top of page
Search
  • Writer's pictureIllidan Stormrage

الفطرة الحيوانية: خوارزميات البناء و الهندسة - النمل

Updated: 2 days ago


“Ants and termites are closest in building potential to talented human architects even though they lack the grey matter to have that level of intellect and learning.”

Andrea Perna and Guy Theraulaz “When social behavior is moulded in clays: On growth and form of social insect nests” Journal of Experimental Biology 220 (2017): 83


ان قدرة النمل على البناء تنافس قدرة المهندسين البشر مع أنه لا يمتلك مادة رمادية (جهاز عصبى) يساعده على الادراك و التعلم – اقتباس من بحث علمى يناقش سلوكيات الحشرات الاجتماعية


تحدثنا سابقا عن طريقة النمل فى الوصول الى قرار جماعى بشأن العش الجديد بعد تقييمه و لكننا لم نتحدث عن الية التقييم. تتم عملية تحديد مساحة العش فى النمل بطريقة هندسية تسمى Buffoon’s needle تم اكتشافها بالعقل و ليس بأخطاء النسخ فى القرن الثامن عشر و تعتمد على تقدير المساحة وفق عدد التقاطعات مع خط ثابت فى المكان...كلما زادت نسبة التقاطعات اذن فالمساحة أضيق و العكس


Eamonn B. Mallon and Nigel R. Franks "Ants estimate area using Buffon's needle" Proceedings of the Royal Society B, Biological Sciences, Volume 267 Issue 1445, 22 April 2000


S. T. Mugford et al., "The accuracy of Buffon's needle: a rule of thumb used by ants to estimate area" Behavioral Ecology, Volume 12, Issue 6, November 2001, Pages 655–658


و كالعادة يستميت التطورى ليقنعك أنها فقط مجرد خطوات بسيطة لا تحتاج الى تصميم: ادخل الى العش...ضع أثرا كيميائيا فى خط بطول محدد...اخرج من المكان...ادخل مجددا و سر بشكل عشوائى...احسب عدد التقاطعات مع الأثر الكيميائى الذى تركته...قدر الحجم...عد الى العش و قم بتجنيد زملاء ليأتوا الى المكان يتفقدوه...معدل التجنيد مرتبط بجودة المكان...فعلا مجموعة خطوات بسيطة تصادف أن اجتمعت دون أى خطوات أخرى بهذا الترتيب دون أى ترتيب اخر و بهذه المتغيرات (كطول الخط و معدل التجنيد) دون أى متغيرات أخرى لتنبثق لنا عملية هندسية لتقدير المساحة بالتنظيم الذاتى و بدون تصميم


يقوم النمل ببناء مدن كاملة تحت الأرض-شبكات من الأنفاق تربط بين حجرات متخصصة بعضها للصغار و الاخر للملكة و الاخر للتخزين و الاخر للمزارع سالفة الذكر...الخ و لكنه لا يفعل ذلك بمجرد الحفر بل ببرنامج عمل يشير الى علم بأصول الهندسة و الفيزياء. أعشاش النمل المزارع مثلا تضم عشرات و أحيانا مئات الحجرات تصل بينها ممرات تمتد لأمتار الى جانب مئات الأمتار من الأنفاق التى تقود من العش الى أماكن جمع المواد النباتية و "الطرق" المشقوقة بين الأعشاب و الممتدة لعشرات الأمتار من مخارج الأنفاق الى النباتات ذاتها



مقطع يوضح مدن النمل العملاقة تحت الأرض – ان صدقت أنهم تعلموا هذا بسبب أخطاء فى نسخ الحمض النووى فأنت تصدق الجنو...أقصد تصدق العلم أما ان سولت لك نفسك الاثمة أن تتصور أن هناك من صممهم ليبنوا هكذا فأنت مضلل بسبب التزامك بأيديولوجيا ما تحاول حشرها فى العلم



One representative nest had four major trunk routes, each of which opened our into numerous branches. The foraging areas of the four routes were 2,712, 2,597, 2,640, and 2,409 square meters. The total of the foraging area visited was thus estimated at an impressive 1.03 hectares

Bert Holldobler and E. Wilson "The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies" (2008): p. 465, 472


Many Atta species clear ant “highways” radiating out from the nest, along which wide columns of their kind can march unhindered

leafcutter ant - Encyclopedia Britannica: https://www.britannica.com/animal/leafcutter-ant


Aldenise Moreira et al., "Nest Architecture of Atta laevigata (Hymenoptera: Formicidae)" Studies on Neotropical Fauna and Environment Volume 39, 2004 - Issue 2: 109 - 116


