top of page
Search
Writer's pictureIllidan Stormrage

العلم و حقائقه 9: اللغة و الأسماء بين القران و الكتاب المقدس


التأثيل Etymology هو علم خاص بتتبع تاريخ الكلمات و أصولها و تطور أشكالها و معانيها و قد اكتشف العلاقة الأسرية بين لغات البشر فمثلا العبرية و العربية و الأرامية و السريانية و الحبشية و لغات أخرى لها أصل مشترك قديم يعرف باللغة السامية الأم Proto-Semitic و فهم هذا العلم و الأصول المشتركة للغات مهم فى محاكمة دعاوى التأثيل المنسوبة الى التوراة و القران


المبحث الأول: التأثيل اللغوى فى الكتاب المقدس:


ان الكتب الخمسة المنسوبة الى موسى عليه السلام عامتها صناعة شعبية متأخرة جمعت التراث المتلقى من الأجيال السابقة مع ثقافة عصر المؤلفين و أغراضهم و يظهر أن عامة الربط بين الأسماء و الأحداث فاسد لغويا لاعتماده على التشابه الصوتى بين الكلمات و ليس على حقيقة مصدر اشتقاق الكلمة و هو ما يظهر أن مؤلفى الأسفار اعتمدوا على أسلوبهم الساذج البدائى فى ربط الكلمات بناءا على تشابه الحروف و من أمثلة ذلك:


1-أصل اللغة و أسطورة بابل: يذكر تكوين 11/ 9-1 أن أصل اسم مدينة بابل هو أن الرب عندما وجد البشر بنوا هذه المدينة الكبيرة خشى من اجتماعهم و قوتهم [حاشاه] ف"بلبل" كلامهم و ألسنتهم هناك حتى لا يفهموا بعضهم و يتحدوا ضده و من هنا جاء اسم المدينة [اعتمد المؤلف على تشابه و قع الكلمات العبرية لا العربية التى تتشابه أيضا] و بعيدا عن هذا التصور الشنيع للاله الذى يخشى من خلقه و الذى تفوح منه روائح الأساطير اليونانية و الشرقية القديمة فان هذا الأصل المزعوم للكلمة خطأ اتيمولوجيا. الأصل الصحيح هو أن اسم المدينة فى اللغة الأكادية القديمة "باب إل" أى بوابة الاله و انتقل منها الى العبرية التى كانت فيها كلمة ذات وقع صوتى قريب بمعنى مختلف فنسج مؤلف التكوين تلك القصة بسبب جهله بأصل الكلمة الحقيقى.

فى مقابل ذلك يذكر القران فى الروم 22 "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ" أن اختلاف ألسنة البشر من ايات قدرة الله و ليس خوفا منهم [و لنفهم لماذا اللغة اية من ايات قدرة الله نذكر اقتباس من عالم اللغة الشهير نعوم تشومسكى " اللغة البشرية تتيح للفرد استخدام عدد غير محدود من التعابير الجديدة فى عدد غير محدود من السياقات المناسبة حتى لو كانت جديدة تماما على الانسان و مختلفة عن أى مواقف تعرض لها من قبل و فى المقابل يفهم المتلقى الرسالة لأنه يمتلك نفس القدرة المختلفة تماما عن أنظمة التواصل الحيوانى المرتبطة باشارت معينة فى مواقف معينة كالجوع أو التزاوج. ان استخدام اللغة نشاط ابداعى يحمل قدرة غير محدودة على التعبير عن معانى مختلفة و توليد مفاهيم جديدة و مجازات و استعارات" أيضا القران ذكرفى الحجرات 13 "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" و ليس لنفرقكم و لا يفهم بعضكم بعضا فتعالى الله عما يصفون و الحمد لله الذى حفظ الذكر بانزال ما يصحح تحريفات الأولين]


2-ابراهيم: زعم مؤلف سفر التكوين فى 5/17 أن الرب غير اسم نبيه ابرام الى ابراهام بمعنى "أب لجمهور من الأمم" بينما لا تعرف العبرية كلمة "راهام" و لا "هام" بهذا المعنى


