top of page
Search
Writer's pictureIllidan Stormrage

الفطرة الحيوانية: خوارزميات نمو الفرد و المستعمرة

Updated: Oct 27


The colony as a whole-the superorganism- contains feedback loops of communication among nestmates that regulate both the proportions of castes and the tasks they undertake

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 155


المستعمرة ككل -ككائن واحد-لديها طرق تواصل و نقل معلومات لتنظيم طبقات العمال و مهماتهم


لاحظ أننا و ان كنا قسمنا برنامج عمل هذه الكائنات الى فرعين سلوكى و نمائى الا أن هذا لا يعنى أنهما منعزلين بل هما يتبادلان التأثير فسلوك الكائن و سلوك من حوله يؤثر على نموه و الطريقة التى سينمو بها ستؤثر على سلوكه و وظائفه فى الجماعة.


تحدثنا فى المقالة السابقة عن بعض نماذج البرامج السلوكية التى تحكم مخلوقات المستعمرة و التى تصل بهم الى درجة من التنسيق تجعلهم و كأنهم كائن واحد الا أن السلوك ليس كل شئ فالقيام بأى مهمة يتطلب امتلاك الأدوات المطلوبة لهذه المهمة فمثلا هناك غدد تفرز طعاما للصغار و غدد أخرى تفرز مواد بناء و غدد ثالثة تفرز مواد كيميائية تعمل كاشارات تخاطب و تواصل و غدد رابعة قد تفرز مواد وقائية مضادة للبكتيريا و يجب أن تنشط السمات الملائمة للدور الذى يقوم به الكائن الان من بين كل السمات المخزنة فى الحمض النووى.


برنامج النمو: الأفراد


فى حالة النحل مثلا يخضع تنظيم هذه الغدد و أيها ينمو و أيها يضمر الى الدور الذى تقوم به النحلة حاليا و المرتبط بعمرها فكل مرحلة عمرية تتميز بالتركيز على أدوار معينة و بالتبعية تنشيط السمات المطلوبة لهذه الأدوار و تثبيط السمات الأخرى الغير مطلوبة حاليا. فى النمل يزيد الموضوع أكثر من هذا فالمسألة تتجاوز نمو و ضمور غدد الى حدوث اختلافات مورفولوجية (تشريحية) كبيرة بين فئات العمال المختلفة من البداية فرأس كبيرو فكوك عملاقة أنسب للقتال بينما رأس صغير بفكوك دقيقة أنسب للعناية باليرقات و لهذا يمكننا أن نجد الشغالات منذ اللحظة الأولى ينقسمن الى أنواع مختلفة حسب الطبقة التى ينتمين اليها. ان الوظائف كثيرة و متنوعة كالبناء/الاصلاح و التهوية و البحث عن الطعام و العناية بالصغار و غير ذلك و هناك وظائف عامة تقوم بها العاملة ان كانت بقربها و لا تفعل شيئا اخر و وظائف ذات أولوية عالية تشبه دق جرس الانذار و وظائف متخصصة تتطلب أفراد بصفات معينة و يمكن دعمهم بأعداد أكبر من العمال العاديين عند الحاجة و يتم تنسيق توزيع العمال بين الوظائف وفق احتياجات المستعمرة و مدى أولوية الوظيفة و يتم تغيير أولويات العمل و تعديل عدد العاملين فى أى نشاط أولا بأول مع تغير ظروف و متطلبات الخلية real time processing معنى هذا أننا أمام برنامج ادارة متخصص و شامل و مرتب الأولويات


Elva kobinson et al., “Flexible Task Allocation and the organization of work in ants” Proceedings of the Royal Society B 276 (2009): 4373


Thomas Seeley “Honey Bee colonies are group-level adaptive units” American Naturalist 150 supplement (1997): S22


“The honey bee Colony as a super organism” in “Exploring Animal Behavior: Readings from American Scientists” (2010): 369-370


لا تمتلك هذه المستعمرات متخذ قرار مركزى فما يسمى الملكة وظيفتها الأساسية هى التكاثر و مع ذلك فالجماعة بشكل ما قادرة على رصد اجمالى حالة المستعمرة و تنسيق متطلبات العمل. سنتطرق فى مقال قادم ان شاء الله الى الاشارات الكيميائية و الحركية و الصوتية المختلفة التى يتم استخدامها للتواصل و نقل المعلومات و اتخاذ القرار الجماعى و لكننا سنركز الان على جانب السمات الجسدية المطلوبة لأداء هذه الوظائف المختلفة و كيف يتم تفعيلها عند الطلب.


ان الطبقات castes التى تقوم بالوظائف المختلفة لا يعتمد وجودها فقط على الوراثة الجينية فكل واحدة من الشغالات لديها نفس الجينوم بل يعتمد على برنامج عمل لادارة الموارد السكانية للخلية و تحديد من سيعمل فى أى مجال وفق احتياجات المجتمع و بالتبعية تحديد أى الجينات الوظيفية سيتم تفعيلها فى اليرقات فمثلا عند احتياج مجتمع النحل الى اناث منتجة للصغار (ملكات) بسبب وصول الملكة الحالية لسن معين أو انخفض خصوبتها(تعرفه الشغالات من خلال قياس فيرموناتها) أو موتها أو وصول المستعمرة الى مرحلة تشبع سكانى تحتاج معه الى تأسيس عش جديد تبدأ الشغالات فى اطعام بعض اليرقات وجبة خاصة تؤدى بالتبعية الى تفعيل الجينات و اليات النمو المطلوبة فى هذه اليرقات للتحول الى ملكات (طبعا أخطاء النسخ أيضا أضافت الى غذاء اليرقات عناصر للحماية من العدوى و مقاومة الأمراض مثل بروتين defensin و لكن هذه قصة أخرى)


Jurgen Tautz “The Buzz about bees: Biology of a superorganism” (2008): p. 46, 151-153


Amy Toth and Sandra Kehan “Molecular Evolution of insect sociality: An Evo-Devo perspective” Annual Review of Entomology 62 (2017): 424