A. A. Moreira et al., "External and internal structure of Atta bisphaerica Forel (Hymenoptera: Formicidae) nests" Journal of Applied Entomology 128(3): 204-211 (2004)


Christian Kost et al., "Spatio-temporal permanence and plasticity of foraging trails in young and mature leaf-cutting ant colonies (Atta spp.)" Journal of Tropical Ecology Volume 21 , Issue 6 , November 2005 , pp. 677 – 688


شبكة طرق النقل و المواصلات للمستعمرة ممتدة على مساحة 2.5 كم مربع


Rainer Wirth et al., "Herbivory of Leaf-Cutting Ants: A Case Study on Atta colombica in the Tropical Rainforest of Panama" (2003): p. 117


و نظرا لضخامة هذه الأعشاش و امتلاءها بمئات الالاف من الأفراد فان مستويات الحرارة و ثانى أكسيد الكربون فيها تتزايد بسرعة لذا فقد صنعت أخطاء النسخ حساسات لثانى أكسيد الكربون و لحركة تيارات الهواء لدى النمل لرصد التغيرات و التعامل معها؟ كيف؟ لقد علمته أخطاء النسخ أيضا بناء شبكة من ممرات التهوية بمداخل و مخارج فى مواقع مثالية لضمان تهوية ممتازة و بناء و تعلية أبراج تهوية كالمدخنة تخرج من العش الموجود تحت الأرض الى الأعلى و طبعا تعديل هذه الهياكل حسب الظروف الجوية (التعديل الصحيح فى الظرف الصحيح) كما تفضلت أخطاء النسخ مشكورة باضافة اليات تنظيمية لكل هذه السلوكيات تعمل عند التقاط القيم الصحيحة (ترى كم رقم تم تجربته) لمستويات الحرارة و ثانى أكسيد الكربون و اتجاه حركة الهواء


Workers of the leaf-cutting ant Atta vollenweideri modify the external architecture of their nest by building complex turrets and closing most of the nest openings in autumn, probably as a response to changing climatic conditions...Following rain, the ants often built impressive turrets with many holes above the openings in the central area of the nest mound...Inflow and outflow did not occur arbitrarily in the tunnels of the nest of A. vollenweideri. The tunnels were functionally determined for inflow or outflow to a high degree (81%). The clear separation of inflow openings at the outer (lower) mound region and of outflow openings at the central (upper) region suggests a highly ordered nest architecture below the surface that ensures oxygen supply to the chambers containing fungus and brood...Workers are able to alter the shape of channel openings by building turrets which are found only centrally on the nest mound. These structures could enhance nest ventilation, both by viscous entrainment and by Bernoulli's effects. Consequently, the building of turrets on the central openings may be a colony response to unfavourable microclimatic conditions and may result in enhanced nest ventilation,..The unusual ability of leaf-cutting ant workers to measure absolute CO2 concentrations makes CO2 one likely trigger of regulatory responses (Kleineidam and Roces 2000), and a high sensitivity to air movements, as shown for termites (Howse 1966), could serve to locate outflow channels...Our study shows that wind-induced nest ventilation, drawing air from central openings, is highly effective during summer. However, in autumn, colonies of A. vollenweideri close most (about 90%) of the nest entrances, so that wind-induced nest ventilation is presumably strongly reduced

C Kleineidam et al., "Wind-induced ventilation of the giant nests of the leaf-cutting ant Atta vollenweideri" Naturwissenschaften volume 88, pages301–305 (2001)


C. Kleineidam & J. Tautz "Perception of carbon dioxide and other “air-condition” parameters in the leaf cutting antAtta cephalotes" Naturwissenschaften volume 83, pages566–568 (1996)


و الى جانب الحرارة و التهوية فان درجة الرطوبة أيضا مهمة و لحسن الحظ فقد زودت أخطاء النسخ النمل أيضا بمقياس للرطوبة و ثم قامت ببرمجته بالشكل الصحيح للاستجابة للتغيرات الضارة فعند تغير درجة الرطوبة الملائمة للفطر فى احدى الحجرات (الصوب الزراعية) يتم نقل المحصول الى غرفة أخرى مناسبة و عند سريان تيارات من الهواء الجاف الى داخل المستعمرة يتم البحث عن مصادرها و غلق هذه الأنفاق – شكرا أخطاء النسخ


F. Roces & C. Kleineidam "Humidity preference for fungus culturing by workers of the leaf-cutting ant Atta sexdens rubropilosa" Insectes Sociaux volume 47, pages348–350 (2000)


