top of page
Search
  • Writer's pictureIllidan Stormrage

الانتروبيا الجينية

Updated: Aug 17

“Statements one frequently hears, to the effect that darwinian theory is as obvious as the earth going around the sun are either expressions of almost incredible naivete or they are deceptions...with such widespread evidence of senescence in the world around us it still seems amazing that so many people think it obvious that the biological system as a whole should be headed in the opposite direction”

Fred Hoyle “Mathematics of Evolution”

“ان الجمل التى نسمعها عن أن نظرية داروين حقيقة كدوران الأرض حول الشمس اما سذاجة أو خداع...مع كل أدلة التدهور فى العالم من العجيب أن البعض يعتقد أن النظام البيولوجى يسير عكس اتجاه [العالم]”

هويل – عالم فلك و فيزيائى


“For the vast majority of biologists, evolution is nothing more than natural selection,” he wrote in 2007. “This blind acceptance […] has led to a lot of sloppy thinking, and is probably the primary reason why evolution is viewed as a soft science by much of society.”

Stephen Buranyi "Do we need a new theory of evolution?" The guardian (June 2022)


ان القبول الأعمى لدور الانتخاب الطبيعى فى التطور قد قاد الى الكثير من الأفكار الخاطئة - مايكل لنش عالم وراثة تطورى من معارضى التصميم




جون سانفورد كاتب هذا الكتاب عالم هندسة وراثية مختص فى تهجين النباتات و مسئول عن تطوير عدد من تقنيات اكتساب المناعة من الأمراض عن طريق تعديل جينات الكائن المضيف أو المعتدى genetic immunization/pathogen-derived resistance و هو كذلك مخترع مسدس الجينات biolistic و بالتبعية فهو المسئول بشكل غير مباشر عن معظم النباتات المهندسة وراثيا حول العالم و هو ينقل لنا بوضوح خلاصة علمه و تجاربه عبر عقود...ان الجينات لا تتطور بل تتدهور و تسير وفقا لقانون الانتروبيا الذى ناقشناه سابقا و فندنا المحاولات التطورية للالتفاف حوله t.ly/eJGSJ

يخبرنا دكتور سانفورد أن ان فكرة الطفرات و الانتخاب الطبيعى ليست استنتاج علمى بل هى مسلمة مسبقة يتم تفسير البيانات لاحقا وفقا لها و لكنها مسلمة خاطئة و السبب الوحيد لوجودها هو عملية التلقين الدوجمائية أثناء مراحل التعليم لدرجة أكسبت هذه الفكرة قداسة غير مبررة. هل يمكنك أن تتخيل أن اعادة نسخ برامج كمبيوتر تحتوى على تعليمات تصنيع سيارة مع ضخ أخطاء سيحولها الى سفينة فضاء لمجرد أن هناك من يراجع النسخ و يستخرج الأفضل؟ سيمكنك ذلك ان تم تلقينك هذا الكلام الفارغ ليلا و نهارا و كأنه حقيقة مع مزاعم واهية عن وجود الكثير من الأدلة التى تثبته بينما كل الأدلة المزعومة فى الواقع هى عمليات تأويل شديدة للمشاهدات أو قفزات استنتاجية غير مبررة و لا مبرهنة.


من المهم جدا فى هذا السياق التفرقة بين الطفرة "النافعة" و الطفرة "البناءة" فكما بيننا سابقا يمكن أن ينتفع الكائن بطفرات هى فى الواقع تدميرية للجينوم كمثال طفرات مقاومة الايدز مثلا التى اتضح أنها فى الواقع تقوم باتلاف بعض المستقبلات التى يستخدمها الفيروس فى غزو الخلايا فيفقد المرض الباب الذى يدخل منه


Zagury, et al., C-C chemokines, pivotal in protection against HIV type 1 infection, Proceedings of the National Academy of Sciences of the USA 95(7):3857–3861, 1998.


Liu, et al., Homozygous defect in HIV-1 coreceptor accounts for resistance of some multiply-exposed individuals to HIV-1 infection, Cell 86(3):367–377, 9 August 1996.


Zimmerman, et al., Inherited resistance to HIV-1 conferred by an inactivating mutation in CC chemokine receptor 5: studies in populations with contrasting clinical phenotypes, defined racial background, and quantified risk, Molecular Medicine 3(1):23–36, 1997.


و قد أشرنا الى أمثلة أكثر عند التعرض لكتب داروين يتقهقر t.ly/V3UK و أيقونات التطور t.ly/tssD

من المهم أيضا توضيح أن الكثير من التكيفات اتضح أنها اما سابقة التجهيز و يتم انتخابها أو استحضارها من مخازن معلوماتية فى الجينوم أو أنها تحدث بعملية استهداف لجينات بعينها كما أشرنا فى المبحث الأخير من هذا المقال خوارزميات البحث و مخازن المعلومات t.ly/HHqm


هذه الاليات كلها لا تندرج تحت بند فكرة تراكم "اخطاء النسخ العشوائية" فى الجينوم و من ثم عمل الانتخاب الطبيعى على اقصاء الضار و استبقاء النافع و هى الصيغة اللاغائية التى تروجها نظرية التطور فما هو التأثير الحقيقى لهذه الصيغة؟ يحكى الدكتور سانفورد كيف شارك لعقود فى مجهودات تطفير النباتات لتطوير سلالات جديدة فقط ليتضح أن الكثير من النباتات "المتطورة" فى الواقع كانت نباتات ذات خلل جينى فمثلا تم تطوير ذرة قليلة حمض الفيتيك تستخدم كعلف أفضل عن طريق اتلاف الجينات المسئولة عن انتاجه و فى مراجعة احصائية عام 2004 لعدد كبير من التجاربوجد أنه من بين 453732 طفرة 186 كانت نافعة (معدل نحو 4 من 10 الالف) و هذا العدد كان يغلب عليه اتلاف و خسارة المعلومات لا بناء معلومات جديدة فى الشفرة الوراثة


J. Bergman “Research on the deterioration of the genome and darwinism: why mutations result in degeneration of the genome”


اذا كان الحمض النووى عبارة عن شفرة كاللغة فان كل حرف يتغير (طفرة) سيكون الأرجح أنه عملية فقد معلومات طفيفة لا تؤثر على المعنى العام فى المجمل و لكن مع تراكمها يفقد المعنى لا يتحول الى معنى اخر [و قد تأكد هذا الأمر بالكثير من الدراسات التى أثبتت مدى ندرة التسلسلات (الجمل) الوظيفية كما ناقشنا من قبل فى أيقونات التطور: ملايين السنين t.ly/6Na9 ] لو تخيلت الحمض النووى ككتاب و الطفرات هى تبديل حروف تحدث فيه فان النسبة الأكبر منها سيقود الى تلف تلك الكلمات و ليس تحولها الى كلمات أخرى حتى ما يحولها الى كلمات أخرى فربما لن يناسب السياق مثلا ضرب عالم البيولوجيا التطورية جون مينارد سميث مثالا بكيفية تحويل كلمة الى أخرى بالطفرات

word > wore > gore > gone > gene

فى كل مرحلة ظلت الكلمة ذات معنى (كلمة>يرتدى>أشلاء>ذهب>جين) و لكن بعيدا عن هذا المثال المنتقى بعناية فهناك كلمات و جمل كثيرة لا يمكن تحويلها الى شئ مختلف مع الحفاظ على الخطوات الوظيفية و بالتالى فان فقدان المعنى (الوظيفة) حادث فى منتصف الطريق لا محالة فى معظم الأحوال. الأمر الثانى هو السياق. حتى فى الحالة أعلاه و التى حافظت فيها على المعنى ما هى الجملة/السياق التى ستتحمل تغيير الكلمات بهذه الطريقة دون أن يتلف معناها و الأمر أسوأ فى حالة الجينات بسبب عمليات التضفير البديل alternative splicing و التى قد تجعل نفس التسلسل المشفر exon يستخدم فى عدة منتجات نهائية فطفرة تفيده فى أحدها (ان حدثت) قد تضره فى الأخرى و هو ما بدأت الدراسات فى الاعتراف به مؤخرا بعد عقود من البروباجندا التطورية المبالغ فيها عن قدرة الطفرات و الانتخاب


A body of evidence indicates that the accumulation of mutations over time actually tends to disrupt the integrity of the information stored in genomes, with adverse consequences for organisms, rather than providing novel information with improved evolutionary value (

Eyre-Walker and Keightley, 2007; Kryukov et al., 2007; Boyko et al., 2008): that suggests that the occurrence of casual advantageous mutations is the exception, rather than the rule...Moreover, epistasis, a pervasive evolutionary phenomenon of functional interaction between different genes, introduces an additional level of complexity in interpretation, because a genetic variation may have a neutral or beneficial impact in a given genetic background while exerting deleterious effects in another one (Cordell, 2002; Breen et al., 2012), which complicates the real final effect of any given mutation.