و فى حالة أخرى ربما تكون هناك حاجة أكبر الى شغالات متخصصات أكثر فى دور معين (بحث عن الطعام عند قلة الطعام – بناء عند الحاجة الى توسعة العش) هنا تقوم الشغالات كما شرحنا فى المقال السابق بتعديل درجة حرارة أماكن تخزين اليرقات للوصول الى درجة مثالية. ان درجة الحرارة المثالية هذه تتغير حسب احتياجات الخلية فأعضاء الخلية عادة ما ينقسمون الى شغالات عامة لا تبرع فى مجال بعينه يتم تجنيدها لدعم المتخصصين بأعداد أكبر حسب الحاجة و فئات متخصصة (بحث عن طعام/بناء/عناية باليرقات/تبريد /تدفئة...الخ و تجيد الفئة مجال تخصصها أكثر مما تجيد وظائف اخرى و ان كانت قادرة على القيام بالوظائف الأخرى أيضا حسب سنها و حسب احتياجات الخلية) و درجة الحرارة التى تنمو فيها اليرقة تعتبر من العوامل المؤثرة على التخصص الذى ستأخذه لاحقا لأنها تحدد أى الجينات سيتم تفعيله و أيها لا و بالتالى أى الوظائف ستكون الشغالة أكثر براعة فيها و ميلا للقيام بها أى أن منظومة التحكم فى درجات الحرارة لا تتأثر فقط بدرجة حرارة البيئة بل تأخذ خوارزمية اتخاذ القرار فى اعتبارها احتياجات المستعمرة مما يزيدها تعقيدا كما أنها تتطلب معرفة ببيولوجيا اليرقات و أى جينات تتفعل عند أى درجة حرارة و لو انتظر النحل حتى تضبط له أخطاء النسخ هذا السلوك عبر الأجيال لهلكت اليرقات و هلك النحل و انقرض.


Artificially rearing bee pupae at the different temperatures normally existing in an undisturbed beehive has shown that the frequency of the specific behavioral activities they undertake is dependent on the temperature at which they were raised. Bees that emerge from cooler pupae primarily undertake tasks that differ from those of bees stemming from warm pupae...The influence of temperature on metamorphosis is known from many experiments on other insects. Unique to honeybees is that they themselves determine the temperature at which their sisters will develop...Specified levels in a bee colony, such as the optimal size of the brood nest, or the amount of pollen store, can vary considerably with the seasons, and the ability of the superorganism to continually adjust to these changes is an expression of its plasticity...Individuals that are occupied with other tasks can be redirected to the new activity, although this may lead to conflicts concerning the execution of the two different activities. Individuals from a "quiet reserve'" can be deployed...This adaptability of the system rests on a genetic component expressing itself in the deliberate raising of particular specialists in disproportionate numbers.

Jürgen Tautz et al.,"The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism"(2008)p. 232, 254, 265

أى أن برنامج عمل هذه الكائنات و ان كان مقسم الى فرعين سلوكى و نمائى الا أن هذا لا يعنى أنهما منعزلين بل هما يتبادلان التأثير فسلوك الكائن و سلوك من حوله يؤثر على نموه و الطريقة التى سينمو بها ستؤثر على سلوكه و وظائفه فى الجماعة.أيضا كثيرا ما يتبادل البرنامجان الرسائل و التأثير فمثلا فى حالة النحل تنتقل العاملات من وظيفة الى أخرى عادة حسب التقدم فى العمر و الذى يؤثر على مستويات الهرمونات فتنمو أو تضمر الغدد المرتبطة بالوظائف بالتوازى مع تغير البرنامج السلوكى و معدلات الاستجابة للمؤثرات المرتبطة بوظيفة أو أخرى (مثلا المرحلة العمرية الأولى: عناية باليرقات = غدد تنتج طعام + استجابة عالية للمؤثرات داخل الخلية – المرحلة العمرية الثانية: البحث عن الطعام = غدد تنتج انزيمات تحويل الرحيق الى عسل + استجابة أقل للمؤثرات داخل الخلية) لكن اذا اقتضت حاجة الخلية شيئا ما يتم تعديل البرنامج النمائى فنحلة انتقلت الى مرحلة البحث عن الطعام تضمر غدد الشمع (البناء) لديها و لكن ان احتاجت الخلية الى بناءات أكثر مما هو موجود يتم عكس البرنامج و اعادة تفعيل نمو غدد البناء مرة أخرى لتخرج من حالة الضمور و العكس صحيح فخلية خسرت عددا كبيرا من الباحثين عن الطعام بسبب عاصفة مثلا أو تعانى لأى سبب اخر من نقص الغذاء ستقوم بتسريع معدل نمو الشغالات داخل الخلية ليصلوا الى مرحلة البحث عن الطعام فالبرنامج لا يسير فى اتجاه واحد بل لديه اليات رصد بيئة و رد فعل feedback تجعله يعود الى خطوات سابقة ان اقتضى الأمر أو ربما يتم تأجيل خطوة ما حسب الحاجة طبقا لحالة الخلية أو بسبب رسائل كيميائية من الملكة/اليرقات مثلا تنظم عشرات الجينات فتؤجل النمو مثلا و تجبر الشغالات على البقاء فى مرحلة العناية باليرقات فترة اطول


Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 102 - 106


Christina M Grozinger et al., "Pheromone-mediated gene expression in the honey bee brain" PNAS Vol. 100 | No. suppl_2 (November 25, 2003): 14519-14525


"Social Control of division of labor in honey bee colonies" in Claire Detrain et al., "Information Processing in Social Insects" (1999)


و كأمثلة عملية: هناك عمليات تنظيمية و جينات تؤثر على سلوك الحشرة و هل تقوم بالحركة و البحث فى نطاقات ضيقة أم واسعة يتم الانتقال بينها وفقا لعمل الحشرة فى نطاق ضيق (الخلية) أو نطاق واسع (البحث عن الطعام) كما أن فيرمونات اليرقات عند النحل تحفز غدد انتاج الغذاء لدى الحاضنات كما تعطل أيضا عملية الانتقال من طور نمو الحاضنات الى طور نمو البحث عن الطعام


studies in the eusocial honey bee, Apis mellifera, have demonstrated that the expression of Amfor and PKG activity increase in the brains of worker bees as they make the transition from in-hive tasks to foraging outside the hive, and treatment of young bees with a PKG activator results in a precocious transition to foraging activity, possibly by switching the innate phototaxis behavior of workers from negative to positive. Following the studies in the fly and honey bee, for and cGMP signaling were further implicated in the regulation of feeding and food-search behavior in diverse insect species, including studies in various ant species, bumblebees, social wasps, beetles, locust, as well as in nematodes and other animal clades.

Yehuda Ben-Sharar “Epigenetic switch turns on gene behavioral variations” PNAS 114, no. 47 (2017): 12365-12367


Tanya Pankiw, William L Rubink "Pollen Foraging Response to Brood Pheromone by Africanized and European Honey Bees (Apis mellifera L.)" Annals of the Entomological Society of America, Volume 95, Issue 6, 1 November 2002, Pages 761–767


Y Le Conte et al., "Primer effects of a brood pheromone on honeybee behavioural development." Proceedings of the Royal Society B, Biological Sciences, 22 January 2001 Volume 268Issue 1463


A Mohammedi et al., "Effect of a brood pheromone on honeybee hypopharyngeal glands" C R Acad Sci III, 1996 Sep;319(9):769-72.


