top of page
Search
  • Writer's pictureIllidan Stormrage

الفطرة الحيوانية: خوارزميات التعاون و ادارة المستعمرات

Updated: Jul 9


superorganisms―a tightly knit colony of individuals, formed by altruistic cooperation, complex communication, and division of labor―

Super Organism: a colony with many of the attributes of an organism but one step up from organisms in the hierarchy of biological organization”

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): 4


الكائن الفائق: مستعمرة قائمة على التعاون و و الايثار و اليات التخاطب المعقدة و تقسيم الأعمال - مستعمرة من كائنات مستقلة تنسق بينها لدرجة امكان اعتبارها مخلوق واحد كبير و الكائنات المستقلة خلاياه



كيف يعمل هذا؟ يعمل وفقا لما يسمى خوارزمية (أقرب تشبيه هو برنامج كمبيوتر) اجتماعية


Social Algorithm: In describing this process many biologists found it useful to use the language of physical and computer sciences...sequences of decision rules. A complete sequence of decision points that produces a caste, product or full behavioral response is called an algorithm.

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2009): 53 – 54

و طبعا كما جرت العادة فان أى برنامج كمبيوتر دليل تصميم و برمجة أما أن يوجد برنامج مثله فى الكائنات الحية فلا يصح أبدا أن يكون دليل تصميم و برمجة – هنا تخرج لك نظرية التطور من كيسها حزمة المصطلحات اياها مثل وهم التصميم – قياس خاطئ – أخطاء النسخ – ملايين السنين – تكيفات – خطوة خطوة (و هى المصطلحات التى لا دليل عليها و على قدراتها سوى أن النظرية تحتاج اليها لحفظ الأساس الفلسفى اللاغائى الفاشل الذى بنيت عليه) الى جانب طبعا الاتهامات المعلبة بمعاداة العلم و معاداة الدليل و معاداة السامية ان لزم الأمر.


هناك نوعان رئيسيان من البرامج اللذان يحكمان الكائنات المكونة للمستعمرة: برنامج النمو و الذى يقرر وفقا لمحددات جينية و بيئية ما الذى ستصبحه اليرقة (مثلا ملكة أم عاملة و ان كانت عاملة فمن أى نوع و هذا بالتبعية يحدد الصفات الجسمانية) و برنامج السلوك الذى يحدد ما الذى سيفعله الفرد فى مواقف مختلفة و كيفية استجابته لمؤثرات مختلفة أثناء القيام بعمله.


البرنامج السلوكى:


ان الكائنات الجماعية كالنمل و النحل لديها مستوى مذهل من التنسيق لدرجة أن بعض الباحثين يشبهون المستعمرة بأنها Super Organism مخلوق واحد يعمل فيها الأفراد بتكامل كتكامل خلايا الجسد الواحد و تولد الحشرات الاجتماعية ببرنامج تشغيل Operating System يغطى نطاق واسع من الأنشطة المطلوبة للكائن الفائق كالعمل الجماعى و تنسيق المهام و نقل المعلومات و غيرها و كأى برنامج كمبيوتر فهو عبارة عن تعليمات و نقاط اتخاذ قرار وفقا للمدخلات التى تأتى من المستخدم (الوسائط الحسية لللكائن) و تبدأ الكائنات فى تطبيق هذه البرامج بعد الولادة بفترة قصيرة و فى معظم الأحيان بدون تعليم من المجتمع المحيط. (ملحوظة: هذا ليس نفيا لقدرة الحشرات على التعلم و لكن هناك جانب سلوكى كبير يدخل حيز التنفيذ بدون أى تعلم.)




مثلا يشرح لنا الشكل بالأعلى نموذج مبسط لبرنامج ادارة السلوك. فرد فى المستعمرة قابل فردا اخر فيبدأ بالتعرف عليه من خلال التقاط بعض الفيرمونات أو المركبات الكيميائية التى يفرزها و التى تعمل كبطاقة تعريف أو كرسالة (فصلنا أكثر فى مدى دقة و اتقان و تعقيد نظام التواصل هذا فى مقال اخر). بناء على تمييزه يتم تشغيل واحد من عدة ردود أفعال مثل القتال و انذار الاخرية ان كان دخيلا أو تركه يمضى او ربما مساعدته فيما يفعل أو حتى حمله و توصيله الى مكان ما. يجب اختيار رد الفعل الصحيح وفقا للاشارة الصحيحة فى الموقف الصحيح و الا تسبب الأمر فى كوارث لللمستعمرة. تخيل مثلا تشغيل اشارة القتال عند مقابلة زميل أو تشغيل برنامج البناء عند رصد يرقة من صغار المستعمرة و بالتالى ردمها و قتلها أو تشغي برنامج النقل عند مقابلة عامل يبحث عن الغذاء فى الخارج و اعادته الى العش و بالتالى افساد برنامج البحث عن الغذاء. يجب أخذ الخطوة الصحيحة فى الموقف الصحيح.


عامل كبير يحمل عامل صغير الى موقعه المطلوب. من بين خيارات كثيرة كالقتل أو الردم أو القاءه فى أى مكان عشوائيا أو حتى التجاهل تم تشغيل رد الفعل الصحيح بايصاله الى موقع عمله


لاحظ أن البرنامج/الخوارزمية يضم نوعا من ترتيب الأولويات كذلك مثلا اشارة تعريف الحاضنة المسئولة عن الصغار ان صادفها العامل خارج العش سيترك ما يفعل و يعطى أولوية لاعادتها الى العش نظرا لأهمية دور رعاية الصغار فى مستقبل المستعمرة


In the ant Camponotus vagus, when selected foragers that had been earlier removed from the foraging arena and brood-tenders that had been earlier removed from the nest were placed together in a foraging arena, most of the brood-tenders and only a few of the selected foragers were carried back to the nest by nonselected foragers.