Corrado Spadafora "The epigenetic basis of evolution" Progress in Biophysics and Molecular Biology Volume 178, March 2023, Pages 57-69


طبعا أمام مثل هذه الاقتباسات فان التطورى سيراوغ بأنهم يجادلون فى اليات التطور و كيفيته و ليس فى "حقيقة" حدوثه لكن تخيل أن الالية التى يقال لك منذ 50 عاما أنها مثبتة و راسخة و مرصودة و غيرها من التعبيرات الوثوقية اتضح ليس أنها لا تفعل ما يزعمون أنها تفعله بل اتضح أنها تفعل عكسه تهدم و لا تبنى فما مدى الثقة التى يجب أن نضعها فى الاليات البديلة المقترحة التى لم يكتب فيها عشر ما كتب فى الالية الأصلية من الأوراق؟ أضف الى ذلك أن الياتهم الاضافية و البديلة كلها تعتمد على وجود مصادر معلومات مسبقة فالوراثة فوق الجينية مثلا تعتمد على تفعيل و تعطيل و تمرير معلومات موجودة مسبقا و البيولوجيا النمائية التطورية تعتمد على وجود شبكات تنظيمية و دوائر جينية...الخ و يكفى أن تنظر الى استخدام المراجعة السابقة لمصطلحات كالمعلومات و الأهداف و خطط التجميع و البرامج الدقيقة finely tuned developmental program/ information/ assembly line/goal directed لتدرك أن قناعة هؤلاء بأن مصدر هذه الأشياء هو الطبيعة قناعة فلسفية و ليست بسبب الأدلة


أما من لا يزال يحاول انقاذ المدرسة القديمة فسيسارع بالتأكيد على أن التشبيه باللغة غير دقيق (مع أنه نفس التشبيه الذى استخدمه دوبزانسكى فى مقالته الشهيرة "لا شئ فى البيولوجيا يمكن فهمه الا فى ضوء التطور" و التى يذكرونها كثيرا) و أن معظم الطفرات فى الواقع محايدة و الحقيقة أن هذه من أكبر الحيل التى تمارسها نظرية التطور باستمرار لانقاذ نفسها من التكذيب العلمى – اعادة تعرف المصطلحات تطوريا. عندما بدأ اكتشاف وظائف ما تم اعتباره يوما "اعضاء أثرية غير وظيفية" سارع التطوريون الى اعادة تعريف مصطلح "أثرى" من غير وظيفى الى ذو وظيفة أقل من وظيفته فى كائن اخر و عندما بدأ اكتشاف وظائف الحمض النووى الخردة سارعوا الى اعادة تعريف مصطلح "وظيفة" من تسلسل يقوم بعمل ما الى تسلسل محفوظ conserved من قبل الانتخاب الطبيعى و بنفس المنطق أعاد التطوريون تعريف مصطلح "طفرة محايدة" من طفرة بلا تأثير الى طفرة طفيفة التأثير بحيث لا يتأثر بها عمل الانتخاب الطبيعى و لا يراها أو يعمل عليها!



Adapted from: Motoo Kimura "Model of effectively neutral mutations in which selective constraint is incorporated" PNAS 76 (7) 3440-3444

المشكلة أن حقائق الطبيعة لا تتأثر بأساليب الحواة و التشغيبات المصطلحية التى يمارسها التطوريون فبالنظر الى توزيع الطفرات نرى مشكلتين. الأولى هى الانحياز الرهيب نحو الطفرات الضارة لدرجة أن من أرادوا تمثيل الأمر على هيئة رسم بيانى (و هم من التطوريين) يكادوا لا يظهرونها الا كنقاط مبعثرة شبه غير قابلة للتمثيل بيانيا و هو ما يتعارض تماما مع الفرضيات التى وضعها رونالد فيشر أحد مؤسسى التراكيبية الحديثة و التى قامت على توزيع مختلف تماما لتأثير الطفرات تحت مسمى Fisher’s Fundamental theorem of natural selection و التى تم بواسطها انقاذ الداروينية من الموت الاكلينيكى الذى تعرضت له فى مطلع القرن العشرين.


[لقد استغل التطوريون نجاح نموذج علم الوراثة السكانية الذى يقوم بحساب تغيرات توزيع الصفات فى الجماعات الحية وفقا للظروف البيئية فى القيام بما يمكن وصفه بأحد أكبر عمليات النصب فى التاريخ...اقناع الناس أن حساب تغير توزيع الصفات فى الجماعة الحية دليل على امكان نشأة صفات جديدة!!!و هذه بالمناسبة شديدة الشبه بعملية النصب التى تجرى حاليا باسم البيولوجيا النمائية التطورية Evo-devo اذ يتم اقناع الناس أننا بدراسة كيف ينشأ الكائن من بضعة خلايا فسرنا كيف يمكن أن يتحول أثناء النشأة الى كائن مختلف]


يصف التطوريون أنفسهم الوضع فى هذا الوقت بأنهم وجدوا من الأفضل التركيز على حساب التغيرات فى ما هو موجود بالفعل بدلا من التساؤل عن كيفية نشأة ما هو جديد


“It was more rewarding to calculate the variation of the existing rather than to puzzle over the origination of the unprecedented”

Gerd B. Muller in “Evolution: the extended synthesis” p.310


“The modern synthesis is remarkably good at modeling the survival of the fittest but not good at modeling the arrival of the fittest”

Scott Gilbert kn “Biological Theory: Postmodern Evolution?” Nature 455 (2008): 281-284


و يصف مؤرخ العلوم التطورى الملحد ويليام بروفاين ما حدث بأن هالدين و فيشر و رايت (مؤسسو نموذج علم الوراثة السكانية الرياضى) كانوا عاقدين العزم على انقاذ الداروينية من الموت بعد أن تبنى المجتمع العلمى الوراثة المندلية [للمزيد عن الفرق بين فرضيات داروين الوراثية و تعارضها مع مكتشفات العلم يرجى مراجعة ملخص تصميم الحياة t.ly/clNW ]


"Haldane...intended...as had Fisher...and wright...to dispel the belief that mendelism had killed darwinism"

W.B. Provine “The origins of theoretical population genetics” 174-177


و بعد النجاح الباهر لنموذج علم الوراثة السكانية بدأت محاولات الاستدلال به على التطور و كأن من وضعوا هذا النموذج الرياضى المبهر و الناجح عندما يضعون نموذجا للتطور فهو بالتأكيد سيكون صحيحا لذااكتسب الزخم و التأييد العلمى المطلوبين. لقد تم اختيار النسب و النماذج الرياضية التى ستجعل التطور "يعمل" دون أى دليل حقيقى على صحتها و لعل أخطرها كان فتراض تساوى نسب التغيرات الضارة مع النافعة و ركز فيشر بشدة على قيام الانتخاب الطبيعى بتصفية ما هو موجود من الشوائب الضارة و تنقية التغيرات النافعة لرفع مستوى لياقة الجماعة الحية مع تجاهل كبير لورود تغيرات جديدة على الجماعة الحية و طبيعة هذه التغيرات و لكننا اليوم نعلم ان النسب الواقعية للطفرات النافعة تتراوح بين 1 من ألف الى 1 من مليون و أن نظرية فيشر للانتخاب الطبيعى التى بنيت عليها الداروينية الحديثة خاطئة و أن تراكم الطفرات يقود الى خلل فى الجينات و انخفاض مستوى اللياقة العام للسلالة


“Fisher’s Theorem simply optimizes pre-existing allelic fitness variance...he did not incorporate mutations into his mathematical model. Fisher only accounted for new mutations using informal thought experiments...with a more realistic distribution of mutations the population often undergoes perpetual fitness decline...only a narrow range of parameters can actually prevent fitness decline”

William F. Basener and John C. Sanford "The fundamental theorem of natural selection with mutations" Journal of Mathematical Biology volume 76, pages1589–1622


“The decrease in viability from mutation accumulation is some 1-2% per generation...mutation accumulation...is something like the population bomb”

J.F. CrowThe high spontaneous mutation rate: is it a health risk?” PNAS 94: 8380-8386


R.J. Gerrish and R. Lenski “The fate of competing beneficial mutations in an asexual population” Genetica 102/103: 127-144


T. Bataillon and S.F. Bailey “Effects of new mutations on fitness: insights from models and data” Annual N.Y. Academy of science: 1-17


Elena et al.; “Distribution of fitness effects caused by random insertion mutations in E. Coli” Genetica 102/103: 349-358


[ان هذا الأسلوب شائع جدا بين التطوريين لكى يحاولوا ضخ دماء الحياة فى النظرية باستمرار و قد لقبه مايكل دنتون فى كتابه "التطور ما تزال نظرية فى أزمة" بأسلوب رفع الأعلام اذ يركض التطوريون بسرعة الى أى مجال جديد "لرفع أعلامهم" هناك حتى قبل اكتشاف تفاصيل المجال و دلالته و تطويرها ليعملوا على ترسيخ العقيدة المركزية التطورية فى المجال الجديد ليتم تأويل البيانات لاحقا وفقا لما يلائم التطور. نفس ما فعله هالدين و فيشر و رايت عندما بدأ العلم يهجر الداروينية لصالح الوراثة المندلية هو ما فعله دوبزانسكى و ماير و أمثالهم بعد اكتشاف الحمض النووى و ترويج الية الطفرات و قبل اتضاح اليات عملها و هو نفسه ما يحدث هذه الأيام مع البيولوجيا النمائية ايفوديفو و الوراثة فوق الجينية و مصطلحات "اعادة التوصيل"]