اننا لا نتحدث عن مجتمع يتوارث جينات بشكل الى تتحكم فيه بشكل حتمى و يتم تنفيذ التعليمات الموجودة فيها بشكل أوتوماتيكى رتيب يخضع لالية انتخاب عمياء سواء انتخاب طبيعى أو انتخاب على مستوى الجماعة أو انتخاب أقران kin selection/ group fitness بل عن مجتمع يمتلك "عدة عمل" Toolkit متكاملة لأداء وظائف التكاثر و البناء و القتال و رعاية الصغار...الخ و يتحكم هذا المجتمع فى أى من هذه الخصائص سيتم تفعيلها و بأى قدر وفقا لاحتياجاته Kin decision/group management. و هذا قريب من المعنى الذى ناقشناه سابقا عند الحديث عن الانتخاب الطبيعى: ان وجود التباينات ليس مجرد عملية عشوائية صدفوية تصادف أن حدثت فى تاريخ الكائن historical contingency و عمل عليها الانتخاب بل ان وجود التباينات فى الجماعة الحية أصل فى تصميمها لتمكينها من التعامل مع نطاق أكبر من الظروف بمرونة دون أن تفنى عن بكرة أبيها و هو ما يسمى أحيانا population hedge strategies سياسات الاحتياط و طبعا يتم نسبته بدون أى دليل الى مصطلح التطور الأجوف الذى يستوعب أى شئ و يصنع أى شئ. عندما ننتقل بنفس المفهوم الى الجماعات المتعاونة (الكائن الفائق) فمعنى هذا أنه-و الى جانب وجود برنامج النمو المعقد فى حد ذاته فهناك برنامج اخر يتحكم فى برنامج النمو لتحديد أى مسار سيتم اتخاذه و بالتبعية فكأى برنامج كمبيوتر (خوارزمية) لاتخاذ القرار يجب أن يمتلك اليات لرصد الظروف و أولويات و ضوابط ليقارن بها بيانات الوضع الحالى و الية اتخاذ قرار و ترجيح.


ان مثل هذه الخوارزمية تتطلب كما ضخما من المعلومات كوجود علم مسبق بما يمتلكه الكائن فى جيناته و كيف يمكن تفعيله (مثلا امكان التحكم فى تفعيل جينات معينة عن طريق الغذاء و ما هى الوجبة المطلوبة – امكان تعديل التحكم فى جينات التخصص و الوظائف بدرجات الحرارة و ما هى درجة الحرارة المقابلة لكل تخصص ) و متى يتم اتخاذ القرار (مثلا وصول الملكة الى سن معين أو انخفاض عدد الاناث المنجبات تحت مستوى معين أو وصول المستعمرة الى مرحلة سكانية تتطلب التوسع و انشاء مستعمرة أخرى). و طبعا وجود عملية "احصاء و اتخاذ قرار" على مستوى المجتمع ككل لمقارنة الحالة العامة بالشروط المطلوبة.


Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008) : 100


Bert Holldobler and E. Wilson “Journey to the Ants: A Story of Scientific Exploration” (1994) : 40

حاول أن تتخيل سلسلة من أخطاء النسخ تنتج شيئا كهذا فى خطوات نافعة. تحتاج الى انتاج المعدات hardware فى الجينات التى ستجعل السمات التشريحية و الغدد موجودة و بالتوازى مع هذا تحتاج الى وضع المفاتيح المناسبة لكل حزمة صفات (حرارة/طعام...الخ) و بالتوازى مع هذا تحتاج الى برمجة الجهاز العصبى للحشرة على السلوك الذى سيفعل المفتاح الجينى و الا فان الجينات بمفاتيحها ستقبع دول تشغيل و بالتوازى يجب ضبط هذا السلوك ليحدث بدوره عن شرط معين و الا فان الجينات الخطأ سيتم تفعيلها فى الظروف الخطأ.


أمر شبيه يحدث فى النمل حيث يتم أيضا التحكم فى برنامج نمو اليرقات لتفعيل الجينات المطلوبة اذ أن برنامج نمو اليرقة يمر بعدة مراحل اتخاذ قرار لتحديد أى الجينات سيتم تفعيله (مثلا هل نحتاج الى محاربين؟ اذن نفعل جينات الرأس الكبير و الفكوك القتالية) و يحدد برنامج نمو اليرقة مدخلات عملية اتخاذ القرار Boolean Operation عن طريق تلقيه لمعلومات أخرى من برنامج ادارة الجماعة الحية الذى يرصد ظروفها و احتياجاتها فى الوظائف المختلفة فيقسم المتطلبات على اليرقات ليخرج عمالا فى التخصصات المطلوبة بنسب متوافقة مع احتياجات المستعمرة. من جديد نموذج اخر لما يسمى فى علوم البرمجيات distributed/Grid computing عندما تكون هناك خوارزمية عمل موزعة على عدد من الأجهزة (أفراد المجتمع) ليقوم كل "جهاز" بدوره الصغير ثم يتم دمج و معالجة اجمالى النتائج و البيانات لتحديد حالة الجماعة ثم اتخاذ القرار وهو ما يتطلب بدوره و وجود اليات لتوزيع و نقل المعلومات (الفيرمونات التى سنناقشها فى المقال القادم ان شاء الله).


“colony-level regulatory processes control the expression of caste generating gene sets...depends on social environmental factors-such as nutrition-that are regulated by the colony...controlled by social feedback loops”

“elaborate systems of communication (social physiology) that facilitate collective decision making in every domain of colony life”

Brian Johnson and Timothy linksvayer “Deconstructing the super organism: Social Physiology, Groundplans, and Sociogenomics" The Quarterly Review of Biology Vol. 85, No. 1 (March 2010), pp. 57-79

Guy Bloch et al., "Endocrine Influences on the Organization of Insect Societies" Hormones, Brain and Behavior Volume Three, 2002, Pages 195-235 (p.215)