دع ما تفعل فورا و أعد هذا الى مكانه (ترتيب الأولويات بالشكل الصحيح بناءا على اشارة التعريف)

Annie Bonavita-Cougourdan et al., "Functional subcaste discrimination (foragers and brood-tenders) in the ant Camponotus vagus scop.: polymorphism of cuticular hydrocarbon patterns" Journal of Chemical Ecology volume 19, pages1461–1477 (1993)


فهم يعطون الأولوية لاعادة الحاضنات الى العش قبل استئناف عملية البحث و ترتيب الأولويات أمر شائع جدا فمثلا اذا كنت تبنى أو ترمم و وجدت يرقة خارج منطقة الحضانات اعادة اليرقة تأخذ الأولوية...اذا وجدت يرقة جائعة: فى مكانها الصحيح؟ أطعمها – فى غير مكانها الصحيح: احملها الى مكانها الصحيح...هل فعلا هناك وقت كافى ليتم تجربة الأعداد اللانهائية من الاحتمالات و الترتيبات و التوليفات بين المواقف و ردود الأفعال و ترتيب الأولويات للوصول الى شئ يعمل ليختاره الانتخاب؟ أم أن التصميم هو الأوقع؟


مثال اخر بسيط فى بعض أنواع النمل يتم رش تركيز عالى من سائل سام كسلاح أثناء قتال الأعداء و تركيز منخفض من نفس السائل على اليرقات كمضاد للعدوى. حاول أن تتخيل نتيجة أخطاء النسخ فى خوارزمية كهذه فى تحديد التركيزات أو الهدف. انه الموت و الفناء سواء بسببب قتل النمل يرقاته او بسببب فشله فى القضاء على العدوى و بالتبعية ضرورة تطور النمل من جديد. و هذا من أبسط النماذج فما بالك بالخوارزميات التى تزيد فيها المدخلات و العوامل المتحكمة فى السلوك؟


As rules are multiplied, the potential outcomes increase at a super exponential rate. In an insect colony, one algorithm with three successive decision points has only eight outcomes. But seven such algorithms in combination have over 2 million outcomes. From such a vast pool of potential outcomes, natural selection has chosen a microscopically small set of algorithms and algorithmic combinations.

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 58


سيقول لك التطورى أن الانتخاب الطبيعى قد اختار من بين ملايين الاختيارات الممكنة و لكن المشكلة أنه لا يوجد أى وقت أو عدد كاف من الأجيال أصلا لاختبار نسبة معقولة من هذه الخيارات فى الفترة المتاحة لظهور النمل و لا حتى فى عمر الكوكب كله!


مثال اخر يفرز بعض النمل مضادات حيوية يسنخدمها فى علاج الجروح الملوثة بالبكتيريا دون الأخرى و من جديد كما نرى يحتاج الى استخدام المادة الصحيحة فى الحالة الصحيحة دون أى توليفة مادة/حالة أخرى


"After Battle, These Ants Tend Each Others’ Wounds With Antibiotics" IFLScience (January 3, 2024) https://www.iflscience.com/after-battle-these-ants-tend-each-others-wounds-with-antibiotics-72266

تنسيق أنشطة جماعية متعددة – النمل نموذجا:


تقوم الحشرات الاجتماعية بأنشطة متعددة لدرجة أن وصفها بعض الدارسون بأنها تبنى حضارات عظيمة mighty civilizations فمثلا تقوم بعض أنواع النمل بما يشبه تربية المواشى فهى تنتقى حشرات تفرز سوائل سكرية يمكن أن يتغذى عليها النمل و تربيها و تحميها بل و تصطحبها للرعى كذلك


"cryptic herbivores"...tend many of these insects as a kind of cattle, protecting them from parasites and predators...These ants live as nomadic herders, culturing the mealybugs in their bivouacs and transporting them to freshly sprouted parts of host plants for "grazing," When nearby grazing sites have been depleted, the whole colony emigrates to new pastures, where the ants construct new bivouacs. The workers carry the mealybugs and their own brood to the new sites, guarding them fiercely along the way.

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p.329

JAMES H. HUNT "Cryptic Herbivores of the Rainforest Canopy" SCIENCE 9 May 2003 Vol 300, Issue 5621 pp. 916-917


J. Tobin "Ants as primary consumers: diet and abundance in the Formicidae" in "Nourishment And Evolution In Insect Societies" (1994) : 279 - 307


M. Dill et al., "Herdsmen Ants and their Mealybug Partners" (2002)

سلوك الرعى فى النمل: يميز النمل حشرات بعينها و يرعاها و يحميها مقابل أن "يحلبها" ليحصل على بعض الافرازات السكرية


المدهش أن التفسير العبقري الذى يتم تقديمه هو ان النمل قد طور Trophallaxis و هى الية لمشاركة الطعام عن طريق حجرة خاصة فى الأمعاء لتخزينه و نقله مع امكان استرجاعه لاحقا لاعطاءه لللزملاء مثلا و هذا مكنه من تطوير اليات جديدة للتغذى خاصة بعد تحرير الفك من عبء حمل الطعام و لا تسأل كيف يؤدى مجرد ظهور صفة الى تطور الأخرى و لا كيف تطورت الأولى أصلا و لا هل هناك سلسلة طفرات نافعة فعلا تبنى الحجرة المعوية و سلوك التخزين و سلوك الرعى اذ عادة ما يتم الاكتفاء بمجرد كون السلوك مفيد للكائن كمبرر لأن التطور أنشأه و يتم التأكيد على وجود سلسلة الطفرات النافعة لمجرد أن النظرية على الورق تتطلب ذلك. بل ان هناك مثال اخر للرعى من وحيدات الخلية اذ تقوم الأميبا برعى الغنم – عفوا أقصد اليبكتيريا – و اصطحاب كلاب حراسة من بكتيريا أخرى و طبعا هذه السلوكيات نشأت بأخطاء النسخ لأنها مفيدة و لأن التكافل و التعاون من اليات التطور الى اخر الحشو الكلامى و العبارات الانشائية اياها


Some Dicty bring bacteria along for food. They carry the bacteria inside themselves without digesting them. It’s “like a lunch box,” Brock explains. To do this, the amoebas get help from a different group of bacteria that they can’t eat. These helper microbes also live in the amoebas. The helpers prevent the food bacteria from being digested so that the amoebas can save them for later...Scientists call the bacteria-carrying amoebas “farmers.” Researchers suspect that when the amoebas reach a new home, they spit the food bacteria out into the soil. Those bacteria then divide to make more bacteria. It’s like the amoebas are carrying seeds and planting them to grow more food.