Martin Bollazzi and Flavio Roces "To build or not to build: circulating dry air organizes collective building for climate control in the leaf-cutting ant Acromyrmex ambiguus" Animal Behaviour Volume 74, Issue 5, November 2007, Pages 1349-1355


ان هذا ليس برنامج عمل ستاتيكى ثابت (و هذا معقد و مصمم فى حد ذاته) و لكنه برنامج ديناميكى متغير يستجيب للبيئة و يعدل السلوك بالشكل الملائم وفقا لتغير الظروف (و هذا أكثر تعقيدا) حاول أن تتذكر كل هذا (و هو مجرد عينة) عندما يأتيك أحد أعداء العقل و العلم قائلا "ان هذه البرامج مجرد خطوات بسيطة بلا محتوى معلوماتى" كم الية استشعار مطلوبة و كم خطوة يجب القيام بها بالترتيب الصحيح دون أى ترتيب اخر استجابة للمؤثر الصحيح دون أى مؤثر اخر بالدرجة الصحيحة دون أى درجة أخرى حتى ينبثق هذا السلوك الهندسى الغائى المتكامل و غيره؟ كم قيمة يجب أن تجربها أخطاء النسخ للحرارة أو الرطوبة أو ثانى أكسيد الكربون حتى تصل الى القيم الصحيحة؟ و كم تصميم خاطئ يجب تجربته حتى يتم انتاج الية استشعار؟ و كم ترتيب خاطئ للخطوات و وضع خطوة فى غير محلها أو الاتيان بخطوة لا علاقة لها بالموضوع أصلا (كتشغيل رد الفعل القتالى مثلا عند ارتفاع درجة الحرارة) حتى نصل الى ترتيب مفيد ليختاره الانتخاب الطبيعى المزعوم؟ و هل هناك خطوات مفيدة طفرة بعد أخرى أصلا لأى من هذا؟ كل هذا يتم مداراته بكلام اتشائى عن الية الانتخاب التى لا تمتلك شيئا تنتخبه أصلا ما لم ينشأ بالتصميم.


حتى بعض عائلات النمل التى تعتبر بدائية مثل ponerine و التى تبنى أعشاشا صغيرة تعتبر أعشاشها مصممة بأناقة لتحتوى على غرف متعددة و تبطين للجدران للحماية من الأمطار و غرفة خاصة للنفايات يأتى النمل بيرقات الذباب و يضعها فيها لتلهم البقايا و تساهم فى التنظيف


C. Peeters et al., ""Wall-papering” and elaborate nest architecture in the ponerine ant Harpegnathos saltator" Insectes Sociaux volume 41, pages211–218 (1994)


ان لغز بيوت النمل لا يكمن فى التصميم النهائى العبقرى فقط و لكن أيضا فى الية الحفر و البناء للوصول الى ذلك التصميم اذ وجدت أبحاث أجريت فى معهد كالتك للتكنولوجيا أن عملية البناء و الحفر نفسها تتبع قواعد فيزيائية صارمة سماها الباحثون "فيزياء النمل" ant physics لتضمن الوصول الى النتيجة النهائية المثالية مع تأمين النفق من الانهيار تحت تأثير الضغط و غيره من القوى المختلفة أثناء الحفر كما وجدوا أن خوارزميات البناء موزعة على النمل كله ليعمل فى تناسق و كأنه كائن واحد عملاق. يقوم النمل بتقييم الموقع لانتقاء موضع الحفر الأفضل فمثلا عند وضعه فى حاويات يفضل الحفر قرب جدار الحاوية ليحصل على جدار مجانى للنفق و يحفر النمل وفق ما يسمى زاوية الاسترخاء angle of repose وهى أكبر زاوية يمكن أن تحفر بها فى وسط مكون من حبيبات دون أن ينهار...تختلف هذه الزاوية حسب نوع و ظروف التربة و مع ذلك يعدل النمل زاوية حفره وفقا لنوع التربة التى يحفر فيها أى أن هناك مخزن معلومات فى مكان ما يخبره بالزاوية الصحيحة لكل تربة حتى لا تنهار...أضف الى ذلك أن النمل يزيل حبيبات التربة بشكل يعيد توزيع قوى الضغط الفيزيائية حول جدران النفق ليقوى الجدران من جهة و يرفع الضغط عن نهاية النفق فيسهل الحفر من جهة أخرى.