و فى النمل لا يكون الاعتماد على الملكة حصريا من أجل التكاثر فبعض السلالات تستخدم أفراد من عامة عمال المستعمرة بشرط اثباتهم قوتهم و سطوتهم على الاخرين و هؤلاء يدخلون فى ما يشبه المناوشات أو الاشتباكات و استعراض القوة التى تحفز نمو المبايض بينما الهزائم فيها تقود الى ضمور المبايض و بهذا تتحكم عوامل سلوكية و اشارت حركية فى برنامج النمو و لا يكون مجرد تعليمات يتم تنفيذها بالتوالى بشكل أعمى و فى المقابل هناك برنامج عمل لدى باقى العاملات لرصد أى عاملة تخرق النظام و تضع البيض و القيام بمناورات حركية معينة معها تؤثر سلبا على نمو مبايضها (طبعا تمييز هؤلاء ابتداءا يتم بالقدرة على التقاط و ادراك معنى اشارات كيميائية معينة فيهم) بل و أحيانا يتم التقاط انخفاض معدل الخصوبة لدى مسئول التكاثر الحالى و بالتبعية القيام "بتنحيته" من قبل شرطة المستعمرة عن طريق نفس المناورات الحركية التى تؤثر على برنامج النمو"لتولية الأصلح"


This immobilization negatively affects ovarian development in the policed individual. Based on Thibaud Monnin and Christian Peeters, "Dominance hierarchy and reproductive conflicts among subordinates in a monogynous queenless ant" Behavioral Ecology, Volume 10, Issue 3, May 1999, Pages 323–332,

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 341 – 352, Fig. 8-10 p. 358


Virginie Cuvillier-Hot et al., "Reproductive monopoly enforced by sterile police workers in a queenless ant" Behavioral Ecology, Volume 15, Issue 6, November 2004, Pages 970–975


J. Liebig et al., "Worker policing limits the number of reproductives in a ponerine ant" Proceedings of the Royal Society B, Biological Sciences, Volume 266 Issue 1431 (22 September 1999)

من جديد يظهر أن برنامج النمو ليس مجرد تعليمات جينية يتم تنفيذها تباعا (و ان كان هذا فى حد ذاته معقد و يتطلب تفسيرا) بل البرنامجان السلوكى و النمائى يتبادلان التأثير فسلوك الكائن و سلوك من حوله يؤثران على نموه و الطريقة التى سينمو بها ستؤثر على سلوكه و وظائفه فى الجماعة فتنظيم البرنامج ذاته سيتأثر بالمعدات hardware و الاشارات القادمة من الخارج التى بدورها تصدر وفق خوارزمية أخرى لدى الملكة أو "الزملاء" يجب أن تجتمع مراحلها بالشكل الصحيح فالشرطة يجب أن تقوم بالمناورات الحركية الصحيحة و الهدف يجب أن تبرمج جيناته على الاستجابة لهذه المناورة تحديدا و ليس غيرها و تكون الاستجابة الصحيحة (تثبيط المبايض عند الهزيمة و تنشيطها فى الحالات الأخرى) و الاشارة الكيميائية للخصوبة يجب أن تنتجها الطفرات و تنتج الية استشعارها و ضبط رد الفعل الصحيح فلا يتم الهجوم مثلا فى حالة خصوبة جيدة – كل هذه الأجزاء من الخوارزمية من hardware و software يجب أن تنتجها و تضبطها أخطاء النسخ من بين عدد يكاد يكون لا نهائى من الاحتمالات.


مثال مشابه من عالم النحل لتفاعل الالية النمائية مع السلوك هو صراع الملكات. عندما تبدأ مستعمرات النحل فى انتاج الملكات لتقود كل ملكة سربا لانشاء مستعمرة جديدة و تبقى واحدة فى المستعمرة الأصل أحيانا يحدث أن ينتهى نمو أكثر من يرقة فى توقيتات متقاربة فتخرج الى الوجود ملكة بينما المستعمرة تضم ملكة أخرى بالفعل فتقتتلان – لكن هناك الية لتجنب هذا و هو توجه الملكة الأولى بسرعة الى الملكة التى على وشك انهاء النمو واطلاق اشارت صوتية. تستجيب الملكة النامية لهذه الاشارات الصوتية (و كذلك العاملات المعتنيات بها) و تتوقف عن اتمام العملية و الخروج من حجرة النمو لحين هجرة السرب القديم


the first emerging queen engages in a vibratory dialogue with the queen still enclosed in her cell. The signals used in this communication are loud enough to be heard some distance from the hive. The firstborn queen “toots” after she emerges from her cell. Workers helping the next queen in emerging become motionless when they receive this signal. Occasionally, the “toot” is answered with a “quack” from the queen still in her cell. The curious duet delays the emergence of this second queen, and avoids the conflict that would follow if she did.

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008): p. 133


من جديد نموذج لديناميكية الالية النمائية و تفاعلها مع مؤثرات متعددة و برمجة الأعضاء الاخرين على القيام بهذه المؤثرات فى التوقيت الصحيح و الظرف الصحيح – نموذج على تعقيد مدهش فى برنامج ادارة الخلية.


من السهل جدا على التطورى الان أن يؤكد لك أن كل شئ تم تفسيره لأن هذا هو الأفضل للياقة المستعمرة و بالتبعية انتقاه الانتخاب و كنا قد فسرنا فى مشاكل الانتخاب الطبيعى و انتخاب ذوى القربى من قبل و لكن السؤال الحقيقى هو كيف أنشأت أخطاء النسخ التدريجية كل هذه الخوارزميات المعقدة المتكاملة التى تنسق سلوك الأفراد و تعاملهم مع بعضهم و نمو مبايضهم و تربط تعاملاتهم بدقة بكميات الهرمونات الموجودة فى أجسادهم بحيث تؤثر نسبة هرمون الخصوبة على التعامل و يؤثر التعامل على نسبة الهرمون و يضبطها؟ الحل معروف طبعا: لابد أنها قد تطورت بسرعة شديدة – طالما هى موجودة اذن التطور صنعها بالتأكيد


Genes involved in signal transduction, gland development, and carbohydrate metabolism are among the most prominent rapidly evolving genes in eusocial lineages

S. Hollis Woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


Strong empirical evidence that natural selection has produced adaptive units at the group level comes from studies of social insects in which we find colonies in certain species functioning as highly integrated units... Recent experimental analyses of honey bee colonies have revealed striking group-level adaptations that improve the foraging efficiency of colonies, including special systems of communication and feedback control. These findings are reviewed with the aim of showing that evolution has produced adaptively organized entities at the group level.

Thomas Seeley “Honey Bee colonies are group-level adaptive units” The American Naturalist Volume 150, Number S1 July 1997 supplement: S22


لدينا أدلة قوية على أن الانتخاب الطبيعى قد أنتج تكيفات على مستوى المجموعة من دراسة مستعمرات الحشرات الاجتماعية التى تعمل كوحدة متكاملة...دراسة مستعمرات النحل أظهرت تكيفات مذهلة و طرق تواصل و نقل معلومات تحسن من الأداء. نعرض لكم هذه الاكتشافات بهدف اثبات أن التطور يمكنه أن يصنع مجموعات منسقة.

