يردد التطوريون دائما الجملة الشهيرة "لا شئ فى البيولوجيا يفهم الا فى ضوء التطور" و أعتقد أننا بحاجة الى أن نسأل ما هو بالضبط الذى لا يمكننا فهمه الا فى ضوء التطور؟
البقايا التطورية الخردة التى اتضح أنها ليست كذلك؟ t.ly/2rJU
أم الجينات الزائفة التى اتضح أنها وظيفية؟ t.ly/295M
أم التطور الصغروى الذى اتضح أنه لا يطور شيئا؟ t.ly/0mxp
أم الانتخاب الطبيعى الذى اتضح أنه يقود للتدمير لا البناء؟ t.ly/b2wl
أم عيوب التصميم التى اتضح أنها تصميمات عبقرية؟ t.ly/6hvc
أم تقنيات العلاج التى بنيت على التطور فسببت الأمراض؟ t.ly/QyS8
أم الخلايا حقيقية النواة التى اكتسبت هياكل عضياتها الداخلية من بدائية النواة التى لا تملكها أصلا؟ t.ly/U3fd
أم أشجار الحياة المليئة بالسلالات الشبحية و الجينات اليتيمة و التضاربات؟ t.ly/AKn9
أم ماذا بالضبط؟
هل هذه هى الحجج الكثيرة و الأدلة الوفيرة على التطور؟ كلها تتراوح بين ما عليه جدل علمى كبير و ما هو داحض بالكلية؟
ان التاريخ و التقدم العلمى يشهدان على تقهقر الكثير من الحجج التطورية بعد أن فندها العلم و برغم ذلك يستمر التطوريون فى اجترار نفس الحجج القديمة بل و يرددونها بلغة وعظية متعالية تجعل المتلقى لا يشك لحظة أنها أدلة حاسمة قاطعة عليها مئات الأمثلة و لا يوجد ما يعارضها فما هو السبب؟ بل و الأسوا من ذلك أن سقوط هذه الأدلة المزعومة و التنبؤات و الأيقونات من المرفوض تماما استخدامه كدليل ضد التطور فالأمر ان ثبت دليل على التطور و ان انتفى ليس دليلا ضده بل يتم تأليف قصة لتكييف النتائج الجديدة مع النظرية لتصبح النظرية مطاطة بشدة قادرة على احتواء الشئ و عكسه فيتم تحصينها من الدحض
لدينا مئات الأدلة الحسية و المشاهدات و التجارب و الدراسات التى تثبت التطور - التطور لا يشك فيه الا من لا يفهم العلم - التطور أساس علوم الأحياء و غيرها من العبارات الجوفاء: هل هو نوع من أساليب الخداع الكلامى من نوعية "تحدث بثقة شديدة حتى لا يشك أحد فى أقوالك"؟ هذا ما ذكره البروفيسور نيل توماس عضو رابطة المفكرين البريطانية British Rationalist Assosciation و الذى أمضى فترة طويلة فى دراسة أساليب الدعاية خاصة فى ألمانيا النازية "ان الأساليب المستخدمة لاقناع العوام بالداروينية شبيهة بشكل مريب بأساليب غسيل المخ التى يستخدمها السياسيون"
Neil Thomas "Taking Leave of Darwin" August 2, 2021
هل تحتاج نظرية علمية الى ممارسة أساليب الحرب النفسية على العوام؟ لقد قالها أحدهم ذات مرة : عندما يخبرك أحدهم أن الاف الأوراق العلمية تدعم التطور اذهب بنفسك الى تلك الأوراق ستجد كلمة التطور يتم ذكرها كنوع من التقاليد الأكاديمية و فى معظم هذه الأوراق حذف كلمة التطور لن يؤثر على المحتوى العلمى للورقة و وجودها مجرد محاولة لنسبة الأمر للتطور لا أكثر
In the peer-reviewed literature, the word “evolution” often occurs as a sort of coda to academic papers in experimental biology. Is the term integral or superfluous to the substance of these papers? To find out, I substituted for “evolution” some other word “Buddhism,” “Aztec cosmology,” or even “creationism.” I found that the substitution never touched the paper’s core...The efforts mentioned there are not experimental biology; they are attempts to explain already authenticated phenomena in Darwinian terms,
PHILIP S. SKELL "Why Do We Invoke Darwin?" TheScientist (August 2005)
comparative biology originated before Darwin and owes nothing to his theory. Before the publication of The Origin of Species in 1859, comparative biology focused mainly on morphology, because physiology and biochemistry were in their infancy and genomics lay in the future; but the extension of a comparative approach to these sub-disciplines depended on the development of new methodologies and instruments, not on evolutionary theory and immersion in historical biology....molecular evolution as a technique to discover antibodies, enzymes and drugs. Like comparative biology, this has certainly been fruitful, but it is not an application of Darwinian evolution — it is the modern molecular equivalent of classical breeding. Long before Darwin, breeders used artificial selection to develop improved strains of crops and livestock...The fabulous advances in experimental biology over the past century have had a core dependence on the development of new methodologies and instruments, not by intensive immersion in historical biology and Darwin’s theory
"Why Do We Invoke Darwin? Philip Skell Responds" TheScientist (September 2005)
العقيدة المركزية:
يتهم الدراونة دائما من يعترض على التطور بأن اعتراضه منبعه العقيدة الشخصية أو الدين بينما هم يتبعون العلم و قد استعرضنا موقف العلم من كثير من حججهم و الاستدلال العلمى فى الكثير من حجج معارضى الداروينية فى الفصول السابقة و لكن يبقى السؤال هل هم محردون من الدوافع الأيديولوجية كما يزعمون؟ لماذا لا نسألهم؟
داروين نفسه قال يوما ما أنه لا يظن العين مصممة و يعتقد امكان انتاجها من الانتخاب الطبيعى لأنه لا يصدق أن الها خالقا رحيما يخلق كائنات تأكل بعضها...استدلال فلسفى تماما مبنى على الشك فى وجود اله أو على الأقل الشك فى تدخله فى الكون بسبب مشكلة الشر لا بسبب علمى
C. Darwin, letter to Asa Gray, May 22, 1860, Darwin Correspondence Project,
و هذا ليس الموضع الوحيد الذى استدل فيه داروين بمشكلة الشر على نظريته "العلمية" اذ قال فى مذكراته أن الألم و المعاناة لا تتفق مع سبب أول ذكى و لكنها تتفق مع الانتخاب الطبيعى
This very old argument from the existence of suffering against the existence of an intelligent first cause seems to me a strong one, whereas, as just remarked, the presence of much suffering agrees well with the view that all organic beings have been developed through variation and natural selection
The Autobiography of Charles Darwin 1809-1882, edited by Nora Barlow (New York: Norton, 1958) p.90
و لقد تجاوز نفور داروين من مظاهر التصميم و الجمال فى الحياة حد الرغبة فى التفسير العلمى الى الكراهية المرضية اذ قال "ان التفكير فى العين البشرية يشعره بالبرد أما رؤية ذيل الطاووس الجميل فيصيبه بالغثيان"
"The Correspondence of Charles Darwin, vol.8" Cambridge University Press, p.140
و قد كان داروين يعرف جيدا أنه يؤسس أيديولوجيا و ليس علما فلم تخلو ملاحظاته الشخصية من مقابلات بين نظريته و بين الكتاب المقدس المسيحى فمثلا قال "الجشع ليس غواية من الشيطان بل هو ميراث أجدادنا القرود...ان الشيطان فى الواقع جدنا القرد" أو تشبيه نفسه فى رسالة الى صديقه هوكر بأنه "قس الشيطان" و هو العنوان الذى استخدمه لاحقا أحد كبار مروجى الداروينية لكتابه و اقراره فى رسائل لنفس الصديق أن تماهيه مع بعض مصطلحات الكتاب المقدس فى كتبه فقط بسبب ضغط الرأى العام لكن تصوراته عن نشأة الحياة مخالفة لهذا تماما
"What a book a devil's chaplain might write on the clumsy, wasteful, blundering, low and horribly cruel works of nature"
Charles Darwin letter to J.D. Hooker (July 13, 1856) - Darwin Correspondance project, Letter no. 1924
Cornelius Hunter "Evolution as a Theological Research Program" MDPI (August 2021)
Alfred A. Gopnik "Angels and Ages: A short book about Darwin, Lincoln and modern life" (2009) pp. 160 - 161
Charles R. Darwin, Letter to J. D. Hooker, March 29, 1863, in The Life and Letters of Charles Darwin, ed. Francis Darwin (London: John Murray, 1887)
Charles R. Darwin, Letter to J. D. Hooker, February 1, 1871
و قد أكد عدد من مؤرخى العلوم أن داروين اعتمد بشكل كبير على حجج كلامية و فلسفية مبنية على تصوراته عن الخالق و دوافعه و كيف "يجب" أن يعمل فى الكون لابطال فكرة التدخل الخارجى لصالح الطبيعة العمياء و هذا بالذات هو سبب شهرته على حساب ألفريد راسل والاس الذى عمل على النظرية فى نفس التوقيت و لكنه لم يكن مهووسا مثله بنفى التصميم فتجاهله الطبيعانيون و يشير البعض الى أنه كان مهووسا بتتبع حجج التصميم فى الكائنات الحية و محاولة نفيها و هو نفس الأسلوب الذى يتبعه الكثير من التطوريين اليوم و كأن مجرد نفى تصور بعينه عن الخالق أو حتى نفى الخالق بالكلية سيثبت امكان نشأة عضو جديد أو تطوى بروتينى جديد أو مخطط جسدى جديد. و لعل من أشهر صور "اله القش" أو "مصمم القش" الذى تحاول نظرية التطور نفيه و التى لازالت مستخدمة من زمن داروين حتى اليوم هى تلك القائلة بأن المصمم يجب أن يصمم أشياء مختلفة عن بعضها تماما و بلا تشابهات أو كائنات لا يمكن تصنيفها أبدا فى مجموعات هرمية و هى الحجة المعتوهة الكبرى للتطور التى ان قبلناها لأسقطنا التصميم عن كل شئ و أى شئ بما فى ذلك ما يصممه البشر و المهندسون. (الى جانب طبعا سؤال الشر الذى يتم اعادة صياغته بنفس علمى)
Darwin, who actually admired Paley’s book and declared he had committed most of it to memory, fashioned much of his argument in On the Origin of Species as a direct refutation of Paley’s argument for design.
Sean B. Carroll, The Making of the Fittest: DNA and the Ultimate Forensic Record of Evolution
According to historian Neal C. Gillespie, “it is sometimes said that Darwin converted the scientific world to evolution by showing them the process by which it had occurred...it was more Darwin’s insistence on totally natural explanations than on natural selection that won their adherence.
Neal C. Gillespie, Charles Darwin and the Problem of Creation (Chicago: The University of Chicago Press, 1979), pp. 124–125, 146-147
Cornelius G. Hunter, Darwin’s God (Grand Rapids, MI: Brazos Press, 2001), pp. 48–49, 84, 158.
Paul A. Nelson, “The role of theology in current evolutionary reasoning,” Biology and Philosophy 11 (1996): 493 – 517.
Gregory Radick, “Deviance, Darwinina- Style,” Metascience (2005) 14:453–457. Freely accessible (2011)
Abigail J. Lustig, “Natural Atheology,” pp. 69–83 in Abigail J. Lustig, Robert J. Richards & Michael Ruse (editors), Darwinian Heresies (Cambridge: Cambridge University Press: 2004).
Elliott Sober, Evidence and Evolution (Cambridge: Cambridge University Press, 2008), pp. 126–128.
و قد اعترف عدد من أكبر أنصار داروين فى عصره أن سبب دعمهم له برغم من أن فكرة التطور كانت موجودة بالفعل من قبل و لم يتحمسوا لها كان أن نموذج داروين قضى على الغائية و التصميم و الحاجة الى اله
Another fact cannot fail to attract attention. When the theory of evolution was propounded in 1844 in the “Vestiges of Creation,” it was universally rejected; when proposed by Mr. Darwin, less than twenty years afterward, it was received with acclamation. Why is this? The facts are now what they were then. They were as well known then as they are now. The theory, so far as evolution is concerned, was then just what it is now...There is only one cause for the fact referred to, that we can think of. The “Vestiges of Creation” did not expressly or effectually exclude design. Darwin does. This is a reason assigned by the most zealous advocates of his theory for
their adoption of it.
Charles Hodge, What Is Darwinism? (New York: Scribner, Armstrong, 1874), 145–146.
But Mr. Darwin tells us, that the use of the words “plan of creation” or “unity of design” are marks of ignorance. In other words, there is no “plan of creation,” there is no “unity of design” in the Darwinian hypothesis. The favourable point in the variation selected, is never a designed point. It is favourable simply through chance, or luck, or fortune, or accident, and it is selected by the hypothetical law, because a lucky chance has made it what it is...Mr. Darwin stakes the main work of the development of life on Natural Selection. “In effect,” he says, “give me a struggle for existence; give me the weak and strong taking part in that struggle; give me the weak going to the wall, and I do not require Design to account for anything
James Carmichael, Design and Darwinism (Toronto: Hunter, Rose, 1880), 24, 33
That which struck the present writer most forcibly on his first perusal of the “Origin of Species” was the conviction that Teleology, as commonly understood, had received its deathblow at Mr. Darwin’s hands
Thomas H. Huxley, The Lay Sermons, Addresses, and Reviews (New York: D. Appleton, 1880)
و الاقتباس الأخير من توماس هنرى هكسلى مؤسس نيتشر ذاته و هو أحد أكبر أنصار داروين فى عصره و هو يعترف بأن أكثر ما أثر فيه فى كتاب داروين كان القضاء على الغائية. هذا هو السبب الحقيقى لدعم النظرية الفلسفة و الأيديولوجيا و ليس قوتها العلمية فقد كانت كما قال الاقتباس الأول موجودة من قبل على يد اخرون فى اطار غائى متوافق مع التصميم و لذلك تم رفضها
بل ان كلام داروين و من خلفه من أنصاره عن الانتخاب الطبيعى -و كيف أن أى عضو ليس مصمما ليلائم وظيفة بل فقط تصادف أن امتلكه كائن على هذه الصورة فأعطاه ميزة فتكاثر و هلك الاخرون- هو عينه كلام الفيلسوف الاغريقى القديم أبيقور Epicurus و الذى اشتهرت مدرسته بصياغة سؤال الشر فلسفسيا لنفى وجود اله
Epicurus - Mechanistic Explanations of Natural Phenomena "Internet Encyclopedia of Philosophy" https://iep.utm.edu/epicur/#SH3d
و يتفق بشدة مع ما قاله عالم الأحياء هانز جافرون فى الاحتفال العالمى بمرور 150 عاما على نشر كتاب أصل الأنواع "لا توجد ذرة دليل أو حقيقة تجعل تصديق هذه النظرية ضروريا بل هى فقط رغبتنا فى عدم الاعتراف بوجود أحداث خلق"
“No shred of evidence, no single fact, whatever, forces us to believe it. What exists is only the scientist’s wish not to admit a discontinuity in nature and not to assume a creative act”
Hans Gaffron in address to the Darwin Centennial Celebration, “Evolution after Darwin” Vol. 1 : 45
[لاحظ أن هذا الكلام قيل فى ذروة قوة النظرية و قبل ظهور الكثير من الاعتراضات على تضارب أشجار الحياة و عجز الطفرات و غيرها من الاعتراضات التى جلبها العلم الحديث و التى ناقشناها من قبل] حتى دوبزانسكى صاحب الجملة الشهيرة "لاشيء فى البيولوجيا يمكن فهمه الا فى ضوء التطور" كان يحاول اثبات التطور عن طريق نفى وجود خالق وفقا لتصورات وضعها عن كيف يجب أن يخلق الخالق
“Strikingly, all seven of Dobzhansky’s arguments hinge upon claims about god’s nature, action, purposes or duties. In fact, without god-talk, the geneticist’s arguments for evolution are logically invalid. In short, theology is essential to Dobzhansky’s arguments”
Steve Dilley “Nothing in biology makes sense except in the light of theology?” Studies in history and philosophy of biological and biomedical sciences Vol. 44 (2013): 774 – 86
و لو قرأ أحد مقالة دوبزانسكى بعيدا عن الاستدلالات الدوغمائية بها كشعار لوجده يتنقل بين التاريخ و الفلسفة و لماذا يخلق مصمما ذبابا كثيرا و كلام عن جاليليو و عبد العزيز بن باز و فى وسط كل هذا حجة أو اثنين فى منتهى الضعف عن تشابه الهيموجلوبين.
الحقيقة أن الاستدلالات الفلسفية و اللاهوتية لازالت شائعة فى أدبيات التطور و لكنها تمر على البعض كونهم يلبسونها ثوب العلم فمثلا يخبرنا جيرى كوين أن المصمم المزعوم قد نسى أن يضع تنوعا أكثر من السلالات على الجزر مع أنها ملائمة مما ينفى الخلق و يثبت وصول هذه الأنواع المتطورة بالاليات التى يقترحها التطوريون كما يخبرنا دوكنز بأن العصب الحائر دليل على غياب التصميم بينما مثل هذه الفوضى نتيجة قيام التطور باعادة ترتيب المنطقة أثناء تحويل الخياشيم الى غدد و غيرها من الأمثلة...لن نناقش التفاصيل العلمية لهذه المزاعم فقد أوردنا ردودا علمية فى المقالات الأخرى لكن لاحظ أن العامل المشترك بين مثل هذه الأمثلة هو افتراض أن مجرد تصور "ما كان الخالق ليفعل هذا" كفيل باثبات التطور برغم العجز الواضح لالياته عن انتاج أى جديد كما استعرضنا فى باقى السلسلة حتى لو افترضنا أنه جديد معيب...ان هذا النمط من الاستدلال القائم على ما يفعله المصمم/الخالق و ما لا يفعله ليس علميا بل هو فلسفى/لاهوتى و من المفترض ألا يكون له مكان فى اثبات نظرية علمية...الا ان كان العلم هنا مجرد غطاء لأمور فلسفية و لا هوتية هى الأخرى!!!
"The god of Galapagos is careless, wasteful, indifferent, almost diabolical"
David Hull "The God of the Galapagos" Nature 352 (1991): 485-486
"Ideal Design is a lousy argument for evolution, for it mimics the postulated action of an omnipotent creator. Odd arrangements and funny solutions are the proof of evolution-paths a sensible God would NEVER tread"
J. Foster, B. Clark and K. York "Critique of Intelligent design: Materialism versus Creationism" (2008) [gould: pamda's thumb 19-26]
"The design of organisms is not intelligent, but rather quite incompatible with the design that we would expect of an intelligent designer or even of a human engineer and so full of dysfunctions, wastes and cruelties as to unwarrant its attribution to any being endowed with superior intelligence, wisdom and benevolence"
Francisco Ayala "Design without designer" in "Debating design" p.56
يظهر واضحا ما هذا ما الذى يحاول هؤلاء اثباته بالضبط ابتداءا من كبيرهم الذى علمهم السحر و انتهاءا بكهنته المعاصرين. القضية ليست قضية سلف مشترك أو محاولة فهم كيف نشأت الكائنات..القضية مختلفة تماما و الهدف واضح مهما حاول أن يتدثر برداء العلم و بما أننا ذكرنا جولد فيجب وضع اقتباسه السابق الذى يوجه فيه زملاءه من التطوريين الى البحث عن أدلة تنفى الاله من أجل اثبات التطور الى جانب كلامه الذى كان يحاول أن يخدع به المتدينين بمبدأ non overlapping magisteria ان الدين و العلم لا يتعارضان و لكل منهما مجاله فتوقفوا عن نقد التطور حتى لا تظهر مشاكله للعامة أما نحن فسنذهب للبحث عن طرق ننفى بها الهكم من باب عدم التعارض بين العلم و الدين...الخداع و الغش و التلاعب هم حصن التطور. و لعل من الأشياء المضحكة أن جولد عندما حاول أن يبرر وجود صفات لا يمكن تفسيرها تكيفيا بمثال المبانى التى ينتج عن بناءها مساحات فى الأركان و عند التقاء القباب يتم استخدامها لاحقا بينما لم تكن مقصدا أصليا للهيكل كان من الاعتراضات عليه أن مثال المبانى يمكن أن يثير شبهة وجود تصميم
the main difficulty with Gould's article is its anthropomorphism. We are constantly urged to explore the intent of the architectural designer, to distinguish between what he wanted and what he had to live with as a secondary consequence. There is too easy a transition from the analogy to the Great Designer and his intentions.