"The Science of Underground Kingdoms" Caltech (August 23, 2021)


يذكر البحث أننا قد نستفيد من هذا فى أساليب حفر البشر للأنفاق و كما جرت العادة فى مثل هذه المواقف تتم المسارعة ب"درء الشبهات" عن عقل القارئ خوفا من أن تخطر بباله أى أفكار هرطقية متعلقة بالعلم و التصميم-و العياذ بداروين- و ذلك بحشر كلمة التطور فى الموضوع. حسنا نحن نعلم أن النمل لا يمتك المخ للتعلم فكيف يفعل ذلك...يتحفنا الباحثون بان النمل قد تطور ليحفر وفق قوانين الفيزياء!!!”evolved to dig according to the laws of physics” هذا تفسير جميل جدا و يحمل نفس القيمة المعرفية لتفسير أن المهندسين قد "تطوروا" ليصمموا الأشياء وفقا لقوانين الفيزياء و مبادئ الهندسة. هل تشفر الجينات معادلات فيزيائية و قواعد هندسية؟ كيف تتطور المعادلات خطوة خطوة ان كانت معادلة خاطئة تقود الى انهيار البناء و الموت؟ كيف كان النمل يبنى قبل تطور المعادلات؟هل يكتب الفيزيائيون كتبهم عبر الأخطاء العشوائية؟ لا يهم بالتأكيد نحن قادرون على تأليف قصة ما...المهم أنه قد تطور و بعد صيحة "أعل هبل" الخاصة بالتطور نعود الى الكلام العلمى


“That algorithm does not exist within a single ant...It's this emergent colony behavior of all these workers acting like a superorganism. How that behavioral program is spread across the tiny brains of all these ants is a wonder of the natural world... hopes to begin working on an artificial intelligence approach that can emulate that behavioral algorithm so he can simulate how ants dig on a computer...to scale ant physics for human-sized tunnels” Ibid


يقر الباحثون أنها خوارزمية عمل موزعة بين العقول الصغيرة للنمل (نموذج ال distributed computing سالف الذكر بل يتمنون العمل على برنامج ذكاء صناعى يقوم بتقليد هذه الخوارزمية لاستخدامه فى أعمال الحفر...و لكننا نعلم يقينا أن الذكاء الصناعى و شبكات معالجة المعلومات لا تنشأ بعمليات لاغائية غير موجهة لمجرد أن علماء البيولوجيا التطورية يصرخون بذلك ليلا و نهارا!!!


و من حفر الأنفاق و السراديب تحت الأرض الى بناء القلاع الضخمة فوق الأرض اذ يقوم النمل الأبيض termites ببناء مبانى كبيرة قد يصل ارتفاعها الى 23 قدم فوق سطح الأرض و قد وجدت الدراسات أنه يفهم بشكل ما أسس الهندسة المطلوبة للتحكم فى درجة حرارة المستعمرة و جعلها قرب الدرجة المثالية اذ يمتلك عددا من طرز البناء يغيرها حسب البيئة ففى الأماكن المفتوحة ذات التعرض العالى للشمس يختار نمط الأبراج ذو القمة المدببة لتقليل المساحة التى تتعرض للشمس عندما تكون فى منتصف السماء و هى فى قمة انبعاثها الحرارى ومن جهة أخرى يتم توزيع مساحة البرج بشكل غير متساوى بجعل الجدران المقابلة للشمس (حيث تكون درجة الحرارة أعلى) ضيقة لتقليل المساحة المواجهة للشمس بأكبر قدر بينما الجدران الأخرى عريضة لتحمل هى مساحة المبنى. هذا فى الأماكن المشمسة أما فى الأماكن قليلة الشمس كالغابات يتم اختيار تصميم اخر شبيه بالقبة لزيادة المساحة المتعرضة للشمس و تعويض قلة الضوء


Samuel A. Ocko et al., “Morphogenesis of termite mounds” PNAS 116, no.9 (2-19): 3379


أما عند حدوث خرق فى المستعمرة أو دمار جزء من المبنى يبدأ تنفيذ برنامج الاصلاح فبمجرد أن يرصد فرد الخرق يتوجه اليه فورا ليضع لبنة فى سده (حبة من التربة يمزجها بافرازات لاصقة خاصة) ثم يطلق اشارة على هيئة فيرمون (مادة كيميائية تصادف أن صنعها له التطور و علمه كيف يستخدمها) يبدأ الانتشار لينبه الباقين الى الخلل فى هذا الموقع. و لأن انتشار المادة الكيميائية بطئ يقوم باطلاق اشارة سريعة و لكن قصيرة المدى بضرب رأسه فى الحائط ليصدر ذبذبة يمكن التقاطها بسرعة للأفراد القريبين فيهرعوا الى المكان للمشاركة فى الاصلاح و يبدأوا فى تنفيذ نفس الاجراءات فيتم استدعاء المزيد من الأفراد.


