الأركيولوجيا: علم يهتم بالكشف عن الاثار المادية للثقافات القديمة و دراستها و يزعم البعض حجية استخدامه لنفى الوجود التاريخى للأنبياء و فى هذا الكتاب يناقش دكتور سامى عامرى مدى صحة هذا الزعم نظريا ثم يقدم الأدلة الأركيولوجية على بطلانه عمليا و لنبدأ بمدى صحة هذا الزعم نظريا من خلال مناقشة ثلاث نقاط
1-ما مدى قطعية نتائج البحث الأركيولوجى؟
2-هل بلغت الكشوف الأركيولوجية من الكثرة و الوضوح ما يجعلها حاسمة؟
3-هل يخلو تفسير الدليل الأركيولوجى من التأثر المسبق بمدارس تفسيرية فلسفية؟
المبحث الأول: مدى قطعية نتائج البحث الأركيولوجى
1-زعم أن الأركيولوجيا هى ما يصنع التاريخ:
ان علم التاريخ قبل نشأة الأركيولوجيا و بعدها هو محاولة لمعرفة و فهم أحداث الماضى باعتماد الشهادات التاريخية و ما فعله البحث الأركيولوجى هو اضافة عنصر جديد من هذه الشهادات الى علم التاريخ الموجود من قبله لا أنه كما يزعم البعض هو المسئول حصرا عن علم التاريخ و تفسير هذه الشهادات الأركيولوجية و غيرها عرضة للخلاف و التأويلات المتعددة بين العلماء
Nadav Na’man “Does Archaeology really deserve the status of a high court?” in “Between Evidence and Ideology: Essays on the history of ancient Israel” (2011): 167
ان تفسير أى أثر يتطلب ادراك ثقافات الأمم و عقائدها و منظوماتها الثقافية و أساليبها فى التعبير و سياق نشأة ذلك الأثر و الكتابات التى تصور هذه الأمور التأسيسية فى التفسير قليلة من بين اجمالى الاثار المكتشفة و أحيانا تتهم بالتحيز لرؤية معينة مما يترك مساحة رمادية كبيرة فى مسائل تأويل الشهادات التاريخية و الأركيولوجية. من أجل هذا فان مدى قطعية نتائج أى بحث أركيولوجى لا يمكن مقارنتها بمدى قطعية نتائج التجارب المعملية القابلة للتكرار فى العلوم الطبيعية
Michael P. Richards and Kate Britton “Archaeological Science: An Introduction” (2020): 4
2-المسلمات و الافتراضات الأولية:
يمتلك البحث الأركيولوجى شأنه شأن سائر العلوم فرضيات و مسلمات أولية يقوم عليها و يعتمد عليها فى التفسير برغم عدم يقينيتها فمثلا سادت لفترة طويلة فرضية Documentary Hypothesis و القائمة على أن التوراة مكونة من 4 نصوص مع تحديد العصر الذى يعود اليه كل نص و اعتمدت الكثير من الأبحاث الأركيولوجية فى نتائجها و تأويلاتها للأدلة على ذلك ثم جاءت مدارس أخرى لتنفى هذه الفرضية التأسيسية و ترد الوثائق الى أزمنة مختلفة
David M. Carr “Changes in Pentateuchal Criticism” in Magne Saebo “Hebrew Bible – Old Testament: The History of its Interpretation” (2014): 434 ff
و من ذلك أيضا قيام مدرسة الحد الأدنى Minimalists التى تنفى حجية أى خبر تاريخى فى الكتب الدينية على مسلمات فلسفية مسبقة من أفكار "ما بعد الحداثة" و منها Deconstructionalism "التفكيكية" و هى القول بأن النص لا يمكن استخراج معنى موحد منه و من ثم الانطلاق من هذا المبدأ الفلسفى الى تأويلات تعسفية و بعيدة تنفى معانى النصوص و الأدلة الأركيولوجية أو تطعن فيها ثم استخدام هذه النتائج الغير موضوعية القائمة على التسليم المسبق بغياب دلالات النصوص كدليل على غياب دلالات النصوص فى حلقة مفرغة من الاستدلال الدائرى
