"ان غرف الاعدام فى معسكرات أوشفيتز و تريبلينكا و مجدانك لم تأتى من أى مكان فى برلين [مقر قيادة الحزب النازى] بل أتت من قاعات محاضرات الفلاسفة و العلماء العدميين"
-ماتى ليسولا "المهرطق"
يحاول التطوريون دائما أى نقد لدعواهم على أنه معارضة للعلم و فى اطار ذلك يستشهدون بنص مسرحى لمحاكمة المعلم سكوبس بتهمة تدريس الداروينية سنة 1925 و قد تم تحويل هذا النص لاحقا الى فيلم هوليودى و تم اعادة انتاجه كذلك. يظهر سكوبس فى القصة الدرامية كضحية يتم ملاحقتها من المتدينين المتشددين المعارضين للعلم بينما يدافع عنه المحامى الشجاع المتفتح دارو الذى يدافع عن العلم و العقل و لكن هل هذه هى القصة التاريخية الحقيقية؟ [كما استعرضناخلال هذا الكتاب ولع الدراونة بالسيناريوهات الخيالية فان هذه المرة لنتكون استثناءا]
ويليام برايان الذى صوره الفيلم على أنه متدين رجعى متشدد كان سياسيا تقدميا فى الحزب الديمقراطى الأمريكى يسعى لحماية المزارعين و العمال الكادحين من الرأسمالية المطلقة التى كانت تلتهم حقوقهم بتبريرات داروينية [فالبقاء للأصلح الذى يحصل أكبر منافع لنفسه على حساب الكائنات الأخرى و توزيع الثروات أو مراعاة الفقراء و الضعفاء ضد قوانين الانتخاب الطبيعى] كما كان يهاجم الداروينية لضعف أدلتها العلمية و لدورهافى تأجيج الروح الحربية التى اندلعت بسببها الحرب العالمية الأولى [لاحظ أن هذا كان سنة 1925 و لم يكن ويليام برايان يعلم كم كان محقا و أن بعد عشر سنوات فقط سترجف الراجفة الثانية بالعالم و ستندلع الحرب العالمية الثانية بسبب قاذورات داروين الفكرية
Richard J. Evans; the Third Reich at War; Penguin Press; New York 2009. p.547
Richard Weikart, from Darwin to Hitler, p.215
الان ننتقل الى دارو المحامى المستنير الذى يدافع عن العقل و العلم. فى سنة 1924 أى قبل عام واحد من محاكمة سكوبس دافع دارو عن القاتلين فى جريمة قتل بشعة راح ضحيتها صبى فى الرابعة عشر من عمره قتله طالبان فى جامعة شيكاغو فيما سمى بجريمة ليوبولد و لويب. كان هدف الجريمة فقط اثبات ذكائهما و أنهما قادران على ارتكاب جريمة كاملة و الافلات من العقاب!!! فماذا قال محامى الداروينية فى الدفاع؟ كان دفاعه أن المجرمين غير مذنبان لأن طبيعتهما و أفعالهما مكتوبة فى تاريخهما التطورى و أن تركيبتهما الالية تعمل بشكل أعمى فلا يمكن أن نلومهما على الحتمية البيولوجية فقد تامرت قوى الطبيعة على تشكيلهما بهذه الطريقة قبل ولادتهما بعصور!!! [هذا هو دارو الذى أظهره العلم بطلا شجاعا متفتحا فى مواجهة الرجعية...بالضبط تفتح هتلر و شجاعته اللذان أشرقا على العالم بعد 10 سنوات من قول هذا الكلام...هذا هو قانون داروين و ارثه الملعون الذى يتملص منه الدراونة]
الطريف فى الموضوع أن دارو قام بخدعة اجرائية فى المحاكمة لتجنب استجواب أدلة الداروينية و الاكتفاء بعرض شهادات من بعض العلماء الدراونة بصحتها و كأن تجنب التدقيق العلمى فى الأدلة ارث داروينى يتناقلونه جيلا بعد جيل و كما قال فريد هويل – مؤسس معهد علم الفلك فى جامعة كامبريدج – ان التقد العلمى للتطور لا يلقى اذانا صاغية عادلة بسبب الثقافة المجتمعية التى منحت فرصة ذهبية لتجنب مناقشة و نقد حجج التطور البالية.