و طبعا كما جرت العادة يبدا التطوريون الصراخ الهيستيرى: لا لا لا! لا يوجد تصميم لأن مخططات المبانى ليست محفورة فى الحمض النووى point to point mapping اذن فهى غير مصممة و "تنبثق" emerges تلقائيا من سلوك الحشرات و تنظيمها لذاتها self organization و من جديد نرد عليه قائلين أن هناك العشرات من برامج الكمبيوتر التى لا تحتوى على تخطيط ثابت point to point لمخرجاتها و لكن فقط قواعد انتاج هذه المخرجات. هل تظن برامج معالجة الكلمات word processing التى نكتب عليها تحتوى على كل الكتب و المقالات التى كتبت بها؟ لا بل تحتوى على أدوات انتاج هذه الكتب. هل تظن برامج الذكاء الاصطناعى القادرة على الحوار مثل ChatGPT مسجلة فيها اجابات كل الأسئلة و الجمل التى يمكن أن يلقيها بشر؟ طبعا لا بل تحتوى على القواعد السلوكية التى تتيح انتاج هذه الاجابات و مع ذلك فهى مصممة من الألف الى الياء. بل ان ما يسمى الجملة الشرطية If statement/case switch عنصر أساسى فى البرمجة (اذا وجدت كذا افعل كذا و اذا حدث كذا افعل كذا) تخيل اسقاط التصميم عن معظم برامج الكمبيوتر لأنها تحدد شروطا و قواعد بدلا من أوامر مباشرة!!!

يهتف التطورى من جديد: لالالا! لا يوجد تصميم انها مجموعة من القواعد البسيطة التى تتبعها الحشرات و نحن قادرون على تقسيم كل سلوك الى مجموعة سلوكيات أبسط حتى يختارها الانتخاب الطبيعى. ان الحفر و البناء مثا عبارة عن تتابع بسيط من الأوامر: احمل ذرة من التربة/ضع ذرة من التربة/قم بافراز فيرمون/اضرب الجدار/تحرك/ توقف ...الخ. و من جديد نرد عليهم بأن أى شئ يمكن تقسيمه الى أجزاء و لكن هذا لا يعنى أنه ليس مصمم بل ان مثال البناء المعتوه هذا قد ضربه أحدهم فى كتاباته بالفعل مع أننا قادرون على تطبيقه على المبانى التى يبنيها البشر لاسقاط التصميم عنها فكلها فى النهاية يمكن اختزالها الى مجموعة حركات أولية!!! (حفر/صب/رص أحجار/وضع أسمنت...الخ)


ان أى برنامج كمبيوتر يتكون من مجموعة أجزاء/فصول modules أكثر بساطة من البرنامج الكلى و هى بدورها تتكون من مجموعة أوامر و الأمر من مجموعة كلمات و الكلمة من مجموعة حروف و كل مستوى من المكونات أبسط مما فوقه و هذا لا يعنى أن البرنامج بلا تصميم أو محتوى معلوماتى فهناك ملايين الطرق التى يمكن ترتيب الحروف/الكلمات/الجمل/الفصول لن تعطى أى معنى و بنفس القياس فان هناك ملايين الترتيبات السلوكية التى لن تصنع لك شيئا على سبيل المثال لا الحصر: احمل ذرة التربة و ضعها مكانها – احملها و اذهب بها الى اليرقات – احمل يرقة و ضعها فى موقع البناء – احمل زميلك و ضعه فى موقع الحفر – أطلق اشارة العثور على غذاء – استعد للقتال...الخ ناهيك طبعا عن التسلسلات عديمة المعنى و ما أكثرها: بىسيتبتنسب أو ربما تيلاشههه...الخ. حتى ملايين السنين التى يرددونها دائما للهروب لا تكفى لاختبار و لو جزء بسيط من الاحتمالات حتى نصل الى شئ وظيفى يختاره انتخابهم الطبيعى. أضف الى ذلك أن برنامجنا هنا لا يضم كلاما فحسب بل أرقام كثيرة أيضا لضبط القيم كزوايا الحفر و البناء و قياسات الطول و العرض و الارتفاع و السمك و مواقع الأنفاق و الغرف و فتحات التهوية و أحجامها و الا انهار البناء أو تسبب فى ظروف غير صالحة للحياة او الزراعة فكم من قيمة/متغير يجب اختباره ملايين المرات بملايين القيم لضبط المعادلات؟ ان كلمة "ملايين السنين" هروب و ليست تفسير.


