تنسيقها فى خوارزمية اتخاذ قرار و ادارة حتى يتم تقسيم الأفراد بالشكل الصحيح بين المهام المختلفة و كل طائفة من العمال لها التعديلات المطلوبة لها


We found the largest expression differences between the queen and the worker castes (~2500 genes) and the smallest differences between infertile brood-tenders and foragers (~300 genes)...In total, we identified more than 5000 differentially expressed genes in the four T. longispinosus female castes... in honeybees, a similar pattern has been observed, where brain gene expression patterns between reproductive and sterile worker castes differed by only a few hundred genes, in comparison with more than 2000 genes between the queen and the worker castes

B. Feldmeyer et al., “Gene expression patterns associated with caste and reproductive status in ants: worker-specific genes are more derived than queen-specific ones” Molecular Ecology 23 (2014): 151 – 161


و هذه التنسيقات فى حد ذاتها طبعا تخضع لمدخلات يتم تلقيها من الخارج و العمل وفقا لها مما يضيف مستوى اضافى من التعقيد فمثلا يتم تنظيم عمل بعض جينات النحل وفقا لتلقى فيرمونات من الخارج خاصة من الملكة مما يعنى أن الالية تتطلب عملية انتاج الفيرمونات و مستقبلاتها من جهة و معرفة "الخلطة" المطلوبة لكل موقف و طبعا المعلومات المطلوبة لفهم "الرسالة" عند المتلقى و ما هو التنظيم المطلوب وفقا لكل مركب فيرمونى


Guy Bloch and Christina Grozinger “Social Molecular pathways and the evolution of bee societies” Philosophical transactions of the Royal Society B 366 (2011): 2157


سيقول لك البعض: نعم بالتأكيد ان عمليات التنظيم الجينى وفقا لعوامل خارجية Epigenetics/neolamarckism من اليات التطور و هذا نوع من استراتيجية "رفع الأعلام" التى تحدث عنها مايكل دنتون فى كتابه "التطور ما تزال نظرية فى أزمة". وضع كلمة التطور بجانب كل شئ للايحاء بأن كل ما يحدث يندرج تحت بند التفسير التطورى. هل يفسر تنظيم جين ما بشكل معين نشأته؟ أو كيف نشأت اليات التنظيم؟ أو كيف تم ضبطها بالشكل الصحيح دونا عن ملايين الأشكال الأخرى لانتاج هذا السلوك المتناسق وفقا لكل موقف مطلوب؟ لن تجد سوى الحشو الكلامى اياه الذى لم تثبت أبدا قدرته على أى مما ينسب اليه "طفرات+ملايين السنين+انتخاب طبيعى". ان التنظيم متعلق بمتى يعمل و بأى قدر يعمل و متى يتوقف...هل حشر كلمة "التطور" فى الموضوع فسر لماذا يتم التنظيم الجين بالشكل الصحيح فى الوقت الصحيح عند حدوث الظرف الصحيح بالتنسيق مع مئات الجينات الأخرى؟ أم أنها مجرد محاولة لاعطاء اسم اخر ل"صدف الفجوات" التى يتم استخدامها لنفى أبسط قواعد العقل و المنطق و العلم ألا و هى وجود التصميم و الغاية


بل و من المثير للسخرية أنه حتى فى الحالات البسيطة التى قد يكون من المقبول نوعا ما وجود سلف للصفة فان نظرية التطور عادة لا تنجح. مثلا فى حالة النمل يفترض سيناريو التطور "اطفاء" الجينات التنظيمية للجناح لانتاج طبقة العمال و الفرضية التطورية تقول أن هذا حدث فى الطلائع الأولى لتطور النمل من الدبابير. طبعا هذا أصلا كلام فارغ فالنمل لا يمتلك جينات جناح لأنه انحدر من الدبابير و لكن لأن الملكات تحتاج أجنحة لتطير فى رحلة التزاوج و لأن جينوم النملة واحد و لكن يتم انتاج الطبقات المختلفة عبر تنظيم عملية تفعيله. و لكن حتى لو تجاهلنا ذلك و سايرنا السيناريو التطورى نجد تحليل جينات الأجنحة يقول أنها "مطفأة" بطرق و مفاتيح مختلفة فى سلالات مختلفة مما يتعارض مع انحدارهم من سلف مشترك و كالعادة يبدأ التطورى فى تأليف القصص بدلا من الاعترف بالمشكلة فاما أن النمل تطور (بكل هذه الخوارزميات و الامكانيات) أكثر من مرة بدون سلف مشترك موحد و اما أن "التطور" قام بتغيير الجينات المطفأة أكثر من مرة ليخدع الباحثين الشرفاء الدارسين لصنيعته.


different species shut down different genes. The original genome has remained the same, bur somehow the gene expression pattern producing wingless workers has shifted around during the evolution of the ants. Either that or the more than 14,000 known species of ants as a whole are polyphyletic, with two or more lines having evolved independently from the alate wasp ancestors

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2009): p. 77


أى أنه حتى فى حالات التغيرات التنظيمية البسيطة التى يمكن أن نقر بأنها فى مرمى الطفرات و الانتخاب الطبيعى تفشل فكرة السلف المشترك و لكنهم طبعا لا يحبون "ازعاج العامة" بهذه التفاصيل التقنية الدقيقة. من الأفضل أن نتركهم مع انطباع أن التطور فسر كل شئ بلا مشاكل.

66 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page