حسنا كيف يمكن أن يكون التطور ممكنا و لو نظريا اذا كانت نسبة طفرات التطور الى التدهور من 1/1000 الى 1/1000000؟ ينقلنا هذا السؤال الى المشكلة الثانية و هى الأخطر و هى أن الأغلبية الساحقة من الطفرات طفيفة الضرر slightly deleterious و لأن تأثيرها طفيف جدا فهى تقع خارج نطاق عمل الانتخاب الطبيعى no selection zone لهذا اعتبرها التطوريون "محايدة" فهى محايدة "تطوريا" لأن اليات التطور لا تعمل عليها أو تستخدمها و لكنها ليست محايدة تأثيرا خاصة عندما تتراكم بل هى كفيلة بدفع الجماعة الحية الى الانقراض


“VSDMs [very slightly deleterious mutations] can rapidly drive the population to extinction”

“Simultaneous selection against many mutations can...facilitate extinction”

A.S. kondrashov “Contamination of the genome by very slightly deleterious mutations: why have we not dies 100 times over?” Journal of theoretical biology 175: 583-594


Eyre-Walke and P.D. Keightley “The distribution of fitness effects of new mutations” Nature Reviews Genetics 8: 610-618


M. Kinura “Model of effective neutral mutations in which selective constraint is incorporated” PNAS 76: 3440-3444


T. Ohta “Slightly deleterious mutant substitutions in evolution” Nature 246: 96-98


الان و بعد أن تم اعادة تعريف مصطلح "الحياد" تطوريا يمكنك ببساطة أن تقول أن الانتخاب الطبيعى سيقصى الطفرات الضارة و يستبقى المفيدة مهما كانت نادرة. المشكلة فى هذا الكلام أن الطفرات طفيفة الضرر لن تلغى تأثيرها على الجينوم لمجرد أن نظرية التطور تتطلب ذلك أو لأن التطوريون قد أعادوا تسميتها الى طفرات "محايدة" بسبب عدم تأثيرها على عمل الانتخاب الطبيعى و أن الضرر الطفيف مع كثرته و عدم رؤية الانتخاب الطبيعى له سيتراكم حتى يصبح كبيرا بمعدلات أكبر بكثير من معدلات الطفرات النافعة (من ألف الى مليون ضعف). أضف الى ذلك أن الطفرات النافعة الى جانب ندرتها عادة ما يكون لها ما يسمى "تكلفة" Fitness cost و ذلك أن طبيعة عمل الجينوم تجعل الكثير من التسلسلات متعددة الاستخدامات فقد يستخدم الجين الواحد فى عدة وظائف pleitropy و التسلسل الواحد فى قلب الجين لانتاج عدة بروتينات splicing بل قد يشارك التسلسل الواحد فى التشفير لأكثر من جين code overlap و غيرها من الخصائص التى فصلنا فيها عند الحديث عن البرمجة فى تشفير الحمض النووى t.ly/4AEZ و الهندسة فى تصميم الخلايا t.ly/a3U6

هذه التعددية الوظيفية الى جانب كونها دليلا على عبقرية برمجية لا علاقة لها بتخاريف أخطاء النسخ التطورية التى لن تصنع شفرة برنامج واحد ناهيك عن شفرة متعددة القراءات و الوظائف فانها أيضا ستجعل الطفرة ان نفعت وظيفة ما فى مكان بعينه تضر بباقى وظائف هذا المكان


G. Montanez et al., “Multiple overlapping genetic codes profoundly reduce the probability of beneficial mutations”


E.N. Trifonov “Multiple codes of nucleotide sequences” Bulletin of Mathematical Biology 51: 417-432


E.N. Trifonov “Genetic Sequences as a product of compression by inclusive superposition of many codes” Molecular Biology 31(4): 647-654


نموذج عملى


قديما حدد التطوريون أن معدل طفرة ضارة واحدة لكل شخص كل جيل يمثل خطرا حقيقيا و سيؤدى لا محالة الى تدهور الجينوم مع الوقت و سيفوق قدرة الانتخاب الطبيعى على العمل و الاستئصال


H.J. Muller “Our load of mutations” Genetics 2:111-176


N.E. Morton et al., “An estimate in the mutational damage in man from data on consanguineous marriages” PNAS 42:855-863


حسنا ما الذى تخبرنا به الدراسات الحديثة عن معدلات التطفر؟ تم تقدير مستوى التطفر فى الخلايا التناسلية (المسئولة عن نقل الصفات للأجيال القادمة) بمدى يتراوح بين70-175 للفرد فى كل جيل


Keightley PD (2012) Rates and fitness consequences of new mutations in humans. Genetics 190: 295–304


Scally A, Durbin R (2012) Revising the human mutation rate: implications for understanding human evolution. Nat Rev Genet 13: 745–753


Nachmand and Crowell “Estimate of the mutation rate per nucleotide in humans” Genetics 156: 297-304


M. Lynch “Mutation and human exceptionalism: our future genetic load”


Campbell and Eichler “Properties and rates of germline mutations in humans” trends in genetics 29: 575-584


هذه التقديرات على ضخامتها متفائلة للغاية فهى تتجاهل بعض مصادر الطفرات فى الخلايا التناسلية كالطفرات غير النقطية indels و طفرات العناصر التنظيمية وطفرات الميتوكوندريا (مفاعلات توليد الطاقة) و غيرها


A.S. kondrashov “Direct estimate of human per nucleotide mutation rates at 20 loci causing mendelian diseases” Human mutation 21: 21-27


H. Ellegren “Microsatellite mutations in the germline: implications for evolutionary inference” TIG 16: 551-558


Howell et al., “Evolution of human mtDNA: how rapid does the human mitochondrial genome evolve?” American Journal of human genetics 59: 501-509


L. Lowe “Quantifying the genomic decay paradox due to Muller’s ratchet in human mitochondrial DNA” Genetic Research 87: 133-159


من الواضح أننا قد نجاوزنا قدرات الانتخاب الطبيعى على الحذف بمراحل ناهيك عن كون معظم الطفرات تقع خارج نطاق عمله ابتداءا. يمكننا الان أن نفهم سر الهجوم التطورى الرهيب على النتائج الأولية لمشروع انكود ENCODE ولماذا حاول التطوريون الحفاظ على مصطلح الحمض النووى الخردة بأى ثمن...ليس لأن اكتشاف الوظائف يصعب الأمر على التطور فحسب و يصب فى مصلحة التصميم و لكن لأن نظرية التطور بحاجة الى "حاوية قمامة" تصب فيها كل هذه الكوارث و تعمل كواقى من الصدمات buffer ضد هذا الكم الهائل من الطفرات أو بعبارة عالم التطور الجزيئى دان جراور أحد أبرز من قادوا الهجوم على انكود "اذا كان انكود صحيحا فالتطور لا يفسر الجينوم" كما ذكرنا عند الحديث عن اكتشاف وظائف الحمض النووى الخردة


The estimated mutation rate in protein-coding genes suggested that only up to ∼20% of the nucleotides in the human genome can be selectively maintained, as the mutational burden would be otherwise too large. The term “junk DNA” was coined to refer to the majority of the rest of the genome, which represent segments of neutrally evolving DNA.

Manolis Kellis et al., "Defining functional DNA elements in the human genome" PNAS Vol. 111 No. 17 (April 21, 2014): 6131-6138


ان مئة طفرة فى جينوم يتكون من 3 مليار و 200 مليون حرف هى نسبة لا تكاد تذكر الى جانب كونها ضعيفة التأثير جدا لذا فلن يعمل عليها الانتخاب الطبيعى و لن يشعر بها حاملها و لكننا نعلم أن التطور يتعامل على مستوى الجماعات لذا فان 6 مليار فرد يساوى 600 مليار طفرة فى الجيل و هى عملية فقد رهيبة للمعلومات فى الجينوم و معدل تدهور لا يستطيع الانتخاب الطبيعى التعامل معه و تقول التقديرات أن نسبة التدهور قد تصل الى 5% فى كل جيل


M. Lynch “Rate, molecular spectrum and consequences of human mutation” PNAS 107(3): 961-968


يحلو للتطوريون هنا تبرير الأمر بأن الحضارة البشرية بما فيها من دواء و رعاية صحية تضعف من أثر الانتخاب الطبيعى و هذا هو السبب الا أن مقارنة معدلات الطفرات النافعة و الضارة و نسبتها من اجمالى الجينوم و مستوى تأثيرها على الكائن و بالتبعية رصد الانتخاب الطبيعى لها أمور لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالرعاية الصحية و الأحوال الجيدة التى وفرتها الحضارة الحديثة اذ تؤثر هذه العوامل على ما يفترض أن يراه الانتخاب الطبيعى لا ما لا يراه أصلا و يؤكد ذلك رصد نسب التدهور فى القردة العليا بشكل عام لا فى البشر فقط.