المدهش هنا هو أنهم عندما أرادوا أن يحاكوا عمل "التطور" المزعوم بانتاج هياكل هندسية من مجموعة قواعد بسيطة قاموا بتصميم برنامج (نعم صمموه و لم يتركوها لأخطاء النسخ) يتم اعطاءه الهدف النهائى (نعم هدف نهائى و ليس مجرد خطوات تتراكم عشوائيا حتى تنتج شيئا ما) فيولد مجموعة قواعد و أوامر أساسية يمكن اعطاءها لروبوتات (مصممة هى الأخرى و ليست أكداس من أخطاء النسخ و المكونات المجموعة بطرق خرقاء tinkering كما يسمون الكائنات الحية) حتى تصنع المبنى: تصميم*تصميم*تصميم


JUSTIN WERFEL et al., "Designing Collective Behavior in a Termite-Inspired Robot Construction Team" SCIENCE 14 Feb 2014 Vol 343, Issue 6172 pp. 754-758


و النمل الأبيض ليس مهندس مبانى فقط بل مهندس عمليات تكييف و تهوية أيضا ففى قلب المبنى/البرج توجد مدخنة (قناة تهوية) رئيسية بينما توجد شبكة من عدة قنوات فرعية متشعبة فى الجدران و هذه المنظومة مصممة بحيث تصنع "رئة" ضخمة للمستعمرة ككل تعمل على تدوير الهواء وتنظم الحرارة كذلك. فى النهار تتعرض الجدران للشمس فترتفع درجة حرارة الهواء فى شبكة التهوية الجدارية أكثر من هواء المدخنة المعزولة نسبيا فى قلب المبنى و لأن الهواء الساخن يتمدد أكثر فيصبح أخف وزنا فانه يصعد الى أعلى حاملا معه ثانى أكسيد الكربون و الحرارة المتراكمين من تنفس و أيض أفراد المستعمرة بينما يهبط الهواء المعزول نسبيا الأقل حرارة فى المدخنة الرئيسية صانعا دورة من التنفس و التبريد. فى الليل تنعكس الدورة فيصبح هواء الشبكة الجدارية هو الأبرد بينما هواء المدخنة المعزولة هو الأدفأ فتحدث نفس الدورة و لكن بشكل معكوس للتدفئة هذه المرة. عملية مصممة باحكام تتطلب علما بقواعد الهندسة و الفيزياء لا أخطاءا فى نسخ الحمض النووى!!!


Hunter King et al., "Termite mounds harness diurnal temperature oscillations for ventilation" PNAS Vol. 112 | No. 37: 11589-11593 (August 27, 2015)


"How Termite mounds breathe: Changes in temperature between day and night ventilates towering structures" Science (28 AUG 2015)



“Cooling Buildings the termite way” in Sandy Primrose “Biomimetics: Nature Inspired Design and Innovation” (2020): p.53


و يا ليت الأمر يقف عند هذا البناء المتقن فحسب بل تتم ادارته باستمرار حسب احتياجات المستعمرة و حالاتها (حرارة/رطوبة/تراكم ثانى أكسيد كربون) فيكون رصد الجماعة لحالة المبنى مستمر على مدار اليوم لابقاءه فى اطار محدد من درجة الحرارة و مستوى ثانى أكسيد الكربون و يتم فتح و غلق الفتحات عبر الشبكة لادارة هذه المستويات باستمرار أو حتى حفر أنفاق تهوية و فتحات جديدة


Kamaljit Singh et al., “The architectural design of smart ventilation and drainage systems in termite nests” Science Advances 5. no. 3 (2019): 1


Samuel A. Ocko et al., “Solar powered ventilation of African termite mounds” Journal of Experimental Biology 220, no. 18 (2017): 3263


قل عشر مرات لأن برنامج العمل و الادارة مكون من أجزاء و خطوات اذن هو غير مصمم


j. Scott Turner "The Extended Organism: The Physiology of Animal-Built Structures" (20002): p. 199


من الواضح أننا أمام برنامج يلم بأساسيات الهندسة المعمارية و الظروف البيئية بحيث يستطيع أن يحدد عدد الفتحات/القنوات المطلوب فتحها أو غلقها للحفاظ على الحالة المطلوبة الى جانب توزيع المهمات على الأفراد حتى لا يستشعر أفراد المستعمرة الحر مثلا فيقوم كل منهم بفتح أقرب قناة اليه فيفتح عدد أكبر من المطلوب و تنخفض درجة الحرارة تحت المستوى المطلوب و لعل هذا مرتبط بمدى حساسية المستقبلات لدرجة الحرارة عند الأفراد المختلفين كما وضحنا من قبل عند توضيح أهمية التباينات و أنها ليست مجرد مادة خام للانتخاب الطبيعى بل وجودها مهم لذاته.