[تعقيب شخصى: لا يسعنا هنا سوى أن نتذكر ما مررنا به أثناء استعراض الكتب الناقدة للتطور من بدء الكثير من الأبحاث و الأوراق العلمية بالتسليم بحدوث التطور ثم تأويل الأدلة و المشاهدات على مقاس التطور مهما كانت التأويلات بعيدة أو غير منطقية أو مستحيلة الحدوث ثم الزعم أن النتائج المأولة تثبت التطور...ثم طبعا اتهام من يعترض بأنه ينطلق من "مسلمات مسبقة"]
3-المساحات المظلمة فى الأدلة:
يتعامل البحث الأركيولوجى مع بقايا العمران القديم بعد أن تهدم و ضاع منه الكثير مما قد يقود أحيانا الى استنتاجات خاطئة و من ذلك تقدير عدد سكان أورشليم فى العصر الفارسى ببضع مئات بناءا على اثار العمران و هو ما تعارض مع وثائق أخرى أشارت الى كونها منطقة مدنية ذات ثقل سكانى كبير فى هذا العهد
Nadav Na’man “Does Archaeology really deserve the status of a high court?” :172-173
“Text and Archaeology in a period of great decline; The Contrivution of the Amarna letters to the debate on the historicity of the Nehemiah wall” in P.R. Davies “The Historians and the Bible”
4-تعارض مناهج البحث:
هناك عدة مناهج فى مجال البحث الأركيولوجى لتفسير الأدلة و اعتماد أى بحث لمنهج بعينه سيؤثر على النتائج فمثلا يولى منهج الأركيويجيا الاجرائية Processual Archaeology أهمية أقل للنشاط الانسانى فى تفسير سير التاريخ على عكس منهج ما بعد الاجرائية Post Processual فيختلف المنهجان فى مدى حتمية خط سير التاريخ و مقدار تأثير الشخصيات القيادية و غيرها من الأمور التى تؤثر على التفسير النهائى و الرواية التاريخية المعتمدة للبحث. و لا يقتصر التعارض فقط على التفاسير بل ربما على تصنيف الأدلة ابتداءا فمثلا الية كربون 14 المستخدمة فى التأريخ قد تعطى أكثر من احتمال و لها هامش خطأ قد يصل الى قرن كامل. هذا الهامش قد يصنع فارقا كبيرا عند محاولة تقييم أحداث أو شخصيات بعينها.
Ingrid U. Olsson “RadioCarbon Variations and Absolute Chronology” (1970)
C. Renfrew and R.M. Clark “Problems of the RadioCarbon Calendar and its Calibration” Archaeometry 16 (1974): pp.5-18
أحد المناهج التصنيفية الأخرى Typology يقوم على تمييز العصور التى يعود اليها الأثر بنمط النقوش و الخط و الشكل الفنى و لكن هذا أيضا عليه اعتراضات و فيه اختلافات أخرى اذ أن النمط الفنى لا ينقطع فجأة بين العصور بل قد يستمر من عصر الى ما يليه و يتراجع ببطء و فترات الاستمرار ليست ثابتة مما يقود الى تضارب فى نسبة بعض الاثار الى عصور بعينها
John C. Whittaker, Douglas Caulkins and Kathryn A. Camp “Evaluating Consistency in typology and classification” Journal of Archaeological method and Theory vol.5, no 2 (June 1998): pp. 129-164
المبحث الثانى: التحيز المنهجى فى البحث الأركيولوجى:
1-أثر ثقافة ما بعد الحداثة فى البحث الأركيولوجى:
تقوم هذه الثقافة على العدمية و الهدم و التفكيك و التقويض المستمر لكل معنى أو قيمة و بالتالى فقد أفرزت تيارا فى مجال البحث الأركيولوجى يسمى بالعدميون الجدد New Nihilists و منهم مدرسة الحد الأدنى التى ذكرناها بالأعلى و هؤلاء يفسرون أى دليل بشكل منحاز فلسفيا لمبدأهم الفلسفى القائم على هدم المعنى و القيمة
William G. Dever “What did the Biblical writers know and when did they know it?” p.128
William G. Dever “Will The Real Israel please stand up?” BASOR 297: 61-80