"Amoebas are crafty, shape-shifting engineers" ScienceNewsExplores (January 17, 2019)


تقوم أنواع أخرى من النمل بالزراعة بكل ما تتطلبه تقنيات الزراعة من تسميد للأرض و عناية بالتربة و انتقاء الغذاء الصحيح للفطر الذى تتم زراعته و تجنب الأغذية التى تضره و تعديل النظام الغذائى وفقا لكيفية تأثر "المزرعة" و استجابتها الى جانب صناعة غرف فى العش تشبه الصوبة الزراعية توفر الأجواء المناسبة وتقطيع الأوراق بشكل مثالى لتسهيل نقلها من جهة وهضمها على الفطر من جهة أخرى. الى جانب ذلك يتم تقسيم طرق النقل و المواصلات الخاصة بالسماد و المحصول (و التى قد تصل الى مئات الأمتار) الى مراحل تعمل مجموعة مستقلة على كل مرحلة لتسهيل اعادة هيكلة الطرق و تجديد فيرمونات التوجيه عليها أولا بأول بل و لا يكتفى بذلك بل يقوم بمتابعة المحصول للتأكد من عدم حدوث عدوى و تنقيته من أى فطريات دخيلة و "رش المبيدات" (المضادات الحيوية) لمكافحة العدوى الى جانب كيماويات أخرى تتحكم فى درجة الحموضة و تجعلها عند المستوى الأمثل لنمو الفطر المزروع و تثبيط نمو الفطريات الدخيلة (طبعا أنتجها النمل بأخطاء النسخ و فهم استخدامها الصحيح بأخطاء نسخ أخرى!!!)



maintain the fungus cultures at an acidic pH of 5, optimal for the symbiotic fungus but detrimental for pathogenic invading fungi. Supporting this hypothesis is the fact that the pH rises to 7 or 8 when the ants are removed, and within a few days, parasitic fungi and bacteria spread rapidly in the symbiotic fungus

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 450 – 451


Concerning the wide range of acids newly identified in the metapleural gland secretion of Acromyrmex octospinosus, it seems clear that one of the general functions of the secretion of the metapleural gland is to reduce the pH in the fungus garden. On the other hand it has been shown that each of the acids can have antibiotic properties as well.

Diethe Ortius-Lechner et al., "Metapleural Gland Secretion of the Leaf-cutter Ant Acromyrmex octospinosus: New Compounds and Their Functional Significance" Journal of Chemical Ecology volume 26, pages1667–1683 (2000)


Bert Holldobler and E. Wilson “The Leafcutter Ants: Civilization by Instinct” (2010): 90-95


Michael Poulson and Jacob Boomsma “Mutualistic Fungi Control Crop diversity in Fungus-growing ants” Science 307, no. 5710 (2005): 743


J. Roschard and F. Roces “Cutters, Carriers and transport chains: Distance-Dependent Foraging strategies in the grass cutting ant VollenWeeideri” Insectes Sociaux 50, no. 3 (2003): 237-244


Jacqueline Röschard and Flavio Roces "The effect of load length, width and mass on transport rate in the grass-cutting ant Atta vollenweider" Occologia 13 1 (2): 319-324 (2002).


Ulrich Muller “Protecting Paradise: Fungus Farming ants ensure crop survival with surprising strategies and partnerships” BioScience 49, no. 10(1999): 763


R. D. North et al., "Communication between the fungus garden and workers of the leaf-cutting ant, Atta sexdens rubropilosa, regarding choice of substrate for the fungus" Physiological Entomology Volume24, Issue2 June 1999, Pages 127-133


Hubert Herz et al., "Delayed rejection in a leaf-cutting ant after foraging on plants unsuitable for the symbiotic fungus" Behavioral Ecology, Volume 19, Issue 3, May-June 2008, Pages 575–582,


Rainer Wirth et al., "Herbivory of Leaf-Cutting Ants: A Case Study on Atta colombica in the Tropical Rainforest of Panama" (2003)


H Schildknecht and K Koob "Plant bioregulators in the metathoracic glands of myrmicine ants" Angewandte Chemie Volume9, Issue2 February 1970, Pages 173-173


H Schildknecht and K Koob "Myrmicacin, The First Insect Herbicide" Angewandte Chemie Volume10, Issue2 February 1971 Pages 124-125


R.J. Powell and D.J. Stradling "Factors influencing the growth of Attamyces bromatificus, a symbiont of attine ants" Transactions of the British Mycological Society Volume 87, Issue 2, September 1986, Pages 205-213



يخبرنا عالم البيولوجيا التطورية كونواى موريس أن ما يفعله النمل فى الزراعة تماما كما يفعله البشر


To become a farmer entails a series of familiar processes, from maintenance of gardens, transport, weeding, application of herbicides, manuring, cropping, to the exchange of cultures. That is effectively how we pursue our agriculture. So, too, and convergently, do the leaf-cutting ants (Acromyrmex and Atta) that flourish in Central and South America.

Simon Conway Morris “Life’s solution” (2005) p. 198


ثم يصر على نسبة كل هذا من جديد الى "التطور". الدليل الذى يورده؟ طوفان من الكلام الفارغ عن سباقات التسلح و فوائد الزراعة و التغيرات البيئية و كأن مجرد كون سلوك ما مفيد سيجعله ينشأ بأخطاء النسخ بل و أكثر من مرة!تخيل هذا الكم الرهيب من المعلومات و التوجيهات التى تضاهى من يتعلمه البشر فى كليات الزراعة و ما أنتجوه بعلومهم و خبراتهم عبر السنين – من المفترض أن تصدق أنها نشأت بمحض مجموعة من أخطاء النسخ فى الحمض النووى و الدليل؟ أنها مفيدة و تساعد على التكيف. تخيل شخص يحاول أن يقنعك بأن العلم يقول أن كتاب المنهج فى كلية الزراعة بكل مل فيه من معلومات نشأ بسلسلة من أخطاء النسخ النافعة و دليله أن هناك مشتركات بين الكتب المختلفة كأنها مصنوعة من حبر و ورق و قسمة الى فهرس و فصول بل و بينها كلمات و عبارات متشابهة...حقا انه دليل دامغ!!!