بعض التطوريين بالمناسبة يرجح تطور كل هذه المهارات البنائية و الادارية عدة مرات بشكل متقارب لتصل الى نفس المبانى و اليات التكييف. و من لطائف العقلية التطورية أنهم يسارعون للتأكيد على أن النمل الأبيض لا يقوم بأى عمل يمكن اعتباره هندسيا لأن المبنى يتم استخدامه لأغراض تكيفية – من جديد فرضيات اللاهوت التطورى السخيفة يتم التعامل معها كحقائق: طالما هو يحل مشكلة تواجه الكائن فى بيئته اذن هو من صنع أخطاء نسخ الحمض النووى و الانتخاب الطبيعى – طالما يستخدم فى التكيف مع البيئة اذن هو غير مصمم و كأن المصمم محرم عليه أن يجعل كائناته تتكيف مع البيئة!!! و لكن يبدو أن "المصممون" لهم رأى اخر اذ مؤخرا بدأ "المهندسون" فى نقل تقنيات التبريد و التهوية من النمل الأبيض الى المبانى التى "يصممونها (بالعلم و ليس بأخطاء النسخ) و التى يستخدمها البشر فى "التكيف" مع درجات الحرارة


“Cooling Buildings the termite way” in Sandy Primrose “Biomimetics: Nature Inspired Design and Innovation” (2020): p. 51-55


Jansun Howang et al. “Biomimetics: Forecasting the future of science engineering and medicine” International Journal of Nanomedicine 10 (2015): 5705


كما أن هناك بعض الدراسات التى ترجح أن النمل الأبيض يصنع خزانات مياه كذلك


"Termites as cause of fairy circles in Namib Desert confirmed" Universitat Hamburg (11 July 2023)


و من الانجازات الهندسية للنمل الأبيض كذلك أنه عند بناء الأعشاش الشبيهة بالقبة أو القوس يبدأ ببناء القاعدتين المتباعدتين ثم البناء بالتوازى على كل قاعدة حتى يتم وصلهما فى النقطة العليا من القوس. المدهش أن النمل الأبيض أعمى لا يرى أى أنه يحتاج الى قدر مدهش من الدقة فى الحسابات و التواصل بين الأفراد العميان لاتمام هذا التنسيق


James and Carol Gould “Animal Architects” p.144


و طبعا نظام التهوية و "التكييف" العبقرى يتم تعديله على حسب شكل العش/المستعمرة فهو ليس قاصرا على الأعشاش البرجية بل و القباب كذلك



بل و بعض أنماط الأعشاش لا تعتمد تكتيك المدخنة المفتوحة أصلا ففى المناطق الأكثر عرضة للرياح يتم اعتماد فتحات مباشرة فى جسد العش


J. Scott Turner "The Extended Organism: The Physiology of Animal-Built Structures"(2002): 198-199


و طبعا كما نعرف جميعا العقلية التطورية: لدينا مبانى صغيرة و أخرى كبيرة اذن لابد ان الكبير تطور من الصغير برغم أنه - يا للمفاجأة لدينا نحن البشر مبانى متعددة المستوى فى الحجم و التعقيد و لكن المهندسون الذين بنوا هذه لم يتطوروا من الذين بنوا تلك...انها أغراض المبنى و طبيعة الموقع و المواد المتاحة!!! طبعا لا يتوقف كهنة التطور عن البحث عن مبانى أبسط ليرسموا أسهم بينها و بين المبانى الأكثر تعقيدا كمن يقول لك أن ناطحة السحاب ليست مصممة لأن هناك مبانى أصغر و أبسط و يرسم لك سهما بينهما بينما الأوقع أن الهياكل المتباينة يتم اختيارها وفقا لبيئة و نمط حياة كل نوع و ليس لأنها تتطور من بعضها كما وضحنا سابقا عند الحديث عن التوزيع الغير تطورى للصفات و السلوكيات البسيطة و المعقدة بل حتى و ان فرضنا جدلا أن النمل يطور من قدراته على بناء هذه التصميمات الهندسية مع الوقت كما تطور المعمار البشرى مع الزمن فهو بالتأكيد لا يفعل هذا بأخطاء النسخ.