[تعقيب شخصى: ان التحيزات التى أفرزتها ثقافة ما بعد الحداثة و العدمية و غياب المعنى و الهدف ليست قاصرة على الأركيولوجيا و لعلنا نسترجع الاصرار الهستيرى للتطوريين على نفى الغاية و الهدف عن طريق الصدفة و العشوائية و كذلك جملة فودور و بالميرينى الملحدان فى مقدمة كتابهما: يقول الزملاء ان أردت أن تكون انسانويا علمانيا يجب أن تؤمن بداروين]
2-اللادينية فى البحث الأركيولوجى:
تماما كما تتهم الداروينية مخالفيها دائما بأنهم مؤدلجون متعصبون دينيون بغض النظر عن أدلتهم و حتى لو كانوا ملاحدة أو لاأدرية فان اللادينية و المؤمنون المتأثرون بمنهجها المادى الرافض ابتداءا لكل ما هو متجاوز يتبعون نفس الأساليب الرخيصة فى كل المجالات العلمية بما فيها الأركيولوجيا. اتهم مخالفيك بالأدلجة و التعصب و القناعات المسبقة و غيرها من الأمور التى أنت غارق فيها حتى أذنيك و بناءا عليه صادر على أدلتهم و تفسيراتهم و صفها باللاعلمية بل لقد وصل الأمر للتشكيك فى صحة بعض الاثار كنقش تل دان و اتهامها بالزيف بدون أى دليل لمجرد موافقتها للرواية التوراتية و نقل أطروحات مليئة بالافتراضات و التخمينات كأطروحة توماس تومسون بصيغة الجزم و كأنها حقيقة ثابتة لمجرد انتصارها للأيديولوجيا المادية ثم زعم التجرد من سطوة الأيديولوجيا
فراس السواح "تاريخ أورشليم و البحث عن مملكة اليهود" ص 208
المبحث الثالث: مغالطة الاحتجاج بالصمت:
1-الاحتجاج بالجهل:
يحاول البعض اعتماد قاعدة "من لم يثبت البحث الأركيولوجى وجوده فهو غير موجود" و بغض النظر أن مجرد المحاججة بأدلة النبوة و صحة القران (راجع كتب مثل براهين النبوة – سامى عامرى / كيف عرفت أنه نبى؟ - أيمن البلوى / النبأ العظيم – محمد عبد الله دراز...الخ) تغنى عن اللجوء للدليل الأركيولوجى الا أنه حتى حال الاحتكام اليه يمكننا أن نلاحظ مدى بطلان هذه القاعدة اذ أن الفجوات فى الأدلة الأركيولوجية واضحة جدا و من المستحيل كتابة تفاصيل التاريخ البشرى اعتمادا على الاثار المادية فقط فمثلا قد ساد الاعتقاد بأن الملك الأشورى توديا شخصية خرافية حتى تم اكتشاف نص يشهد لوجوده كما تندر النصوص التى تشير لبعض الملوك كسرجون الثانى و سنحاريب
Edwin M. Yamavchi “The Scriptures and Archaeology” p.20
و اذا كان الملوك الذين هم أكثر الشخصيات سطوة و تأثيرا و نفوذا و المعظمين و الممجدين دائما يمكن أن تضيع أو تندر اثارهم فما بالنا بقلة مستضعفة معارضة كالأنبياء و أتباعهم
بل ان أورشليم القديمة التى قتلت بحثا و لم يظن أحد امكان الكشف عن جديد فيها شهدت كشف مجمع ادارى أثرى كامل سنة 2020 فما بال المناطق الأخرى؟
Amanda Borschel-Dan “Huge Kingdom of Judah government complex found near US embassy in Jerusalem” Times of Israel (22 July, 2020)
و فى جنوب شرق اسيا امبراطورية كاملة لا يعرف عنها أحد شيئا لولا ذكر وجودها فى السجلات الصينية القديمة و فقط فى 2023 بدأ العثور على بعض اثارها و يعترف الباحثون أنفسهم بصعوبة حفظ هذه الاثار بل و بصعوبة تأريخها كربونيا كذلك
Chinese historical documents contain some records of an empire centered in what is now southern Vietnam that spanned Southeast Asia and disappeared by the seventh century C.E. Physical evidence of this kingdom is scarce, however. This lack partly stems from rot caused by the area’s humid, tropical climate...Other experts want to see the use of additional methods to establish chronology because radiocarbon dating is not always reliable.