“A large number of slightly deleterious mutations may therefore have become fixed in hominid lineages…deleterious mutations rate appears to be so high in humans and our close relatives that it is doubtful that such species could survive”

A. Eyre-walker and P. Keightley “High genomic deleterious mutation rates in hominids” Nature 397: 344-347


الان قارن كل هذا بالكرامات المذهلة و القدرات الخارقة التى يتم اسباغها على الانتخاب الطبيعى منذ وصفه داروين بعبارت أدبية بليغة لا علاقة لها بالعلم مصورا اياه و هو يعمل فى كل ساعة مراقبا تغيرات الكائنات الحية ليحذف الضار و يجمع النافع


It may be said that natural selection is daily and hourly scrutinising, throughout the world, the slightest variations; rejecting those that are bad, preserving and adding up all that are good; silently and insensibly working, whenever and wherever opportunity offers, at the improvement of each organic being in relation to its organic and inorganic conditions of life.

Charles Darwin, On the Origin of Species by Means of Natural Selection, 1st ed., chap. 4 (London: John Murray, 1859), 84.


و استمر تلقين طلاب الأحياء هذا الكلام الفارغ لقرن و نصف لدرجة أن من معارضى التصميم أنفسهم من يقولون أن هذا المفهوم السحرى لقدرات الانتخاب الطبيعى قاد الى مشاكل كثيرة فى طريقة تفكير علماء الأحياء


This mode of reasoning has led biologists and others to ascribe almost magical powers to natural selection and to the genes it works on. As many others have pointed out, this is a problem that has plagued evolutionary biology ever since Darwin.

J. Scott Turner "The Extended Organism" (2002) p.175


“For the vast majority of biologists, evolution is nothing more than natural selection,” he wrote in 2007. “This blind acceptance […] has led to a lot of sloppy thinking, and is probably the primary reason why evolution is viewed as a soft science by much of society.”

Stephen Buranyi "Do we need a new theory of evolution?" The guardian (June 2022)

أضف الى ذلك أننا قد ذكرنا فى رابط داروين يتقهقر بالأعلى أمثلة لحالات تحت ضغط انتخابى شديد كطفيل الملاريا و البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية و مع ذلك تدهورت هى الأخرى و بما أننا فى زمن فيروس الكورونا فلن نكتفى بمثال بكتيريا الطاعون الشهيرة الذى ذكرناه فى الرابط و التى "تطورت" بخسارة عشرات الجينات بل سنتحدث عن فيروسات عائلة الانفلونزا. فى المئة عام الماضية ضربت الانفلونزا البشرية بثلاث أوبئة كبرى و فى كل مرة يتدهور الفيروس جينيا بسبب تاركم الطفرات برغم الضغط الانتخابى المزعوم بسبب حربه مع جهاز المناعة البشرى و الطب لدرجة أن أحد هذه السلالات شبه انقرض عام 2009



تراكم الطفرات – الية التطور المزعومة قادت هذه الأوبئة الى الفناء


Carter and Sanford “A new look at an old virus: patterns of mutation accumulation in the human influenza virus since 1918” Theoretical Biology and Medical Modeling 9:42


Comments and illustrations from the authors' blog articles:


At the same time, codon usage randomized, and nucleotide composition began to approach thermodynamic equilibrium...We were also able to show that the genome was moving toward a state of maximum randomness. It was not becoming ‘better’. Instead, the laws of thermodynamics were driving it toward a state of maximum entropy, which is disallowed in the Darwinian model


Since the various mutations accumulated in a linear fashion, those mutations that escaped the selective filter (that would be most of the mutations) apparently accumulated according to the laws of chemistry. Thus, genetic change is overwhelmingly a product of thermodynamics (figure 3), not selection...Natural selection had a minimal effect on mutational direction


ان تراكم الطفرات فى الواقع هو نموذج لانتصار قوانين الانتروبيا على عملية التنظيم المعلوماتى للجينوم اذ تبدأ مكونات الجينوم فى الارتباط وفقا لما يسمى affinity الألفة و هى قابلية بعض المكونات الأعلى للارتباط بأخرى و التى تتعارض مع الارتباطات المطلوبة للحفاظ على الطبيعة المعلوماتية/الوظيفية للجينات و منتجاتها. من السهل فى هذه الحالة أن تظهر سلالات جديدة باستمرار و ربما كان بعضها مقاوما للأدوية ليس لأنه "تطور" بل بسبب تلف بعض الأهداف الجينية أو البروتينية التى كان يستهدفها الدواء فلم يعد قادرا على استهدافها و بالتالى يسير الكائن فى طريق الفناء أو على الأقل التدهور دون أن يتمكن الضغط الانتخابى من انقاذه بل فى الواقع يدفعه أحيانا فى هذا الطريق ان كان اتلاف بعض أجزاء جينومه سيساعده على النجاة على المدى القصير. من المفيد تذكر هذه البيانات كلما بدأ أحدهم فى الحديث عن أن السلالات الجديدة من فيروس كورونا دليل على "التطور" أيضا من المفيد ملاحظة وجود بيانات احصائية لموجات الأوبئة يمكن بواسطتها التنبؤ بموجات جديدة بسهولة فموجات الأوبئة تنبؤ أحصائى/تاريخى و ليس تنبؤ "تطورى". و بما أننا فى اطار الحديث عن الفيروسات فهى فرصة سانحة لايضاح نقطة هامة: يضرب البعض المثل على التطور باكتساب فيروس ما القدرة على الانتقال الى نوع من الكائنات لم يكن قادرا على مهاجمتها من قبل كانتقال بعض الفيروسات من الطيور الى البشر مثلا و عادة سبب مثل هذا الانتقال يكون أمر من أمرين: الأول هو ان الجزء الذى يستهدفه الفيروس لاقتحام الخلية شديد الشبه بالفعل بما يحتاج اليه لاقتحام خلايا الكائن الجديد لذا فعدد قليل من الطفرات كفيل بانجاز التعديل المطلوب تماما كحالة طفيل الملاريا التى ناقشناها سابقا و بالنظر الى أن معدل تطفر الفيروسات أعلى من الخلايا الطبيعية فان هذا التعديل حادث لا محالة. الثانى هو حدوث عدوى مزدوجة فى كائن بين فيروس قادر على استهداف النوع الجديد و اخر غير قادر (مثلا الخنزير عرضة للعدوى بأنفلونزا الطيور و الأنفلونزا البشرية لذا فهو موقع مثالى للقاء الفايروسان) و عندها هناك احتمال كبير أن يحصل الفيروس على جين من فيروس اخر أثناء توجدهما فى الخلية يمكنه من اقتحام خلايا نوع اخر و تسمى هذه العملية genetic reassortment / Antigenic shift و هى كما تلاحظ ليست قائمة على بناء جينات جديد و لكن على الحصول على جينات جاهزة و موجودة بالفعل من فايروس اخر كماتفعل البكتيريا أحيانا و لكن باليات و أساليب مختلفة



النمط الظاهرى و النمط الجينى Phenotype vs Genotype


من أبرز المشاكل التى تواجه الانتخاب الطبيعى كالية بشكل عام و لمجابهة التدهور الجينى بشكل خاص هى ما يسمى بمشكلة "الانتخاب من أجل" selection for و القائمة على اعتماد التطوريين على سيناريوهات غير واقعية بالمرة عند الحديث عن انتقاء الانتخاب الطبيعى للصفات و من ثم بناء نماذج كاملة على فرضيات غير واقعية و الزعم أن هذه النماذج تحاكى امكان التطور فى الواقع.