Sydney Brenner "Refuge of spandrels" VOLUME 8, ISSUE 19, PR669, SEPTEMBER 24, 1998
هذه هى العقد النفسية و الرغبة فى طمس الحقيقة بقصص بديلة يزعمون كذبا أنها علم محايد يتبع الأدلة
يتفق هذا مع قول فيلسوف العلوم التطورى الملحد مايكل روس "أصدرت نظرية التطور كأيديولوجيا و دين علمانى بديل للمسيحية...التطور كان و لا يزال دين حتى اليوم...انه أيديولوجيا علمانية بديلة للمسيحية"
Michael Ruse “Monad to Man: The Concept of Progress in Evolutionary Biology” 511-17
Ruse, M., How evolution became a religion: creationists correct? National Post, pp. B1,B3,B7 May 13, 2000
M. Ruse "Is Darwinism a religion?" Huffington post (20 Sept., 2011)
Michael Ruse "Darwinism as Religion: What Literature Tells Us about Evolution " Oxford University Press; (October 18, 2016)
ليس هذا فحسب و لكنه فى خطاب أمام الأكاديمية الأمريكية لتطوير العلوم AAAS و التى يتحجج التطورييين كثيرا بأنها داعمة بالكامل للتطور وقف أمام العلماء قائلا أن التطور حتى بالنسبة لكبار العلماء المدافعين عنه تاريخيا كان أمرا ثقافيا بدرجة كبيرة و بديل علمانى للخلق و أن هذه حقيقة يمكننا أن نعترف بها فى مناقشاتنا معا بلا حرج و ان كنا لن نقولها فى ساحات المحاكم (كان يقصد القضية التى تم رفعها لمنع التصميم الذكى و التى ركزت على أن التطور علم و ليس أمرا ثقافيا). بل و اعترف روالحضور أن هناك أسس غيبية فى وجهة النظر الطبيعانية التى تجعل التطور علما مقبولا تماما كما أن هناك أسس غيبية فى فكرة الخلق! (لاحظ العبء النفسى الرهيب فى حوارات هؤلاء. يخطئ و يقول الحمد لله thank god فيصحح و يقول الحمد لداروين. يصر على حشر كلمة تصميم غير ذكى و هو يتحدث عن القاعة و الاضاءة و مكان الميكروفون لكن لاحظ أنه لم يجرؤأن يقول تصميم غير ذكى اذن القاعة و الاجتماع ليسا مصممين و بلا غاية برغم أنه و امثاله يقولونها عن الكائنات الحية)
Michael Ruse's Boston lecture, "Nonliteralist Evolution," delivered before the AAAS, one in a series of presentations by various speakers on the theme "The New Antievolutionism.
نعم هذا كلام أحد أشهر فلاسفة الأحياء المدافعين عن التطور أمام أحد أكبر الكيانات العلمية المتبنية لللتطور. التطور ثقافة و فلسفة و غيبيات قبل أن يكون علما!!!
كما يؤكده وجود مؤسسة مثل Biologos تهدف الى دعوة المؤمنين لتبنى نظرية التطور و جماعات ضعط سياسى مثل NCSE و هى مؤسسة غير حكومية تتعقب المدارس و المناهج و ترفع القواضى على من يدرس أى نقد لنظرية التطور...حسب علمى هذه هى النظرية "العلمية" الوحيدة التى تمتلك مؤسسات دعوية تماما كالأديان و جماعات ضغط سياسى و لوبيات كالأيديولوجيات
ربما يعتبر يظن البعض هذا الكلام مبالغة و لكننا سنستعرض بعض التصريحات و الأفعال التى تؤكده و التى وصلت الى قيام مؤسسة يفترض كونها علمية رصينة كمتحف التاريخ الطبيعى بتسمية معرض التطور "الكنيسة الداروينية"!
يقول عالم الجينات التطورى رتشارد ليونتن "نحن نأخذ صف العلم برغم السخافة الواضحة فى بعض جوانبه و هذا هو جوهر صراع العلم مع ما وراء الطبيعة...نأخذ جانبه برغم تساهله فى قبول قصص غير مدعومة بالأدلة لأننا ملتزمون بتقديم تفسير مادى مهما كان سخبفا لنمنع دخول قدم مقدسة من الباب"
"Our willingness to accept scientific claims that are against common sense is the key to an understanding of the real struggle between science and the supernatural...in spite of the tolerance of the scientific community for unsubstantiated just-so stories, because we have a prior commitment, a commitment to materialism...we are forced by our a priori adherence to material causes to create an apparatus of investigation and a set of concepts that produce material explanations, no matter how counter-intuitive, no matter how mystifying to the uninitiated...for we cannot allow a Divine Foot in the door. "
Richard C. Lewontin, “Billions and billions of demons," The New York Review of Books 44 (January 9, 1997)
و الحقيقة أن جملة ليونتن تفضح شيئا هاما لا ينتبه اليه الكثيرون خاصة من يحاولون التوفيق بين الفلسفة التى تتظاهر بأنها علم و المسماة "التطور" و بين التصميم...ليونتن يعترف بمدى سخافة التفسيرات "العلمية" و ضحالتها بل و فشلها فى الوفاء بعهودها لكن لحظة واحدة...نحن ننظر حولنا فلا نجد العلم سخيفا أو سطحيا أو فاشلا بل مفيدا فأى علم هذا الذى يتحدث عنه ليونتن بالضبط...يفسر لك ليونتن بحديثه عن عدم السماح للاله بالعودة...هذه هى الفلسفة المادية التى يتحدث عنها ليونتن و يعترف بسخافة تفسيراتها و لكنه قام بالخدعة التى مع الأسف انطلت على الكثيرين...غير اسم الفلسفة المادية و سماها "العلم" ليتقبل المتلقى تفسيراتها السطحية السخيفة و كأنها حقائق!!!
و يقول بروفيسور الكيمياء الحيوية و الأحياء الجزيئية راسل كارلسون "هناك صندوق فى علم الأحياء يجب أن توضع فيه كل الأدلة...هذا الصندوق اسمه التطور الداروينى"
Russel W. Carlson in Jonathan Wells "The Myth of Junk DNA", Praise
و هو ما يذكرنا بقول عالم التشريح المقارن دافيد واطسون "ان التطور مقبول عالميا لا لثباته بحجج متناسقة و لكن لأن البديل-الخلق-مرفوض بوضوح"
D. M.S. Watson, ' Adaptation', Nature:124 ,233 ,1929
و يحذر بعض الباحثين فى مجال النظم البيولوجية من أن خطورة الاعتراف بالتصميم هى أنه قد يقود الى الاعتراف بوجود "مصمم" [فعلا مشكلة علمية جدا]
“One danger in using the language of engineering to describe the patterns and operations of the evident products of natural selection is that INVOKING DESIGN RUNS THE RISK OF INVOKING A DESIGNER”
Adam P. Arkin and John Doyle "Appreciation of the Machinations of the Blind Watchmaker" IEEE Transactions on Automatic Control 53(2008 - Special Issue on Systems Biology):8-9
و تأتى بعض المطالبات بتعديل طريقة استخدام اللغة و المصطلحات للحفاظ على اللاغائية و انعدام القصد فى التطور محذرا من أن القصد معناه وجود ما هو خارج الطبيعة
It is about time that we stopped such anthropomorphic terminology and thinking...Purpose can only be exercised by a supernatural entity in this situation...This and other examples impose a fallacious sense of direction of causality in evolution, and that is completely consistent with a common misconception of evolution facilitating organisms towards certain aims or goals.
ANDREW MOORE, “WE NEED A NEW LANGUAGE FOR EVOLUTION. . . EVERYWHERE,” BIOESSAYS, 33: 237 (2011)
نعم علينا أن نكون حذرين جدا حتى لا نستخدم ألفاظا فاحشة تلوث الطهر و النقاء التطوريين بالغاية و القصد و التدبير و المقالة أعلاه تتفنن فى ضرب أمثلة على كيفية تغيير تركيبة الجمل و اللغة لتجنب الايحاء بالقصد و التصميم...يذكرنى هذا برواية جورج أورويل 1984 التى اخترعت فيها السلطة لغة جديدة بمعانى كلمات مختلفة حتى تضلل الناس عن الحقيقة!!!
و أوضح اخرون كيف أن القول بوجود وظائف فى علم الأحياء قول مشكل يعود الى العصور القديمة التى كنا نظن فيها الكائنات مصممة و لم يتغير منذ ذلك الحين. فى النظرة العلمانية هذا يحدث مشكلة يحاول الانتخاب الطبيعى حلها و لكن ليس بنجاح لذا من الأفضل التخلص من المصطلح بالكلية. هذا سيكون استكمال "طبعنة" البيولوجيا (أى جعلها خاضعة بالكلية للطبيعانية و علمنتها بالكامل)
The notion of biological function is fraught with difficulties — intrinsically and irremediably so, we argue. The physiological practice of functional ascription originates from a time when organisms were thought to be designed and remained largely unchanged since. In a secularized worldview, this creates a paradox which accounts of functions as selected effect attempt to resolve. This attempt, we argue, misses its target in physiology and it brings problems of its own. Instead, we propose that a better solution to the conundrum of biological functions is to abandon the notion altogether, a prospect not only less daunting than it appears, but arguably the natural continuation of the naturalisation of biology.
RATTI, E., GERMAIN, PL. A RELIC OF DESIGN: AGAINST PROPER FUNCTIONS IN BIOLOGY. Biology & Philosophy (2022) 37:27
و هى نفس المشكلة التى يطالب اخرون بحلها موضحين أن الغائية "مرض" لأن العالم بلا هدف أو غاية...ان كل ما فى الكائنات الحية يبدو عليه التنسيق و التعقيد و الدقة و يوحى للعقل المتفكر أنه موجود لهدف و لكن هذا "يجب"أن يكون خطأ..."يجب"؟؟؟
“Biology is sick...The heart of the problem is that we persist in making (literal) sense of the word that we know is senseless...The bits of living things at all levels of scale from molecules to the whale’s tail also happen to have symmetry, precision, and complexity, clues that simply shout ‘purpose’ in the inquiring mind. This has to be wrong.”
David Hanke “Teleology: The explanation the bedevils Biology” Explanations: Styles of Explanation in Science, p. 143-145
-ان الفلاسفة قلقون جدا من أسلوب التعامل مع الوظائف فى علم الأحياء. ان هذا يوحى بوجود غاية يوحى بوجود هدف
“Philosophers have rightly been wary of functional approaches in biology, because to ask the question ‘What is behavior x for?’ is teleological: it implies purpose”
Innes Cuthill “The study of function in behavioral ecology” in “Tinbergen’s Legacy: Function and mechanisms I behavioral biology” (2009): 111
-فعلا وجود غاية و هدف أمر يدعو الى القلق...لدى البعض لدرجة أن حذر خطاب الى مجلة science من خطورة المصطلحات المضللة التى قد تدخل الغاية و القصد الى التطور
nothing has evolved to do a specific task. … teleological and anthropomorphic language … is indicative of how widely and unfortunately such inaccurate and misleading language is now used in the scientific literature.
ALFRED NIGEL BURDETT et al., "Evolution's Misleading Language" SCIENCE • 9 Nov 2012 • Vol 338, Issue 6108 • pp. 741-742
و يعترف بحث اخر بأن التصميم و الغائية موجودان فى الأنظمة البيولوجية و لكن المشكلة أننا بحاجة لتجنب التصميم الذكى
Unfortunately, research in the world of modern biology is currently divorced from that of design-theory. Yet each discipline could benefit from studying the other. From a design perspective (and subject to environment/precedent constraints), form seems to be following function (e.g., the elbow joint of the fore-arm for bringing food to the mouth). The fundamental problem associated with design in biology, is that of agency. … In this paper, we try to bridge the seemingly insurmountable gap between design-theory and biological “designs,” without getting derailed by “intelligent design” polemics.
Pam Mantri and John Thomas "Nature's Design's: The Biology of Survival" The 13th International Conference on Axiomatic Design (ICAD 2019)
و هى نفس المشكلة العويصة التى حذر منها اخرون...يجب تجنب فكرة التصميم لأن التصميم معناه وجود مصمم...يا للهول!!!
“Function is not a question that is usually addressed in science because Function implies a design and the design a designer”
Luc-Alain Giraldeau “The Function of behavior” in “The behavior of animals: Mechanisms, Function and Evolution” (2005): 199
بل و يتم التأكيد باستمرار على اعادة تعريف مصطلحات مثل أساليب و استراتيجيات البقاء الى "اليات تكيفية صنعها الانتخاب الطبيعى" حتى نتجنب هذا "المصطلح المضلل" الذى يجعل الناس تعتقد بوجود الغائية و الهدف
Most ecologists understand that ‘ecological strategy’ is a misleading teleological shorthand for evolved adaptive behaviour determined by natural selection
David G Robinson et al., "Plant “intelligence” changes nothing" EMBO Reports (2020)21:e50395
ان القول بوجود غاية و هدف سيجعل الناس "تسئ الفهم"!!!! (ربما تظن أن هناك خالق و العياذ بداروين!!!)
“Behavior analysts reject teleology...when these principles are called teleological, readers and listeners may well misunderstand”
Hayne W. Reese “Teleology and Teleonomy in behavior analysis” The behavior analyst, no.1 (1994): 88-89
توضح لنا هذه التصريحات المرضية و هى نقطة فى بحرأن المسألة ليست علما و لم تكن كذلك فى أى يوم من الأيام بل هى فى الواقع نتاج فلسفات عدمية عشوائية لاغائية يتم فرضها على العلم فرضا ثم الكذب على الناس و الزعم أنها استنتاجات علمية و لكن ان لم يكن للبناء و الهندسة و غيرها من السلوكيات هدف فلماذا نقوم بها اذن؟ يقدم لنا علماء السلوك الماديين نموذجا على الجنون الفلسفى المطبق المسمى التكيفية Teleonomy المصطلح البديل للغاية أو الوظائفية Structuralism/teleology و الذى كان من أول من روجوا له ارنست ماير أحد مؤسسى التراكيبية الحديثة. فصاحب المصدر الأخير يؤكد لنا “ان الطائر مثلا لا ينقر ما أمامه من طعام لأنه يريد أن يأكل و لديه ادراك أن هذا طعام هدفه أن يلتهمه بل لأنه فى تاريخه السابق قام بهذا السلوك بلا هدف و تلته مكافأة تتمثل فى الحصول على طعام فتم انتقاء هذا السلوك من قبل الانتخاب الطبيعى selection by consequences بسبب عواقبه" طبعا لن نعلق على هذه المسخرة فأى طائر يحاول القيام بمثل هذا السلوك ليصبح نقار خشب مثلا دون أن يكون منقاره و جمجمته و عنقه مجهزين تماما اما سيفشل أو سيقتل نفسه أو على الأقل سيؤذى نفسه أذى شديدا و لكن ما يعنينا الان أنه يوضح أن المسألة فلسفة عدمية تحاول تأويل العلم و مشاهداته وفقا لنفسها. الان حاول أن تتخيل مثل هذه التفسيرات الطبيعانية الانتخابية على مستوى سمات كالتعاون و التخاطب و البناء و الهندسة و غيرها من السلوكيات أو حتى الجمال لتدرك كمية العبث المطلوب تصديقه للتواؤم مع هذه الفلسفة المادية التى جعلت من نفسها نظرية علمية "التطور بالانتقاء الطبيعى"
على نفس المنوال خذر فريق من الباحثين من "سوء الفهم" الذى يحدث لدى كثير من الناس و منهم طلبة البيولوجيا أنفسهم اذا فكروا بأن الأشياء لها غاية و سببب cause and effect فمثلا من الخطأ تكرار مقولة "لقد طور الكائن ألوانه ليموه على الأعداء" لأنها توحى بهدف و غاية و هذا خطأ الحاديا...عفوا أقصد علميا. يجب أن نقول أنه فى الجماعة الحية الكائنات ذات الألوان المموهة حصلت على ميزة انتقائية عن تلك الأقل تمويها فتكاثرت على حساب الأخرى. و طبعا يطالب بالانتباه أثناء تدريس علم الأحياء لتعديل طريقة تفكير الطلاب البديهية intuitive thinking الى الطريقة المناسبة للالحاد...عفوا أقصد مناسبة للعلم
"Why biology students have misconceptions about science" Phys.Org (JULY 8, 2015)
لن نناقش طبعا من أين جاء التمويه أصلا حتى نقارن المموه أكثر بالمموه أقل و لكن لاحظ كمية التلاعبات الكلامية التى يتظاهرون كذبا أنها جزء من البيانات بينما هى فقط محاولاتهم الشخصية للالتفاف حول البيانات و تفسيرها لاغائيا بسبب معتقداتهم الشخصية و مشاكلهم النفسية مع الغائية و التصميم و القصد. و قد قالها أحدهم يوما فى مجلة علمية "لا تقول تطور الانزيم ليفعل كذا حتى تتجنب الغائية فهى خطأ بل قل أثناء التطور أصبح يفعل كذا"!! كل هذا اللف و الدوران من أجل العلم؟ قطعا لا بل لدس معتقداتهم الشخصية العلمانية فى العلم وسط البيانات. مع الأسف الشديد لقد نجحت الحركة الطبيعانية فى اقناع الكثيرين بأن النظرية العلمية المقبولة هى التى تمنحك تفسيرا لاغائيا متوافقا مع الالحاد و الا فهى غير مقبولة مع أن الطبيعة التى تزعم هذه الحركة أن هدفها فهمها و دراستها بحياد من خلال المنهجية الطبيعانية methodological naturalism تصرخ فى كل جنباتها بالتصميم و الغاية و القصد.
تقرأ هذا الكلام فتشعر أنك أمام مجموعة من اللاهوتيين يتعاملون مع مسائل "الأسماء و الصفات" و اداب الحديث عن "الذات التطورية" و ليس أمام أناس يحاولون تفسير البيانات بل ستدرك أنه فى بعض الأحيان التى يستخدمون فيها مصطلح "العلم" و هذا "علمى" و هذا "غير علمى" هم حرفيا يتحدثون عن الحادهم و رفضهم للغائية و علمانيتهم الشخصية و يضعون مصطلحا نبيلا كالعلم بدل من تلك المصطلحات الحقيقية لتمرير الأمر الى الناس...ان كانت مصطلحات الهندسة و البرمجة و لغة القصد و الغاية هى ما يصف كل شئ فهل هناك سبب "علمى" لكى نلوى ألسنتنا بعيدا عن هذه المصطلحات؟ أم أنه سبب فلسفى يمثل علينا أنه علمى؟
بل و قد اشتكى عالم البيولوجيا التطورية جيمس شابيرو و الذى شبه ما تفعله الخلية بالهندسة الوراثية من أن فرضيته قد قوبلت رفض برغم أنه تطورى لا يؤمن بالتصميم لأن كلمة هندسة توحى بمخالفة مبادئ الطبيعانية القائمة على عدم وجود ذكاء خارجى و وصف رد الفعل نحو طريقة عمل الخلية هندسيا و غائيا بأنه تعصب فلسفى"
“natural genetic engineering” seems to "violate the principles of naturalism that exclude any role for a guiding intelligence outside of nature”
“Despite widespread philosophical prejudices, cells are now reasonably seen to operate teleologically”
James Shapiro “Evolution: A view from the 21st century” (2011): 134-137
و فى نفس السياق يوضح شابيرو فى ورقة مشتركة مع دينيس نوبل و هو من رواد دراسة النظم الأحيائية systems biology أن الصورة الحديثة للجينوم كقاعدة بيانات متطورة تقوم بتعديل نفسها يتم تجاهلها من الكتب و مبسطى العلوم
These 21st Century concepts treat the evolving genome as a highly formatted and integrated Read-Write (RW) database rather than a Read-Only Memory (ROM) collection of independent gene units that change by random copying errors. Most of the discoveries of these macroevolutionary processes have been ignored in mainstream textbooks and popularizations of evolutionary biology.
Shapiro, J., Noble, D., 2021. What prevents mainstream evolutionists teaching the whole truth about how genomes evolve? Prog. Biophys. Mol. Biol. 165, 140e152.
ما هو السبب ياترى؟ تخبرنا مراجعة حديثة لمشاكل نظرية التطور وعجزها عن التفسير أن السبب عدم وجود تفسير بديل يتخلص من التصميم و الغائية و الذكاء...لهذا يتم السكوت على ضعف النظرية بل و الدفاع عنه لأننا يجب أن نمنع التصميم و الغائية!!!
This has been either ignored, or even defended, based on lack of anything to replace the ‘explanation’.
For any biological process, including evolution, to be allowed as natural and scientific, no purpose, intelligence, direction, or design is permissible.