و كل هذه المبانى سواءا أنفاق النمل أو قلاع النمل الأبيض أو خلايا النحل ليست شيئا ثابتا يتم بناءه مرة واحدة و انتهى الأمر بل مع نمو المستعمرة و زيادة عدد الأفراد يتم تعديل المبنى و توسعته و تكبيره مع الحفاظ على الظروف البيئية داخله فى المستوى المطلوب (حرارة/رطوبة/تهوية...الخ) برغم تغير الكثير من العوامل المؤثرة (كعدد الأفراد و حجم المبنى) مما يدل على أن خوارزمية البناء و نظام التشغيل و الادارة scalable أى قادرة على العمل فى ظروف متباينة وفقا لقيم متغيرات متعددة تختلف مع مرور الوقت يتم رصدها من اجمالى البيانات التى يجمعها أفراد المستعمرة تماما كالأنظمة التى يصممها المهندسون و المبرمجون لاعطاءها مرونة أكبر مع تغير الظروف.


و من عجائب التفسيرات التطورية لتعاون مجتمعات النمل الأبيض و قدراته الهندسية أنه يأكل الخشب و بالتالى يحتاج الى الاعتماد على البكتيريا و الفطريات لهضمه و عزل السكر عنه بسببب امتلاكهم لانزيم cellulase الذى لا يمتلكه هو و بالتالى فهو يحتاج الى التعاون اما من أجل زراعة الفطريات و اما من أجل العناية بالصغار و اطعامهم بقايا تحتوى على البكتيريا المطلوبة لتنتشر فى جهازهم الهضمى منذ الصغر. هكذا و بمنتهى البساطة تفترض نظرية التطور أن النمل سيفهم الزراعة و علوم البكتيريا و تفاصيل انزيمات الهضم ثم يبرمج نفسه أو تبرمجه أخطاء نسخ الحمض النووى مع الانتخاب الطبيعى على التعاون للحصول عليها و البناء للحفاظ عليها!!! و من المدهش أيضا أن الكثير من التفسيرات التطورية للتعاون تعتمد على احتياج الكائنات الاجتماعية له حتى تتمكن من بناء أعشاشها المعقدة و بالتالى فتطور القدرة البنائية أدى الى على تطوير التعاون فلا هم فسروا كيف تطورت القدرة البنائية و لا كيف تطور التعاون!!!حسنا ان الطائرة و السيارة غير مصممين لأننا نحتاج اليهم للتنقل و المبانى غير مصممة لأننا نحتاج اليها فى المعيشة و بالتالى فقد نشات هذه “الابتكارات التطورية” بلا علم أو تصميم بل بأخطاء عشوائية انتقى منها الانتخاب الطبيعى لأن المجتمع الذي يمتلك طائرة و مبنى فرصه فى البقاء و الانتشار أكبر من الذى لا يمتلك! ما هذا المنطق؟ هكذا يمكن أن تجد شخصا يلوح فى وجهك باقتباس من بحث أو كتاب يزعم أنه فسر منشأ التعاون بالية تطورية و عندما تقرأه تجد هذه المسخرة!!


تحديث: بحث جديد يوضح أن النمل يقوم بتعديل تصميماته البنائية عند الاصابة بالأمراض فيقوم بالمباعدة بين مداخل الأنفاق لتصعيب انتشار العدوى و تعديل مواقع الموارد الهامة و الملكة بابعادها عن مركز العش الذى قد يتردد عليه الأفراد كثيرا أثناء تنقلهم ناهيك عن قيام الأفراد المصابين بقضاء وقت أطول فى وظاف خارج العش. بعبارة أخرى يقوم النمل باجراءات حجر صحى لمنع انتشار المرض مضيفا بذلك برنامج بناء و عمل جديد الى برامجه السابقة يعمل كخطة طوارئ لمكافحة الأوبئة. و كما نعلم جميعا فان نظرية متخلفة ما ستقول لك: بما أن هذا يساعد على البقاء فقد أنتجته أخطاء النسخ!


"Ants changed the architecture of their nests when exposed to a pathogen" ScienceNews (September 2024)


المصادر:


J. Scott Turner "The Extended Organism: The Physiology of Animal-Built Structures"(2002)

Eric Cassell "Animal Algorithms" (2021)

Bert Hölldobler and Edward O. Wilson "The Superorganism: The Beauty, Elegance, and Strangeness of Insect Societies" (2008)

-مصادر و مقالات متنوعة






106 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page