ناقشنا من قبل فى أيقونات التطور:ملايين السنين غياب الطريق النافع المزعوم من الخطوات من صفة الى أخرى أو من بروتين الى خر و أن ما دون ذلك هو الاستثناء لا القاعدة و أنه حتى حال وجوده ففرص العثور عليه من بين كل الخيارات/الطفرات الممكنة غير ممكنة الحدوث فى كل عمر الأرض و لكننا اليوم بصدد مشكلة أخرى و هى أنه حتى اذا وجدت الطفرة النافعة فان الانتخاب الطبيعى لن يقوم بتمريرها بالشكل الذى يصوره دائما التطوريون فى نماذجهم لأنه غير قادر على استهدافها select for بالشكل الذى يتم افتراضه لبناء كثير من النماذج و نفس الأمر للطفرة الضارة فهو غير قادر على لعمل ضدها select against بشكل حاسم للأسباب الاتية (لاحظ أننا نتحدث الان عما يفترض أن يراه الانتخاب الطبيعى و ليس ما هو خفى عنه)


1-يرى الانتخاب الطبيعى مستوى اللياقة التكيفية و التكاثرية fitness للكائن ككل و هناك عدد كبير من المراحل بين أى طفرة فى الجين و بين مستوى اللياقة فمثلا قد تحدث طفرة فى جين تزيد من فعالية الانزيم الذى ينتجه أو حتى تمكنه (جدلا) من انتاج منتج جديد و لكن هذا الانزيم لا يعمل بمفرده فى الفراغ فهناك مسار أيضى metabolic pathway (سلسلة من التفاعلات تعتمد على أكثر من انزيم يقوم كل منها يتمرير منتجه الى ما يليه كخط انتاج فى مصنع) ان لم يتعدل بالكامل فلن يظهر أى تأثير للانزيم المحسن/الجديد (فمثلا اذا زادت سرعة عمل خطوة فى السلسلة دون أن تزيد سرعة باقى الخطوات فان المنتج الزائد من الخطوة المحسنة سيظل بلا قيمة أو اذا أنتج انزيم منتج جديد لا يوجد انزيم اخر يستقبله ليقوم باستخدامه أو معالجته فان المنتج الجديد بلا قيمة). و اذا فرضنا جدلا أن مسارا كاملا قد تحسن أو تغير لسبب ما فمن الممكن جدا ألا تستفيد منه الخلية لأنها تنسق عمله مع مسارات أخرى و مع مضخات و بوابات تدخل المكونات بمعدلات معينة غير ملائمة لمعدل العمل الجديد أو للمنتجات الجديدة. نفس المنطق ينطبق على تعديل خلية فى نسيج من الخلايا أو نسيج فى عضو من الأعضاء و بالتالى فان حتى الطفرات ذات التأثير المعقول الذى يفترض أن يراه الانتخاب تحتاج أن تمر عبر عدة مستويات ستلغى تأثيرها تماما على لياقة الكائن فى معظم الظروف و بالتبعية ستمر الطفرات الضارة الكثيرة بسهولة من مصفاة الانتخاب الطبيعى المزعومة من جهة و من جهة أخرى لن يعمل على نشر الطفرات النافعة النادرة بسبب عدم رصد تأثيرها. و نفس الأمر ينطبق على الكثير من القصص و الحكايات التطورية عن الكثير من الأنظمة سواءا على مستوى الخايا أو الكائنات المتكاملة فلا معنى مثلا لتطور العين المزعوم خطوة خطوة دون أن تتزامن مع كل خطوة تعديلات فى الكثير من الخلايا و البروتينات و الجهاز العصبى و نفس الأمر بالنسبة للزوائد المختلفة التى يفترض كونها أطرافا اذ تتطلب تعديلات للعظام و العضلات و الأوردة و الأعصاب و المخ تترافق مع كل تغير تشريحى من تلك التغيرات التى تظهر فى الصور اللطيفة المليئة بالأسهم


The very problem that Darwin’s theory was designed to evade now reappears. Like vibrations passing through a spider’s web, changes to any part of the eye, if they are to improve vision, must bring about changes throughout the optical system. Without a correlative increase in the size and complexity of the optic nerve, an increase in the number of photoreceptive membranes can have no effect. A change in the optic nerve must in turn induce corresponding neurological changes in the brain. If these changes come about simultaneously, it makes no sense to talk of a gradual ascent of Mount Improbable. If they do not come about simultaneously, it is not clear why they should come about at all...The same problem reappears at the level of biochemistry. Dawkins has framed his discussion in terms of gross anatomy. Each anatomical change that he describes requires a number of coordinate biochemical steps. A number of separate biochemical events are required simply to begin the process of curving a layer of proteins to form a lens. What initiates the sequence? How is it coordinated? And how controlled? On these absolutely fundamental matters, Dawkins has nothing whatsoever to say.


DAVID BERLINSKI, “KEEPING AN EYE ON EVOLUTION: RICHARD DAWKINS, A RELENTLESS DARWINIAN SPEAR CARRIER, TRIPS OVER MOUNT IMPROBABLE,” GLOBE & MAIL (NOVEMBER 2, 1996)


تسمى هذه الظاهرة فى علوم الجينات epistasis و مفادها باختصار أن أسلوب الاجتزاء و الخطوة خطوة التطورى غير مجدى لأن التغيير فى مكان يجب أن تصاحبه تغييرات فى أماكن أخرى حتى يكون له أى تأثير نافع أو فائدة فمجرد الزج بمنتج محسن أو جديد فى الخلية (ان حدث بأى سيناريو تطورى سواءا أكان الانتقال الأفقى للجينات أو الطفرات أو أى قصة تطورية أخرى) سيتوجب معه تعديلات فى أماكن أخرى للاستفادة منه و دمجه فى اطار عمل الخلية و خطوط انتاجها بينما الضرر سهل و لا يحتاج الى تنسيق. و هذه النقطة الأخيرة مهمة جدا لأنه طالما أخبرنا التطوريون أنه بمجرد نشأة وظيفة ضعيفة فان الانتخاب الطبيعى سيسهل عليه تولى أمر تحسينها...حتى اذا تجاهلنا كيف نشأت الوظيفة الضعيفة أوليا و سايرناهم فان السيناريو المعتاد يقول أن الخلية ستقوم بتعويض ضعف الوظيفة بزيادة انتاج المنتج الا أن زيادة الانتاج هذه فى حد ذاتها قد تحمل معها اثارا جانبية كبيرة على الخلية/الكائن ليس فقط فى زيادة استهلاكه للموارد بل فى اعطاب الكثير من التفاعلات و الاليات الداخلية بسببب وجود كمية كبيرة من بروتين معين حتى لو كان مفيدا


"Moreover, for a significant fraction of proteins, increased dosages result in reduced fitness owing to undesirable promiscuous interactions driven by high protein concentrations or distributed balance of protein complexes. Thus, although increased protein doses can make a weak promiscuous activity come into action and thereby provide an evolutionary starting point, these increased doses may also become deleterious owing to the very same effect"

Misha Soskine a d Daniel Tawfik "Mutational effects and the evolution of new protein functions" Nature Reviews Genetics 11 (August 2010): 572 - 82


يظهر لنا من جديد أن فكرة "تجزئة" الكائن و التعامل مع كل جزء بمفرده غير صحيحة بالمرة فقد تكون الطفرة مفيدة بالنظر الى الجين مضرة بالنظر الى الكائن ككل فلا ينتقيها الانتخاب الطبيعى بل يعمل ضدها


2-لن تخضع الجماعة الحية أبدا لطفرة واحدة لكل فرد فى الجيل حتى تسهل الأمور على الانتخاب الطبيعى فكما رأينا من قبل فى حالة البشر مثلا نحن نتعامل مع ما لا يقل عن 100 طفرة للفرد على أقل تقدير و الانتخاب الطبيعى لا يمكنه أن يحاكم طفرة دون أخرى بل هو يحاكم جينوما بأكمله بكل ما فيه لذا فهو يرى اجمالى تأثير الطفرات على لياقة الكائن و لا يقوم بالفرز طفرة طفرة و بالتبعية الجينوم الذى سيتم تمريره من مصفاة الانتخاب الطبيعى سيمر لأنه أفضل ما هو موجود بين منافسيه و ليس لأنه يحتوى فقط على النفع دون الضرر و بالتبعية من الممكن لفظ طفرات نافعة بسبب تراكم أضرار معها أو تمرير طفرات ضارة بسبب وجود منافع معها و بالتالى فان أسولب استهداف صفة بعينها أو طفرة بعينها الذى تقوم به الكثير من النماذج التطورية مستحيل الحدوث فى الواقع و بما أن معدل الضرر أكثر ارتفاعا بأضعاف شتى فان ما سيحدث غالبا هو لفظ النافع لترافقه مع ضرر كثير أو تمرير الضرر معه ليصبح الانتخاب الطبيعى مصفاة تمرر الأقل تدهورا لا المتطور


“The great majority of newly arriving mutations that do affect fitness (i.e. non neutral mutations) are deleterious and the predominant mode of natural selection is purifying in nature, removing these deleterious mutations from populations”

Jeffrey D. Jensen et al., “The importance of the neutral theory in 1968 and 50 years on: A response to kern and Hahn 2018” Evolution 73, no. 1 2018): 1366


لاحظ أن التطوريين المقرين بهذا يلجأون من جهة الى الانتخاب الطبيعى لازالة الضرر و الى تراكم الطفرات المحايدة كالية للتطور فأما حدود قدرة الانتخاب الطبيعى على مواجهة الانتروبيا الجينية و مدى ضعف نماذجهم فسنتطرق لها بالأسفل و أما التعويل على الطفرات المحايدة فى التطور فهو من جديد تجاهل لحقيقة أن معظمها فى الواقع ضار بشكل طفبف لا محايد كما أنه يفتقر لالية للابقاء على هذه الطفرات المحايدة و نشرها فى الجماعة الحية. تخيل أن الطفرة المطلوبة عندما تحدث لا يوجد ما ينشرها فى الجماعة الحية أو حتى يحافظ عليها من الفقد سوى الصدفة المحضة و كذلك زميلتها التالية و التالية و هكذا الى أن نصل الى الوظيفة المطلوبة...هذا نموذج أسوأ و أكثر لا معقولية من نموذج الانتخاب الطبيعى