Olen R. Brown and David A. Hullender "Neo-Darwinism must Mutate to survive" Progress in Biophysics and Molecular Biology 172 (2022) 24-38
و فى نفس السياق أعرب أحد علماء البيولوجيا التطورية بعد اكتشاف اليات استجابة للتغيرات البيئية مبرمجة فى الجينوم عن قلقه من اضافة أى اليات غير الطفرات العشوائية و الانتخاب الطبيعى الى التطور لانه يؤدى الى "تهريب أفكار دينية" فى قلب النظرية - هذا هو ما يحركهم و ليس العلم أو البيانات! يجب أن تظل الكائنات تحت رحمة الطفرات العشوائية و الانتخاب حتى نتخلص من التصميم حتى لو كانت البيانات عكس ذلك!
suspicious of some efforts to promote the idea of an "extended evolutionary synthesis". He thinks some people are trying to sneak religious ideas back into evolutionary. "They are trying to allow organisms to have agency not controlled by genes," he says
"Blind cave fish lost eyes by unexpected evolutionary process" New Scientist (Oct 12, 2017)
و قال خر بوضوح أكثر أن التحدى الذى يواجهونه هو فى احتمال كون هذه الاليات موجهة
The challenge to neo-Darwinism comes, not from the existence of epigenetic inheritance, but from the possibility that epimutations are directed rather than random
DAVID HAIG "Weismann Rules! OK? Epigenetics and the Lamarckian temptation" Biology and Philosophy (2007) 22:415–428
بل و أتى اخر بها صريحة: انه لمن الكفر أن نقول أن الطبيعة تدفع الكائن للقيام بتعديلات نافعة
The really heretical thing to say is that the environment could be pushing the epigenetic information in a direction that is beneficial.
"Does Environment Influence Genes? Researcher Gives Hard Thoughts On Soft Inheritance" ScienceDaily (August 8, 2008)
عن أى تحدى يتحدثون؟ و عن أى كفر يتحدثون؟ و فى مجلات علمية! هل فهمت الان ما الذى يحرك هؤلاء القوم؟ انه ليس البيانات بل الرغبة فى اثبات انعدام التصميم و سيادة العشوائية بأى ثمن حتى لو كان الثمن هو العلم ذاته!
لقد علق عالم الأحياء دينيس نوبل على طريقة سرد نظرية التطور الداروينى الحديثة للبيانات و تفسيرها بأنها تخفى الاكتشافات العلمية خلف شبكة من التأويلات الغير قابلة للاثبات تجريبيا و أن هذه التأويلات غير ضرورية أو نافعة لممارسة العلم كما قال أن اللغة التى تنزل صفات التصميم و العلم على الطبيعة أو الجينات يمكن حذفها بالكلية و لن يتعارض ذلك مع نتائج أى تجربة و برغم ذلك يتم الاصرار على تقديمها كحقيقة.
In fact, it can be shown that, in the case of some of the central concepts of ‘selfish genes’ or ‘genetic program’, no biological experiment could possibly distinguish even between completely opposite conceptual interpretations of the same experimental findings. The concepts therefore form a biased interpretive veneer that can hide those discoveries in a web of interpretation...the conceptual scheme is neither required by, nor any longer productive for, the experimental science itself...most or all the anthropomorphic features of the neo-Darwinist language can be eliminated, without contravening a single biological experimental fact. There may be other forms of representation that can achieve the same result. It doesn't really matter which you use. The aim is simply to distance ourselves from the biased conceptual scheme that neo-Darwinism has brought to biology, made more problematic by the fact that it has been presented as literal truth.
Denis Noble "Evolution beyond neo-Darwinism: a new conceptual framework" Journal of Experimental Biology (2015) 218 (1): 7–13.
طبعا هو تطورى و هو ينتقد الداروينية و يريد نظرية أكثر توسعا و انفتاحا على اليات مختلفة غير الطفرات و الانتخاب و لكن الحقيقة أن ما يقوله عن التأويلات و التفسيرات ينطبق على أى تأويل بما فى ذلك تأويل نظرية التطور الممتدة التى تريد أن تنقل سبب ظهور الكائنات الحية من الجينات الى الجينوم ككل أو حتى الى كامل الخلية/الكائن و بما فى ذلك مفهوم السلف المشترك ذاته (تشابه و تصنيف شجرى بسبب تطور لا تصميم/فيروسات أعطاها التطور وظائف/لاغائية...الخ)
اذن فالمسألة لم تعد البحث عن الحقيقة و دراسة الطبيعة بل كيف نصب الطبيعة صبا فى قالب فلسفى مسبق قررنا الالتزام به و فى 2012 تم عقد مؤتمر مشترك بين التخصصات و طبعا كان للتطور حضور قوى فيه تحت عنوان "دفع الطبيعانية الى الأمام" و الطبيعانية هى فى الواقع مدرسة فكرية فلسفية قائمة على وجوب رد أى مشاهدة الى الطبيعة و ليس الى شئ خارج عنها و هى فكرة مفصلية جدا للالحاد...نعم لم يكن عنوان المؤتمر دفع العلم الى الأمام و ان تظاهروا بذلك بل دفع الطبيعانية تحديدا (و التى سيتم رد كل التفاسير العلمية لها بسبب هذا الالتزام الفلسفى المسبق)
Moving Naturalism Forward An Interdisciplinary Workshop - Oct. 25-29, 2012
و يؤكد توماس ناجل الفيلسوف الملحد أن المحرك الأهم لنظرية التطور هو العلمانية و ليس العلم قائلا أن داروين قد مكن العلمانية من أن تتنفس الصعداء بأن أعطاها خلق بدون خالق أو غاية أو هدف فلم يتببقى الخطر الدينى الا فى مجال الفيزياء و هو مجال يخشاه الملحدون بشكل أقل من الأحياء
Darwin enabled modern secular culture to heave a great collective sigh of relief, by apparently providing a way to eliminate purpose, meaning, and design as fundamental features of the world. Instead they become epiphenomena, generated incidentally by a process that can be entirely explained by the operation of the nonteleological laws of physics on the material of which we and our environments are all composed. There might still be thought to be a religious threat in the existence of the laws of physics themselves, and indeed the existence of anything at all—but it seems to be less alarming to most atheists.
Thomas Nagel "The last word" p. 131,161
و بصراحة يحسد عليها يقول أنه لا يريد أن يكون هناك اله فى الكون لأنه يرفض وجود سلطة كونية و أن مشكلة السلطة العليا هذه (العلمانية التى تحدث عنها فى الاقتباس السابق) هى سبب انتشار العلموية و الاختزالية و هى سبب استخدام البيولوجيا التطورية لتفسير كل شئ عن الحياة و العقل الانسانى
I want atheism to be true...I hope there is no God! I don’t want there to be a God; I don’t want the universe to be like that. My guess is that this cosmic authority problem is not a rare condition and that it is responsible for much of the scientism and reductionism of our time. One of the tendencies it supports is the ludicrous overuse of evolutionary biology to explain everything about life, including everything about the human mind.
Thomas Nagel, The Last Word (Oxford: Oxford Univ. Press, 1997), 130–31
يقول عالم الأحافير التطورى نيلز الدريدج "يجب ابقاء الأمر مبسطا داخل اطار الداروينية لاقناع الجمهور بصحة النظرية"
Suzan Mazur "The Altenberg 16: An Expose of the Evolution Industry" (2010): p.329
و قد اشتكى بعض علماء النفس التطوريين من أن الأطفال بطبيعتهم يقرون بالتصميم حتى ان رباهم ملحدين لذا يجب التدخل لكبت هذه القناعة الفطرية بالقصص المصورة التى تعلمهم التطور خاصة و أنهم ان تركوا ربما يصعب عليهم لاحقا مقاومة هذا التفكير حتى و ان تلقوا تدريبا علميا يؤكد لهم عدم وجود غائية فى الكون
Deborah Kelemen, Natalie A. Emmons, Rebecca Seston Schillaci, and Patricia A. Ganea, "Young children can be taught basic natural selection using a picture-storybook intervention,” Psychological Science 25 (2014): 893-902. doi: 10.1177/0956797613516009. PMID:24503874.
Alison Gopnik, “See Jane Evolve: Picture Books Explain Darwin,” Mind and Matter, Wall Street Journal, April 18, 2014
“The Natural Design Default: Why Even the Best-Trained Scientists Should Think Twice,” Bostonia, Winter/Spring 2013
و كتب دوكنز أن علم الأحياء هو دراسة الأشياء المعقدة التى "تبدو لأول وهلة" مصممة كما كتب فى موضع اخر "حتى لو لم يكن هناك دليل على التطور فسنفضله على ما سواه"
Dawkins, The Blind Watchmaker. p.1, p.287.
و فى تعليقه على مفهوم التعقيد غير القابل للاختزال الذى استخدمه الدكتور مايكل بيهى لاثبات أن الاليات المعقدة للحياة لا يمكن أن تنتج بطريقة الخطوة خطوة التطورية قال طالما أنه موجود اذن فقد تطور
Dawkins, Richard. 2004. The Ancestor’s Tail: A Pilgrimage to the Dawn of Evolution. Boston,
MA: Haughton Mifflin. p.549
و دوكنز ليس هو الوحيد الذى يتعامل بهذه الطريقة مع التعقيد الغير قابل للاختزال فكثير من التطوريين يعربون عن "ثقتهم" فى قدرة التطور على انتاجه و "ثقتهم" هذه عقيدة و ليست علما أو دليلا فمثلا يكتب أرثر والاس أحد وراد نظرية الايفوديفو (البيولوجيا النمائية التطورية) أنه برغم أن كل حالات العبث باليات النمو الجنينى تقود الى تأثيرات ضارة أو تافهة غير ذات قيمة كتغير اتجاه اللفات فى صدفة الحلزون فان المراحل الجنينية طالما أنها موجودة فقد نشأت بالتطور و يبقى فقط أن نفهم كيف
Arthur, Wallace. 2014. “Internal Factors in Evolution: The Morphogenetic Tree, Developmental Bias, and Some Thoughts on the Conceptual Structure of Evo-devo.” In A. Love, ed., Conceptual Change in Biology, Boston Studies in the Philosophy and History of Science 307 (Springer Verlag):343-63.
هكذا و بمنتهى الدوغمائية يتجاهل الأدلة التى ذكرها بنفسه ليؤكد نفس التزامه بنفس المسلمة المسبقة "كل ما هو موجود قد تطور"
و كتب فرانسيس كريك "على علماء الأحياء أن يتذكروا دوما أن ما يرون ليس مصمما بل نشأ بالتطور" نعم عليهم أن يتذكروا دائما أنه ليس مصمما...لأنه يصرخ فى وجوههم بالعكس...انه القمع الواضح و المتعمد للاستنتاجات البديهية...الملفت أن كريك اعترف بعدها مباشرة بأن نظرية التطور لا تلعب أى دور فى البحث البيولوجى و من الخطر الاعتماد عليها! نعم لا تتعجب من يقولون لك أن البيولوجيا لا يمكن فهمها الا فى ضوء التطور هم أنفسهم من يعترفون بأن الاكتشافات البيولوجية مستقلة عن التطور و يحاولون ترقيع ذلك بأن العملية ليست مفهومة جيدا لأنها حدثت فى الماضى و لا تسأل نفسك طبعا لماذا هم متأكدون من حدوثها ان كانوا لا يفهمونها...ان السببب مذكور فى جملة كريك: يجب أن "يذكروا أنفسهم" بالتطور...انه الالتزام المسبق و الايمان الأعمى بفكرة بلا دليل و لعل جملة كريك عن "خطر الاعتماد عليها" كانت تنبؤا صادقا بفضيحة الحمض النووى الخردة
Biologists must constantly keep in mind that what they see was not designed, but rather evolved. It might be thought, therefore, that evolutionary arguments would play a large part in guiding biological research, but this is far from the case...evolutionary achievements can be used as hints to suggest possible lines of research, but it is highly dangerous to trust them too much.
Francis Crick, What Mad Pursuit: A Personal View of Scientific Discovery (1988), 138.
اللطيف هنا أن كريك ذاته فى كتابه Life Itself "الحياة بذاتها" قال بامكان كون الحياة مصممة من قبل كائنات فضائية...يبدو أن "ليس مصمما" هذه مرتبطة بهوية المصمم!!
و أضاف التطورى فرانسيسكو أيالا الرئيس السابق للأكاديمية الوطنية لتقدم العلوم AAAS أن انجاز داروين الأعظم هو "تفسير تصميم الكائنات الحية دون الحاجة الى خالق" أو "التصميم بدون مصمم"
It was Darwin’s greatest accomplishment to show that the directive organization of living beings can be explained as the result of a natural process, natural selection, without any need to resort to a Creator or other external agent...creative, although not conscious
Francisco J. Ayala, “Darwin’s Greatest Discovery: Design without Designer,” Proceedings of the National Academy of Sciences USA 104 (May 15, 2007): 8567–8573.
و يقول ارنست ماير أحد مؤسسى الداروينية التراكيبية الحديثة Modern Synthesis : "أن الانجاز البارز حقا فكرة الانتخاب الطبيعى هو ازالة ضرورة استحضار أسباب غائية...لم نعد بحاجة الى خالق مصمم" [انجاز علمى جدا كما هو واضح]
Ernst Mayr "Darwin's Influence on Modern thought" Scientific American July 2000,p.80
و أن أهمية نظرية الانتخاب الطبيعى تكمن فى أنها تفسر التكيفات التى يستدل بها اللاهوتيون على التصميم بدون اله
The real core of Darwinism . . . is the theory of natural selection. This theory is so important for the Darwinian because it permits the explanation of adaptation, the ‘design’ of the natural theologian, by natural means, instead of by divine intervention
Ernst Mayr, Foreword in Michael Ruse, Darwinism Defended: A Guide to the Evolution Controversies (Reading, MA: Addison-Wesley, 1982), xi–xii.
و فى موضع اخر كان أكثر صراحة و تحدث عن ازالة الخالق و موت فكرة الاستدلال على الخالق بالمخلوقات
“Explaining the perfection of adaptation by materialistic forces (selection) removed god, so to speak, from his creation...natural theology...died on November 24, 1859”
Ernst Mayr “The growth of biological thought” (2003): 515
فعلا واضح أن النظرية مهمة لأسباب علمية جدا أو كما يقول عالم الأحياء التطورية دوجلاس فوتويما أن أهمية الانتخاب الطبيعى هى أنه يجعل التصميم لا لزوم له
D. J. Futuyma, “Natural Selection: How Evolution Works” Actionbioscience, December 2004
و فى نفس السياق يقول جيرى كوين "داروين أزاح المصمم الالهى بالية الانتخاب الطبيعى الميكانيكية غير الواعية"
Jerry A. Coyne "Why Evolution Is True" p.115
و لكوين صولات و جولات فى الدفاع عن "العلم"ففى كتابه Cancelled Science "العلم الذى تم الغاؤه" يحكى أستاذ الفيزياء اريك هايدن كيف ذكر أدلة علمية تشير الى التصميم فى الكون فى أحد محاضراته فاذا بكوين كاتب كتاب "لماذا التطور حقيقة" Why Evolution is True يشكوه و يستعين ضده بنشطاء من مؤسسة Freedom From Religion "التحرر من الدين" ليشكلوا لوبى ضغط على الجامعة لتعديل المحاضرات برغم أن موضوع المحاضرات لا علاقة له بالتطور و لا بعلم الأحياء بالكلية...من الواضح لأن كوين كان يدافع عن التطور لأسباب علمية جدا و الحقيقة أن المرء ليسأل نفسه كثيرا ان كان التصميم وهما و العشوائية عليها أدلة فما سر هذا الرعب الذى يدب فى قلوب التطوريين من الحديث عن الموضوع؟ لماذا لا تتركون الناس تسمع عن التصميم و نقد العشوائية لتضحك على هذا العلم الزائف؟...و فى نفس السياق كنا قد تحدثنا فى بعض مقالات الأحافير عن كمية التأويل المبالغ فيها التى تخضع لها بقايا العظام و منها طبعا أحافير الهومو و القردة. حسنا: لنستمع الى مكتشف الأحفورة الشهيرة لوسى و التى خضعت الى قدر كبير من التأويل كما وضحنا و لازالت الى الان اقدم وكأنها تمشى كالبشر برغم الأدلة الكثيرة التى تراكمت على عكس ذلك. المقطع له و هو يتسلم جائزة من نفس مؤسسة "التحرر من الأديان" المهتمة بدعم الالحاد لكونه أحد الأشخاص الذين "يكشفون الدين على حقيقته" على حد تعبيرهم و المقطع عبارة عن محاضرة فى نقد الأديان و السخرية منها و اظهارها كعدو للعلم و العقل و محاولة لارهاب الناس و سرقتهم فى مقابل تمجيد صانعنا الحقيقى الطبيعة على حد تعبيره.
من الواضح جدا سبب التأويل المبالغ فيه للأحفورة و الاصرار على تقديمها كحلقة انتقالية نحو المشى برغم الأدلة
كما قال البيولوجى التطورى سكوت تود فى مجلة نيتشر العلمية الشهيرة: "حتى لو كانت كل الأدلة تشير الى مصمم ذكى يجب استبعاد تلك الفرضية لأنها ليست مادية/طبيعانية"
"Even if all the data point to an intelligent designer, such an hypothesis is excluded from science because it is not naturalistic"
Scott C. Todd, "A view from Kansas on that evolution debate,” Nature 401 (1999): 423. doi:10.1038/46661. PMIDT0519534
و هذا كلام بديهى و متوقع خاصة عندما تعرف أن نيتشر من مؤسسيها توماس هنرى هكسلى المعروف بكلب داروين Darwin's Bulldog و أنها تأسست لترويج وجهة النظر الطبيعانية التى يقع التطور فى مركزها
يلخص روجر وايت أستاذ فلسفة المعرفة الأمر ببساطة...ان منطق العلم يحاول التخلص من التفسير القصدى/الغائى بأى ثمن
That molecular replicating systems appear to be designed by an agent is sufficient to convince us that they didn't arise by chance. But in scientific reasoning, non-intentional explanations are to be preferred, if possible (some would say at all costs), to intentional ones—hence the motivation to find a non-intentional explanation of life
Roger White "Does Origins of Life Research Rest on a Mistake?" Nous 41 (2003): 475
اذن فالمسألة ليست علما!!!بل هى فلسفة طبيعانية تمثل على الناس أنها علم و هذا طبعا الى جانب كون هذا التصريح رد واضح على الكلام السمج لبعض أنصار التطور عن أن التصميم لو كانت عليه أدلة لنشرت له نيتشر و لمثل هذا السبب قال كارل جايبرسون كما أوردنا فى رابط أشجار الحياة التطورية بالأعلى أنه من المرفوض عرض البيانات كما هى للناس ليستنتجوا منها بأنفسهم...طبعا لأن الاستنتاجات لن تلائم "فلسفة" التطور
و قال البيولوجى التطورى ديميرسوى أن احتمالية تكون سلسلة انزيم مثل سيتوكروم سى Cytochrome C كقيام قرد بكتابة التاريخ البشرى دون خطأ و الا فان قوة ميتافيزيقية هى التى قامت بهذا التكوين لكن هذا لا يناسب العلم لذا يجب الابقاء على الفرضية الأولى.
Demirsoy, Kalitim ve Ecrim "Inheritance and Evolution" (1984): p.61
و قال باحث البيولوجيا الخلوية فرانكلين هارولد نحن ملتزمون "من حيث المبدأ" برفض استبدال احلال التصميم الذكى محل الصدفة و الحتمية رغم أننا لا نملك سيناريوهات معقولة لتطور الكثير من الأنظمة و لا نملك سوى فرضيات و تكهنات
Harold, Franklin M. 2001. “The way of the cell: Molecules, Organisms and the order of life” Oxford University Press. p.205
و على ذكر الصدفة و الحتمية فقد قام جاك مونود فى كتابه الذى يحمل نفس الاسم Chance and Necessity بمحاولة استخدام التطور و الزعم بأن البيولوجيا قائمة على الصدفة و الحتمية للترويج للفلسفة الوجودية التى يؤمن بها و الزعم بأن الانسان يجب أن يختار أخلاقياته و رؤاه فى استقلال عن أى اله و أنه لا توجد غائية حقيقية سوى ما يحدده الانسان فى نموذج صارخ لكيف يتم محاولة اخفاء قناعات فلسفية فى ثوب العلم و فى صفحة 21 من نفس الكتاب يؤكد مونود أن حجر الزاوية فى البحث العلمى هو "رفض منهجى لامكان الحصول على معرفة صحيحة بالتفسير على أساس الغائية" كما يؤكد الفيلسوف الداروينى ديفيد هال أن التصميم مرفوض ليس لأنه تفسير غير صحيح علميا بل لأنه تفسير غير علمى
David Hull "Darwin and his critics" p.26
لاحظ الخدعة هنا : انهم يرفضون التصميم و الغائية من حيث المبدأ بسبب تحيزهم الفلسفى المسبق ثم يزعمون أن هذه نتائج العلم التجريبى
كما كتب دوكنز أيضا أن "وهم" الغائية قوى لدرجة أن البيولوجيين يستخدمون افتراض التصميم كأداة عمل
“Richard Dawkins, River Out of Eden: A Darwinian View of Life (New York: Basic Books, 1995), 98
و يقول التطورى مايكل شيرمر فى اطار نقده للتصميم الذكى أننا نتوهم وجود التصميم لأن "التطور صممنا بطريقة تجعلنا نرى التصميم" !!! نعم هذا ليس مزاحا سخيفا...هذا يتم تسميته نقد علمى للتصميم الذكى
"In other words, we were designed by evolution to perceive
design.” Quoted from Michael Shermer, Why Darwin Matters: The Case Against Intelligent Design (New York: Times Books, 2006), 38-39.