خوارزمية الزراعة التى يولد بها النمل و لا يتعلمها:


1-تقطيع و نقل الأوراق من قبل عمال الجمع و النقل

2-عند الوصول الى العش يقوم عمال اخرون بتقطيع الأوراق الى قطع أصغر بعرض 1-2 مم

3-يتم تسميد القطع بفضلات النمل

4-يتم رص القطع بعد التسميد لصناعة ما يشبه التربة الملائمة للفطر

5-يتم قطف بعض "الشتلات" من الفطر الموجود بالفعل و "زراعتها" فى التربة الجديدة (لتوسعة المشتل أو انشاء مشتل جديد)

6-عمال متخصصون يطوفون بالمشاتل للتخلص من أى عدوى أو فطر دخيل أو طفيلى (و طبعا معهم المعدات)


Fig 9-2. The “assembly line” by which colonies of Atta Cephalotes create fungus gardens with fresh-cut leaves and other vegetation

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 428

بل ان كل خطوة من الخطوات السابقة هى فى حد ذاتها قد تتكون من عدة سلوكيات متكاملة فمثلا التقطيع و النقل يحتاج الى اليات و سلوكيات متكاملة على مستوى الفرد و المجموعة كحفر الأنفاق التى تصل الى مناطق التقطيع و شق طرق النقل من مخارج الأنفاق الى النباتات و العناية بها و الدفاع عن الشحنات


أخطاء النسخ مشكورة برمجت العاملين صغار الحجم على الوقوف على الأوراق ليدافعوا ضد الذباب الطفيلى الذى يحاول الهجوم على العمال الكبار أثناء النقل – أوه ماى داروين لابد أنه سباق التسلح


Rainer Wirth et al., "Herbivory of Leaf-Cutting Ants: A Case Study on Atta colombica in the Tropical Rainforest of Panama" p.34


Donald H. Feener Jr. & Karen A.G. Moss "Defense against parasites by hitchhikers in leaf-cutting ants: a quantitative assessment" Behavioral Ecology and Sociobiology volume 26, pages17–29 (1990)


ناهيك عن عملية التقطيع ذاتها التى تتطلب hardware معدات و برمجة سلوكية على استخدامها اذ يمتلك النمل المزارع عضو لاصدار الذبذبات stridulatory organ أنتجته له أخطاء النسخ على قطعة من قطع البطن و كان الظن السائد أنه يستخدم فقط لتنبيه القريبين لطلب المساعدة و لكن اكتشفت الأبحاث أن أخطاء النسخ أيضا علمته أن يقوم بهزه بقوة أثناء التقطيع ليصدر ذبذبات تساعده على القطع تماما كأجهزة vibratome التى تستخدم لقطع الأنسجة بدقة و تحضير العينات الطبية


JÜRGEN TAUTZ et al., "Use of a Sound-Based Vibratome by Leaf-Cutting Ants" SCIENCE Vol 267, Issue 5194 pp. 84-87 6 Jan 1995


أخطاء النسخ تتحدى: صورة للفايبراتوم الذى يستخدمه العلماء و الباحثين بعد انتاجه بملايين أخطاء النسخ فى تصميم خلاط مطبخ و الية انتقائية – كيف نشأ الفايبراتوم بأخطاء نسخ و مراكمة قطع بشكل عشوائى و هل فعلا هناك خطوات نافعة؟ لقد كان هناك سباق و منافسة بين الشركات – أنا أسألك كيف نشأ؟ انه مفيد - يا حبيبى أنا أسألك كيف نشأ؟ بامكانى تصنيف المنتجات الالكترونية على هيئة شجرة – يا ابنى أنا أسألك كيف نشأ؟ هناك قطع مشتركة بينه و بين أجهزة أخرى...الخ. ربما أمكننا اعتبار الفايبراتوم نتاج ملايين السنين فعلا - و لكنها ملايين السنين من الحضارة و العلم و التقدم و ليس ملايين السنين من أخطاء النسخ


و لعل من الأمور الملفتة أن طريق النقل الممتد من مناطق النباتات الى عش النمل يتم تقسيمه فى حالات كثيرة الى مراحل يعمل على كل مرحلة فريق مستقل من النمل و عند اكتشاف أن هذا التقسيم لا يقوم بتسريع النقل لم تسارع الأبحاث الى القول بأن هذا من عشوائية التطور بل بدأت فى البحث عن فرضية تبرر لماذا اختار "الانتخاب الطبيعى" هذا السلوك اذ لابد له من فائدة؟ تضرب كفا بكف و تتساءل "لو قال لهم أحد أنصار التصميم لابد أن المصمم وضع هذا السلوك لفائدة لثاروا و هاجوا و ماجوا و اتهموه باقحام الدين فى العلم و أصروا على أن هذا دليل عشوائية وسوء تصميم و لكن عند نسبة الأمور الى الانتخاب الطبيعى فهى أكيد ذات فائدة و يجب أن نبحث عنها!!!قوم اذا ذكر المصمم اشمأزت قلوبهم و اذا ذكرت الطبيعة اذا هم يستبشرون!!!




اذا كان الطريق مقطوعا اصنع جسرا


مثال أخير فى مسائل الزراعة ربما لا علاقة له بالبرمجة و العلم و السلوك و لكنه فعلا يوضح لك كمية السفه المبطنة فى التفسيرات التطورية. أشرس الطفيليات التى تفتك بمزارع النمل هو Escovopsis و هذا لا تجدى معه الكثير من أساليب الوقاية العادية التى تجدى مع غيره و لكن أخطاء النسخ الرءوفة الرحيمة قد قامت بتعديل جسد النمل المزارع تحديدا بجيوب مميزة له تحتوى على غدد متخصصة تجعلها موطن ملائم لنوع من البكتيريا Pseudonocardia و الذى يتصادف كونه يفرز مضاد حيوى فعال ضد Escovopsis شوف الصدف!!!


actinomycetous filamentous bacterium of the genus Pseudonocardia...produces antibiotics that strongly suppress the growth of Escovopsis...inhabit regions of the ants cuticle that appear to be specific to the ant genus...the Acromyrmex ants possess morphological modifications, such as crypts lined with integumental protrusions in the form of tubercles. Numerous exocrine gland cells connect to the tubercles through cuticular channels. The mutualistic filamentous bacteria are housed inside the crypts. Such bacterium-harboring structures have been found so far only in fungus-growing ants....It is likely that the secretions of the glandular glandular crypts help maintain the actinomycete cultures