فعلا؟ هذا هو الدليل؟ وجدتموها اذن التطور يستطيع أن يصنعها!


كيف حدث هذا؟ اله فجوات نظرية التطور: الانتخاب الطبيعى! ان التطوريون يضعون "مسلمة" تقول أنه اذا كان السلوك مفيدا فسيأتي به الانتخاب الطبيعى مهما كان معقدا أو مستحيل الحدوث كما تبين الكثير من تصريحاتهم الدوغمائية كتصريح توماس سيلى أحد أكبر دارسى النحل المذكور أعلاه أو جملة جون ماينارد سميث "لقد كنا نظن التطور لا يصنع أشكالا دائرية حتى وجدناها فعلمنا أنه يصنع أشكالا دائرية" أو جملة دوكنز الشهيرة "طالما الشئ موجود اذن فقد تطور" و غيرها من تصريحاتهم الدوغمائية التى ذكرنا أمثلة عليها فى مقالات سابقة و التى تدور كلها حول القدرات الخارقة للانتخاب الطبيعى و أنه "على كل شئ قدير"


Observing that something is complex and diverse is evidence that an evolutionary process created it, rather than an engineer.

PZ Myers "Creationist thinks evo-devo ‘refutes’ evolution" Free Thought Blogs (7 March 2023)


“...the same processes that determine the evolution of other complex traits: whenever selection persistently favors the simultaneous optimization of multiple traits, genetic correlations among these traits will evolve”

Francisco Pulido “The genetics and Evolution of Avian Migration” BioScience 57, no.2 (2007): 166-170


و وفقا لهذا الايمان الأعمى بقدرات التطور و كرامات الانتخاب الطبيعىه طالما السلوك موجود فى كائن ما فان هذا دليل على أن التطور قادر على انتاجه مهما بدا هذا مستحيلا و كما تقول التعليقات بالأعلى فان الانتخاب الطبيعى اذا استحسن شيئا فان هذا الشئ سيحدث و اذا وجدنا شيئا معقدا و متنوعا فهذا أكيد من صنع التطور و ليس من صنع مهندس (الأشياء المعقدة و المتنوعة تكون صنيعة أخطاء النسخ و ليست صنيعة مهندس أو مصمم -لا تعليق...هذا هو "المنطق" الذى يقود الى التطور)


أى أنهم ينفون عن الانتخاب الطبيعى الحدود مسبقا و يفترضون أنه كلى القدرة و بعد ذلك يضعون نماذج رياضية بناءا على هذه المسلمة المسبقة لمدى فائدة السلوك للجماعة و مقدار الموازنات المطلوبة لحدوثه بين مصالح الفرد و المجتمع و غيرها من التفاصيل مؤكدين أن هذه أدلة على قدرات الانتخاب بعد أن افترضوا ابتداءا أنه من فعلها و كأن فائدة السلوك ستؤدى أوتوماتيكيا الى ظهوره بل و الأخطر و كأن الانتخاب الطبيعى كائن متعالى كلى القدرة قادر على رصد المجتمعات و الجماعات الحية ككل لتحديد ما هو أفضل لها على المدى البعيد باليات طبيعية محدودة جدا كالتكاثر و الوراثة و أخطاء نسخ الحمض النووى. اننا لا نتحدث عن عملية عمياء قائمة على التكاثر و تمرير الجينات بل عن نموذج معاكس للبيئة و الطبيعة يتم فرضه فرضا عليها باليات معقدة و صارمة هدفها "معاكسة" الطبيعة لا السير وفقا لها عن طريق منع بعض الكائنات/الصفات/الجينات من التكاثر ثم "انتاجهم" حسب الحاجة أى أننا لا نتحدث عن kin/group selection أو inclusive/indirect fitness بل نتحدث عن kin/group decision و Targetted fitness...اننا نتحدث عن عملية غائية معاكسة للطبيعة تتطلب تصميما علويا Top down


و هذا السلوك الغير تطورى بالمرة قد ظهر فى الواقع أكثر من مرة بشكل مستقل ففى النحل فقط يظهر 6 مرات دون سلف مشترك للسلالات التى ظهر فيها كما يظهر اجمالا 11 مرة تشمل مئات الجينات بدون سلف مشترك


Eusociality has arisen independently at least 11 times in insects...Additionally, eusociality has been gained independently at least six times in the bees, more than in any other group. These features make it possible to compare multiple, independent origins of different social lifestyles among relatively closely related species.

S. Hollis Woodward et al., “Genes involved in convergent evolution of eusociality in bees” PNAS 108, no. 18 (2011): 7472


أضف الى هذا مشاكل أخرى تواجه الفرضيات التطورية لأصول البرامج النمائية مثلا فى حالة النمل من المفترض "اطفاء" الجينات التنظيمية للجناح لانتاج طبقة العمال و الفرضية التطورية تقول أن هذا حدث فى الطلائع الأولى لتطور النمل من الدبابير و لكن تحليل جينات الأجنحة وجد أنها "مطفأة" بطرق و مفاتيح مختلفة فى سلالات مختلفة مما يتنافى مع انحدارهم من سلف مشترك و كالعادة يبدأ التطورى فى تأليف القصص بدلا من الاعترف بالمشكلة فاما أن النمل تطور (بكل هذه الخوارزميات و الامكانيات) أكثر من مرة بدون سلف مشترك موحد و اما أن "التطور" قام بتغيير الجينات المطفأة أكثر من مرة ليخدع الباحثين الشرفاء الدارسين لصنيعته.


different species shut down different genes. The original genome has remained the same, bur somehow the gene expression pattern producing wingless workers has shifted around during the evolution of the ants. Either that or the more than 14,000 known species of ants as a whole are polyphyletic, with two or more lines having evolved independently from the alate wasp ancestors

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2009): p. 77


E. ABOUHEIF AND G. WRAY "Evolution of the Gene Network Underlying Wing Polyphenism in Ants" SCIENCE 12 Jul 2002 Vol 297, Issue 5579 pp. 249-252

physiology, groundplans and sociogenomics” The quarterly review of biology 85, no.1 (2010): 66-68, 73


و كما فسرنا من قبل عند الحديث عن التنادد و تضارب أشجار الحياة التطورية فان هذا النمط من المشاكل شائع جدا