"1,800-Year-Old Spices Are Earliest Evidence of Curry Making in Southeast Asia" Scientific American (July 21, 2023)
كما شهدت العشر سنوات الأخيرة هناك أيضا اكتشاف نقوش و محاجر أثرية
Millard “The New Jerusalem Inscription-So What?” Biblical Archaeology Review 40.3 (2014): 49-53
Jeanna Bryner “Jerusalem’s Ancient City of Quarries reveals city-building rocks” Live Science (May 09, 2013)
و لا يقتصر الأمر على الكشف عن اثار جديدة لحضارات معروفة بل الكشف عن حضارات و لغات لم يعرف عنها شئ من قبل كاكتشاف مكتبة ايبلا القديمة التى تشير الى وجود حضارة كبيرة فى منطقة الشام لم تكتشف من قبل و طمست اثارها بالكامل
Alfonso Archi “Ebla and its Archives: Texts, History and Society” (2015)
يتضح لنا مما سبق أن التعامل مع البحث الأركيولوجى على أنه اكتشف اثار كل الحضارات و تفاصيلها و بالتالى ما لم يكتشفه غير موجود تعامل خاطئ تماما
2-الاحتجاج بالمعلوم لانكار المجهول:
يحتج البعض بأنه من غير المنطقى أن نعلم تفاصيل حياتية عن المجتمعات القديمة كالأطعمة و الأشربة و تضيع اثار الأنبياء و الواقع أن هذا الاحتجاج غير منطقى. ان التفاصيل الحياتية لأى أمة تشمل مساحة بحث كبيرة مكانيا و زمانيا شاملة كل المساحة الجغرافية لتواجد هذه الأمة بكل من فيها من أفراد و الفترة الزمانية لوجود الأمة بكل ما تعاقب عليها من أجيال لفترة قد تصل الى مئات أو الاف السنين و تشمل بقايا شديدة الشيوع بطبيعة الحال بين الناس كالأوانى و عظام الحيوانات و بقايا الطعام الذى كان يمثل "زاد الاخرة" فى المقابر بجوار المومياوات و هذا يختلف جذريا عن نطاق البحث عن اثار لنبوة و التى تشمل ملاحقة اثار بضعة أشخاص قل أتباعهم و لم يكن لهم سلطان سياسى أو نفوذ أو مناصب الا فيما ندر بل لفظتهم أقوامهم و كذبتهم فى معظم الأحوال و اتهمتهم بالسحر و الجنون كما تقول الرواية الدينية ذاتها
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ - يوسف 103
إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ - هود 17
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ - الأعراف 101
وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ - الأعراف 102
كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ - الذاريات 52
عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النبيُّ والنَّبيَّانِ يَمُرُّونَ معهُمُ الرَّهْطُ، والنَّبيُّ ليسَ معهُ أحَدٌ - مسلم 220 / البخارى 5705
ان حوليات الملوك و النقوش ما هى الا مدونات لتمجيد الحكام و طمس عيوبهم يكتبها من يختارهم الملك ذاته و يتم استخدامها للتباهى و التفاخر لا لتأريخ المعارضة الدينية و السياسية أو من تم اتهامهم بالسحر و الجنون و الكذب
أضف الى ذلك أن حتى ما قد نظن أنه معلوم قد يتغير و من أمثلة ذلك الاثبات الأركيولوجى الصريح لخطأ رواية سفر دانيال 5 التى تذكر أن بلشاصر كان حاكما لبابل عند سقوطها عن طريق دليل مادى واضح يتمثل فى ألواح طينية تذكر أن "نيونيدس" كان ملك تلك الفترة الا أن كشفا أركيولوجيا لاحقا عثر على وثائق جديدة تكشف أن "نيونيدس" أمضى ايامه الأخيرة فى البلاد العربية تاركا قيادة المملكة لابنه بلشاصر مسقطا بذلك ما كان يعتقد أنه دليل أركيولوجى دامغ على خطأ الرواية...مثال اخر ما جاء فى الفصل 33 من سفر العدد عن رحلة بنى اسرائيل من وادى عربة الى سهول مواب و التى أنكرها عدد من الأركيولوجيين بناء على تعارضها مع خرائط مصر القديمة الى أن تم لاحقا اكتشاف خرائط منقوشة على معبد الكرنك تثبت وجود الطريق الذى تم استنكاره سابقا
Walter C. Kaiser “The Old Testament Documents: Are they Reliable and Relevant?” (2001) : 99-107
3-قصور الشاهد الأركيولوجى:
و أخيرا و ليس اخرا و بالاضافة الى كل ما سبق فان الشاهد الأركيولوجى بطبيعته يعتبر قاصر من حيث المبدأ أى أننا حتى اذا أخرجنا باطن الأرض بالكامل لا يمكن الاحتجاج بأن ما وجدناه يمثل كل اثار الحضارات القديمة لضياع الكثير من بقايا الماضى بسبب عوامل طبيعية كالأمطار و الرطوبة و الزلازل و التاكل أو عوامل بشرية كالاحتلال و الحروب و الهدم و الحرق و طمس اثار الخصوم و السرقة.