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 452


Cameron R. Currie et al., "Fungus-growing ants use antibiotic-producing bacteria to control garden parasites" Nature volume 398, pages701–704 (1999)


CAMERON R. CURRIE et al., "Coevolved Crypts and Exocrine Glands Support Mutualistic Bacteria in Fungus-Growing Ants" SCIENCE 6 Jan 2006 Vol 311, Issue 5757 pp. 81-83


ستسمع جميع أنواع المهازل تحت مسمى "التفسير العلمى" و كلها تدور حول الحشو الكلامى و العبارات الانشائية و التوصيف الذى يتظاهر بأنه تفسير: انها مفيدة...ملايين السنين...علاقة تكافلية...سباق تسلح...الانتخاب الطبيعى...انها من اليات التطور...الخ و لكن ما لن تسمعه هو ما هو احتمال أن تقوم أخطاء النسخ باعطاء هذا الكائن جحور خاصة و غدد تفرز مواد تدعم نوعا معينا من البكتيريا دون كل الافرازات الممكنة و كل الهياكل الممكنة و كل أنواع المخلوقات الممكنة يتصادف كونه ينتج المضاد الحيوى المطلوب لهذه الحالة و ما هى الخطوات الطفرية النافعة المطلوبة.


و نختتم بند الزراعة بالاشارة الى أن هذا البرنامج المعلوماتى المدهش لم ينشأ مرة واحدة فقط بل مرتين مستقلتين بلا سلف مشترك [نعم...انه التطور المتقارب...انه يحل كل مشاكلك...انه مدهش...جربه اليوم]


George Mcghee “Convergent Evolution: Limited Forms Most Beautiful” p.244


تنسيق أنشطة جماعية متعددة – النحل نموذجا:


يعرف النحل متى يحين موعد انتاج ملكات جديدات عند تقدم سن الملكة القديمة (يظهر هذا من تغير الفيرمونات التى تفرزها) أو عندما تصل الخلية الى حد الاستيعاب الأقصى لها – بشكل ما يدرك نظام تشغيل الخلية هذا برغم أنه لا توجد نحلة بعينها محيطة بأحوال الخلية ككل - فيبدأ انتاج الملكات استعدادا لتكوين سرب (أو ربما أكثر من سرب حسب العدد المتاح) يرحل مع الملكة لايجاد موطن جديد بينما تبقى ملكة من الجديدات لتدير شؤون الخلية و عند ايجاد موقع مناسب و الانتقال اليه تبدأ فورا عمليات استكشاف المكان المحيط و يقف بعض الأفراد أمام البيت الجديد يطلقون فرمونات من غدد Nasonov glands حتى ترشد الكشافة الى الموقع و لا يضلون طريقهم بسبب جهلهم بالمكان الجديد. لاحظ كيف يتطلب كل سلوك من هذه السلوكيات غدد خاصة لافراز الفيرمونات و مستقبلات لاستشعارها و برنامج عمل لتفعيل رد الفعل الصحيح.


و انتاج الملكات يحدث باطعام اليرقات طعام خاص بنسب محددة من السكريات يقوم بتفعيل الجينات الملكية (و هناك سلوك مشابه فى النمل أيضا “تطور” بشكل مستقل). من جديد يتحفنا الانتخاب الطبيعى بفهمه لعلوم الجينات من جهة و وضعه اليات تنظيمية لعمل هذه الجينات من جهة أخرى و تعليمه للنحل طريقة تفعيل هذه الجينات من جهة ثالثة – ربما أخذ النحل يجرب نسب غذاء مختلفة حتى يكتشف كيف يفعل جينات التكاثر و انقرض فى كل مرة ثم تطور مجددا ليقوم بنفس التجربة.


يقوم النحل أيضا بتهوية الخلية عن طريق وضع شغالات أمام المدخل يخفقن بأجنحتهن و حسب الحاجة الى التهوية على مدار اليوم يتم تعديل عدد الأفراد و مدى قوة و سرعة خفقان الأجنحة و يتم الخفقان فى دورات من العمل الجماعى ثم التوقف الجماعى بطريقة شبيهة بالشهيق و الزفير و كأن الخلية كائن واحد عملاق يأخذ نفسا ثم يستهلكه ثم يأخذ الاخر. هذا الأمر ليس فقط من أجل تجديد هواء الخلية و لكنه يساعد أيضا فى التحكم فى درجة الحرارة و التبريد و لكنه غير كافى بمفرده لذا يكمله النحل بسلوك اخر و هو الاتيان بقطرات ماء و فردها على الأسطح الداخلية و من جديد يطرح السؤال نفسه: ما هى أخطاء النسخ التدريجية التى أنتجت سلوكيات جماعية منسقة متكاملة كهذه؟


If a general airing of the hive is required, the bees arrange themselves into a chain of ventilators in front of the hive, to draw out the old air that is too warm, or contains too much carbon dioxide.

The method used to cool is the same as that employed by humans for their air-conditioners—evaporative cooling.

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008) p. 221, 222


نموذج اخر للسلوك الجماعى التكاملى هو الحفاظ على حرارة الخلية فمثلا عند انخفاض درجات الحرارة فى فترة الفجر و الصباح الباكر يمثلا يتجمع النحل فى كتلة كبيرة: المجموعة فى الوسط تقوم بتحريك عضلات الأجنحة لتوليد حرارة أكثر بينما مجموعات الأطراف تتخذ أوضاعا تجعل شعيراتها تتضافر معا لتحقيق أكبر عزل ممكن للحرارة...هذا التنسيق يشى ببرمجة على مستوى أعلى من الفرد حتى و لو كانت فى النهاية يتم تنفيذها على مستوى الفرد


Social homeostasis, however, implies that there are feedback loops that extend beyond the boundaries of the individual bees--meta-loops, if you will, that control and coordinate the individuals in the colony.