3-ان الطفرة بشكل عام حدث ضار...لا نتحدث هنا عن هل الطفرة نفعت الكائن أم ضرته و لا هل نفعته بتخريب جينومه أم ببناءه بل عن مشكلة ثالثة و هى أن حدوث الطفرات بشكل عام يؤثر سلبا على بنية البروتينات و استقرارها حتى لو كانت طفرات ذات تأثير جيد يحسن الأداء لدرجة أن التطوريون أصبحوا يعتبرون ثبات هياكل البروتينات مهم جدا للتطور حتى تتحول-وفق فرضياتهم-الى وظائف جديدة و فى هذا اقرار ضمنى بأن مجرد تراكم الطفرات (حتى لو كانت نافعة) عملية ضارة على هياكل البروتينات


Nobuhiko Tokuriki1 and Dan S "Stability effects of mutations and protein evolvability" Current Opinion in Structural Biology 2009, 19:596–604


Bloom et al., "Protein stability promotes evolvability" PNAS 103 (2006): 5869-5874


لذا فالتطورى عندما يشير الى وجود طفرات فى بروتين عادة ما يتجاهل نوع هذه الطفرات و هل هى من النوع الذى يؤثر على البنية ثلاثية الأبعاد (التطوى) أم لا؟ فهذا النوع (طفرات البنية) هو المطلوب لتحويل هيكل الى اخر الا أنه هو ذاته و يا للمفارقة هو ما يقوم بزعزعة استقرار البروتينات و تدميرها...من جديد يتضح أن الاليات المزعومة للتطور هى اليات تدهور و انتروبيابل و تشير أبحاث أخرى كذلك الى أن تراكم الطفرات مرتبط بقصر عمر الخلايا


"Yeast cellular lifespan decreased as the total number of mutations increased to levels commonly found in human cancers"

Mitchell B. Lee et al., "Defining the impact of mutation accumulation on replicative lifespan in yeast using cancer-associated mutator phenotypes" PNAS February 19, 2019 116 (8) 3062-3071

و هذا التأثير لا يمكن للانتخاب ضبطه أو رصده لأنه يظهر فقط بعد التراكم - أى أنك حتى ان تجاوزت كون معظم الطفرات ضارة و كون النفع النادر ينبع أصلا من تحطيم و اتلاف لا بناء و أتيت بطفرة نافعة بناءة فمجرد حدوثها مضر! من جديد توضح كل النتائج أن كل شئ يسير فى اتجاه الانتروبيا و التدهور لا التطور


4-العوامل البيئية: يجمع الكثير من الدارسين أن العوامل البيئية لا تعمل بالصورة الممنهجة التى توحى بها الأدبيات التطورية و كأنها مصفاة دقيقة للصفات و لكن أغلب عملها عشوائى و غير متعلق بلياقة الذرية فالأمراض و الأوبئة و فرصة التواجد فى منطقة أكثر ثراءا بالغذاء أو أقل ازدحاما بالمفترسات كلها عوامل مستقلة عن اللياقة. تخيل مثلا نباتا يقذف بذوره فيسقط بعضها بالصدفة على أجزاء من التربة أكثر غنى من سواها بالغذاء أو بيضا أو صغارا يتم أكلهم من قبل مفترس قبل أن يسمح نموهم بالتعبير عن أى مزايا محتملة اننا نتحدث هنا عن الأكثر حظا لا الأكثر لياقة. بل ان ما يسميه التطوريون أحيانا بالانتخاب الجنسى sexual selection من الممكن أن يتعلق بأسباب شكلية أو بقدرة أعلى للكائن على أداء الرقصات و النداءات و غيرها من الطقوس المعقدة للزواج كمزج العطور عند بعض الحشرات و كلها عوامل غير مرتبطة بلياقة الكائن نسبة الى البيئة و هو ما يؤدى حتما الى كون "اللياقة" العامل الأساسى المزعوم للتطور صفة قليلة التأثير و ذات قابلية ضعيفة للمرور للذرية low Heritabilityبسبب كم العوامل الأخرى الذى يؤثر على بقاء و استمرار هذه الذرية

J. Merila and B.C. Sheldon "Lifetime Reproductive Success and Heritability in Nature" The American Naturalist 155(3):301-310


L.E.B. Kruuk et al., “Heritability of fitness in a wild mammal population” PNAS 97: 698-703

الأخطر من ذلك أن التطوريون كثيرا ما عولوا على التغيرات البيئية على أنها ما يفتح المجال لتغير الضغوط الطبيعية الانتخابية و بالتالى تطور الكائنات الجديدة. و بغض النظر عن أن هذا هو الهروب التطورى المعتاد من الية نشوء الأصلح الى الية بقاؤه و كأن مجرد وجود ظرف بيئى ملائم كتغير المناخ أو ظهور الأكسجين سيؤدى الى ظهور الطفرات المطلوبة للتأقلم معه من بين كل الطفرات الممكنة حتى يختارها الانتخاب الطبيعى و سيحل مشكلات عدم امكان ظهور التنوعات المطلوبة فى فترة زمنية مناسبة الا أن الأبحاث الحديثة تشير الى أن نفس هذه التغيرات التى طالما تم التعويل عليها لمصلحة التطور تشكل شوشرة عالية على عمل الانتخاب الطبيعى و تساهم فى تمرير طفرات ضارة كبيرة التأثير من التى قد يراها الانتخاب الطبيعى عادة وقد يؤدى تراكمها الى انقراض حتى الجماعات الكبيرة. نفس الأمر أيضا ينطبق على انعزال مجموعات صغيرة من الجماعة الحية و الذى طالما عول عليه التطوريون كأحد سيناريوهات تطور نوع الى اخر اذ أن نفس هذا الانعزال يضعف من المنافسة و أثر الانتخاب الطبيعى و يساهم فى تمرير طفرات عالية الضرر


“Fragmentation and environmental stochasticity can be expected to greatly accelerate the accumulation of mildly deleterious mutations...to such a degree that even large metapopulations may be at risk of extinction...causing the extinction of populations that would be deemed safe on the basis of demography alone”

K. Higgins and M. Lynch “Metapopulation extinction caused by mutation accumulation” PNAS 98: 2928-2933


Lynch M, Conery J, Burger R (1995) Mutational meltdown in sexual populations. Evolution 49(6):1067–1080.


أى أن الاليات المزعومة للتطور المفترض هى فى الواقع اليات للفناء و الانتروبيا تم اعادة صياغتها من قبل التطوريين


الحل السحرى


بجمع كل هذه العوامل الى بعضها البعض و هى أن معظم التغيرات الوراثية خارج اطار رؤية الانتخاب ابتداءا و أن الجينوم يورث ككل بما فيه من سالب و موجب و أن العوامل البيئية العشوائية اللاانتخابية هى الأكثر تأثيرا نرى أن الانتخاب الطبيعى الية ضعيفة التأثير جدا لدرجة أن قدر بعض التطوريون مقدار التأثير الفاعل للانتخاب الطبيعى على تطور الجماعة الحية بأقل من 1%


M. Kimura “Neutral theory of molecular evolution” : 30-31


J. Sanford et al., “Selection threshold severely constrains capture of beneficial mutations”


و باضافة هذا الى التأثير الضار الكاسح لمعظم الطفرات نجد أن كل الأدلة تشير الى التدهورو لكن لأن الدوجمائية التطورية تصر على أن التطور حقيقة علمية و تقوم باخفاء كل المشاكل تحت بند أننا لم نكتشف كيف يعمل بعد كان لابد من اختراع حلول لهذه المعضلة


1-الاستشهاد بعمليات التهجين و الهندسة الوراثية و اقامة نماذج تطورية مبنية عليها أو قريبة منها و هو استشهاد باطل تماما لأن هذه العمليات تخضع لادارة دقيقة و فحص و انتقاء للصفات المطلوبة و تحكم فى بيئة وجود الكائن و تزويده بما يحتاجه للحياة و التكاثر فهو انتخاب ذكى/صناعى لا طبيعى فمثلا فى الانتخاب الصناعى يتم رسم خط واضح عند مستوى الصفات المطلوب و الاطاحة بكل ما تحته بينما يستحيل هذا على الانتخاب الطبيعى فأقصى ما سيفعله هو تقليل فرص الأقل لياقة فى التكاثر لا سحقه بجرة قلمو ازالته من الجماعة الحية و لتوضيح حجم الفرق بين الأسلوبين على لياقة الجماعة الحية



يوضح لنا هذا الرسم البيانى الفارق بين أساليب الانتخاب الطبيعى الحقيقية فى البيئة (الخطوط المنقطة) و الأسلوب الصناعى المسمى Truncation selection الاقتطاع الذى تلجأ اليه أو الى نسخة مخففة منه بعض النماذج التطورية لحل المشكلة و هو مستحيل الحدوث فى الطبيعة