The Scopes Trial, 229-280
Ibid. , 206, 220-221, 223. The prosecution is partly responsible for the failure of evolution to undergo cross-examination in the Scopes Trial. According to the prosecution, the Tennessee statute outlawed the
teaching of evolution regardless of whether evolution was true, and thus all evidence for the truth of evolution was irrelevant and should be excluded. The judge agreed, and initially kept the scientists from
testifying, which meant, of course, that the prosecution lost its initial opportunity to cross-examine them. It was later that the judge allowed the scientists’ written testimony to be read in open court, but then denied the prosecution any chance to challenge that testimony. Yet, once that testimony was admitted into the proceedings, the truth of evolution did become an issue, and fairness required that it be subjected to cross-examination.
Fred Hoyle, Mathematics of Evolution (Memphis, Tenn.: Acorn Enterprises, 1999), 106
الان يتبقى لنا البطل الثالث للقصة و هو المعلم سكوبس الضحية المضطهد بسبب تدريسه للعلم فماذا كان يدرس حقا؟ كان يدرس كتاب "علم الأحياء المدنى" لهانتر الذى يقسم البشر الى 5 أعراق أعلاها العرق القوقازى المتفوق تطوريا و الذى يمثل الرجل الأبيض فى أوروبا و أمريكا و الذى يعتبر أساسا للكثير من الدعاوى العنصرية كتصفية السود و تعقيم الأشخاص الأقل تكيفا كما فعلت أمريكا بالفعل مع كثير من السكان الأصليين من الهنود الحمر [هذه هى الداروينية الحقيقية...ان هتلر لا يبدو غريبا الى هذا الحد الان أليس كذلك؟]
The Scopes Trial, introduction by Alan Dershowitz.
Hunter, Laboratory Problems in Civic Biology, 182.
ان هتلر لم يكن أبدا حالة شاذة عن العالم الذى يعيش فبه كما يظن البعض فهناك شخص حقير كتب كتابا أسماه "أصل الانسان" و اعترض فيه على علاج المرضى و مساعدة الفقراء لأن هذا يسمح لأفراد المجتمع الضعفاء بالاستمرار و هذا مضر للجنس البشرى فالراعى الجاهل هو الذى يسمح لأسوأ حيواناته بالتكاثر
"Thus the weak members of civilised societies propagate their kind. No one who has attended to the breeding of domestic animals will doubt that this must be highly injurious to the race of man...hardly any one is so ignorant as to allow his worst animals to breed"
Charles Darwin "The Descent of man, and selection in relation to sex" Vol. 1 (Princeton University Press 1981) p.168
و يخبرنا المؤرخون أن ما لا يقل عن 100 مليون شخص فى القرن العشرين تم اعدامهم أو تجويعهم حتى الموت بسبب الداروينية الاجتماعية (كانت الامبراطورية البريطانية أستاذة فى مصادرة المحاصيل من الشعوب الأدنى و تركهم فى مجاعات لزيادة رفاهية الأجناس الأرقى)
In the twentieth century,it is likely that over 100 million people were killed or starved to death as a result of totalitarian regimes infected with varieties of social Darwinism”
Paul Johnson "Darwin: Portrait of a Genius" p.136
لقد كان الجنون التطورى فى كل مكان فولاية انديانا الأمريكية أصدرت قانون للتعقيم القسرى لمنع الأعراق الأدنى من التكاثر و تحسين النسل سنة 1907 و تلتها ولايات أخرى حتى بلغ عدد المعقمين قسرا من الأجناس الأدنى حوالى 65000 بل ما لا يعرفه الكثيرون أن أول قانون أصدرته الحكومة النازية لتحسين النسل تطوريا كان منقولا عن قانون أمريكى سبقه
“To one versed in the history of eugenical sterilization in America, the text of the German statute reads almost like the ‘American model sterilization law.'”