اذن فكل ما أمامنا "يبدو" مصمما و لكننا مع ذلك نصر على العكس!!! وصل الأمر بالقاضى جونز الذى أصدر قرارا بمنع تدريس التصميم الذكى فى المدرسة بأن وصف التصميم و التعقيد بأنه مفهوم "دينى"!!!
Calvert John H. 2009. “Kitzmiller’s Error: Defining religion exclusively rather than inclusively” Liberty University Law review, 3(2): 213-328
لا أعرف منذ متى أصبح الاقرار بوجود تصميم و تركيب معقد مفهوما دينيا ربما كان علينا أن نعتبر علوم البرمجة و الالكترونيات من علوم اللاهوت كذلك
بنفس المنطق يخبرنا فلاسفة العلوم التطوريين أن تصميم الكائنات الحية "مشكلة" للرؤية "العلمية" يجب على البيولوجيا حلها
apparent design in nature poses a uniquely important problem for the scientific worldview, and biology’s special task is to solve this problem.
Godfrey-Smith, P. 2001. Chapter 11: Three Kinds of Adaptationism. In Adaptationism and Optimality. S. H. Orzack and E. Sober, eds. Cambridge, NY: Cambridge University Press, 336, 339
لاحظ التعبير "مشكلة" يجب حلها و ليس ظاهرة تجب دراستها...الحقيقة أن التصميم ليس مشكلة للرؤية العلمية بل هو مشكلة لرؤية أخرى تماما يبدو أنها أجبن من تصرح بنفسها فأصبحت تختبئ خلف اسم العلم
و قد طالبت احدى التطوريات باعتبار التطور أساس علوم الطب و الأحياء و بضرورة تعليم الطلاب أن عيونهم معيبة لأن "الثقافة الانسانوية مهمة" [و الانسانوية humanism لمن لا يعلم هى فلسفة قائمة على احلال الانسان كمركز محل الاله] – هذا سبب علمى جدا كما هو واضح
Paola Palanza and Stefano Parmigiani, “Why human evolution should be a basic science for medicine and psychology students,” Journal of Anthropological Sciences 94 (2016): 183-192. PMID:27101590.
كما يقول الملحدان التطوريان جيرى فودور و ماسيمو بالميرينى فى مقدمة كتاب "الأمر الذى أخطأ فيه داروين" : "[بين الزملاء]الولاء للداروينية هو مقياس امتلاك رؤية علمية للعالم" بينما يقران فى أسفل نفس الصفحة بأنه "لا أحد يعلم جيدا كيف يعمل التطور...ربما نحتاج قرونا من البحث" كيف نحل التناقض بين العبارة الأولى و الثانية و هما فى نفس الصفحة؟ باستكمال ما كتب بعد الأولى: "عليك أن تختار بين الايمان بالله و الايمان بداروين و ان كنت تريد أن تكون انسانويا علمانيا فعليك باختيار داروين"
Jerry Fodor and Massimo Palmarini "What Darwin Got Wrong" (2011): Terms of Engagement
المدهش أنهما و بمنتهى الصفاقة يلمحان الى مدرسة التصميم الذكى و ناقدى التطور بصفتهم قوى الظلام التى لا تتبع الدليل فى نهاية المقدمة بعد أن وصفا بنفسيهما الدوجمائية الفلسفية الغير علمية الرهيبة المسيطرة على الوسط الداروينى و بعد أن ذكرا حرفيا "ان أى رؤية تعارض الداروينية ترفض لذاتها ipso facto حتى لو كانت معقولة" و أنه برغم عجز الانتخاب الطبيعى و التكيفية عن التفسير الا أنهما ملتزمان بالطبيعانية و بالتالى فالمصمم مرفوض بل و يقران فى اخر صفحة من كتابهما أن داروين قد أشار الى طريق "الحادى" تماما لنشأة الكائنات!!
و يخبرنا ماسيمو بجلويشى فى ورقته عن النسخة المطورة من التراكيبية الحديثة أن الداروينية نقلت البيولوجيا من فكرة شبه دينية الى علم تجريبى تاركة اللاهوت لويليام بالى (و بالى هو صاحب حجة التصميم الشهيرة بصانع الساعات)
Massimo Pigliucci "An Extended Synthesis for Evolutionary Biology" Annals of the New York Academy of Science 1168 (2009): 218
و حجة بالى الخاصة بالتصميم فى الكائنات الحية هذه سنتعرض لها بالأسفل مجددا اذ ذكرت فى مؤتمر علماء البيولوجيا التطورية 2016 مع التأكيد على أن داروين قد أسقطها لا أعرف حقا ان كان داروين قد أسقطها منذ قرنين فلماذا يستمر الصراخ الهستيرى المؤكد على سقوطها حتى اليوم ثم ما علاقة هذا النقاش الفلسفى اللاهوتى ب"علم" البيولوجيا التطورية و أدلته؟ أم أن المسألة ليست علما و لم تكن علما يوما ما؟ المسألة فقط هى الرعب من عودة فكرة التصميم التى لا تتسق مع الالحاد و المادية و الطبيعانية؟
كما أتحفنا التطورى ماجيروس فى أثناء عرض تقديمى عن العث كدليل على التطور بأن المسيح لن يعود!!!
Michael E. N. Majerus, "The peppered moth: The proof of Darwinian evolution," lecture at a meeting of the European Society for Evolutionary Biology, Uppsala University (August 22, 2007).
يقول التطورى فورد دوليتل (أحد من نقلنا عنهم سابقا الهجوم على انكود بسبب اكتشاف وظائف الحمض النووى الخردة) أن هناك الكثير من الأمور على المحك سياسيا و اجتماعيا فى الحرب الثقافية على معارضى التطور
WHAT IS AT STAKE HERE...much is at stake socio-politically...our side of the culture wars
W. Ford Doolittle, "The practice of classification and the theory of evolution, and what the demise of Charles Darwin’s tree of life hypothesis means for both of them,” Philosophical Transactions of the Royal Society of London B 364 (2009): 2221-2228.
"سياسيا و اجتماعيا – حرب ثقافية"...و دوليتل ممن كتبوا أوراقا علمية فى نقد انكود...واضح أنها كانت بمبررات علمية طبعا كما نقلنا من قبل فى مقالات الحمض النووى الخردة المطالبة بايقاف مشروع انكود و الهجوم الجنونى عليه بسبب اكتشافه لوظائف الحمض النووى الخردة و خطورة ثبوت التصميم و اتهام المشروع بأنه يتبع Gospel انجيل أو تعاليم مقدسة خالية من التطور!!!
وصل الأمر بالبعض الى القول بأن مفهوم "التصميم" خطر على "التنوير" و الديمقراطية العلمانية!!!
Gerald Weissmann, "The facts of evolution: fighting the Endarkenment,” FASEB Journal 19 (2005): 1581— 1582. doi: 10.1096/fj.0 5-100 lufm. PMID:16195364.
Marshall Berman, “Intelligent Design: The new creationism threatens all of science and society,” APS News 14:9 (October 2005).
فعلا من الواضح أن المسألة علمية محايدة تماما من العلماء التطوريين و لا دخل للتوجهات الفكرية فيها.
لقد وصل الجنون بالدراونة الى القول بأن تعليم الطلاب وجود جدل حول التطور و أدلته مساو للتشكيك فى الهولوكوست (المحرقة اليهودية)
Massimo Pigliucci, Denying Evolution: Creationism, Scientism, and the Nature of Science (Sunderland, MA: Sinauer Associates, 2002), 2—3
Eugenie C. Scott and Glenn Branch, "Evolution: what’s wrong with ‘teaching the controversy’,” Trends in Ecology and Evolution 18 (2003): 499-502. doi:10.1016/S0169-5347(03)00218-0
و الكتاب أعلاه ليسوا مجموعة من المجانين بل هم من العاملين فى المركز القومى لتدريس العلوم بالولايات المتحدة...لا عجب أن تدريس التصميم أصبح يعتبر دينا عندما يشهد أمثالهم أمام المحاكم...لا عجب ان كانت عبارة أن البيولوجيا لا تفهم الا فى ضوء التطور قد انتشرت طالما أن المعارض يمكن ملاحقته
و فى نفس السياق يؤكد لنا عالم الأحافير التطورى دونالد بروثيرو أن من لا يؤمن بالتطور مثل أى نازى كاره لليهود منكر للمحرقة و يقوم بتخويفنا فى كتاب يفترض أنه عن علم الأحافير من التطرف و لجان التفتيش و الاتهام بالهرطقة مؤكدا أن اله العهد القديم شئ
"much in common with neo-nazi Jew hating holocaust deniers"...“If the fundamentalists continue to expand their political power, are we in for another Inquisition, with the religious fanatics suppressing and destroying books and evidence, and harassing anyone who doesn’t agree with them?” ...“Many scientists and authors have written how uplifting and liberating the scientific worldview can be for humankind, especially in comparison to the vengeful God of the Old Testament."
Donald Prothero "Evolution: what the fossils say and why it matters" (2007): 44, 355, 358
و السؤال كالعادة طالما أن بروثيرو افتتح كتابه بذكر كيف أن الأحافير دليل قوى على التطور فما الداعى لهذا الاستجداء الرخيص؟ أم أن السبب أنه يعلم جيدا أن ما سيقدمه فى الكتاب من "أدلة" قد تم نقده و تفكيكه من قبل من قبل المعارضين فيستبق الاعتراضات بهذا التخويف و الكل يعلم موقف العقل الجمعى فى أوروبا من محاكم التفتيش ومجازر هتلر التى كانت-و ياللتناقض-بسبب التطور ذاته!!!
و على نفس منوال الاستجداء الرخيص يختتم شون كارول كتابه الذى يزعم أنه قدم فيه أدلة دامغة على التطور و ضد التصميم بفصلين مخصصين لتخويف الناس من أن تحذيرات التطورييين من نقاد التطور كتحذيرات تشرشل من النازية و الفاشية و الشيوعية قبل الحرب العالمية الثانية و أن نقد التطور سيقودنا الى نظام كنظام ستالين و لايسنكو فى الاتحاد السوفيتى و سيدمر العلم و أننا ان لم نؤمن بالتطور فان النظام البيئى سينهار...و كأننا بحاجة الى أن نقتنع أن الأسماك تحولت الى كائنات برية حتى نتوقف عن الصيد الجائر!!! منتهى الرخص و خلط الأوراق و هذا لا يصدر الا ممن يعلم جيدا أن ما ساقه من أدلة كله مردود عليه (نفس أنواع الأدلة المزعومة التى ناقشنا كثيرا منها فى مقالات أخرى على المدونة). انهم يعلمون جيدا أن أدلتهم أضعف مما يوحون به لذا يجب ان تأتى فقرة التخويف من انهيار العلم وشيوع الجهل و الخرافة اذا تم المساس بنظريتهم الفاشلة
Sean B. Carroll, The Making of the Fittest: DNA and the Ultimate Forensic Record of Evolution
و هذا الأمر شائع فى الكثير من كتابات التطوريين و ليس كارول فقط: يجب أن يوحى اليك بأنأى مساس بنظرية التطور سيهدم العلم كله! و على ذكر الاتحاد السوفيتى و ستالين فكنا قد ذكرنا فى مقالة التنادد كيف كان التطوريون فى الثمانينات يتهمون كل ن ينتقد التطور بأنه شيوعى. لاحظ التناقض قبل انهيار الاتحاد السوفيتى شيوعى و بعده خلقوى المهم أى تهمة لاسكات و ارهاب المخالف
و قد عنون كينيث ميلر (المؤمن مع الأسف) أحد كتبه "التطور ليست فقط نظرية: المعركة من أجل روح أمريكا" و قال فيه أن التصميم خطر على العقلانية و التنوير و العصر الحديث!!!
“to the ID movement the rationalist of the age of enlightenment...is the enemy...the modern age will be brought to an end”
Kenneth Miller “Only a theory: Ecolution and the battle for America’s soul” (2008): 16, 190-191
و بغض النظر عن مدى سخافة ما يقوله ميلر و أمثاله من أن الاقرار بوجود تصميم معناه تراجع عن التنوير و التقدم فلا يزال السؤال قائما: لماذا هذا الاستجداء الرخيص و التخويف البائس من التصميم ان كانت أدلة التطور قوية كما يزعم ميلر و أمثاله؟ أم أن ميلر يقصد العلمانية التى نشأت أيضا فى عصر التنوير و أخرجت الدين من دائرة التشريع القانونى و الأخلاقى و ليس العلم
بل و قد تم تصنيف مايكل بيهى أحد مؤسسى تيار التصميم الذكى مع السفاح ستالين المسئول عن ابادة الملايين فى ورقة نشرت فى ما يفترض كونه دورية علمية و فلسفية رصينة
T. Sommers and A. Rosenberg "Darwin's Nihilistic Idea: Evolution and the meaninglessness of life" Biology & Philosophy 18 (2003): 653-668
بل وصل الأمر بأحد علماء الكيمياء الحيوية التطوريين أن يطالب محركات البحث على الانترنت بوضع تحذيرات من الدخول على مواقع نقد التطور و ان رفضوا فعلى الحكومة أن تتدخل و تجبرهم
David Speijer "Bad Faith Reasoning, predictable Chaos and the truth" BioEssays 42 (2020)
و من جديد يستمر نفس السؤال معنا: أدلتكم قوية و أدلة المخالفين ضعيفة و متهافتة و رددتم عليها (وفق زعمكم) لما كل هذا الذعر؟
و فى يوليو 2021 قامت ساينتيفيك أميريكان بنشر مقال يتهم كل منكر للتطور بالفاشية و التعصب العرقى!!!
"Denial of Evolution Is a Form of White Supremacy" Scientific American, July 05, 2021
لن نعيد مناقشة أن فلسفة داروين الاجرامية كانت الدافع المؤسس وراء التمييز العرقى و التعامل مع البيض كجنس أرقى من السمر و حدائق الحيوان البشرية لللأفارقة و التعقيم القسرى للأجناس "الأدنى) و النازية و الحربين العالميتين الأولى و الثانية و أنه هو نفسه كان يرى أن الأجناس المتحضرة من البشر ستبيد البشر الأدنى فقد كتبت كتب كثيرة فى هذا الأمر و كنا قد ذكرنا نبذة عن التفسيرات التطورية الحقيرة للأخلاق و القيم و التعاون و المساواة فى مبحث الأخلاق و الايثار و الطيبة و عن الدور القذر لنظرية التطور فى الحروب العالمية و ما سبقها من عمليات تعقيم قسرى لأعراق بعينها
R. Weikart "From Darwin to Hitler: Evolutionary Ethics, Eugenics and Racism in Germany"
Jerry Bergman "The Darwin Effect" 2014
و لكننا نلفت النظر الى أساليب الابتزاز العاطفى الرخيصة التى يتم بها ترويج التطور أيديولوجيا و كأنه هو السبيل الوحيد للمساواة...و بغض النظر عن كون النظرية ضد الفكرة تماما الا أن هذا يوضح كيف يعلم التطوريون أنفسهم مهما تستروا بالعلم أنهم يروجون لأيديولوجية و فلسفة أو ربما دين علمانى كما وصفه مايكل روس. ومن العجيب أن الكثير من التطوريين فى المناظرات التى تخرج من اطار العلم و تحاول الاعتماد على سسؤال الشر لاثبات غياب المصمم يستشهدون بكوارث كالحربين العالميتين الأولى و الثانية و يتجاهلون أنهما كانا نتيجة انتشار أفكار داروين الاجرامية ليس فى ألمانيا فقط بل فى دول أخرى كبريطانيا و أمريكا من التى شهدت عمليات التعقيم القسرى و حدائق الحيوان البشرية
و فى سلسلة من المقالات البائسة حاولت مجلة نيتشر تحميل الوراثة المندلية مسئولية التفرقة العنصرية و التطهير العرقى
Rather than a relic of the past, eugenic myths and scientific racism, whereby the methods and legitimacy of science are misappropriated to argue for the superiority of white people and the inferiority of non-white people, manifest to this day.
"Thoughts on a legacy" Nature Reviews Genetics volume 23, page385 (2022)
حقا؟ مندل هو الذى قال للناس أن الأفارقة قردة و كائنات أدنى فى سلم التطور! مندل هو الذى قال أن العرق الأبيض "أكثر تطورا"!
Mendel’s name was wrongly and irresponsibly appropriated to give weight to eugenics, the scientifically inaccurate idea that humans can be improved through selective breeding
"The true legacy of Gregor Mendel: careful, rigorous and humble science" Nature EDITORIAL 19 July 2022
مندل هو الذى كان يستشهد بعمليات التهجين و تحسين النسل على قدرات الانتخاب الطبيعى أليس كذلك؟ و ليس "شخص ما " تعتبر المجلة من أكبر المروجين لنظريته عن التطور من "كائنات أدنى" قال فى أحد كنبه أن أعراق البشر الأرقى ستبيد الأدنى...الوراثة المندلية أفهمت الناس امكان التحكم فى انتشار أليلات (أنماط) الجينات و الصفات لكن من يا ترى الذى أفهمهم أن بعضها أدنى و أقل تطورا من بعض...لابد أنه مندل!!! لابد أن مندل هو الشخص الحقير الذى كتب كتابا أسماه "أصل الانسان" و اعترض فيه على علاج المرضى و مساعدة الفقراء لأن هذا يسمح لأفراد المجتمع الضعفاء بالاستمرار و هذا مضر للجنس البشرى فالراعى الجاهل هو الذى يسمح لأسوأ حيواناته بالتكاثر
"Thus the weak members of civilised societies propagate their kind. No one who has attended to the breeding of domestic animals will doubt that this must be highly injurious to the race of man...hardly any one is so ignorant as to allow his worst animals to breed"
"At some future period, not very distant as measured by centuries, the civilized races of man will almost certainly exterminate and replace throughout the world the savage races. At the same time the anthropomorphous apes … will no doubt be exterminated. The break will then be rendered wider, for it will intervene between man in a more civilized state, as we may hope, than the Caucasian, and some ape as low as a baboon, instead of as at present between the negro or Australian and the gorilla."
Charles Darwin "The Descent of man, and selection in relation to sex" Vol. 1 p.168, 193
و نحن لا نقول هذا الكلام ايمانا بأن نظرية علمية يصح نقدها أخلاقيا و لكن لنفضح المحاولات الرخيصة لغسل ماضى النظرية القذر و تحميل جرائمها لنظريات و مجالات أخرى قائلين أن المشكلة كانت فى علوم الجينات ليست فى نظرية التطور فعلوم الجينات هى التى قالت فى هذا العصر أن هناك جينات مرتبطة بانخفاض مستوى الذكاء و الحضارة لدى بعض الأجناس و ليس التطور و لكن الحقيقة أن هذه الجملة مبتورة لأن السبب الذى جعل علماء الجينات يقول هذا الكلام هو الاطار التطورى الذى كانت البيانات يتم تفسيرها من خلاله فعلماء الجينات وضعوا هذه الافتراضات بناءا على الفرضية التطورية القائلة أن الأفارقة حلقة بين القردة و الانسان الأبيض و الدليل الأكبر على هذا أن الكثير من الكشوف الأركيولوجية فى أفريقيا كان يتم تأويلها قسرا على أنها بالتأكيد ليست من عمل الأفارقة بسبب الافتراض المسبق (التطورى) أنهم كائنات أدنى فى سلم الحضارة و لنفس السبب كان يتم تأويل جماجم طبيعية جدا على أنها دليل على انخفاض الذكاء مع أن هذه الكشوف مستقلة تماما عن الدليل الجينى و لكن ما كان يحكم الجميع هو اطار التفسير التطورى القذر
"The rise of scientific racism in palaeoanthropology" Nature Book Review (14 November, 2022)
فى كتاب On Purpose (عن الغاية) يصف مايكل روس Michael Ruse داروين بأنه "موسى" الذى قاد أتباعه الى "أرض الميعاد" المادية الطبيعانية و روس نفسه هو القائل أثناء تعريفه للعلم "بحث عن التنظيمات الطبيعية العمياء" لاحظ كلمة العمياء التى تم وضعها فى التعريف...انهم-ابتداءا-يبجثون عن شئ أعمى بلا بصيرة أو هدف لذا فعند وجود البصيرة و الهدف يتم تجاهلهما عمدا ليس لأن العلم لم يجدهما و لكن لأن العلم يبحث عن شئ اخر أو بمعنى أدق يتم اجباره على البحث عن شئ اخر.