2-محاولة وضع نماذج رياضية غير متحققة فى البيئة الطبيعية بالمرة كافتراض معدلات مرتفعة بشكل غير طبيعى للطفرات النافعة لتعويض الضرر أو افتراض أن تراكم بعض الطفرات الضارة سيضخم من أثرها ليراها الانتخاب Synergistic Epistasis و يعمل عليها الا أن هذا السيناريو غير واقعى أولا لأن تراكم الطفرات طفيفة الضرر نادرا ما يضخم من تأثيرها ليدخلها الى نطاق عمل الانتخاب الطبيعى


J. Baumgardner et al., “Can Synergistic Epistasis halt mutation accumulation? Results from Numerical Simulation”


W. Brewer et al., “Using Numerical Simulation to test the mutation count hypothesis”


و ثانيها لأن هذا السيناريو ان حدث فرضا و كان هناك معدل حرج ينقل تأثير الطفرات الضارة الى اطار رؤية و عمل الانتخاب الطبيعى فان أقصى ما سيفعله هو الانتقاء بين المتدهور و الأكثر تدهورا فهو لن يقود الى التطور و لا حتى الى حفظ حالة الجماعة الحية بل فقط الى ابطاء التدهور لا أكثر حتى تصل الجماعة الحية ان عاجلا أو اجلا الى معدل تدهور قريب من المعدل الحرج و عندها على الأرجح لن تتكاثر و ستنقرض أو على أفضل التقديرات ستعيش و لكن فى حالة شديدة التدهور عن حالتها الأصلية...اما هذا و اما افتراض معدلات تكاثر خيالية غير ممكنة للكثير من الأنواع الحية (مقارنة بمعدل تطفرها) لتعويض تكلفة الانتقاء (عدد الأفراد حاملى الطفرات الضارة الذى يجب أن يقضى عليه الانتخاب لتطهير الجماعة الحية)Purifying selectionو ايجاد فرصة لوجود نسل "يتصادف" عدم احتواؤه على طفرات ضارة فمثلا فى حالة البشر نحتاج معدل انجاب أكثر من 40 من كل زوجين!!!


“If mutations interact multiplicatively, the genetic load associated with such high U [new deleterious mutations per person] would be intolerable in a species with a low rate of reproduction...each female would need to produce 40 offspring for 2 to survive and maintain population size. This assumes that all mortality is due to selection...so the actual number of offspring required to maintain a constant population size is probably higher”

M.W. Nachman and S.L. Crowell “Estimate of the mutation rate per nucleotide in humans” genetics 156: 297-304

أضف الى ذلك طبعا افتراض معدلات ثبات غير واقعية للطفرات المفيدة لتعويض سرعة التدهور. ان ثبات الطفرة فى الجماعة الحية معناه تكاثر حاملها و ذريته حتى يصبحوا هم الأعم فى الجماعة هنا تسمى الطفرة fixed أو ثابتة بمعنى أنها قد أصبحت جزء من جينوم الجماعة الحية و يؤمن عليها من الفقد. تعتمد الكثير من النماذج التطورية على معدلات ثبات غير واقعية اذ كثيرا ما تتجاهل احتمال كون الطفرة recessive متنحية (الطفرة المتنحية لا تعمل فى وجود نسخة أخرى من الصفة الأصلية من الوالد الاخر للكائن) و بالتالى لن يراها الانتخاب الطبيعى حتى لو كان تأثيرها المفترض كبيرا و لن يظهر تأثيرها على الكائن ناهيك طبعا عن احتمال كون تأثيرها بسيطا يعطى الكائن ميزة نسبية بسيطة تجعل انتشارها انتخابيا بطيئا ان ظهرت


C. Rupe and J. Sanford “Using numerical simulation to better understand fixation rates and establishment of a new principle: Haldane’s Ratchet”


[و قد قام ثلاثة من خبراء البرمجيات و الرياضيات بمراجعة عدد من تطبيقات البيولوجيا التطورية لتوضيح البيانات و القيم التى يتم تلقيم هذه البرامج بها لجعل التطور "يعمل" و التى لا تتوافر لأى نظام طبيعى و هو ما ناقشناه بشكل أكثر تفصيلا هنا t.ly/TZ5J


Robert J Marks, William A Dembski and Winston Ewert "Introduction To Evolutionary Informatics"


فمثلا من العمليات التى تقوم بها هذه البرامج ما يسمى التطور المتشارك Coevolution اذ يقوم البرنامج بتقسيم مجال البحث الى أقسام ثم البحث فى هذه الأقسام بشكل متوازى لعدد محدد من المرات ثم مقارنة النتائج و استثناء الأقسام التى لم تولد نتائج جيدة (كرفع الكفاءة و تحسين النتائج) من عملية البحث التالية و بدء المرحلة التالية فقط بالنطاقات التى عبرت المرحلة الأولى و تقسيمها بدورها الى أقسام أصغر و هكذا...و السؤال هو هل هناك أى عملية طبيعية تقوم بهذا؟؟؟ هل سيقوم الانتخاب الطبيعى مثلا بتقسيم الجماعة الحية الى مجموعات و تعيين نطاق بحث من الطفرات لكل مجموعة لا تخرج عنه أبدا حتى يقلل فضاء البحث عن الطفرات النافعة. و هل سيقوم بمنع حدوث طفرات فى النطاقات الضارة مستقبلا؟؟؟ لاحظ الفرق بين حدوث الطفرة ثم اندثار حامليها و منع حدوث الطفرة ابتداءا بل منع حدوث نطاقات كاملة من الطفرات ضارة التأثير لتلافى الانتروبيا!!!


W. Ewert, W. Dembski and R. Marks “Conservation of Information in Coevolutionary searches” Bio-Complexity (2017)


W. Dembski and R. Marks “The search for a search: Measuring the information cost of higher level search” Journal of Advanced Computational Intelligence and Intelligent Informatics, Vol.14 No.5 pp.475-486


أى أن ما تحاكيه هذه البرامج فى الواقع هو أن منع أو تقليل الانتروبيا يتطلب تدخل خارجى معلوماتى ذكى لتصميم و تحسين خوارزميات بحث غير طبيعانية أو عشوائية بالمرة و لا تمت بصلة لطريقة عمل الانتخاب الطبيعى


تعقيب: يلمح دكتور جون سانفورد بوضوح الى ضرورة وجود تدخل ذكى من خارج العالم لعرقلة انتروبيا الكائنات الحية و لا أجد نفسى متحمسا لهذا الاستدلال بالمرة و لكن أذكره من باب الأمانة و أرى أن الأفضل هو توضيح أن هذه البرمجيات لا تحاكى الواقع و الوقوف عند هذا الحد اذ أن الكثير من أدلة تراكم الطفرات الضارة سابقة الذكر تدعم استمرار انتروبيا الكائنات الحية لا توقفها أو انعكاسها بسبب الانتخاب الطبيعى كما تزعم نظرية التطوربل فقط ابطائها و هو ما يتوافق مع كون الكون بكل ما فيه يسيرفى هذا الاتجاه


تحديث: تشير بعض الأوراق الحديثة الى أن مناطق الحمض النووى عالية الأهمية عادة ما تكون محمية باليات اضافية و علامات كيميائية تجند اليات الصيانة و الاصلاح بشكل أكثر كثافة لحماية و اصلاح هذه المناطق و هذا الأسلوب "الموجه" واضح الغائية...لاحظ أن ترتيب الأهمية لتسلسلات الحمض النووى يختلف عن الزعم بأنها بلا وظيفة أو خردة فبعض التسلسلات مثلا تعمل فى أوقات بعينها كأثناء عمليات النمو و تمايز الأعضاء و الأنسجة كما وضحنا سابقا عند مناقشة البيولوجيا النمائية t.ly/8BO1 و الوظائف المكتشفة للحمض النووى الخردة t.ly/5T9K و هذه تصبح قليلة الأهمية بعد أن يكتمل نمو الكائن و بعض التسلسلات مرتبطة بظروف خاصة كاليات "الطوارئ" التى ذكرناها فى مقال الحمض النووى t.ly/4AEZ


"Based on the result of our study, we found that gene regions, especially for the most biologically essential genes, are wrapped around histones with particular chemical marks," Monroe said. "We think these chemical marks are acting as molecular signals to promote DNA repair in these regions."