Harry Bruinius "Better for All the World: The Secret History of Forced Sterilization and America's Quest for Racial Purity" p.10, p.17, p.273
John West "Darwin Day in America" p. 150
و فى بيان تم القاؤه امام المجمع الأمريكى لتقدم العلوم فى أغسطس 1939 تحدث ممثل مؤسسة "تحسين الأعراق" عن أهمية الأخلاقيات الداروينية و كيف أنها تقود الى تطبيق سياسات اليوجينيا (التعقيم القسرى للأعراق الأدنى) من أجل زيادة رفاهية المجتمعات و تحسين حالها
“emphasize the importance of eugenics, both positive and negative, and all measures that make for beautiful and wholesome life and the improvement of its adjustment to its environing condition, material and social.”
S.J. Holmes "Darwinian Ethics and Its Practical Applications" SCIENCE 11 Aug 1939 Vol 90, Issue 2328 pp. 117-123
و بعد ثلاثة أسابيع بالضبط من هذا البيان رجفت الراجفة بالعالم و انطلقت أحذية الأخلاق الداروينية تدهس الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال عبر أوروبا و تذيقهم وبال ما كانوا يفعلونه لعقود فى الأعراق الأدنى...لقد كان كل شئ على ما يرام بالنسبة للجميع و هم يفعلون ما يفعلون بالأعراق الأدنى من أفارقة و أسيويين و سكان أصليين لأمريكا (الهنود الحمر) من ابادة و تعقيم قسرى بل و نداءات بمنع مساعدة الفقراء الى أن جاءهم من اعتبرهم هم أعراق أدنى و فعل بهم ما فعلوه بغيرهم...ان النازية لم تكن يوما شذوذا فكريا بل كانت ابنة بيئتها العالمية التى سادت فى كل مكان بما فى ذلك دول الحلفاء كأمريكا و بريطانيا و لكن النازية فقط نظرت لهم نظرتهم للاخرين و بعد انتهاء الحرب لم يعد أحد يتحدث عن البيئة العالمية التى سبقتها و كأن هتلر كان مجرد حالة شاذة و ليس ابنا بارا و منتجا طبيعيا لما كان يفعله الجميع. و بعد كل هذا يخرجون علينا بكل صفاقة مبرئين نظريتهم بل و ناسبين لها الحب و التعاون و الاخاء زاعمين أن الحروب و الابادات سببها سياسيين أو رجال دين لكن التطورمنها براء!!!
الان هل تريد أن تعرف من يهاجم العلم و يضطهد المعارضين و يخرس الأصوات؟ يدعو بعض الدراونة كدانيال دينيت الى ضرورة اعتبار من يعترض على التطور من درجة أدنى علميا و ثقافيا و الى ضرورة تعليم الأطفال فى المدارس أنهم نتاج تطورى و عزل الاباء المعارضين لذلك لأنهم "غير قادرين على التعايش معنا بسلام" على حد تعبيره و فى سنة 2005 أصدر القاضى John E. Jones حكما قضائيا ضد تدريس التصميم الذكى لأن له أصول و تبعات الدينية
For a thorough examination of this case, see David DeWolf, John West, Casey Luskin, and Jonathan Witt, Traipsing into Evolution: Intelligent Design and the Kitzmiller vs. Dover Decision (Seattle: Discovery
Institute Press, 2006)
[كما أن هناك وثائقى يحتوى على لقاءات مع علماء تعرضوا للتضييق فقط بسبب معارضتهم العلمية للتطور. لم يقل لك الدراونة من منظرى أن معارضة التطور صراع بين الدين و العلم هذا الأمر أليس كذلك؟]
وثائقى اثرائى 1: بيولوجية الرايخ الثاني : الداروينية الاجتماعية وأصول الحرب العالمية الأولى
وثائقى اثرائى 2: مطرودون غير مسموح بالذكاء
و قد جمع موقع FreeScience.today عددا من قصص قمع المعارضين للنظرية
و لا ننسى طبعا "الحرب العالمية الثالثة" الحرب على الأجنة و المجازر المليونية التى يتم القيام بها للأجنة سنويا بأبشع الطرق و من ضمنها التمزيق أحياء بسبب جريمة التطور و تزير ارنست هيكل لرسومات الأجنة لدعم النظرية و التى تحدثنا عنها من قبل t.ly/5igv
Comments