لاحظ أننا وسط كل هذا لم نتطرق الى طبيعة الالية النمائية ذاتها و التى هى برمجة من نوع اخر. كنا قد أوردنا سابقا أمثلة على مدى تعقيد و تكامل البرامج النمائية بشكل عام و فى حالتنا هذه سنتعرض لمثال من اليات النمو. فى النمل يخضع نمو جسد الحشرة الى معادلة y=bxaحيث y و x هى أبعاد ما يسمى أقراص الأنسجة imaginal discs و a و b هما ثوابت. هذه المعادلة بمفردها تجعل الأقراص و بالتبعية الأنسجة و الأعضاء و الغدد التى تنمو منها لا تنمو بشكل متماثل فى كل اليرقات بل تنمو بشكل غير متماثل disproportionate growth و تختلف باختلاف سرعة/فترة نمو اليرقة و الفترة بدورها تتأثر بمتطلبات الجماعة. ليس هذا فقط و لكن لأن هذا النمط سيجعل التباينات تظهر فقط فى العاملات كبيرات الحجم (هن من يحتجن وقت أطول للنمو) فقد "أضاف التطور نقاط اتخاذ قرار أخرى أثناء تنفيذ خوارزمية النمو" (حسب تعبير الباحثين العجيب) حتى يتم تعديل القيم الثابتة حسب الحاجة لانتاج تنوعات فى العاملات صغيرات الحجم أيضا


In more advanced stages of evolution, decision points are added to the growth algorithm, so that when a larva has reached a certain size or greater by a particular time in its overall growth, the allometry parameters increase or decrease. As a final result, the smallest minor workers usually end up even more different from the largest major workers than if the magnitude of allometry had stayed constant.

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p.147



Rainer Wirth et al., "Herbivory of Leaf-Cutting Ants: A Case Study on Atta colombica in the Tropical Rainforest of Panama" Ecological Studies (volume 164) p.14

طبعا لن نعلق على التفسير التطورى الرائع الذى يفترض أن أخطاء النسخ ستعمل كمبرمج ينتج معادلة مضبوطة بدقة لادارة نمو الأنسجة و تقوم باضافة نقاط اتخاذ قرار أيضا الى جانب تصميم الأعضاء و الغدد التى ستتحول اليها هذه الأنسجة بعد اكتمال العملية و طبعا تربط نقاط اتخاذ القرار بالمؤثرات و المتطلبات الصحيحة. لاحظ أنه فى بعض الأحيان تكون التنويعات أكثر من ثنائية صغير/كبير باضافة عمال متوسطين medians و اخرين شديدى الضخامة supermajors و المسألة ليست فروق حجم جسد فقط بل فروق تشريحية كذلك فى الجسد و الأعضاء فمثلا بفضل هذه المعادلة النمائية المضبوطة بدقة و تفاعل أقراص الأنسجة معا تصبح الغدد المسئولة عن افراز طعام اليرقات فى أضخم حجم ممكن فى أصغر العاملات و اللاتى يتصادف كونهن ذوات الحجم الأنسب للتعامل مع اليرقات بينما غدد افراز الكيماويات التى تستخدم فى اقتفاء الأثر فى أضخم حالاتها لدى العمال متوسطى الحجم و الذين و ياللصدفة هم الحجم الأنسب للبحث عن الطعام و بالتالى هم من يحتاج هذه الغدة.


Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p. 150 – 151


برنامج النمو: المستعمرة


و برنامج النمو لا يحكم تحول اليرقات الى أفراد بالغين بصفات و تخصصات متنوعة فحسب بل هناك برنامج اخر يحكم نمو الكائن الفائق نفسه (المستعمرة) و يتصل و يتفاعل مع برنامج نمو الأفراد.


عند وصول المستعمرة الى حالة لا يتحمل فيها العش أفراد أكثر (و هناك حالات أخرى كذلك) يبدأ تنفيذ برنامج تكاثر و نمو على مستوى المستعمرة فمثلا فى النمل المزارع تبدأ الملكة عدة خطوات مبرمجة فيها فتقوم بتخزين بعض الفطر لتستخدمه فى انشاء مزرعة جديدة فى العش الجديد و ترحل عن العش الى مكان بعيد و تحفر تحت الأرض و تغلق على نفسها و تبدأ فى زراعة حديقة جديدة و لا تأكل منها حتى لا تخاطر بنفاذ مخزون الفطر الذى يشكل نواة اقتصاد المستعمرة الجديدة و مصدر غذاءها (رأس المال) و بالتالى يفشل مشروع المستعمرة.


و هنا يحدث تداخل و تنسيق بين برنامج نمو و تكاثر المستعمرة (الكائن الفائق) و برنامج نمو الأفراد. تتميز أنواع النمل المزارع من فصائل Atta و Acromyrmex بنطاق كبير جدا من التباينات فى أحجام العمال كما هو موضح فى الصورة أعلاه و هى تباينات مطلوبة للتعامل مع تخصصات و نباتات مختلفة و لكن انتاج كل هذه التباينات فى البداية سيكون ذو كلفة عالية فى الموارد على مستعمرة لازالت تبدأ لذلك خوارزمية النمو مضبوطة بحيث لا تنتج الملكة فى البداية كل تنوعات الأحجام الممكنة بل فقط أحجام صغيرة بحجم رأس من 0.8مم الى 1.6مم (نطاق حجم حوالى 18.5% فقط من التنوعات الكثيرة المبرمجة فى الجينوم)و الذى "يتصادف" أنه الحجم الأفضل للعناية باليرقات و بحديقة الفطر الناشئة كما أنه الحد الأدنى للقيام بقطع أوراق النباتات الأكثر شيوعا و بالتالى فهو الحجم الملائم ليكون حجر أساس عش جديد مع ضمان استهلاك أقل قدر من الموارد الغذائية و المكانية. هؤلاء يخرجون الى الدنيا دون رؤية أى أقران يتعلمون منهم اذ هم أول طلائع العش الجديد و مع ذلك مبرمجون على فتح مدخل العش المغلق و بدء عمليات جمع أوراق الشجر الضرورية للزراعة و تقطيعها الى أحجام صغيرة و استخدام فضلاتهم لتسميد حديقة الفطر و غيرها من خطوات خوارزمية الزراعة التى ناقشناها سابقا و القيام بأعمال توسعة و صيانة العش. ثم مع نمو المستعمرة و زيادة مواردها المكانية و الغذائية تتعدل خوارزمية الانجاب و النمو و يبدأ ظهور أحجام رأس تصل الى 5مم لتوسعة أنشطة المستعمرة و قطع مواد نباتية أكثر سمكا و صلابة لتنويع الموارد و القتال ان لزم الأمر. منظومة هائلة تتكامل فيها اليات النمو على مستوى الفرد و المستعمرة مع البرامج السلوكية مع السمات التشريحية وفق معادلات رياضية و عملية ادارة مخاطر risk management يتفاعل فيها برنامج تكاثر المستعمرة مع برنامج نمو الأفراد...بفضل أخطاء النسخ طبعا!!!