Michael Ruse “Creation Science is not Science”
و الحقيقة أن هذا كلام فارغ...بامكان العالم أو المهندس أن يدرس خط الانتاج فى مصنع علميا و ميكانيكيا بشكل ناجح دون أى التزام مسبق بأن خط الانتاج هذا مجرد تجميع أعمى لاغائى للعناصر...بل الحقيقة أن هذا الأسلوب و هو افتراض المعلوماتية بدلا من "العمى" سيقود الى نتائج أفضل لأن العالم أو المهندس سيفهم أن كل جزء له هدف و لا يوجد جزء موجود بشكل عرضى و بعض الأحداث فى تاريخ العلم كاكتشاف وظائف أعضاء و جينات و تسلسلات حمض نووى كان الظن السائد أنها بلا وظيفة أكبر دليل على ضرر المنطلق المادى و افتراض "العمى" على العلم و أن افتراض البصيرة و المعلوماتية هو الذى يشجع على البحث عن وظيفة كل جزء لا استسهال الجهل بسبب افتراض وجود عمليات لاغائية عمياء.
و فى كتاب "فكرة داروين الخطيرة" Darwin’s Dangerous Idea يصف الفيلسوف التطورى دانيال دينيت الداروينية بأنها حامض مركز يأكل معتقدات صاحبه و أنها قد جعلت السببية فى الكائنات مجرد تخرصات و هو نفس ما تبناه عالم البيولوجيا التطورية كولن رايت فى كتاباته
the universal acid of evolution eats through old cherished beliefs and replaces them with deeper understanding and a clearer picture of reality
Colin Wright, “The New Evolution Deniers,” November 30, 2018, Quillette.
و يعلق رتشارد دوكنز فى كتاب صانع الساعات الأعمى بقوله "قبل داروين كان يمكن أن تكون ملحدا لكن بعده يمكنك أن تكون ملحد متكامل فكريا intellectually fulfilled atheist بل ان متحف التاريخ الطبيعى فى لندن قام بتصميم نموذج مشتق من شجرة الحياة الداروينية الشهيرة و وضعه على سقف أحد العروض و أطلق عليه "كنيسة سيستينيا الداروينية" على غرار رسمة مايكل أنجلو الشهيرة للرب و ادم على سقف كنيسة سيستينيا مؤكدا أنها رمز للعلم العلمانى
The Darwinian Sistine Chapel 14 April, 11am Radio 4
TREE celebrates human effort, secular science and reason – but it also evokes long-standing mythological traditions to inspire reverence and remind us of our humble place in this world.
Nils Petter Hellström “The tree as evolutionary icon: TREE in the Natural History Museum, London” (William T. Stearn Prize 2010)
هذه اللفتة البديعة توضح لنا كم أن الموضوع علمى تماما بلا أى اشارات أيديولوجية لدى التطوريين...لا عجب أن مايكل دنتون و هو اللاأدرى أطلق على متاحف التاريخ الطبيعى "معابد للتطور الداروينى" فى كتاب التطور ماتزال نظرية فى أزمة. و قد قالها أيضا بصراحة فى الفصل الأخير من كتابه القديم "التطور نظرية فى أزمة" الذى كتبه قبل أن ينضم الى مؤسسة دسكفرى أو تكون له علاقات بتيارات المؤمنين بالتصميم "ان الأهمية الثقافية للتطور لا حد لها فهو مركز النظرة الطبيعانية للعالم و النصر الأهم للعلمانية...ان تيارات اجتماعية و سياسية قد اجتاحت العالم كان سيستحيل وجودها دون الداروينية" لهذا التطور مهم جدا و يتم الدفاع عنه بهذا الشكل الجنونى بتأليف القصص و أحيانا بالكذب الصريح ليس لأدلته و لا قوته بل لأنه حجر أساس فى فلسفة مجتمعية مادية
و فى مراجعة للأدلة المتضاربة من فحص الجينات و التى تتعارض مع فكرة السلف المشترك و شجرة الحياة لمح الكاتبان فى القسم الأخير Conclusion الى أن سبب التمسك بداروين الى هذا الحد و الاحتفاء المبالغ فيه به هو أنه أصبح رمزا للانتصار على الدين و الايمان برغم أن النظرية لم تعد متوافقة مع الأدلة كما استعرضا فى الورقة
Vicky Merhej and Didier Raoult "Rhizome of life, catastrophes, sequence exchanges, gene creations, and giant viruses: how microbial genomics challenges Darwin" Frontiers in Cellular and Infection Microbiology (2012) : See Conclusion
بعد كل هذا يزعم أنصار التطور أنهم يقدمون علوما رصينة و لا يضيقون على أنصار التصميم. الحقيقة أنه لا عجب بعد استعراض كل هذا الكم من الانحياز الأيديولوجى (و هذه مجرد عينات) أن تكون النتيجة هى الايمان بنظرية التطور...هناك قاعدة لطيفة فى علوم الحاسب الالى Garbage In Garbage Out اذا كانت مدخلاتك فاسدة فان نتائجك ستكون فاسدة و لن تشعر بأى خطأ فيها ببساطة لأن اعتقادك المسبق هو القالب الذى تفسر به كل البيانات بل و تستثنى بعضها أيضا لأنها غير متفقة معه كما بيننا فى رابط أشجار الحياة. هل ما سبق من الاقتباسات دعوى للتشكيك فى كل مخرجات المجتمع العلمى؟ قطعا لا - الأغلبية العظمى من العلوم محايدة تماما و غير متأثرة بالرؤى الشخصية أو التقلبات الاجتماعية و لكن هناك مجالات ليست كذلك - مجالات تمس بشدة الرؤى الكونية لأصحابها - لذلك فعندما يتعلق الأمر بكل ما يمكن أن يتماس مع العلمانية سواءا فيما يتعلق بنقاش الأصول أو بببعض النواحى الأخلاقية كمحاولة تأصيل بعض الممارسات كالاجهاض أو بعض الممارسات الجنسية التى تدافع عنها اللبرالية بشراسة فعلى المرء أن يتعامل مع مخرجات المجتمع العلمى بحذر شديد و أن ينظر فى تفاصيل الأدلة بنفسه و لا يكتفى بأن يقول له أحدهم "العلم يقول" و "العلماء مجمعون"
لقد اتهمت الأكاديمية الأمريكية لتقدم العلوم التصميم بأنه "مفهوم دينى" (هل بناءا على هذا يمكننا القول بأن غياب التصميم مفهوم الحادى أم أن جانبا واحدا فقط هو المصرح له بادعاء الحياد و اتهام الاخرين بعدم الحياد؟) و أنا لا أعرف فى أى علم يمكن وصف التصميم بأنه دين و أضافت أن أنصار التصميم يقدمون علوما زائفة أو استنتاجات خاطئة
American Association for the Advancement of Science (AAAS): Statement on the teaching of Evolution (Feb. 16, 2006)
و ان افترضنا جدلا أن التصميم مفهوم دينى (و هى فكرة سخيفة جدا) و يجب عدم تدريس المعتقدات الشخصية كجزء من العلم فلماذا نجد من علماء البيولوجيا التطورية من يفتخر فى صحف شهيرة بأنه فى كل عام يؤكد للطلاب أن التطور ينفى وجود اله و أنهم ان كانوا يريدون التوفيق بينهما فيجب أن يقوموا بما يسميه "أكروبات عقلى"
David P. Barash "God, Darwin and My College Biology Class" The New York Times (Sept. 27, 2014)
و هذا النوع من الشكاوى متكرر بشدة بين كثير من الطلاب فى أماكن مختلفة - تدريس الالحاد كجزء من علم الأحياء فان كانت الاستنتاجات الشخصية حول وجود اله من عدمه فعلا ممنوعة التقديم فى ساحات الدراسة و ليست من مجال العلم فلماذا طرف ما هو المسموح له بحشر معتقداته فى فصول الدراسة و لا يتم استخراج فزاعة العلوم الزائفة و الخروج من اطار العلم الا لللطرف الاخر
وفى نفس السياق فقد وصفت مجلة new scientist العلمية المختبرات التى تحاول دعم التصميم الذكى بأنها "مختبرات الرب".
Biever, C. (2006). The God Lab. New Scientist, 192(2582), 8–11.
و من لطائف هذه المقالة أنها تحتوى اعترافا ضمنيا بأن المشكلة التى حدثت مع عالم البيولوجيا الجزيئية دوجلاس أكس لم يكن سببها بحثه ذاته و لكن سببها تبعات بحثه و استشهاد تيارالتصميم به فقد تجاوز مراجعة الأقران و تم نشره ثم اكتشفوا أنه علم زائف و استنتاج خاطئ فقط بعد أن استشهد به أنصار التصميم و عندها أصبح مختبره مختبرا للرب على حد توصيف المقالة.
حسنا ان كان من يدعم التصميم يدعم الرب فمن يعارضه يدعم؟...الحياد العلمى؟ اما أن تكون الاتهامات المتبادلة هى الطريقة و عندها فأى دعوى بأن من يفعل كذا و كذا يفعله بسببب الأيديولوجيا ستقابلها دعوى مضادة فى الاتجاه المضاد و تكون الاتهامات بالأدلجة موجهة الى الطرفين و قد أوردنا هنا أدلة تكفى و زيادة و اما أن يتم النظر الى الأدلة بدون كل هذه الضوضاء أما أسلوب نحن جيدون و أنتم سيئون نحن محايدون و أنتم مؤدلجون نحن علم حقيقى و أنتم علم زائف فأسلوب طفولى جدا.
و قد استعرضنا أمثلة على علوم التصميم "الزائفة" و علوم التطور "الصحيحة" و لكننا سنضرب مثالا صغيرا على كيفية تصنيف هؤلاء القوم للعلوم الزائفة للمزيد من الرد على من يقولون لماذا لا تنشر المجلات العلمية لأنصار التصميم
Steinar Thorvaldsen, Ola Hössjer "Using statistical methods to model the fine-tuning of molecular machines and systems." Journal of Theoretical Biology Volume 501, 21 September 2020, 110352
الورقة أعلاه قدمها بروفيسوران أحدهما فى مجال الرياضيات و الاحصاء و الثانى فى مجال المعلومات و طبعا هذان المجالان من الكوارث التى تواجها نظرية التطور لتعارضهما بشدة مع مزاعم النظرية حول امكان انتاج المعلومات الوظيفية من خلال طرق عشوائية غير مصممة. الورقة تستخدم سبل رياضية و احصائية لقياس مستوى ضبط و دقة الالات الجزيئية فى الكائنات الحية و تجاوزت الورقة مرحلة مراجعة الأقران peer - review ثم أضاف الكتاب فى كلمات البحث عن الورقة كلمة التصميم الذكى Intelligent Design فماذا كانت النتيجة؟ لقد اكتشف المحررون فجأة ما لم يكتشفوه أثناء المراجعة - أن الكتاب لهم صلات بجماعات "خلقوية" creationist و هو ما تتبرأ منه المنصة و لم تكتشفه الا بعد نشر الورقة. حقا؟ لم تكتشفوا العلم الخلقوى الزائف أثناء مراجعة الورقة لكن اكتشفتموه عند اضافة كلمة التصميم الذكى. يمكن قراءة هذا التعقيب المثير للغثيان تحت بند disclaimer "تنصل" و لنتخيل فقط لو كان مصطلح التصميم قد أضيف قبل المراجعة...لما تجاوزت الورقة المراجعة ابتداءا...لأنها تقدم علوم زائفة و مليئة بالأخطاء طبعا...هذا ما كان سيقال عندها
و فى نموذج اخر تجرأ بعض الباحثين فى ورقة علمية على ذكر مزايا هندسة و تصميم اليد البشرية و التى تروج البيولوجيا التطورية كذبة أنها رديئة التصميم و مليئة بعظام لا فائدة منها (و هو ما فندناه بالتفصيل عند مناقشة مزاعم سوء تصميم الهيكل العظمى t.ly/QyS8 ) و بعد أن تم نشر الورقة تعالى صراخ الدراونة -عفوا أقصد شكاوى القراء المحايدين من "اللغة غير اللائقة" للدراسة و المنطق العلمى الذى يشير الى "خالق" لتسارع ادارة المجلة بالاعتذار عن الأخطاء أثناء المراجعة التى سمحت لمثل هذه الألفاظ بالمرور الى النشر و ليسارع الكتاب بتقديم الاعتذار و فروض الطاعة و الولاء معلنين أنهم قصدوا القوى الخلاقة للطبيعة لا أى معانى "هرطقية" أخرى
Ming-Jin Liu et al., "Biomechanical Characteristics of Hand Coordination in Grasping Activities of Daily Living" PLOS ONE (2016) - Retraction
عجبا...لم يكن ذكر مصطلحات كخالق و اله أمرا ذميما و غير جدير بالمجلات العلمية المحكمة عندما نشرت مجلة الجينات Gene مقالا يقول أنه طالما للاغريق الهة و اليهود الهة أخرى فلا يوجد اله قوى عظيم أصلا أو عندما نشرت نيتشر Nature مقالا اخر يصف الانتخاب الطبيعى بأنه هو الاله الذى تم اكتشافه على جزر الجالاباجوس
Kronos is a God who cannot be denied by any other God. Nor was he by the God of the Jews...no God can be almighty
E. Zuckerkandl, “Intelligent Design and Biological Complexity,” Gene 358 (2006): 2–18.
"The god of Galapagos is careless, wasteful, indifferent, almost diabolical"
David Hull "The God of the Galapagos" Nature 352 (1991): 485-486
يبدو أن ذكر الالهة فى المجلات العلمية مسموحا به برغم كل هذه الدعوات و لكن كما هو واضح فى سياق اسقاطها فقط أو فى سياق جعلها هى الطبيعة و الانتخاب الطبيعى
و فى واقعة أخرى ارتكب عالم رئيس التحرير السابق للمجلة العلمية التى تنشرها مؤسسة سميثسونيان Smithsonian أكبر شبكة متاحف تاريخ طبيعى فى العالم عالم البيولوجيا التطورية رتشارد سترنبرج غلطة عمره عندما وافق على نشر ورقة علمية تتحدث عن تصميم المخططات الجسدية للحيوانات. فتم على الفور اتهامه بنشر أفكار "دينية" مع أن الورقة كانت علمية لا تتحدث عن الدين و اثارة الشائعات حوله من قبل المؤسسة التى تزعم أن هدفها هو نشر العلم بالتعاون مع المركز الوطنى لتعليم العلوم (الذى يفترض أيضا أن هدفه نشر العلم) و سحب امتيازاته حتى تم اجباره على الاستقالة. الطريف فى الموضوع أن التحقيقات اللاحقة برأت ستيرنبرج من كل هذه الأكاذيب بل و خلصت الى وجود "تعمد" لخلق بيئة عمل عدائية و نشر معلومات خاطئة عن شخصه للتخلص منه بل و مراقبة أنشطته داخل و خارج العمل و لكن بعد أن أطاح به التطوريون و شوهوا سمعته و صورته و أمانته بين أقرانه ليكون عبرة لمن يتجرأ على نشر أى ورقة علمية تطعن فى نظرية التطور...هذه هى الطريقة العلمية الرصينة التى يتم التعامل بها مع أى طعن فى كهنوت التطور...عفوا أقصد نظرية التطور
"NMNH officials conspired with a special interest group on government time and using government emails to publicly smear Dr. Sternberg; the group was also enlisted to monitor Sternberg’s outside activities in order to find a way to dismiss him. In cooperation with the pro-evolution National Center for Science Education (NCSE), Museum officials attempted to publicly smear and discredit Dr. Sternberg with false and defamatory information."
"The NCSE was also enlisted by a NMNH official to monitor Dr. Sternberg’s outside activities. On August 26, Dr. Sues promised NCSE director Eugenie Scott that “[f]rom now on, I will keep an eye on Dr. (von) Sternberg, and I’d greatly appreciate it if you or other NCSE specialists could let me [know] about further activities by this gentleman in areas poutside [sic] crustacean systematics "
U.S. House of Representatives Committee on government reform "Intolerance and the politicization of science at the Smithsonian"
و الحقيقة أن تقرير لجنة التحقيق قد وصف سلوك المؤسستين العلميتين بأنه ردة فعل "دينية و سياسية" (و لو أنصف التقرير لقال ردة فعل "لادينية") و أشار الى عدد من الرسائل الالكترونية التى حوت تنسيقا بين مؤسسة سيمثسونيان و مركز تدريس العلوم لوضع خطة لتشويه سترنبرج لدرجة وصفه بمؤسسة ضغط سياسية...بل تمت الاشارة الى رسائل خاصة حوت مصطلحات عجيبة مثل "انهم يخرجون من الكنائس لغزو العلم" "ليت ستيفن جولد كان حيا ليقود الهجوم المضاد" "من المؤسف وجود مدرسين متدينين" و غيرها من الأعاجيب مع توصيات بعدم فصل سترنبرج حتى لا يتحول الى بطل بل العمل على جعل حياته جحيما و اهانته مهنيا حتى يستقيل...هل هذه مؤسسات علمية أم أنها مافيا كهنوتية؟ هذا تقرير أعدته لجنة تحقيق رسمية و ليس مجرد ادعاءات خلقوية كما يحلو للتطوريين الدفاع عن أنفسهم لذا أنصح بقراءته بشدة
U.S. Office of Special Counsel "OSC-Sternberg-preclosure-ltr2"
الطريف أن رئيسة المركز الوطنى لتدريس العلوم يوجينى سكوت (أحد أطراف المؤامرة) علقت على الأمر تعليقا عجيبا اذ قالت لو أن هذه شركة و قام موظف بتصرف أحرج الادارة و أفسد الأمور هل كان سيبقى فى العمل؟
"If this was a corporation, and an employee did something that really embarrassed the administration, really blew it, how long do you think that person would be employed?"
"Editor Explains Reasons for 'Intelligent Design' Article" - The Washington Post (2005)
لكن يبدو أن السيدة سكوت قد نسيت كلام التطوريين الطويل العريض عن أكوام الأدلة القوية و أصبحت تعتقد أن مقالا واحدا كفيل ب"احراج الادارة" و "افساد الأمر" على حد تعبيرها...كما يبدو أنها نسيت أن العلم ليس شركة و التطوريين ليسوا ادارتها!!!