"New study provides first evidence of non-random mutations in DNA" livescience (2022)


J. Grey Monroe et al., "Mutation bias reflects natural selection in Arabidopsis thaliana" Nature (2022)


هذه التسلسلات المرتبطة بأوقات أو ظروف معينة يمكن اعتبارها أقل أهمية فى المجمل و بالتالى يتم تجنيد الموارد لحماية ما هو أكثر أهمية و تعمل هذه التسلسلات كحاوية لمعدلات التطفر المرتفعة بعد أن تمت وظيفتها]


فى المقابل جرت عدة عمليات محاكاة بقيم أكثر طبيعية فأنتجت تدهوراجمالى فى المعلومات الجينية لا زيادة و تطور و الأهم من ذلك أن أحد أشهر البرامج التطورية Avida و الذى طالما استدل به التطوريون على امكان حدوث التطور نظريا تم اختباره بعد تلقيمه بأرقام أقرب الى ما يحدث فى الطبيعة بالفعل بعيدا عن الفرضيات التطورية فانتهى الأمر به الى انتاج نتائج تتوافق مع حدوث تدهور و فقد معلوماتى مستمر فى الجينوم و ليس تطور


C. Nelson et al., “The effects of low impact mutations in digital organisms” Theoretical Biology and medical modeling vol 8, p.9


C. Nelson et al., “Computational evolution experiments reveal a net loss of genetic information despite selection”

J. Sanford et al., “Using Numerical simulation to test the validity of the neo-darwinian theory”


Sanford and Neslon “The nest atep in understanding population dynamics: Comprehensive numerical simulation studies in population genetics”


W. Brewer et al., “Information loss: potential for accelerating natural genetic attenuation of RNA viruses”


3-استمرار التعويل على اعادة تعريف كل المصطلحات وفقا للتطور بغض النظر عن الية عملها فى الطبيعة من طراز تعريف الطفرات طفيفة الضرر على أنها محايدة "تطوريا" أو استدعاء الحمض النووى الخردة ليعمل كحاوية قمامة بغض النظر عن الكشوف الحديثة القائلة بوظيفيته أو وضع نماذج تفترض قدرة الانتخاب الطبيعى على الانتقاء من أجل صفة بعينها أو جين بعينه أو تفترض عدم حدوث تدهور ابتداءا ثم تبدأ فى "حياكة" معدلات التطفر و الانتخاب المطلوبة لتحقيق هذا الأمر و كأن الطبيعة ستقوم بتغيير اليات عملها حتى تعمل نظرية التطور!!!

4-وضع سيناريوهات خيالية غير واقعية ككون الطفرات تحدث فى أفراد مستقلين بالتزامن مع بعضها البعض ثم تلتقى أثناء مزج الجينات recombination عند التزاوج و الزعم بأن هذه المهزلة"نموذج علمى" بينما هى مجرد محاولة للتعويل على الصدف و الحظ لجمع طفرات متفرقة (بفرض حدوثها) من أفراد متنوعين (بفرض تزاوجهم) و بعيدا عن الصدف السعيدة التى يبنى عليها التطوريون نماذجهم "العلمية" فان هذا الكلام غير قابل للتحقق لأن عملية مزج الجينات أثناء التزاوج لا تحدث أصلا على مستوى طفرات أو تسلسلات بمفردها بل على مستوى قطع كاملة من الحمض النووى أى أن جينا كاملا يجب أن يتطور فى أحد الزوجين حتى يتم تمريره لا طفرة من هنا و طفرة من هناك و كما نبهنا سابقا فان قطعة الحمض النووى تأتى بما فيها من جيد و سئ و لا يتم انتقاء الجيد فقط أثناء المزج الجينى و بالتالى فان هذا السيناريو غير واقعى بالمرة


Tishkoff and Verrelli “Patterns of human genetic diversity: implications for human evolutionary history and disease” Annual Review of genomics and human genetics 4: 293-340


S.B. Gabriel et al., “The structure of haplotype blocks in the human genome” Science 296: 2225-2229


الملفت أكثر أن من عولوا على اعادة المزج اعترفوا ضمنيا بأن الخلايا التى تتكاثر لاجنسيا محكوم عليها بحمل عبء رهيب من الطفرات الضارة بسبب غياب الية المزج عنها و لكن التطور يتطلب أن تتقدم هذه الخلايا و تزداد تعقيدا حتى تصل الى مرحلة التكاثر الجنسى و كالعادة عولوا على سيناريوهات غير واقعية


“An asexual population incorporates a kind of ratchet mechanism, such that...lines become more heavily loaded with mutation”

H.J. Muller “The relation of recombination to mutational advance” Mutation Research 1: 2-9


أضف الى ذلك أن هناك ما يسمى بتكلفة الانتخاب الطبيعى اذ تحتاج الجماعة الحية لانتاج عدد من الأفراد لضمان استمرارها و تعويض الوفيات من جميع الأسباب بما فى ذلك استئصال الطفرات الضارة فكلما أردت نموذج واقعى يعمل فيه الانتخاب على عدد من الطفرات بالتوازى اما ستضعف عمله جدا حتى تحافظ على حجم الجماعة الحية حتى يصبح غير قادر على انجاز العمل و لا حتى فى ملايين السنين أو ستزيد من حجم الجماعة الحية و معدل تكاثرها الى الملايين بشكل غير واقعى أبدا حتى تعطى مساحة للانتخاب لاستئصال الطفرات الضارة الكثيرة التى ستحدث من العمل المتوازى على عدة مواقع فى الجينوم...أو ستقود الجماعة الحية ببساطة الى الانقراض!!!


“Simultaneously segregating mutations interfere with each others’ elimination by natural selection”

M. Lynch et al., “Mutation accumulation and the extinction of small populations” The American Naturalist 146: 489-518


“Even the geological time scale is too short for such processes”

J.B.S. Haldane “The cost of Natural selection” Journal of genetics 55: 511-514


Lynch M, Conery J, Burger R (1995) Mutational meltdown in sexual populations. Evolution 49(6):1067–1080.


M. Kimura “Neutral theory of molecular evolution” p.26


بل ان عالم الوراثة مايكل لنش صاحب الكثير من هذه الأبحاث التى تظهر الانتروبيا الجينية و الذى أشار بوضوح الى أن الأدلة المرصودة لا تدعم أبدا القدرات المزعومة للانتخاب الطبيعى و أن الكائنات نتيجة لتكيفات متراكمة و أوضح أن التكيفيين عادة لا يأتون بأدلة حقيقية على أن الطفرات تكيفية بل يفترضون ذلك - قد تبنى نفس البديل العقيم الذى يتبناه كيمورا و هو الاعتماد على الطفرات بدون انتخاب مما يجعل الاحتمالات أسوأ و قدم نموذجا عجيبا غير واقعى بالمرة يفترض فيه حدوث الطفرات المطلوبة فقط لانتاج اليات جديدة من بين كل الاحتمالات الممكنة حتى يلتف حول غياب الانتخاب الطبيعى و كأن هناك توجيه للعملية و هو نفس ما ينتقد لنش "الخلقويين" فى ورقته على القول به!!!


Michael Lynch "The frailty of adaptive hypotheses for the origins of organismal complexity" PNAS 104 (suppl_1) 8597-8604 (May 2007)


Lynch and Abegg “The rate of establishment of complex adaptations”


Axe “The limits of complex adaptation: An analysis based on a simple model of structured bacterial populations”


و هذه نقطة مهمة جدا يجب الانتباه اليها اذ كثيرا ما يأتى التطوريون بأوراق علمية و دراسات زاعمين أنها تثبت التطور دون توضيح لبعض التفاصيل أو الفرضيات التأسيسية فى الورقة و التى من شأنها أن تهدم استدلالهم بها بأن توضح هل هى تمثل فعلا ما يحدث فى الطبيعة أم تمثل التطور كما هو فى النموذج المطروح و الذى لا يحدث فى الطبيعة


بالنظر الى كل ما سبق فان الانتخاب الطبيعى فى الواقع لا يختار بين الجيد و السيئ بل بين السيئ و الأسوأ فهو ليس فقط غير قادر على التطوير بل هو غير قادر على منع التدهور فقط ابطاؤه مع صقل أو تحسين وظيفة هنا أو هناك غالبا على حساب شئ اخر و هذا فى حال الحديث عن ما يقع ابتداءا فى نطاق عمله و عند اضافة ذلك الى ما يقع خارج نطاق عمله أصلا تتضاعف المشكلة و يزيد معدل التدهور الذى بالتأكيد سيتفوق على أى معدل للتطور ان كان له معدل أصلا لذلك فان الانتروبيا البيولوجية حقيقة كالانتروبيا الفيزيائية تماما و اجمالى جينوم أى كائن حى يتدهور لا محالة – لا يتطور و لا يمكن للانتخاب الطبيعى عكس هذا القانون الكونى أو ايقافه


P. Gibson et al., “Using computer simulation to understand mutation accumulation dynamics and genetic load”


L. Loewe “Quantifying the genome decay paradox due to Muller’s Ratchet in human mitochondrial DNA” Genetic Research 87: 133-159


P. Gibson et al., “Can Biological information be sustained by purifying natural selection?”

و أسلوب التطوريين هو التطور حقيقة و سنضع لكم نماذج رياضية لا تمت للواقع بصلة كأدلة و على الكائنات الحية و الاليات الطبيعية أن تحترم نفسها و توفق أوضاعها وفق ما نقول!!!


[ملحوظة: عند الكلام عن الطفرة المحايدة فالتعريف يحتمل كونها محايدة فى نفسها (أى بلا تأثير يذكر) أو كونها ليست محايدة فى نفسها و لكن تعداد الجماعة الحية أقل من أن يسمح للانتخاب الطبيعى بالعمل عليها]



106 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page