Thus, remarkably, the queen produces about the minimum number of individuals who together can perform all of the essential colony tasks. As the colony continues growing, the worker size variation broadens

Bert Holldobler and E. Wilson “The Super Organism: The beauty, elegance and strangeness of insect societies” (2008): p.153 – 154


و من جديد نلاحظ هنا الدور الحقيقى للتباينات و التنوعات فى الكائنات الحية. انها ليست أمر عشوائى يتصادف كونه مفيدا بل ركيزة أساسية فى الجماعة الحية لأسباب وظيفية و يتم ادارتها و تنظيمها من هذا المنطلق و هذا ليس انكارا لحدوث أخطاء نسخ فعلا فى الحمض النووى أو تباينات عشوائية/مرضية غير مرغوب فيها و لكنه تبيانا لما هو الأصل و ما هو الاستثناء و هما أمران عكستهما نظرية التطور لتنفى الغائية عن المخلوقات.


و فى تجربة مدهشة تمت على مستعمرة ناضجة تضم نحو 10 الاف عاملة تم تخفيض العدد الى حوالى 230 و اذا بالجيل التالى من اليرقات يعدل برنامج النمو ليخفض حجم التنوعات مجددا و ينتج فقط الأفراد صغار الحجم الضروريين للقيام بالأعمال الرئيسية بأقل قدر من الموارد


Edward O. Wilson "Caste and division of labor in leaf-cutter ants (Hymenoptera: Formicidae: Atta) IV. Colony ontogeny of A. cephalotes" Behavioral Ecology and Sociobiology volume 14, pages55–60


و فى دراسة أخرى وجد الباحثون أن نفس سلالة النمل تقوم بتعديل نسب اليرقات التى تتخذ أشكالا و تخصصات مختلفة حسب تغير الظروف و البيئة. لاحظ هنا أنه و بعض النظر عن حشر كلمة تطور فى الموضوع يمينا و يسارا نحن لا نتحدث عن طفرات عشوائية صدفوية مستقلة عن حاجة الكائن لينتقى منها الانتخاب الطبيعى انما عن استجابات مبرمجة و جاهزة للتفعيل فى برنامج النمو حسب احتياجات المستعمرة


Andrew S Yang et al., "Geographic Variation of Caste Structure among Ant Populations" Current Biology Volume 14, Issue 6, 23 March 2004, Pages 514-519


من جديد يعنى هذا أن البرنامج النمائى للمستعمرة ليس مجرد خطوات متتالية يتم تنفيذها تباعا و انتهى الأمر (و ان كان هذا معقد فى حد ذاته) بل أن هناك رصد مستمر للبيئة و تعديل للبرنامج و انتقال بين "البروتوكولات" المختلفة حسب الحاجة و هو نفس ما يحدث على مستوى الفرد عندما يتغير نمو الفرد حسب درجات الحرارة و نوع الغذاء و هو ما يضيف عبئا تفسيريا ضخما على أخطاء النسخ المجيدة لتفسير كيف يمكن انتاج مثل هذه البرمجيات المتناسقة و المعدات المطلوبة لتنفيذها و تنسيق كل عملياتها بالشكل الصحيح وفقا للظروف الصحيحة بعيدا عن الحشو الكلامى و السيناريوهات النظرية و التعويل على أن الانتخاب الطبيعى على كل شئ قدير.


و الأمر فى النحل لا يختلف كثيرا اذ يتطلب خطوات مبرمجة كذلك فبمجرد وصول الخلية الى تعداد حرج يبدأ تفعيل بروتوكولات التكاثر على مستوى الخلية (الكائن الفائق) لانشاء خلايا جديدة فتبدأ الشغالات فى تعديل ظروف بعض اليرقات لتحويلها الى ملكات كما وضحنا سابقا و الملكات الجديدات سيقمن بعملية تزاوج من نوع خاصة جدا مصممة لحفظ التنوع الجينى فى الخلية و كنا قد ناقشنا سابقا البرمجة السلوكية لرحلة التزاوج و أسبابها و أهدافها و سلوك الملكة و الشغالات اثناءها و لكن هناك برمجة أخرى لانشاء المستعمرة الجديدة اذ تنطلق الملكة القديمة مع سرب الهجرة بالتوازى مع قرب انتهاء نمو الملكة الجديدة و يجب أن يكون تعداد السرب كافيا لانشاء مستعمرة جديدة و فى نفس الوقت تكون قد تركت خلفها ما يكفى لادارة القديمة و طبعا السرب يكون قد أخذ خزينا من العسل فى الحويصلة المعوية ليعيش عليه حتى العثور على عش جديد و الملكة تكون توقفت عن تناول غذاء الملكات من فترة ليقل وزنها فيسهل الطيران. تتم عملية استكشاف و اختيار لموقع العش الجديد بطرق سيتم مناقشتها ان شاء الله فى مقالات متعلقة باليات التواصل و أساليب البناء. و بعد رحيل السرب المهاجر تحدث عملية تقييم لحالة الخلية. هل يسمح التعداد بسرب هجرة اخر مع بقاء عدد كافى لدعم الخلية الأم أم لا؟ ان كانت النتيجة لا يتم التخلص فورا من أى يرقات ملكية موجودة فى الخلية و لا يعاد انتاج اليرقات الملكة الا عندما يصل السرب الى عدد قادر على دعم خليتان فيسمح بالانقسام من جديد


Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism"(2008):ch.2, ch.5


يعطينا النحل نموذجا رائعا ليس فقط للتنسيق بين برنامج السلوك و برنامج النمو – بل و برنامج البناء كذلك. سنتعرض لخوارزميات البناء بالتفصيل فى مقال قادم ان شاء الله و لكن نكتفى الان بالتفاعل بينها و بين النمو و السلوك. نعرف جميعا كيف يبنى النحل عشه على هيئة مسدسات متجاورة و حجم هذه المسدسات فى العادة يكون كافيا لليرقات العادية و لكن يرقات الذكور مثلا يتطلب نموها مسدسات خاصة أكبر حجما و هذه لا يتم انتاجها الا من أجل التكاثر لذا بمجرد بدء برنامج تكاثر المستعمرة يتم تعديل برنامج البناء لبناء مسدسات كبيرة بالشكل المطلوب.