و من المهم فى هذا السياق أن نذكر أن سترنبرج نفسه كان من أوائل من تنبأوا بأن ما يسمى حمض نووى خردة و تسلسلات لاوظيفية متكررة سيتضح أن لها وظيفة و هو ما عارض تنبؤات التطور و صحت توقعات سترنبرج (كما بيننا فى مناقشة الحمض النووى الخردة t.ly/2rJU) الذى زعم التطوريون أنه شخص "دينى" لا علمى و سقطت تنبؤات التطوريون القائمة على الدوغمائية و عقيدة العشوائية و التجربة و الخطأ التطوريون
Richard Sternberg "On the Roles of repetitهve DNA elements in the context of a unified genomic-epigenetic system" Annals of the New York Academy of Sciences (2002): 154-88
Richard Sternberg and James Shapiro "Why repetitive DNA is essential to genome function" Biological Reviews 80 (2005): 1-24
Richard Sternberg and James Shapiro "How repeated retroelements format genome function" Cytogenetic and genome research 110(2005): 108-116
[تعقيب شخصى: ربما لهذا السبب كان الرجل مؤلما لهم بشكل خاص و جاءت الورقة المؤيدة للتصميم فكانت القشة التى قسمت ظهر القرد...عفوا أقصد البعير...عامة هم تخلصوا منه من هنا و انهالت عليهم صواعق انكود من هنا]
و تعلق مقالة فى الجردية التابعة لجامعة هارفارد العريقة قائلة "فى عصر ما بعد الحداثة يمكنك أن تشكك فى أى شئ (كالمعرفة أو الأخلاق أو حتى وجود الواقع ذاته) الا داروين!!!" و تصف الأمر بأنه يعامل معاملة "الشك الجنونى و الذنب الأكاديمى الذى لا يغتفر"
Richard T. Halvorson "Confessions of a skeptic" Harvard Crimson (2003)
من جديد حاول أن تتذكر كل هذا عندما يؤكد لك أحدهم أن "كل العلماء متفقون على حدوث التطور"...انه اجماع أيديولوجى يرتدى قناع العلم
و طبعا خارج السياق الأكاديمى فالتحيز و تكميم الأفواه على أشده لدرجة أن أحد مؤسسى موقع تبسيط المعلومات ويكيبيديا وصف تعامل الموقع بالتحيز الشديد للتطور
David Klinghoffer “Wikipedia Co-founder blasts appalingly biased wikipedia entry on Intelligent design” (2017)
فى ضوء كل هذا لا يوجد سبب لاستغراب كلام فيلسوف العلوم الملحد بول فايرباند عندما قال أن شعار "حرية العلم" الذى ترفعه المؤسسات العلمية قد أصبح معناه الحقيقى حريتهم فى تلقين الناس ما يشاءون لا حرية مساءلتهم و الاعتراض عليهم و لا كلام مؤرخ العلوم ستيفن بروش عندما قال أن الخطابة و الحجج الفلسفية أصبحت مقدمة فى كثير من الأمور على التحقق التجريبى و لا حتى كلام المناظر التطورى كارل جايبرسون عندما قال "نحن لن نعرض البيانات على الناس ليستنتجوا بأنفسهم"
Stephen Brush "Should the history of science be rated X?" Science 183: 1164-1172
Paul Feyerabend "Against Method"
karl Giberson "On the Integrity of Science: A Response to Bill Dembski" p.5
لقد قال داروين فى كتابه أصل الأنواع "ان النتيجة العادلة لا تأتى الا عن طريق التصريح التام بالحقائق و الحجج و موازنتها" و يزعم أنصار التطور أنهم يسيرون على هذا الدرب و لكن بالنظر الى ما نراه منهم و الى ما عرفناه من مراسلات داروين الشخصية المليئة بالدوافع الأيديولوجية لا أجد ما أعلق به على هذه العبارة سوى (وحياة أمك؟!!!)]
ما هو التصميم الذكى؟
من غير المنطقى أن يتم اعتبار فكرة وجود صانع ساعات أعمى أمرا علميا و لكن فكرة وجود صانع ساعات مبصر أمر غير علمى
-عالم الهندسة الوراثية ماتى ليسولا من كتابه"المهرطق" [بتصرف]
WHAT’S the difference between a thimbleful of bacteria and a supercomputer? Believe it or not, the bacteria contain more circuits and more processing power...all life computes: from individual cells responding to chemical signals to complex organisms navigating their environment, information processing is central to living systems
"The unique promise of 'biological computers' made from living things" NewScientist (5 June 2023)
ما هو الفارق بين الحاسب الالى و البكتيريا؟ البكتيريا لديها قدرة معالجة معلومات أكثر...كل الحياة تقوم على معالجة المعلومات من الخلايا المنفردة التى تستجيب لاشارات كيميائية الى الكائنات المعقدة و هى تتجاوب مع بيئتها: معالجة المعلومات هى أساس كل الأنظمة الحية
-من مقالة فى مجلة NewScientist
“How came the bodies of animals to be contrived with so much art, and for what ends were their several parts? Was the eye contrived without skill in Opticks, and the ear without knowledge of sounds?...and these things being rightly dispatch’d, does it not appear from phænomena that there is a Being incorporeal, living, intelligent...?”
―Isaac Newton, Opticks
كيف تم تصميم أجساد الحيوانات بهذا الابداع و ما هى غايات أجزاءها؟ هل صممت العين بدون علم بالبصريات؟ أو الأذن بدون علم بالسمعيات؟ ألا يدل اِيجاد هذه الأشياء بهذا النحو الصحيح على وجود كيان غير ماديّ، حي وحكيم، دائم الوجود؟
-اسحق نيوتن, أحد أهم أعمدة العلم الحديث
يحلو للدراونة أن يشوهوا التصميم الذكى بزعم أنه ليس علما و أن أنصاره يستدلون بالجهل فيقولون نحن لا نعرف كيف حدثت هذه الأمور لذا نفترض أن مصمما ذكيا فعلها و الحقيقة أننا لم نرى استدلالا بالجهل أكثر مما يفعله الدراونة كما فعلوا مع التصميمات و الأعضاء و الحمض النووى الذى لم نكن نعرف وظيفته. بل يزعمون أن الايمان بالتصميم الذكى يعرقل البحث العلمى و هذه كذبة تطورية كبرى اذ أنه لا يوجد عالم من علماء التصميم الذكى قرر التوقف عن ممارسة البحث العلمى بعد أن اقتنع بالتصميم الذكى. بل ان ويليام بالى صاحب حجة التصميم فى الكائنات الحية قبل داروين كان واضحا جدا فى تشبيهاته سواء تلك المتعلقة بالساعة أو بالات النسيج اذ لم يبنى حجته أبدا على أننا لا نعرف كيف تعمل الساعة أو الالة بل العكس أننا نعرف كيف تعمل أجزاءها
“We cannot point to the process by which the textiles are generated and thereby pretend to dispense with intention, thought and contrivance on the part of the artist or to dispense, indeed, with the necessity of any artist at all, either in the manufacturing of the article or in the fabrication of the machinery by which the manufacturing was carried on”
William Paley “Natural theology” : 219-220
لاحظ أن فى هذا الكلام ردا واضحا على أكاذيب التطوريين عن أن الاقرار بالغائية و التصميم يعوق عمل العلم اذ كانت الأبحاث و الدراسات قبل داروين و فى زمانه مليئة بالحديث عن الغاية و التصميم مع دراسة الاليات و هذا عكس الزعم التطورى الكاذب أن البيولوجيا لم تكن علما محترما قبل داروين بل كانت مرتعا للخرافات “الدينية”...الحقيقة أن الالحاد و المادية هما اللذان لم يكون خيارا محترما أو بعبارة رتشارد دوكنز داروين جعل الملحد متكامل فكريا
فى الواقع العكس هو الصحيح حيث ان بعض القناعات بأن الحياة غير مصممة قادت البعض الى استنتاجات من طراز الحمض النووى الخردة و الأعضاء غير الوظيفية مما عطل اكتشاف وظائفها لولا أن تجاهل البعض الفرضيات التطورية و بحث فى وظائفها. قارن هذا بموقف الفرضية القائلة هذه الأشياء مصممة و بالتأكيد لها وظيفة و ليست خردة أو بقايا. من المدهش جدا أن الكثير من مروجى التطور يتهمون منتقديه بأنهم يعيقون التقدم و يحرمون البشرية من الكشوف العلمية. فعلا منتقدى التطور هم الذين قالوا للناس هذا حمض نووى خردة لا تضيعوا وقتكم فى دراسته. هذه جينات زائفة من بقايا أخطاء النسخ. الكائنات الحية رديئة التصميم فلا تنقلوا منها. لولا أن العلم لم يستجيب لهذه التخاريف لما عرفنا وظائف الحمض النووى و ابداع تصميمه و لما ظهرت مجالات مبدعة مثل المحاكاة الحيوية Biomimicry التى تنقل تصميمات الكائنات الحية الى منتجات البشر أو systems biology النظم الأحيائية الذى يدرس الكائنات الحية من منظور هندسى ثم يأتى التطورى بصفاقة منقطعة النظير ليرفع علم نظريته بجوار هذه المجالات التى عارضت وجودها و يتهم المخالف له بأنه هو الخطر على التقدم العلم و الكشوف الحديثة
ان التطور يتهم التصميم الذكى بما تسبب هو فيه فى تاريخ العلم. ان تاريخ الاكتشافات العلمية لم يكن يوما فى مصلحة نظرية التطور كما يحاول أنصار النظرية الايحاء للناس فكلما تقدم العلم اكتشفنا وظائف و تصميمات أعقد و أكثر ابداعا فى الحمض النووى و الخلايا و زاد العبء التفسيرى و لم تقدم النظرية شيئا سوى قصص و جمل انشائية و حشو كلامى عن الطفرات و ملايين السنين و الدمج و اعادة توصيل الدوائر الجينية و توصيف للظواهر ثم نسبها للتطور و التظاهر بأنها أدلة
ان حجة التصميم الذكى ليست أننا لا نعرف كيف جاءت هذه الأشياء الى الوجود بل هى أننا نعرف جيدا أن التصميم بحاجة الى مصمم و أن البرمجة بحاجة الى مبرمج و أن المعلومات كتلك المشفرة فى الحمض النووى مصدرها الذكاء و العلم و أن اليات التشفير و فك التشفير مصدرها أيضا الذكاء و العلم و أن الالات الصناعية المعقدة و مفاعلات توليد الطاقة و شبكات نقل المنتجات الى أماكنها الصحيحة كتلك الموجودة فى داخل الخلية و فى سائر أنظمة الكائنات الحية لا تنشأ بالصدف و العشوائية و لا بمجرد تراص جزيئات بجانب بعضها البعض و أن الاليات الداروينية العشوائية المقترحة ثبت عجزها عن انتاج ما زعم الدراونة أنها تنتجه و أنه حتى اذا ما تم اكتشاف اليات جديدة غير معروفة من قبل فى المستقبل فان قانون حفظ المعلومات يقول بأن أى الية تنتج معلومات وظيفية معقدة يجب أن تكون هى نفسها غنية بالمعلومات فستحتاج الى تفسير و سيحتاج تفسيرها الى تفسير حتى نصل الى مصدر ذكى فى النهاية ناهيك عن أن كلا من الأدلة الأحفورية و أشجار الحياة الجينية و المعادلات الرياضية لا تدعم فكرة الانحدار مع التعديل من سلف مشترك أساسا فالمشكلة ليست مشكلة الية فقط بل فى حدوث التطور ذاته. من المثير للدهشة فعلا أن كثير من التطوريين عندما يجدون أثناء البحث عن الأحافير بعض الأدوات البدائية التى هى أقل تعقيدا ملايين المرات من الأجهزة فى قلب الكائنات الحية لا يبادرون الى انكار التصميم بهذا الشكل المتطرف و لا يزعمون أن العوامل الطبيعية قد نحتت بعض الصخور الصغيرة و المتوسطة الحجم لتنتج لنا ما نتوهم أنه تصميم أداة بدائية و لكنهم يفعلون ذلك مع ما هو أعقد!!!
أن هذه النظرة الى التصميم ليست علمية فالكثير من العلوم توظف التصميم فعلم الاثار مثلا قائم على امكانية التمييز بين ما صممه بشر قدماء و ما أحدثته عوامل الطبيعة بل ان عالما الأحياء ليزيى أورجيل و فرانسيس كريك مكتشف بنية الحمض النووى DNA وضعا نظرية panspermia القائلة بأن الحياة أكثر تعقيدا من أن تنشأ على الكوكب من تلقاء نفسها لذل فلابد أن كائنات فضائية قد زرعتها على الأرض و هذا كلام معتبر فى الوسط العلمى لوقوعه فى حيز العلم المادى و بعده عن التفسير الخارج عن الطبيعة و الشاهد منه هو الاقرار الضمنى بالتصميم كجزء من العلم فقط لأن المصمم هنا من داخل الكون. لقد قال القاضى جونز الذى حكم بمنع تدريس التصميم الذكى فى محاكمة دوفر "التصميم الذكى ربما يكون صحيحا و لكنه ليس علما" و لكننا اذا كنا سنستثنى من العلم أمورا ربما تكون صحيحة وفقا لحيثيات حكمه فاننا بهذا نضع تعريفا للعلم يمنعه من أن يقودنا الى الحقيقة و من المدهش فعلا أن الكثير من التطوريين يستشهدون بهذا القرار و يتجاهلون الكثير من حيثياته و منها هذه العبارة...بل ان رد الفعل الهستيرى للتطوريين الذى دفعهم لرفع دعوى قضائية لمنع مدرسة من وضع كتاب عن التصميم الذكى فى مكتبتها و تشجيع الطلبة على قراءته يشى بعلمهم بمدى ضعف حجتهم...أليس التصميم علما زائفا و التطور أدلته لا تعد و لا تحصى؟ لماذا اذن هذا الرعب من تشجيع الطلبة على قراءة كتاب عن التصميم الى جانب المقرر الاجبارى عن التطور؟ و لكن دعنا نفترض جدلا أننا سنقر بأن التعريف الحالى للعلم يمنع وجود التصميم يبقى السؤال الحقيقى هل وجود التصميم حقيقى أم لا و ليس هل هو مسموح به أم لا فان كان التصميم امام أعيننا لن نغلقها و نتظاهر بأنه وهم التصميم حتى يستأذن المصم من الأكاديمية الوطنية للعلوم لتتفضل مشكورة و تسمح له بالقيام بالتصميم. أضف الى ذلك أن الاتهام التطورى الشهير "أنتم لا تملكون الية لذا لا تتحدثوا عن المعلومات و التصميم" هو اتهام ينطبق على نظرية التطور قبل التصميم الذكى فعند مواجهة التطوريين بعجز الياتهم يقولون لك "التطور حقيقة حتى لو لم نعرف كيف حدث" أى أنهم لا يمانعون من غياب الالية فلماذا يتم تطبيق معيار الالية mechanism على التصميم و ليس على التطور؟ (طبعا هذا الى جانب مشاكل فرضية السلف المشترك التى تجعل جملة التطور حقيقة مطعون فيها بشدة)
و لكن أى نظرية علمية يجب أن تكون لها تنبؤات و اليات أليس كذلك؟
بالتأكيد...كتنبؤات داروين بأن الحلقات الانتقالية الكثيرة المطلوبة سيتم العثور عليها يوما ما و تنبؤات أتباعه بأن الطفرات و الانتخاب الطبيعى يشكلان الية بناءة و أن الحمض النووى يجب أن يحتوى على خردة من اثار المحاولات الفاشلة للطفرات و أن أشجار الحياة الشكلية و الجينية يجب أن تكون متناسقة و أن ملايين السنين تكفى لحدوث الطفرات المطلوبة و تثبيتها فى الجماعات الحية و أننا مليئين بعيوب التصميم و أن و أن و أن و كل هذا ثبت عكسه.
فى المقابل يتسق نموذج الظهور الانفجارى للكائنات الحية و التعقيد فى الأحافير مع تدخل ذكاء و تصميم كما كان أنصار التصميم الذكى و على رأسهم بول نلسون أول من تنبأوا بأن الجينات اليتيمة ستكون ظاهرة فى كل الأنواع كما تنبأوا بأن الحمض النووى الخردة سيتم اكتشاف وظائفه و أنه ليس خردة بناءا على رؤيتهم العامة للتصميم. أضف الى ذلك كله أن التصميم لم و لن يمنع يوما من البحث عن الاليات فرؤية الة مصممة لا يتعارض مع دراستها لفهم كيف تعمل. هذا التعارض المزعوم اخترعه التطوريون لنزع صفة "العلمية" عن مخالفيهم و احتكارها بينما لم يقدموا فى دراسة الاليات غير كلام انشائى عن الطفرات و الزمن الذى يصنع المستحيل و طريق الخطوات النافعة الذى يربط كل الجينات و الهياكل التشريحية و الذى لم يجده احد و لن يجده أحد لأنه غير موجود
و لكن التطور يتجاوز التحديات منذ 150 عاما: انتظروا قليلا و سوف نكتشف
يخبرنا التطوريون بأنه لا فائدة من محاولة نقد التطور لأنه و منذ 150 عاما و هو يتقدم بخطى ثابتة و يجيب عن كل الأسئلة و يتجاوز كل العقبات و يثبت نفسه أكثر و أكثر لذا فان كل ما يثار من اعتراضات سيجاب عنه كما أجيب على ما قبله و الحقيقة أننا نتفق معهم تماما فى هذا!!! نعم منذ 150 عاما و نظرية التطور تتلاعب بالكلمات و الألفاظ و تفسيرات المشاهدات لتثبت نفسها ففى مجال الأحافير مثلا تؤكد لك النظرية أن لديها حلقات انتقالية و أن غيابها مجرد ادعاء خلقوى و تؤكد لك فى نفس الوقت أن 99% من الكائنات الحية القديمة لم تتحول الى أحافير و لذلك فالسجل الأحفورى ضعيف. تؤكد لك النظرية أنك لن تجدا كائنا أكثر تعقيدا يظهر قبل الأقل تعقيدا ثم تؤكد لك أن السلالات الشبحية تشرح لماذا يظهر الأعقد قبل الأبسط. تؤكد لك النظرية أن كون شجرة التطور مقلوبة فى الأحافير مجرد ادعاء خلقوى و أنها تدرجية كما تنبأت النظرية ثم تؤكد لك أيضا أن البيولوجيا النمائية Evo Devo تشرح لماذا الشجرة مقلوبة. تؤكد لك أن الجينات و الصفات المورفولوجية تصنع نفس الشجرة و تؤكد لك أيضا أن الانتقال الأفقى للجينات و التطور المتقارب هما السبب فى أنها لا تصنع نفس الشجرة. تؤكد لك أن الشفرة الوراثية المشتركة أكبر دليل على التطور من سلف مشترك ثم تم تؤكد لك على أن التطور قادر على تغيير الشفرة عندما تحاول تفسير الشفرات المختلفة non standard genetic codes. تؤكد لك أن الصفات المشتركة بين الكائنات دليل على انحدارها من سلف مشترك ثم تؤكد لك أن التطور المتقارب يصنع الصفات أكثر من مرة بلا سلف مشترك. تؤكد لك أن هناك خصائص مورفولوجية و جينية تعتبر بقايا تطورية بلا وظيفة ثم تؤكد لك أن التطور أعطاها وظيفة. تؤكد لك أن مخرجات التطور سيئة و معيبة ثم تؤكد لك أنه يتقن التصميمات و يصلح العيوب عبر ملايين السنين. هذه هى الطريقة التى تتجاوز بها النظرية التحديات و تثبت نفسها منذ 150 عاما. و لعل من أكثر الأشياء المضحكة أن فيلسوف العلوم بول نيلسون عندما طرح مسألة الجينات اليتيمة فى واحدة من المناظرات قام خصمه بالتأكيد على أن التطور يتجاوز كل العقبات و يثبت نفسه منذ 150 عاما و هذا سيكون نفس مصير حجة الجينات اليتيمة ثم أعطانا مثالا عمليا على كيف يثبت التطور نفسه باعطاء 3 اعتراضات من الطراز التطورى العتيد
1-هذا مجرد ادعاء خلقوى و تلاعب بالألفاظ و لا توجد جينات يتيمة (كذب)
2-العلماء بحثوا فى خطوط تطورية بعيدة و لم يبحثوا فى القريبة لذا لم يجدوا جينات مشابهة (كذبة أخرى لأن العلماء يبدأون بالخطوط التطورية القريبة ثم ينتقلون الى الأبعد فالأبعد لكن اللطيف أنها كذبة تناقض ما قبلها فهو فى الحجة الأولى يقول لا توجد جينات يتيمة و فى الثانية يشرح سبب وجودها!!!)
3-مع ازدياد البيانات ستحل المشكلة (مجرد ادعاء أجوف و اعتراف جديد بأنه كذب فى الاعتراض الأول و لو كانت زيادة البيانات تحل مشاكل التطور لحلت مشكلة تضارب الأشجار التى ظهرت منذ منصف التسعينات و تزداد سوءا بازدياد البيانات)
هكذا يعمل التطور أيها السادة و هكذا يثبت نفسه منذ 150 عاما و يتجاوز التحديات طبعا الى جانب اختلاق القصص و التظاهر بأنها مكتشفات علمية كما وضحنا فى سيناريوهات نشأة الجينات المزعومة و سيناريوهات الانتقال الجغرافى و قصصscaffolding/ exaptation / punctuated equilibrium /cooption و غيرها من القصص و المصطلحات الجوفاء التى يطلقها التطوريون و يتظاهرون بأنهم اكتشفوا الية جديدة بينما هم حكوا قصة جديدة و قد تناولناها من قبل فى مقالات متعددة
نعم ان العلم يتقدم و نكتشف...منذ 150 عاما و نحن نكتشف...و كل ما نكتشفه عكس ما تقولوه!
التطور هو التغير عبر الزمن - كيف تنكرون حقيقة بدهية كهذه؟
هذا نموذج صارخ لعمليات النصب و التلاعب بالمصطلحات و التعريفات التى يقوم بها أنصار النظرية و مروجيها فهو يعطيك تعريفا فضفاضا واسعا يحتمل ألف معنى ثم يقوم بتهريب كم هائل م نالخرافات و الأساطير فى قلب هذا التعريف البسيطز ان حقيقة التغير عبر الزمن شئ و تحديد نوع التغير بكونه خرافة نشأة مخططات أجساد و أعضاء معقدة و تطويات بروتينية باليات طبيعانية بحتة بلا تصميم أو ذكاء شئ اخر تماما.