J Scott Turner "The Extended Organism" (2002): p. 187

و لكن هناك متطلبات للتدفئة أحيانا لا يمكن تنفيذها بهذه الطريقة خاصة تدفئة اليرقات الموجودة فى مسدسات الشمع هنا يقوم النحل بسلوك من اثنين. الأول الذهاب الى أقراص الشمع التى تغلق غرفة اليرقة و قياس درجة حرارتها بقرون الاستشعار و عند الحاجة تحرك النحلة عضلات الطيران بعد فصلها عن الأجنحة (طبعا الية تطورت بالصدفة لتتكامل مع برنامج الحفاظ على جو الخلية) لتدفئة اليرقة مع تكدس باقى النحل حولها للعزل و ضمان عدم فقد الحرارة. الثانى هو أن النحل أثناء ملئ غرف اليرقات يترك غرف فارغة بين الحين و الاخر فى مسدسات الشمع موزعة بشكل مثالى لتصنع مراكز تدفئة و هنا تدخلك كل نحلة الى واحدة ن هذه الغرف و تبدأ نفس عملية تحريك العضلات للتدفئة فتصبح و كانها مدفأة مركزية لللغرف المحيطة و لا تتم التدفئة بشكل مستمر بل فترة لحين الوصول الى درجة الحرارة المثالية لنمو اليرقات (التى سجلتها أخطاء النسخ فى الجهاز العصبى) ثم سكون لضمان عدم رفع الدرجة أكثر من اللازم – مع ملاحظة أن سلوك النحل هنا يتأثر بدرجة الحرارة العامة للخلية التى بدورها تتأثر بنظام التهوية سالف الذكر (لأن البرودة الزائدة مضرة كالحرارة الزائدة) أى انها أنظمة مختلفة متكاملة و مترابطة لحفظ حالة الخلية الداخية homeostasis بين فرق التبريد و التدفئة و يؤثر بعضها فى بعض و يتكامل معها نظام الامداد و التخزين اذ تقوم بعض الشغالات بنقل الغذاء من مكان تخزينه اما الى النحل العامل على التدفئة مباشرة (تحريك العضلات المستمر يستهلك طاقة) أو الى بعض المسدسات الفارغة القريبة منه لتعمل كمحطات وقود.


A closer look at all the bees in the area of capped brood cells shows the efforts they indeed make to keep the loss of warmth as small as possible (Figs. 8.6, 8.7). Non-heating bees, for example, are thickly packed…Bees that are not actively heating form a living layer over the comb, and do their share of temperature regulation through passive

insulation

Fig. 8.10 About 5-10% of cells in the capped brood region are usually empty, a proportion that is ideal for warming the pupae...Such temperature troughs are expected in a controlled system that has to be maintained at a specified level. The application of heat is turned down when the desired temperature is exceeded, and reapplication occurs when the temperature has fallen below this level. This heating behavior is bound closely to the sociophysiological control of the brood nest climate

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008) p. 209, 2020, 214, 216


الطريف أن الكاتب و الذى أكد لنا فى المقدمة على أن أحد أهداف الكتاب أن يزيل من رأس القارئ وجود تصميم فى الكائنات الحية يقول أن هذا السلوك شبيه بأنظمة التحكم فى الحرارة المبرمجة لابقاءها فى مدى معين ثم عاد و نسب هذا التصميم الى "التنظيم الذاتى" و "انبثاق الظواهر من مكوناتها" و "مراكمة سلوكيات الأفراد البسيط" و طبعا "لأنه مفيد" (حسبما أذكر جهاز الحاسب الالى – و كل شئ مصمم فى الواقع "مفيد" و "تنبثق" صفاته و قدراته من أجزاء و مكونات هى بدورها أبسط منه). ان مجرد القول بأن هذه السلوكيات هى مراكمة لسلوكيات أبسط فى الواقع لا يفسر شيئا فلا يوجد شئ -بما فى ذلك برامج الحاسب الالى و كتيبات الارشادات - لا يمكن تحليله الى أجزاء (كمجموعة عبارات و جمل ثم مجموعة كلمات ثم مجموعة حروف) و لكن هذه المراوغة الكلامية لا تنفى أن اجتماع هذه الحروف لتشكل الكلمات و من ثم الجمل و من ثم الارشادات الوظيفية ما كان له أن يتم الا بتدخل معلوماتى ذكى و لا حتى بملايين السنين من المحاولات الصدفوية مع الانتخاب


Insights from mathematicians and engineers that occupy themselves with complex computer systems have brought biologists to the point where they, too, search for mechanisms with formal principles and rules that nature has successfully built into her own complex superorganisms. Honeybees are not only fascinating and important agents of the natural environment. Their networked control systems allow observations of solutions to complex tasks that can s serve as exemplary models in technology-another exciting facet of the honeybee phenomenon.

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008) p. 269


كما يبنى المهندسون و الرياضيون أنظمة معقدة بنت الطبيعة هذه الأنظمة و يمكننا نقلها الى تكنولوجيتنا – لا تعليق!!! بالمناسبة التكنولوجيا التى بناها العلماء و المهندسون "مفيدة" و تتكون من أجزاء و تنبع صفات منتجاتها من اجمالى عمل مكوناتها الأبسط


نموذج اخر لمكافحة الأوبئة يقوم به النحل بشكل منسق فعندما تصيب الخلية عدوى فطرية يبدأ بزيادة معدلات استهلاك الغذاء و الطاقة لرفع درجة حرارة أجساد سكان الخلية و بالتالى رفع درجة حرارة الخلية ككل لمكافحة العدوى.


Thomas Seeley “Honeybee Democracy” (2010) : 27, 66


انها عملية تعقيم بالحرارة بالمعنى الحرفى للكلمة و لا تتطلب تنسيقا هائلا فحسب بل "علم" بأن هذه أصلا هى طريقة مكافحة العدوى – هذا طبعا الى جانب الاجراءات الوقائية مثل احتواء غذاء اليرقات الذى صنعته أخطاء النسخ على بروتينات مناعية مثل defensin و قيام النحل بافراز مواد مضادة للبكتيريا و الفطريات فى مخازن الطعام.