the first sign that a colony has begun to raise drones and queens—in terms of the hive as a superorganism, these are virtually “whole-animal gametes”—is provided by changes in the architecture of the comb...Queens are raised in queen cells, of which a small number are usually constructed along the edge of the comb...The appearance of drones is also announced by architectural changes in the comb. When there is no reason to raise drones, which outside the mating time would only be idle mouths to feed and a drain on the colony’s resources, worker bees build comb cells that have a diameter of 5.2 to 5.4 mm. If drones are needed, however, then a few thousand extra cells are added to the edge of the comb, which have a diameter of 6.2 to 6.4 mm, and can make up about 10% of the whole cell number of the colony

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism"(2008):p.132-133


ليس هذا فقط و لكن الملكة نفسها "تفهم" ما عليها فعله فهى تتحكم فى مخازن السائل المنوى الذى احتفظت به من رحلة التزاوج (راجع شرح نظام تزاوج الكائنات الاجتماعية hapldiploid للتفاصيل) لتضع بيض الذى سينتج الذكور فقط عند أخذ قرار التكاثر و تضعه فى الخلايا الكبيرة المنشأة حديثا.


The queen uses her forelegs to gauge the size of the cells. If she comes across a cell of small diameter, she lays a fertilized egg that will develop into a female individual; if she finds a large cell, she lays an unfertilized egg that will develop into a drone. The machinery in the sexual apparatus of the queen bee, which can allow a few sperm cells access to the egg, or prevent this, must be very reliably controllable.

Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008): p. 134


الان لندقق قليلا فى ما على أخطاء النسخ فعله لانتاج منظومة كهذه. يجب طبعا أولا انشاء منظومة التكاثر العجيبة هذه و برمجة سلوك الحشرات على كيفية القيام بها ثم برمجة الكائنات على تفعيلها عند تحقق شروط معينة (كتعداد الخلية نسبة الى مساحتها) ثم تعديل برنامج التحكم فى بناء خلايا العش (الذى يجب أن يكون نشأ أولا طبعا) لصناعة مسدسات جديدة بمقاسات مختلفة – و يا للصدفة مناسبة لمقاسات أحجام الذكور و برمجة الملكة من جهة أخرى على قياس حجم الخلايا لوضع الذكور فى الخلايا المناسبة و طبعا قبل ذلك برمجتها على التفرقة بين البيض الذى سينتج ذكورا و الذى سينتج اناثا و توقيت استخدام الأول و هذا طبعا يأتى بعد برمجتها على التحكم فى مخازن الحيوانات المنوية و عملية التلقيح بعد نشأة الأعضاء المطلوبة لذلك بشكل ما و برمجة الشغالات على النمط الغذائى الذى يحول البرقات الى ملكات طبعا بعد بناء هذه الخاصية فى الجينات أولا و متى يتم استخدامه و طبعا برمجة تقسيم الخلية الى أسراب مهاجرة مع حفظ العدد الكافى للقيام بمهام الخلية الأم حتى لا تنهار...لاتعليق!!!


من المدهش أن كاتبا The superOrganism قارنا فى ص270 تنوع الحشرات الاجتماعية و أساليبها فى العمل و التواصل بنوع من أساليب البرمجة يسمى Object Oriented Programming و فيه يقوم المبرمج بصناعة تصنيف عام يسمى class لما يريد تمثيله ثم تنبثق منه تصنيفات فرعية أكثر تخصصا فى الصفات و الوظائف ترث inherits منه خصائصه و تضيف عليها أو تعدلها ثم تنبثق منها فى النهاية البرامج الفعلية Objects التى ستعمل و كمثال تخيل أنك تريد عمل برنامج قيادة الى فهناك خصائص عامة لبرنامج القيادة تنبثق منها برامج فرعية كل بخصائص اضافية مناسبة (مثلا واحد لسيارات السباق و اخر لمعدات النقل الثقيل و ثالث للحافلات و رابع للمركبات العسكرية...الخ) ثم فى النهاية تنبثق البرامج الحقيقية كل ملائم لخصائص المركبة التى سيعمل عليها من حيث الحجم و السرعة و الحمولة و الغرض. لاحظ فى هذا التشبيه الدقيق كيف أن الأسلاف المزعومة التى تتم الوراثة منها مفاهيم ذهنية و قوالب تصميم و ليس كائنات فعلية و الأهم طبعا أن هذه البرامج لا تنشأ بأخطاء النسخ و يتم عزوها للانتخاب الطبيعى لأنها مفيدة و لكنهما طبعا بعد هذه "السقطة" عادا ليؤكدان على نفس المفاهيم التطورية البالية.


أما كاتب و مترجم كتاب The buzz about bees فيؤكدان لنا أنه لا داعى أبدا للاعتقاد فى التصميم فنشأة كائنات اجتماعية كالنحل أمر حتمى inevitable و لا حاجة لاستدعاء مصمم لتفسيره. لماذا هو أمر حتمى؟ لأن السلوكيات الاجتماعية مفيدة و تساعد على التكيف على البيئة! هكذا و بمنتهى البساطة أى شئ مفيد سيظهر بدون تصميم. لا أعرف ما الذى كان سيفعله العلم بدون التفسيرات العبقرية لنظرية التطور.


الان لدينا منظومة نمو فى منتهى التعقيد و الدقة و منظومة سلوك فى منتهى التعقيد و الدقة و هما يتبادلان الرسائل لأنهما يتأثران ببعضهما البعض و الكائنات الحاملة لهذه المنظومات نفسها تتبادل الرسائل للتنسيق. يتم ربط هذه الأنظمة فى حالة التصميم البشرى بشبكات محلية أو دولية كالانترنت و تتواصل عن طريق بروتوكولات خاصة لنقل المعلومات مثل بروتوكول TCP/IP [و طبعا من المفارقات أن لا بنية الشبكات و الأجهزة hardware و لا البرامج و بروتوكولات نقل المعلومات software قد نشأت بأخطاء النسخ بل نشأت بأساليب "خلقوية" غير علمية كالتصميم و الغائية و العياذ بالانتخاب الطبيعى!!!] و لكن ما هى بنية "الشبكة" التى يتم استخدامها لنقل المعلومات فى مستعمرات الحشرات و ما هو بروتوكول نقل المعلومات فيها لدى الكائنات الحية؟ نستعرض هذا فى المقال القادم ان شاء الله


المصادر:

Eric Cassell "Animal Algorithms" (2021)

Bert Hölldobler and Edward O. Wilson "The Superorganism: The Beauty, Elegance, and Strangeness of Insect Societies" (2008)

Jürgen Tautz "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008)




72 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page