و لكن التطور هو أساس علوم الأحياء:
هذا ادعاء كاذب تماما من انصار النظرية لتفخيمها و اعطاءها أكبر من حجمها تماما كما يقولون لك دائما "حقيقة" التطور بدلا من نظرية التطور فى محاولة لاعلاء شأنها. ان أساس علوم الأحياء هو التشابهات بين الكائنات الحية و بناء هياكلها و عملياتها النمائية و البيوكيميائية على أسس واحدة متشابهة أما تفسير هذه الأسس المتشابهة فى ضوء السلف المشترك أو التطور المتقارب أو التنظيم الذاتى أو التصميم المشترك فلا علاقة له بعلم البيولوجيا ذاته و ممارسته بل بامكاننا أن نذهب أبعد من هذا و نقول أن التفسير بالتطور قد أربك بعض الممارسات البيولوجية و أضاف اليها فرضيات زائدة لا لزوم لها سوى توفيق البيانات من السلف المشترك خاصة فى مجال التصنيف كما وضحنا عند الحديث عن التطور المتقارب و التنادد و أشجار الحياة التطورية بل و قاد هذا التفسير بعض مجالات البحث العلمى فى اتجاهات خاطئة كما حدث فى التعامل مع قضايا الحمض النووى الخردة و الجينات الزائفة.
و لكن دعنا نتنزل أكثر و أكثر و نفترض جدلا أن نظرية التطور فعلا هى أساس علم الأحياء الحالى...كم من نظرية تم اعتبارها أساس مجالها و سقطت و اتضح خطأها. نظرية الكون الثابت الأزلى كانت تعتبر أساس على الفلك و دراسة الكون و سقطت و حلت محلها نظرية الانفجار العظيم التى كانت مرفوضة تماما بل و محل سخرية العلماء و سقطت و نظرية تطوى صفائح القشرة الأرضية كانت تعتبر أساس علم الجيولوجيا و سقطت و اتضح خطأها بل ان أنصارها -و يا للسخرية-كانوا يشبهونها بنظرية التطور
C.F. Von Weizsacker “The Relevance of science” (1964) p. 151 cited in “The introduction to God and design: The teleological argument and modern science” (2003): p.3
“ان الرأى القائل بأن الكون له عمر ليس من العلم ...ان أزلية الكون عنصر أساسى للفكر العلمى و انكارها خيانة لأسس العلم ذاته"
The geosynclinal theory is one of the great unifying principles in geology. In many ways its role in geology is similar to that of the theory of evolution, which serves to integrate the many branches of the biological sciences. . . . Just as the doctrine of evolution is universally accepted among biologists, so also the geosynclinal origin of the major mountain systems is an established principle in geology”
Thomas H. Clark and Colin W. Stearn, The Geological Evolution of North America (p. 43).
ان نظرية تطوى القشرة الأرضية نظرية جامعة لكل مبادئ الجيولوجيا فهى شبيهة بنظرية التطور فى البيولوجيا و عليها اجماع من الجيولوجيين تماما كاجماع البيولوجين على التطور
-نحيطكم علما بأن هذه النظريات التى كانت أسس مجالاتها قد انهارت تماما برغم كل هذه التأكيدات
و لكن هناك الاف الأوراق العلمية التى تثبت التطور!
غير صحيح. عند التدقيق فى هذه الأوراق فمعظمها اما يثبت "التشابه" ثم يفترض أن التشابه يساوى التطور و اما يدرس الاختلافات ثم ببساطة ينسبها للتطور بلا دليل. أما نسبة الأوراق التى فعلا تحاول اثبات التطور سواءا برصد الياته فى الطبيعة أو فى المعمل أو بمحاكاتها على الحاسب الالى فقلة و كلها تعانى من مدى محدودية هذه القدرات عند اختبارها عمليا أو من مشاكل فى تصميم التجارب بالذات فى عمليات المحاكاة التى يتم تصميمها بناءا على فرضيات تطورية غير متحققة فى الواقع و قد ناقشنا أمثلة على ذلك فى مقالات التطور الصغروى و ملايين السنين و داروين يتقهقر و الانتروبيا الجينية و أسطورة الأنظمة المفتوحة و البيولوجيا النمائية.
و لكن معظم العلماء يؤمنون بالتطور:
فى ضوء ما استعرضناه بالأعلى من اقتباسات فمن الواضح أن هذا ايمان دوغمائى أعمى و ليس بسبب الأدلة بل بسبب الالتزام بالمادية و لكن الأرجح أن المبالغة فى مقدار داعمى النظرية بروباجندا داروينية معظمها مبنى على استطلاعات رأى فى مؤسسات داروينية ابتداءا كالأكاديمية الأمريكية لتقدم العلوم. يشبه الأمر أن أذهب الى مؤسسة دسكفرى الداعمة للتصميم الذكى و أقوم بعمل استطلاع رأى ثم أعود قائلا هل رأيت؟ معظم العلماء يؤمنون بالتصميم الذكى. و الحقيقة أن العبرة بقوة الحجة العلمية و قد قدمت مدرسة التصميم الذكى نقدا قويا لأدلة التطور بل ان من التطوريين أنفسهم من يعترف بعجز الاليات الحالية عن التفسير و يطالبون بتطوير النظرية و هناك تيار كامل اليوم يطالب بما يسمى Extended Evolutionary Synthesis/EES النظرية التركيبية الممتدة كتطوير لنظرية التطور و لكنهم مع الأسف يرفضون فكرة التصميم لالتزامهم بتقديم تفسير فى اطار العمليات الطبيعية المحضة. طبعا هم يقدمون بدائل لذلك تسمع جملة متفقون على التطور مختلفون حول الاليات و لكن كل الية مقدمة هى اعتراف ضمنى بخطأ ما كان يقال لنا أنه حقائق مؤكدة منذ القرن الماضى: التطور المحايد اعتراف بخطأ تقديرات قدرات الانتخاب الطبيعى و وجود سلك الطفرات الوظيفية - الهندسة الوراثية الطبيعية و التنظيم الذاتى اعتراف بخطأ عشوائية التباينات التى ينتقى منها الانتخاب الطبيعى - الاليات النمائية التطورية اعتراف بخطأ فكرة التدرجات - الوراثة فوق الجينية اعتراف بخطأ مركزية دور الطفرات و الحمض النووى و العشوائية. بل ان البعض تمادى و حاول تصوير التطور أو الطبيعة أو الكون كشبكة من الذكاء الصناعى قابلة للتعلم و الخطأ أو الزج بالأكوان المتعددة فى التفسيرات التطورية و هذا اعتراف ضمنى بالاستحالة التطور من حيث حساب الاحتمالات و بالمعلوماتية الواضحة فى تصميمات الكائنات الحية و هما أمران طالما أنكرتهما النظرية بشدة. حاول أن تتخيل ان كانت الالية الداروينية التى تم اخبارنا لمدة قرن أنها مثبتة و تفسر كل شئ و كتب عنها الاف الأوراق العلمية اتضح أنها لا تفسر شيئا فكيف بحال كل هذه المفترحات الجديدة التى لم تخضع لربع ما خضعت له الداروينية من دراسات و اذا كانت لا توجد الية للتطور فما معنى الثقة فى حدوثه أصلا؟ فليسموها نظرية التشابه اذا لا التطور
The vast majority of people believe that there are only two alternative ways to explain the origins of biological diversity. One way is Creationism that depends upon intervention by a divine Creator. That is clearly unscientific because it brings an arbitrary supernatural force into the evolution process. The commonly accepted alternative is Neo-Darwinism, which is clearly naturalistic science but ignores much contemporary molecular evidence and invokes a set of unsupported assumptions about the accidental nature of hereditary variation. Neo-Darwinism ignores important rapid evolutionary processes such as symbiogenesis, horizontal DNA transfer, action of mobile DNA and epigenetic modifications. Moreover, some Neo-Darwinists have elevated Natural Selection into a unique creative force that solves all the difficult evolutionary problems without a real empirical basis. Many scientists today see the need for a deeper and more complete exploration of all aspects of the evolutionary process
Jerry Fodor and Massimo Piattelli-Palmarini, "Survival of the fittest theory: Darwinism’s limits,” New Scientist (February 3, 2010)
James A. Shapiro, Evolution: A View from the 21st Century (Upper Saddle River, NJ: FT Press Science, 2011), 134-137
Suzan Mazur, The Paradigm Shifters: Overthrowing 'the Hegemony of the Culture of Darwin’ (New York: Caswell Books, 2015),
Kevin Laland etal., "Does evolutionary theory need a rethink?” Nature 514 (2014): 161-164. doi:10.1038/514161a. PMID:25297418
Denis Noble, "Central tenets of neo-Darwinism broken. Response to ‘Neo-Darwinism is just fine’,” Journal of Experimental Biology 218 (2015): 2659. doi:10.1242/jeb.l25526. PMID:26290595.
Marc W. Kirschner and John C. Gerhart, The Plausibility of Life: Resolving Darwin’s Dilemma (New Haven, Conn.: Yale University Press, 2005), preface
John Whitfield, “Biological theory: Postmodern evolution?” Nature, 455: 281-284 (September 17, 2008).
Eva Jablonka and Gal Raz, “Transgenerational Epigenetic Inheritance: Prevalence, Mechanisms, and Implications for the Study of Heredity and Evolution,” Quarterly Review of Biology 84, no. 2 (2009): 131–176.
Olen R. Brown and David A. Hullender "Neo-Darwinism must Mutate to survive" Progress in Biophysics and Molecular Biology 172 (2022) 24-38
R. Watson and E. Szathmáry, “How Can Evolution Learn?” Trends in Ecology and Evolution 31 [2016]: 147–157
Vitaly Vanchurin et al., "Toward a theory of evolution as multilevel learning" PNAS Vol. 119 | No. 6 e2120037119 (February 4, 2022)
Eugene V Koonin "The cosmological model of eternal inflation and the transition from chance to biological evolution in the history of life" Biology Direct volume 2, Article number: 15 (2007)
انظر الملحق لمزيد من اعتراضات علماء تطوريين و لكن قبل أن تفعل انظر الى المصدر الأخير لتدرك كيف يفكر هؤلاء القوم و ما هو تعريف العلم لديهم. نقاش طويل عريض فى التعليقات بين يوجين كونين صاحب البحث و ايريك بابتيست المراجع و كلاهما من الأسماء الكبيرة ذات الاسهامات الواسعة فى مجال البيولوجيا التطورية. النقاش هو حول كيفية بناء نموذج منيع ضد أفكار التصميم و الغائية التى تم وصفها بأنها خطيرة و الخوف كل الخوف من احتواء النموذج على ثغرة يمكن أن ينفذ منها أى مبدأ انسانى يقود الى "وهم الاله" عنوان كتاب ريتشارد دوكنز الذى يقتبس منه كونين فى المناقشة!!! هذا هو ما يحدد طريقة وضع الفرضيات و النماذج التفسيرية لدى هؤلاء "العلمء المحايدون" و ليس ما هو أفضل تفسير للبيانات!!!
What guarantee do we have indeed that Darwinian selection would replace anthropic selection?...What guarantee do we have that some anthropic selection would not persist, having some effects on the living world, although of lesser importance than those of Darwinian selection? What guarantee do we have that it would not be still acting on and then be responsible, here and there, for some lucky natural "miracles"?...For all these questions could be exploited very meanly by ID people, Koonin is in my view very naïve to think that he can call in teleology to start the process of evolution and call it off subsequently: if teleology is called in (a view which I doubt is worth supporting in science and that I feel is dangerous), unless teleology achieves the goal it is needed for, there is no reason why teleology should suddenly stop being relevant in the middle of the way...
تخيل أن هذا هو رد فعل مراجعة الأقران peer-review و المراجع يعلم أن من أمامه تطورى مادى طبيعانى مثله فكيف لو كان غير ذلك؟ ثم يقولون لماذا لا تنشر المجلات العلمية للتصميم!!! و طبعا يدافع كونين عن نفسه فى التعليقات بكونه لم يقصد الغائية مطلقا بل عكسها تمام و أنه قام باضافات و تعديلات فى الورقة لنفى هذه التهمة الشنعاء عن تفسيره فلا يوجد غاية هذا هراء محض و هو لم يقصده. و يؤكد كونين انه قام بهندسة تفسير لا يمكن ان تنفذ منه الغائية او التصميم
The revised version of the paper includes a brief debunking of the so-called "strong anthropic principle", in response to this unfortunate misstatement and a similar one made by Krakauer. I have to be frank here: to me, this mistake invalidates much (not all) of the critique in the review. There is no teleology at all involved in my approach in this paper. No teleology. It is the opposite of teleology...Is the whole basis of the criticism above the mistaken identification of anthropic principle with its ridiculous strong version? In the revised manuscript, I stress this point in the text and in the Box. Hopefully, this eliminates any cause for confusion...I made modifications to acknowledge the important role of contingency at subsequent stages of evolution as well...Once again, we deal here only with the weak anthropic principle that has nothing to do with any teleology...
A final comment on "irreducible complexity" and "intelligent design". By showing that highly complex systems, actually, can emerge by chance and, moreover, are inevitable, if extremely rare, in the universe, the present model sidesteps the issue of irreducibility and leaves no room whatsoever for any form of intelligent design.
There is no gap here where the ID wedge could fit. Properly interpreted, the anthropic principle is a death knell to ID.
هذه مع الأسف هى العقليات "العلمية المحايدة التى تتبع النتائج" التى نتعامل معها. أناس مؤدلجون حتى النخاع و يتهمون غيرهم بذلك لذا فأى حديث عن اكتشاف الاليات الجديدة للتطور هو بلا معنى ايجابى للنظرية فى ظل طريقة وضع النماذج هذه و لا يمثل سوى اقرار بفشل كل النماذج و الاليات السابقة التى طالما قيل لنا أنها حقيقة لا يعارضها الا مؤدلج!!! و قد حدث اقرار واسع النطاق بعجز اليات الداروينية الحديثة عن التفسير فى مؤتمر الجمعية الملكية فى بريطانيا فى 2016
هذه الشريحة من العرض التقديمى الذى تم فى مؤتمر البيولوجيا التطورية فى الجمعية الملكية فى 2016 أى أن هؤلاء تطوريون و يقرون بعجز النظرية عن تفسير5 أموركما هو موضح بالصورة:
1-تعقيد الكائنات الحية (تذكر هذا و أنت تقرأ التصريحات الرنانة عن أن الية الخطوة خطوة الداروينية فسرت التعقيد)
2-عدم تناسق حدوث تنوع الكائنات (تذكر هذا و أنت تسمع أى تطورى يؤكد لك أن تباين الكائنات متوافق مع الشجرة التطورية)
3-ظهور الصفات الجديدة (تذكر هذا وأنت تسمع أن الالية قادرة على انشاء صفات لم تكن موجودة مسبقا فى الحوض الجينى)
4-الانتقال غير التدرجى بين الكائنات (تذكر هذا و هم يؤكدون لك أن الأشكال الانتقالية موجودة و لكن لم تحفظها الأحافير)
5-مصادر التغير غير الجينية (تذكر هذا و هم يؤكدون لك أن الجينات هى كل شيء)
أعتقد أن السؤال الطبيعى هو: ما الذى فسرته النظرية بالضبط ان كانت لم تفسر كل هذا؟ أتمنى ألا يكونوا يقصدون علم الوراثة السكانية الذى تتطفل عليه النظرية ببجاحة منقطعة النظير و هو مزيج من علوم الجينات التى أسسها جريجور مندل و لا دخل لداروين أو التطور فيها و الحسابات الرياضية للنمو السكانى و التى لا علاقة لها بالتطور من قريب أو بعيد!!! و الأهم من ذلك أعتقد أن علينا أن نتعامل بسخرية حقيقية مع أى شخص يحدثنا عن "أطنان الأدلة" و "التفسيرات الشاملة" التى تقدمها النظرية و مع طبيعة الخطاب "الوعظى" التوبيخى المتعالى الذى يوجهه أنصار النظرية الى مخالفيها بصفتهم مخالفين "للعلم" ان كان هذا هو حال رؤوسها فى مؤتمراتهم فمثلا فى كلمة جيرد مولر (دقيقة 10 – 11:30) يقول أن النظرية لم تصمم أصلا لتفسير هذه الأشياء
“the standard theory is focused on characters that exist already and their variation and maintenance across populations, but not on how they originate.” He says the theory is “not designed for addressing” the origin of novel characters.
لاحظ الكلمة و تذكر أنها قيلت فى مؤتمر لكبار علماء البيولوجيا التطورية: النظرية التى يقال لك ليلا نهارا أنها مثبتة بأطنان من الأدلة و لا يعارضها الا دينى دوغمائى ليست لم تفسر بل لم تصمم أصلا لتفسير هذه الأشياء!!! و كنا قد استعرضنا لماذا ما تستشهد به النظرية لا علاقة له بما تحاول تفسيره و أن هذا معروف منذ زمن عند مناقشة بعض أيقونات التطور الصغروى. قارن هذا الاعتراف بالأعلى أو بعض الاعترافات فى الرابط بالصفاقة منقطعة النظير التى يكذب بها بعض أنصار النظرية منذ 50 عاما و هم يؤكدون للعامة قوة النظرية و قدراتها التفسيرية...أو قارنه بالمقالة التى كتبها ارنست ماير أحد أعمدة النظرية التراكيبية الحديثة بعنوان تأثير داروين على الفكر المعاصر Darwin's Influence on Modern Thought و التى تبجح فيها بادخال تفسير التاريخ الى البيولوجيا و الحصول على رؤية علمانية للحياة A Secular View of Life ثم اختتم بأنه لا يوجد شخص متعلم يجادل فى نظرية التطور و أن كل أركانها من السلف المشترك و التدرج و قوة الانتخاب الطبيعى قد ثبتت...واضح!!!
يرد أنصار النظرية المشاهير من أمثال دوجلاس فوتوياما على هذا برد عجيب جدا: حتى لو لم نكن نعرف كيفية حدوث التطور فهذا ليس داعيا للشك فى أنه حدث!!! و السؤال هنا هو ما هو مبرر تصديق أنه حدث ان كنا لا نعرف له اليات و لا نجد عليه دليل؟؟؟ هنا يقولون لك لا بل لدينا الكثير من الأدلة على حدوثه فاذا تعقبت أدلتهم فى مختلف المجالات من أحافير و جينات و تصنيفات شجرية و غيرها تجدها استثناءات منتقاة بعناية من بين أدلة أخرى كثيرة تعارض أقوالهم و حتى هذه الاستثناءات لا تسلم لهم من النقد أو تجدها مزاعم بلا أى معنى على غرار الكائنات تشبه بعضها اذن تطورت من بعضها حتى لو لم يكن هناك دليل على ذلك. أليس هذا هو ما يتم اتهام معارضى التطوربه من أنهم يبدأون بمعتقد لا يريدون تغييره برغم الأدلة؟ لماذا يخبروننا بثقة اذن بعدم وجود تصميم فى الكائنات الحية لأنهم اكتشفوا عملية طبيعية غير موجهة تنتج وهم التصميم ثم لما نتعقبهم يقولون لم نكتشفها و لكن هذا ليس داعيا للشك فى أنها موجودة فأعموا عيونكم و صموا أذانكم و اتبعوا ما نقول بلا عقل لأننا واثقون من وجودها!!! لماذا يقولون لنا دائما أن هناك سلما من الخطوات النافعة يمكن أن يحول كائن الى اخر فقط بقى أن نبحث عنه برغم عدم وجود أى دليل على وجوده؟ ان هذا كمن يقول لك يوجد ابريق شاى فى الفضاء فقط بقى أن نبحث عنه و ان لم نجده فهو لصغر حجمه و ليس لأنه غير موجود. لا عجب أبدا فهذا هو نفس الشخص الذى يقول بكل دوغمائية "الغاية و الهدف لا مكان لهما فى علوم البيولوجى"
“The concepts of goals and purpose have no place in biology”
Douglas Futuyma “Evolution : 3rd edition” (2013): 28
ان هذه الجملة و أشباهها التى استعرضناها السبب الحقيقى و الوحيد لوجود نظرية التطور و "ثقة" البعض فى صحتها بلا دليل
الا أن ألطف ما حدث فى هذا المؤتمر لم يكن فقط هذا الاقرار و لكنه الموقف التالى: يفتتح التطورى أندى جاردنر عرضه التقديمى بالقول "أن الفلاسفة القدماء كويليام بيلى كانوا يظنون أن تصميم الكائنات يشير الى مصمم الهى و لكن بفضل داروين عرفنا أنها اجابة خاطئة و أن الاجابة الصحيحة هى الانتخاب الطبيعى" فيعترض عليه تطورى اخر تيم انجولد "هل تقول أن الكائنات مصممة؟ كيف تختلف عنهم اذن؟
هذا الحوار العجيب و هذه الحساسية المفرطة حتى بين التطوريين و بعضهم البعض يكشف لك عن الحمولة الفلسفية الرهيبة الموجودة لدى هؤلاء القوم و التى يحاولون تمثيل أنها نظرية علمية - طبعا هذا بالاضافة الى الكوميديا التى حدثت فى احدى المحاضرات عندما تم اظهار صورة لفريسة تعدومن مفترس على أنها تمثل التطور و أخرى لفريسة تركض نحو المفترس و وصفها بأنها التصميم الذكى و لا أعرف حقا ما الذى استنتجوا منه هذه الصورة للتصميم الذكى و لكن مثل هذه الأمور توضح مدى عدم دقة محاولة رسم تصور للتصميم الذكى من كلام التطوريين. لقد عبر ماسيمو بجلويشى و هو تطورى ملحد عن رفض أنصار نظرية التطور الحالية للانتقادات و التطوير بأنه لأسباب ثقافية لا علمية
During a Q&A with Pigliucci at a conference in 2017, one audience member commented that the disagreement between EES proponents and more conservative biologists sometimes looked more like a culture war than a scientific disagreement. According to one attender, “Pigliucci basically said: ‘Sure, it’s a culture war, and we’re going to win it,’ and half the room burst out cheering.”