طبعا كما هو واضح فان أخطاء نسخ الحمض النووى قامت بتزويد النحل بالمعدات اللازمة للقيام بما يحتاج و ببرنامج التوجيه لتعلمه كيفية استخدام هذه المعدات بل و صنعت له سلال خاصة على الأقدام ليجمع فيها حبوب اللقاح. أما عن تخزين السوائل كالرحيق فيحدث فى قلب الجسد فى حجرة خاصة من الجهاز الهضمى honey stomach/crop معزولة بصمام يسمح للنحلة بأخذ كمية لتتغذى عليها ثم غلق الصمام لتحتفظ بالباقى كخزين يتم نقله الى المستعمرة (أخطاء النسخ- انها رائعة)



و طبعا كما نعلم فان الرحيق قد طورته الأزهار كجزء من "استراتيجية" جذب النحل فى اطار "تطورهما تشاركيا" coevolution و أن حسابات الربح و الخسارة تجعل استثمار النبات موارده فى الرحيق مقابل التكاثر مكسب للطرفين...أنا لا أمزح أو أسخر بل هذا هو التفسير المادى اللاغائى (يسمى عادة كذبا بالتفسير العلمى) الذى يتحفنا به أحدأكبر دارسى النحل فى العالم و مؤلف كتاب The Buzz about bees و الذى تقول مقدمة الترجمة الانجليزية له أن أحد أهدافه أن يقنعك بعدم وجود تصميم فى الكائنات الحية...المقابل كما هو واضح أن يقنعك أن النباتات تضع استراتيجيات و خطط تسويق لجذب الزبائن و تحسب حساب الربح و الخسارة!!! و كأى مكان لتقديم الخدمات فان شركة النباتات تحاول تقديم خدمات أفضل لاجتذاب الزبائن لذلك فقامت بوضع علامات تعمل كمنصات هبوط للنحل حتى يهبط فى الموقع المناسب تماما لامتصاص الحيق.


كيف؟ بسيطة: أخطاء فى نسخ الحمض النووى للنبات تصادف أن غيرت توزيع الألوان لتصنع هذه المهابط الأنيقة و تصادف طبعا أن جعلت ألوان المهابط تعكس الأشعة فوق البنفسجية أكثر من أى شئ اخر حتى تميزها عن ما حولها ثم تصادف أيضا أن أخطاء نسخ الحمض النووى على الجهة الأخرى عند النحل جعلت عيونه تميز الأشعة فوق البنفسجية فيرى المهابط التى لا يراها غيره


صورة للزهرة كما يراها الانسان (يسار) و كما تراها النحلة بالمهابط المخصصة (يمين - بكاميرا حساسة للأشعة فوق البنفسجية)


كم هى رائعة و متناسقة و متكاملة تلك الصدف المسماة استراتيجيات التطور المتشارك. و طبعا من أجل زيادة الأرباح و تقليل التكلفة أشارت بعض التجارب أن النباتات تلتقط الترددات الناتجة عن طيران النحل فى محيطها و تستجيب بزيادة انتاج و تركيز الرحيق


Marine Veits et al., "Flowers respond to pollinator sound within minutes by increasing nectar sugar concentration" Ecology Letters Volume22, Issue9 September 2019 Pages 1483-1492

و على الجانب الاخر من "الصفقة" نجد النحل يمارس ما يسمى flower constancy و هو سلوك يجعل النحلة عندما تبدأ رحلتها فى الجمع على زهرة معينة تميل أكثر الى زيارة زهرات من نفس النوع أثناء هذه الرحلة و هذا مفيد جدا للنبات اذ يقلل من اهدار حبوب اللقاح على أزهار نباتات أخرى لا يتكاثر معها...طبعا اياك أن تقول أن هذه أدلة على مصمم يصمم أنظمة تعمل معا فهذه خرافات دينية غير علمية: لابد أن هذا هو الشرط الذى اشترطه النبات على النحلة أثناء ابرام الصفقة و وضع الاستراتيجية...أو ربما هى أخطاء النسخ التشاركية التى حدثت لدى كل منهما ليفيد الاخر...التطور المتشارك انه رائع!!!


و هذه طبعا ليست حالة الشراكة الوحيدة ففى بحث اخر مثلا وجد الدارسون أن مقدار تيبس/مرونة حركة الأزهار و النباتات ملائم بالضبط لما تستطيع حشرات العث التى تتغذى عليها مواكبته رصديا و حركيا و فى المقابل فان الأجهزة العصبية و العضلية و البصرية للعث ملائمة بالضبط لمدى حركة النباتات و الأزهار أثناء تعرضها للرياح ناهيك طبعا عن ملاءمة اللون و الرائحة و الحجم فى النبات مع أدوات الرصد و الحركة و التغذى لدى الحشرة فخرجوا علينا بالاستنتاج العبقرى أن هذا "دليل" على أنهما تطورا تشاركيا و أن الانتخاب الطبيعى (الصانع الأعمى) ضبطهما من أجل بعضهما البعض.


The frequencies with which a moth can maneuver could provide a selective pressure on the biomechanics of flowers to avoid producing floral movements faster than those that the moth can track in low light. The converse interaction — flower motions selecting on the moth — could also be important, suggesting a coevolutionary relationship between pollinator and plant that extends beyond color, odor, and spatial features to include motion dynamics.

SIMON SPONBERG et al., "Luminance-dependent visual processing enables moth flight in low light" SCIENCE 12 Jun 2015 Vol 348, Issue 6240 pp. 1245-1248


Thus, despite visual limitations in dim light, the flight dynamics and visual summation strategies of hovering hawkmoths have evolved to perfectly match the movement characteristics of flowers, their only food source... the forces of natural selection have matched sensory and motor processing to the most pressing ecological tasks that animals must perform in order to survive.

ERIC WARRANT "Visual tracking in the dead of night" SCIENCE 12 Jun 2015 Vol 348, Issue 6240 pp. 1212-1213


طبعا لو تجرأ أحد و قال أن الضابط صانع مبصر و ليس أعمى لبدأ الصراخ و العويل و الاتهام بعدم العلمية و كأن هذه القصة التى حكوها نتاج تجربة علمية! و الكارثة الكبرى أن مثل هذه الأبحاث و التى تقوم بوضع قصص تطورية مع البيانات و النتائج للايحاء بعلمية الاستنتاج التطورى يتم استخدامها لاحقا كدليل فيقال لك أن هذه الدراسة أثبتت التطور التشاركى و قدرات الانتخاب الطبيعى بينما هى حشرت هذا الكلام بلا أى داعى بعد أن اكتشفت مدى ملاءمة و تكامل الكائنات و تظاهرت بأن القصة المضافة جزء من الاكتشاف العلمى بينما لو تم حذفها بالكلية لما تأثرت الدراسة و لا نتائجها و هذا مع الأسف أسلوب تطورى شائع جدا و هو التطبيق العملى للمقولة الشهيرة "لا شئ فى البيولوجيا يمكن فهمه الا فى ضوء التطور" : لا يوجد شئ لا نستطيع أن نؤلف قصة تطورية له و ننسبها للانتخاب الطبيعى و الصانع الأعمى لذلك بداهة فان كل الأوراق العلمية تثبت التطور لأن الاثبات هنا أصبح قدرتنا على اضافة سردية تطورية للبيانات!