أضف الى ذلك أن عدد الأماكن التى يتم التنقيب فيها قليلة مقارنة بما هو مطلوب فمثلا منطقة شمال شرق الدلتا التى سكنها العبرانيون لم تعرف عناية بحثية توازى مواقع أخرى. من المهم هنا التفرقة بين التنقيب Excavation و المسح Survey فالأخير لا يكشف الا ما يظهر على سطح الأرض و ليس المدفون و من أمثلة ذلك منطقة Ephesusو التى تم مسحها من سنة 1894 و مع ذلك لم تكتشف الاثار الا فى 1963 بالصدفة عندما بدأت الحكومة فى الحفر لانشاء مصف سيارات. لمثل هذا فان القيام بمسح سيناء ببعثة مكونة من 5 سيارات ثم ادعاء غياب اثار وجود بنى اسرائيل فيها و بالتالى نفى الرواية التوراتية كما فعل بعض الأركيولوجيين أمر غير موضوعى بالمرة
Richard Hope Simpson “The limitations of surface surveys” in “Archaeological Survey in Mediterranean area” eds. D.R. Keller and D.W.Rupp (1983): pp. 45-47
Richard Friedman “The Exodus: How it happened and why it matters?” p.17
و يكفينا الاشارة الى أنه بعد 40 عاما من حرب يوم الغفران عام 73 تم العثور على مركبة مفقودة مدفونة على عمق 16 متر/52 قدم من الرمال مما يوضح مدى سخافة الزعم بأن المسح السطحى قد يكشف اثار عمرها الاف السنين
“The Exodus is not fiction: An Interview with Richard Elliot Friedman”
و أخيرا تجب الاشارة الى أن حتى ما تم اكتشافه فعليا لم تتم دراسته كله و نشر الأبحاث عنه فمثلا من بين 25 ألف لوحة نقوش طينية مسمارية من مجموعة ماري/تل حريرى لم ينشر حتى الان سوى بضعة الاف و يقول أحد مشرفى المتحف البريطانى أنه من بين 150 ألف لوحة طينية مسمارية تم فقط أرشفة الثلث
Edwin M. Yamauchi “The stones and the scriptures” pp.146-158
Edwin M. Yamauchi “The Scriptures and Archaeology” p.19
فى ظل كل ما سبق يتضح بجلاء أن أى لغة وثوقية قائمة على الادعاء بقطعية و شمولية استنتاجات الأبحاث الأركيولوجية و تقديم أطروحات بناءا على ذلك و الزعم بأنها حقائق مثبتة أمرهدفه التسويق و لفت الانتباه ان أحسنا الظن أو التدليس و الانتصار لمنهج فلسفى على حساب الدليل [و قد أصبح هذا السلوك أفة فى الكثير من العلوم كالبيولوجيا و الفيزياء الفلكية و الكونيات بعد طغيان المنهج المادى اللادينى عليها و تأثر الجميع به]
Comentarios