Stephen Buranyi "Do we need a new theory of evolution?" The guardian (June 2022)
و فى كتابه "ما وراء الجين" يشرح مؤرخ علوم تطورى الأساليب التى استخدمها الدراونة لتعطيل عمل من يبحثون فى مجال الوراثة فوق الجينية epigenetics و الهجوم عليهم و منعهم من التمويل و النشر فى المجلات لفترة طويلة
He goes on to show that there are no neutral judges in scientific controversies and investigates the social strategies and methodological rhetoric used by scientists when they defend or oppose a particular theory. At the same time, Sapp illustrates the social constraints that ensure the high cost and risk of entertaining unorthodox theories in the sciences.
Jan Sapp "Beyond the Gene: Cytoplasmic Inheritance and the Struggle for Authority in Genetics" (1987)
هذا سلوك عصابات الداروينية مع تطوريين اخرين فما بالك بنقاد التطور؟ اذا كان أنصار التظرية التراكيبية الممتدة أنفسهم يشتكون من أن رفض التطوريون الدراونة لهم لأسباب ثقافية و ليس علمية فكيف بالموقف من أنصار التصميم؟ هل يتوقع منهم أن يكون علميا محايدا؟ ان الشعارات الحوفاء و المصطلحات الرنانة و الخطاب الوعظى المتعالى على غرار "حقيقة علمية" “كل العلماء مجمعون" “فقط الجهلة و المتعصبون يرفضون" “كثافة الأدلة" كلها مجرد دفاعات نفسية لتثبيط المعارض عن التدقيق و اسكاته عن تحرى حقيقة هذه "القصص" التى يراد فرضها فرضا لحماية الكهنوت الطبيعانى و قد كانت نفس الشعارات تستخدم يوما ما لحماية أزلية الكون
و لكن القول بالتصميم غير علمى:
فليسقط الانفجار العظيم: نشرت مجلة نيتشر الشهيرة يوما ما مقالة بهذا العنوان تنتقد نظرية الانفجار العظيم بأنها ساذجة بسيطة...و غير مقبولة فلسفيا
Maddox, J. Down with the Big Bang. Nature 340, 425 (1989)
لماذا يا ترى غير مقبولة فلسفيا؟ لنفس السبب الذى يجعل التصميم غير مقبول.
“ان الرأى القائل بأن الكون له عمر ليس من العلم ...ان أزلية الكون عنصر أساسى للفكر العلمى و انكارها خيانة لأسس العلم ذاته"
C.F. Von Weizsacker “The Relevance of science” (1964) p. 151 cited in “The introduction to God and design: The teleological argument and modern science” (2003): p.3
لماذا أزلية الكون عنصر أساسى للعلم و انكارها خيانة للعلم؟ لنفس السبب الذى يجعل التطور أساسيا هو الاخر؟ لماذا بعد سقوط الأزلية بدأ اختراع قصص شديدة السخافة مثل امكان خروج الأكوان من العدم بدون تدخل خارجى و مثل الأكوان المتعددة؟ لنفس السببب الذى يتم من أجله محاولة اختراع اليات جديدة للتطور و تفسيرات مختلفة للظواهر البيولوجية مهما بلغت سخافة فرضياتهأ و لا معقوليتها؟ بل لعل من الأشياء الملفتة أنه عندما تم تعيين مديرة جديدة فى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تم جعلها تقسم على كتاب "نقطة زرقاء باهتة" pale blue dot لعالم الفلك الملحد الشهير كارل ساجان و العبارة ملغومة بأيديولوجيا كارل ساجان الشخصية التى يتجاهل فيها أدلة الضبط الدقيق و حدوث الكون و يصر على ترويج رؤيته الالحادية و كأنها التفسير العلمى بينما هى قالب فلسفى يتم ارغام الأدلة على الدخول فيه
لماذا قامت ناسا بهذه اللفتة العجيبة؟ لأن الحياد فى تفسير الأدلة هو سيد الموقف؟ الاجابة هى نفس اجابة الأسئلة السابقة. لأن العلم قد تم اختطافه من قبل الفلسفة الطبيعانية التى تستخدمه كأداة لاثبات نفسها رغما عن أنف الأدلة...ان ما يسمى بعلوم الأصول Origins Science التى تدرس تاريخ الكون و الحياة و مصادرها هى كعب أخيل الفلسفة المادية و من ورائها الالحاد لذا فان الصراع عليها صراع حياة أو موت للعلمانية و الطبيعانية. ..يجب الحفاظ على قصة الخلق العلمانية بأى ثمن.
فى حوار بين عالمة البيولوجيا التطورية الراحلة لين مارجيولس و رتشارد دوكنز المدافع الشهير عن الداروينية سأل دوكنز: لماذا نحتاج الى نموذج غير الداروينية طالما أنها ناجحة و تقتصد فى الفرضيات (نصل أوكام) فردت مارجوليس ببساطة قائلة: لأن هذا النموذج الاخر موجود.
Dawkins: It [Neo-Darwinism] is highly plausible, it’s economical, it’s parsimonious, why on earth would you want to drag in symbiogenesis when it’s such an unparsimonious, uneconomical [theory]?
Margulis: Because it’s there.
Noble, D. (2017). Dance to the Tune of Life: Biological Relativity. Cambridge University Press.
طبعا مارجوليس كانت تدافع عن نموذج طبيعانى اخر لكن لاحظ الرد. ليست القضية أن تكون نظريتك أنيقة و مقتصدة فى الفرضيات parsimony (نصل أوكام) و لكن أن تكون معبرة عن الواقع. فطالما أن شيئا موجودا فى الواقع فلا يمكن أن تستثنيه من باب الاقتصاد فى الفرضيات. الأسوأ هو أن يكون نموذج الأنيق البسيط أصلا يعمل و قدرته التفسيرية ضعيفة جدا كما هو حادث و لكن تصر عليه حتى تقتصد فى الفرضيات بازالة المصمم. نفس الأمر ينطبق على التصميم (و الذى لم تكن مارجوليس تدعمه): طالما أنه موجود فى الواقع فان جملة "غير علمى" تصبح جملة سفيهة للغاية ما لم نعيد تعريف العلم من البحث عن الحقيقة و وصف الطبيعة الى الاطاحة بالفرضيات التى لا تعجبنا حتى لو كانت موجودة. عندما كانت الأبحاث تجرى على قدم و ساق لاكتشاف هيكل الحمض النووى ذكر واطسون و كريك صاحبا الاكتشاف أنهما كانا يميلان بشدة الى كون سلسلة جزيئات الفوسفات التى تشكل العمود الفقرى للحمض النووى فى المركز و تتفرع منها النيوكليوتيدات (حروف الشفرة) الى الخارج كالشجرة لأن هذا هو التفسير الأبسط و الأسهل بينما افتراض أن النيوكليوتيدات هى الموجودة فى المركز أعقد و يتطلب فروضا أكثر كوجود الية اضافية للوصول الى حروف الشفرة المخبأة فى قلب الجزئ و وجود طريقة ما للتوفيق حروف الشفرة المتقابلة معا التى تواجه بعضها بعضا فى قلب اللولب المزدوج ثم اتضح فى النهاية أن النموذج الأعقد و الأكثر معلوماتية هو الأصح و الأدق فى توصيف الواقع.
Judson “The eighth day of creation” 135-138
Olby “The Path to the double helix” : 400
الطريف فى الموضوع أن التطور الداروينى لا يقتصد فى الفرضيات أصلا بل يطيح بالتصميم من جهة ليدخل مكانه ألف صدفة و صدفة لتبرير انشاء كل السمات المعقدة و توزيعها الذى لا يتفق مع شجرة الحياة و التوزيع الجغرافى العجيب لبعض الكائنات و الصدف التى أكسبت فيروسات و قطع حمض نووى خردة وظائف و غيرها من الظواهر. يبدو اذن أن الاقتصاد فى الفرضيات أصبح معناه الاقتصاد فى فرضية التصميم فقط و الافراط فى أى شئ اخر لمجرد الايحاء بوجود تفسير لاغائى للكائنات الحية. يتهم التطوريين أنصار التصميم بأنهم رجال لاهوت لا رجال علم لكن الحقيقة أن الاصرار على نسج قصص و فرضيات اضافية غير ضرورية لمجرد ربط الوجود و الحياة بالصدف و اللاغائية هو فى حد ذاته فعل لاهوتى فلسفى يتظاهر التطوريون بأنه علم. بهذه الطريقة لم يعد العلم وسيلة لادراك الحقيقة بل أصبح وسيلة لتحريف الحقيقة لتناسب المادية و الطبيعانية بتأويلات سخيفة و سطحية و قبل أن يتحفنا أحد بقوله كيف تقول هذا عن العلم الذى أنتج لك الدواء و الغذاء بل و الحاسب الالى الذى تستخدمه أقول ببساطة العلم الذى أنتج لى هذه الأشياء لم يقل لى أنها خالية من المعلومات أو نتيجة عمليات غير موجهة و غير ذكية و لو قال لى هذا ما وثقت به بل لو فعل هذا لما انتج هذه المنتجات بل ان هذا العلم ذاته ينقل الان من منتجات تزعمون أنها نشأت بلا علم و أننا فقط نتوهم وجود تصميم و معلومات فيها. ان تعريف العلم الذى يقود الى تبنى فرضيات أقل ما توصف به هو السخافة تعريف خاطئ بوضوح من نتائجه فالعلم الطبيعى هدفه دراسة الطبيعة و ليس الكذب السفيه لاكسابها قدرات خارقة.
يؤكد لنا الطبيعانيون أن الايمان بالتصميم نوع من الخرافات التى لا يمكن اختبارها فى المعمل أو وضعها فى أنبوب اختبار و أنه نوع من أنواع الغيوب التى يجب ألا تدخل فى العلم و أن أصحابه يبدأون بقناعة لا يريدون تغييرها و يسدون الفجوات المعرفية بافتراض وجود اله. فعلا؟ الملفت أنهم هم أنفسهم قد لجأوا الى غيوب لا أول لها و لا اخر للحفاظ على ما يزعمون أنه الطريقة "الصحيحة" لممارسة العلم اذ يعتمدون على احالة كل الأمور فى النهاية الى "ملايين السنين" أو "ملايين الأكوان" أو "ملايين الصدف" طبعا لا يسمونها صدفا و لكن يستخدمون ألفاظ أنيقة من طراز المتفردات البيولوجية biological singularity و الحدث الطارئ فى التاريخ historical contingency و لكن المحصلة واحدة. هل يمكننا اختبار أو وضع "السلف المشترك" فى أنبوب اختبار؟ ماذا عن التطور المتقارب؟ العشوائية و الصدفة؟ الأكوان المتعددة؟ التوازن المتقطع؟ فرضية الطفو rafting و هى من أعاجيب نظرية التطور؟ ملايين السنين؟ استئناس الفيروسات الرجعية؟ السلالات الشبحية؟ الحقيقة أن كل هذه نماذج تفسيرية لا يمكن وضعها فى أنابيب اختبار بل بعضها تأتى أنابيب الاختبار بما يعارضه و مع ذلك لم يعترض أحد بل يتم صب المشاهدات صبا فى قوالب مسبقة و ما لا يلائم القالب يحذف باعتباره بالتأكيد خطأ فى الرصد أو يتم تأويله بشكل فى منتهى الابتذال ثم الادعاء بأن هذا أفضل ما لدينا من تفسيرات بينما هو فى الواقع أفضل ما سمحوا به من تفسيرات و ليس أفضل ما هنالك فقد تم استثناء التفسير الأفضل و الأوقع من البداية. لماذا؟ لأنهم يبدأون كما رأينا فى الكثير من الاقتباسات التى أوردناها بل و كما يرى كل متابع لسلوكهم بفرضية غياب الغائية و التصميم و رد كل شئ قسرا الى عمليات طبيعية عمياء حتى لو أتت المشاهدات بغير ذلك فمهما حدث بالتأكيد الطبيعة/العملية التطورية فعلتها حتى لو لم توجد الية لذلك و لا يفهم أحد كيف حدث. انه حرفيا "تطور الفجوات" أو "طبيعة الفجوات". انها طريقة تفسير تشبه باحثا فى أصول الأعمال الروائية قرر أن التفسير الأفضل لمجلدات شكسبير هو عدد مهول من الأخطاء المطبعية فى بعض الأوراق انتقى منها القراء ما أحسوه جميلا. هذا هو التفسير العلمى لأننا يجب أن نرد كل شئ الى قوانين الطبيعة و اللاغائية! لقد تحول الأمر من البحث عن التفسير الأفضل الى مراوغات كلامية و اختباء خلف تعريفات فلسفية فاشلة للعلم قادت الى فرضيات فى منتهى السخافة و الابتذال و اللاحتمالية.
فى كتابه هيوستن لدينا رواية يقول البيولوجى التطورى راندى أولسن أن العلم يحتاج الى أن يقدم رواية لشرح و تفسير ما حدث
Randy Olson, Houston, We Have a Narrative (Chicago: University of Chicago Press, 2015), vii
كما يقول هنرى جى المحرر العلمى فى مجلة الطبيعة Nature "ان أخذ سلسلة من الأحافير و ادعاء أنها تمثل خطا تطوريا قصة تحمل نفس القيمة العلمية لقصص قبل النوم"
Henry Gee, In Search of Deep Time (New York: Free Press, 1999), 23, 32, 1 16-1 17.
و يقول عميد التطوريين الأمريكيين ارنست ماير أن العلم التطورى يقدم لنا سيناريوهات و روايات تاريخية
Ernst Mayr, What Makes Biology Unique ? Considerations on the Autonomy of a Scientific Discipline (Cambridge: Cambridge University Press, 2004), 24—25.
Evolutionary biology, in contrast with physics and chemistry, is a historical science….Laws and experiments are inappropriate techniques for the explication of such events and processes. Instead one constructs a historical narrative, consisting of a tentative reconstruction of the particular scenario that led to the events one is trying to explain….The testing of competing historical narratives became the methods of evolutionary biology, outweighing experimentation
Mayr, E. 2000. Darwin’s Influence on Modern Thought. Scientific American. 283 (1): 79–83.
و الحقيقة أن التصميم الذكى هو الاخر يقدم رواية...رواية لا تحتوى على خلية التهمت زميلاتها فقررت الضحايا أن يعشن فى ظل الأجواء الأسرية الدافئة فى السايتوبلازم لتكوين عضيات كما تفترض نظرية النشوء التعايشى و لا على سمكة مناضلة زحفت من بركة جافة الى أخرى حتى طورت أطراف و لا على حيوان بحجم الذئب تحول الى حوت و لا على زاحف طارد حشرة طائرة حتى تمكن من الطيران و لا على قردة عامت عبر المحيط لتظهر فى أمريكا الجنوبية و لا على جزيئات تنظم نفسها عشوائيا لتصنع أول مدينة صناعية حية اسمها الخلية فى ظروف بيئية كفيلة بقتلها و لا على أخطاء نسخ عبقرية تنتج مجلدات مليئة بالمعلومات الوظيفية و تحول أعضاء الى أخرى و تحركها من أماكنها و تطيل الأعصاب و الأوردة و الشرايين الموصلة لها و لا على رسومات كثيرة بينها أسهم و كأن هذا كاف للاثبات...انها رواية تقول بكل بساطة أن التصميم بحاجة الى مصمم و البرمجة بحاجة الى مبرمج...رواية تقول أن العلم الحديث ينقل من البيولوجيا ل"تصميم" تقنيات جديدة كما يحدث فى مجالات المحاكاة الحيوية Biomimetics و الأنظمة الحيوية Systems Biology و هو نفى عملى لمزاعم العشوئية و التلفيق و الترقيع و السمكرة التى يتحدث عنها التطور بغض النظر عن صراخ التطوريين فى الكتب و الأوراق العلمية عن الانتخاب الطبيعى...رواية تقول أننا لا نستطيع تجاهل الحقائق المرصودة فى السجل الأحفورى و المعادلات الرياضية لمجرد أنها لا تناسب النظرية و أنه اذا كان سونار الطبيب نتيجة تصميم فسونار الخفاش أيضا نتيجة تصميم...فى هذه الصورة ترى أقصى ما وصلت اليه علومنا...مع ملاحظة أنه لا ينسخ نفسه و يتكاثر تلقائيا بعد و لا يمتلك اليات طيران و ملاحة متقدمة بل و لا يستطيع تفكيك مكونات نفسه ليصنع منها شيئا اخر كما تفعل زميلته فى الصورة فى مرحلة الشرنقة. أسمعك تقول أن العلم سيتقدم و سنطوره أكثر...رائع انه العلم اذا فلماذا نستثنى زميلته؟ الحقيقة أنه لا شيء فى البيولوجيا يمكن فهمه الا فى ضوء التصميم الذكى.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ملحق: أمثلة اضافية على الاعتراضات على القدرة التفسيرية لنظرية التطور
Gunter P. Wagner "Homology, Genes and Evolutionary Innovation" (Princeton University Press: 2014): p.11, 125, 230
Gerd B. Muller "Why an extended evolutionary synthesis is necessary" Interface Focus 7: 20170015.
A. Wagner "Arrival of the Fittest: Solving Evolution’s Greatest Puzzle" (2014)
E. V. Koonin "The Logic of Chance: The Nature and Origin of Biological Evolution" (2011)
S. B. Gissis and E. Jablonka, eds., "Transformations of Lamarckism: From Subtle Fluids to Molecular Biology" (2011);
M. Pigliucci and G. Müller, eds.,"Evolution, the Extended Synthesis (Cambridge, MA: MIT Press, 2010);
P. J. Beurton, R.Falk, and H.-J. Rheinberger, eds., "The Concept of the Gene in Development and Evolution: Historical and Epistemological Perspectives" (Cambridge University Press, 2008);
M. Lynch "The Origins of Genome Architecture" (2007);
D.Noble "The Music of Life" (Oxford: Oxford Univ. Press, 2006);
R. A. Watson "Compositional Evolution: The Impact of Sex, Symbiosis, and Modularity on the Gradualist Framework of Evolution" (2006);
M. Kirschner and J. Gerhart "The Plausibility of Life: Great Leaps of Evolution" (Yale University Press,2005);
S. B. Carroll "Endless Forms Most Beautiful: The New Science of Evo Devo and the Making of the Animal Kingdom" (2005);
E. Jablonka and M. J. Lamb "Evolution in Four Dimensions: Genetic, Epigenetic, Behavioral, and Symbolic Variation in the History of Life" (2005);
M. J. West-Eberhard "Developmental Plasticity and Evolution" (Oxford University Press, 2003);
L. Margulis and D. Sagan "Acquiring Genomes: A Theory of the Origins of Species" (2002).
D. Noble, ' Physiology is rocking the foundations of evolutionary biology,' Experimental Physiology 98:(8).1235-1243 20.3،
Douglas H. Erwin "Macroevolution is more than repeated rounds of Microevolution" Evolution and development 2(2), (March 2000): 78-84
Eric H. Davidson and Douglas H. Erwin "Gene Regulatory Networks and the Evolution of animal body plans" Science 311: 5762 (February 10: 2006) 796 - 800
Suzan Mazur "The Altenberg 16: An Expose of the Evolution Industry" 2010
Jerry Fodor and Massimo Palmarini "What Darwin got wrong?" 2010
Comments