تنسيق أنشطة جماعية متعددة – العناكب نموذجا:


فى حالة تنسيق مبهرة أخرى لنوع من العناكب الاجتماعية التى تصطاد صيدا جماعيا وجد الباحثون أن مجموعة الصيد تتحرك ثم تقف ثم تتحرك ثم تقف على فترات متباينة فى تناسق عجيب و بدراسة الأمر اكتشفوا أن المجموعة تقيس ذبذبات الفريسة فى الشبكة وذبذبات حركة الأفراد و تتوقف على فترات حتى لا تغطى ذبذبات حركة الأفراد على حركة الفريسة. لاحظ أيضا أن الخوارزمية التى تحكم هذا السلوك ليست برنامجا بسيطا بقيمة ثابتة تحدد مدة حركة بعينها قبل التوقف و لكنها معادلة تعتمد على قياس كمية الذبذبات من الطرفين ففريسة كبيرة ذبذباتها أكبر من صغيرة و كذلك تتغير الذبذبات الصديقة حسب تغير حجم مجموعة الصيد و تراعى المعادلة التى تستخدمها العناكب للتنسيق هذه المتغيرات كلها لتصنع فترة حركة و توقيت توقف مناسب لكل حالة


We showed that an individual's decision to move depends on the relative intensity of vibrations emitted by the prey and the moving spiders. This rule allows the group to adapt quickly to any change in prey size or the number of spiders involved in the hunt...We showed that the emergence of oscillations in spiders involves a refractory state, the duration of which depends on the relative intensity of prey versus conspecific signals. This flexible behavior allows individuals to rapidly adapt to variations in their vibrational landscapes. Exploring the model reveals that the benefits of synchronization resulting from improved accuracy in prey detection and reduced latency to capture prey more than offset the cost of the delay associated with immobility phases. Overall, our study shows that a refractory period whose duration is variable and dependent on information accessible to all entities in the system contributes to the emergence of self-organized oscillations in noisy environments. Our findings may inspire the design of artificial systems requiring fast and flexible synchronization between their components.

Violette Chiara et al., "A variable refractory period increases collective performance in noisy environments" PNAS Vol. 119 | No. 12 e2115103119 (March 7, 2022)


Spiders that hunt in packs use web vibrations to coordinate their attacks...with thousands of individuals spread across webs that can span several cubic metres. When prey insects land on their web, the spiders synchronise their attack, moving as one to catch animals up to 700 times heavier than an individual arachnid...Depending on the size of the prey – and the vibrations that the prey creates on the web – the spiders have to be more or less quiet and still in order to localise the prey without getting disturbed by the vibrations of other spiders that are moving around...The spiders also synchronise when they eject an immobilising glue from their hind legs and bite their prey, injecting a venom

“Social spiders synchronise to catch prey hundreds of times their size” NEW SCIENTIST (MARCH 7, 2022)


Wolfgang Nentwig "Social spiders catch larger prey: a study of Anelosimus eximius (Araneae: Theridiidae)" Behavioral Ecology and Sociobiology 17(1):79-85


"These Spiders Hunt in Packs to Catch Prey Hundreds of Times Their Size: New research reveals how some arachnids use a coordinated stop-and-start approach to find a meal" Smithsonian Magazine (March 15, 2022)


طبعا كما جرت العادة ينبغى أن تتحفنا نظرية التطور بالترقيعات اياها. السلوكيات الجماعية تنشأ من اجمالى السلوكيات الفردية. المعادلة التى تحكم السلوك مكونة من أجزاء بسيطة. الحقيقة اذن فهو التنظيم الذاتى self organization و الانبثاق emergence حيث ينبثق الشئ من مكوناته بدون تصميم. الا أن أى ذرة تفكير ستجعلك تدرك أن أى سلوك أو خوارزمية أو معادلة أو برنامج عمل فى الكون مكون من أجزاء أبسط و هذا ليس دليلا على أنه نشأ من أخطاء نسخ خاصة و أن البحث ذاته يشير الى امكان استنساخ هذا النموذج الى "تصميمات" (و العياذ بالتطور من هذا اللفظ القبيح) لالات تعمل بتناسق و كفاءة عالية حتى فى ظل بيئة مليئة بمصادر الشوشرة


In conclusion, the mechanisms unraveled in our study provide flexibility and robustness at the collective level while avoiding the risks of desynchronization inherent to the errors or inaccuracies of individual components. From an engineering point of view, our findings are relevant to design self-organizing procedures to enable the cooperation of a multitude of agents in decentralized artificial systems such as swarm robots (9, 36). The implementation of a variable refractory period, whose expression is conditional on the noise-to-signal ratio, has the potential to be an original bioinspired strategy of communication to achieve reliable, fast, and flexible coordination in noisy environments while minimizing the complexity of operations at the individual level.


انها العقلية التطورية العجيبة!!! بما أن هذا السلوك نافع للكائن اذن هو ليس مصمم بل تطور بالانتخاب الطبيعى و كأن التصميم ممنوع عليه أن يضع فى الكائن صفات مفيدة له. عجبا! أوليست الروبوتات التى سيصنعونها وفق هذا النظام نافعة؟ و مع ذلك لا يقول عاقل أنها غير مصممة.


و فى النهاية فان الماديين و الطبيعانيين (متخفين وراء مصطلحات نبيلة كالعلم) يؤكدون لنا أن التطور من سلف مشترك أنشأ السلوكيات الاجتماعية المعقدة أكثر من مرة بدون سلف مشترك (و لا يرون أى تناقض فى هذا). كيف؟ لأنها مفيدة. مفيدة دى تبقى...و لا بلاش!!!


المصادر:


Eric Cassell "Animal Algorithms" (2021)

Bert Hölldobler and Edward O. Wilson "The Superorganism: The Beauty, Elegance, and Strangeness of Insect Societies" (2008)

Jürgen Tautz "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008)

-مقالات متنوعة



76 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page