3-اسرائيل: يحكى تكوين 28/32 كيف أن يعقوب صارع الرب حتى اضطر الرب أن يطلب منه أن يتركه و سماه اسرائيل المشتقة من فعل "سرا" فى العبرية بمعنى أنه قاوم أو جاهد لأنه جاهد الله و الناس. الى جانب كون هذا تصور وثنى أسطورى عن الاله لدرجة أن مؤلف سفر هوشع اضطر الى تحريفه و زعم أن الصراع كان مع أحد الملائكة برغم وضوح النص العبرى فى أن الصراع كان مع "الوهيم" و ليس أحد ملائكته فان تفسير اشتقاق الكلمة بناءا على التشابه مع "سرا" أدى الى مأزق لغوى لأن "سرا" + “إل" أو "إيل" تجعل الاله هو الفاعل لا يعقوب و هو عكس النص الذى يقول أن الاسم معناه أن يعقوب هو الذى جاهد.


4-موسى: يشرح نص خروج 10/2 سبب تسمية موسى بهذا الاسم و هو أن أميرة مصر اختارت الاسم لأنها انتشلته من الماء مع ملاحظة أن كلمة "لأن" محذوفة من الترجمة العربية للنص العبرى الاصلى. مؤلف السفر ظن أن الاسم العبرى موشى مشتق من فعل ماشا بمعنى "انتشل" بسبب التشابه و فى هذا عدة مشاكل. أولها استحالة أن تقوم أميرة فرعونية بتسمية الطفل اسما عبريا من لغة الأقلية المضطهدة المحتقرة فكان الأولى أن تسميه من لغتها هى. ثانيها أن صيغة موشى العبرية فاعل لا مفعول به بينما الأميرة تقول فى النص أنها انتشلته أى أنها هى الفاعل "موشى" و هو المفعول به. ثالثها أن الاجماع الاتيمولوجى اليوم على أن اسم موسى مشتق من الكلمة المصرية "موس" بمعنى "ابن" و التى تظهر فى التسميات المصرية القديمة كثيرا فمثلا "تحتموس" معناها ابن تحت و هو اله القمر المصرى مما يوضح أن مؤلف السفر اخترع أصلا غير صحيح للكلمة فقط لتشابه جرسها مع كلمة عبرية


5-يوسف: تخبط نص تكوين 30/ 23-24 فى تفسير الاسم فتارة ينسبه الى الفعل العبرى "اسف" بمعنى" نزع" لأن الرب نزع عار راحيل و تارة الى الفعل "يسف" بمعنى "زاد" لأن الرب يزيدها ولد اخر


6-قايين: جاء فى تكوين ¼ ذكر لولادة حواء لابنها قايين مع محاولة تفسير الاسم بنسبته الى الفعل العبرى "قانا" بمعنى "اقتنى" لكن تأتى المشكلة أن هذا التفسير المبنى على التشابه الصوتى للكلمات يجعل معنى النص "اقتنيت رجلا مع الله" و هو معنى منكر حاول المترجمون الفرار منه بتغيير الترجمة


7-نوح: يفهم من تكوين 29/5 أن اسم نوح مشتق من "ناحم" بمعنى "عزى" فى العبرية فى عبارة "يعزينا عن عملنا و تعب أيدينا" الواردة فى النص و هذا خطأ لأن النقاد الان على أن هذا الاسم مستمد من الجذر "ن-و-ح" بمعنى "ارتاح" و هناك سجلات لأسماء أكادية مركبة من هذا الاسم و أن النسبة الى الجذر العبرى خطأ بشبب التشابه الصوتى خاصة أن حديث نوح عليه السلام بالعبرية أمر مشكل فى حد ذاته فهى لم تكن لغة قومه


8-رأوبين: يفهم من الأصل العبرى لتكوين 32/29 ان اسم رأوبين ابن يعقوب من زوجته ليئة مشتق من العبارة العبرية "راءى بعونيى" الواردة على لسان ليئة بأن الرب نظر الى مذلتها بينما يذهب النقاد اليوم الى فساد هذا التفسير فمثلا يقرر معجم الكتاب المقدس اشراف بطرس عبد الملك ص 393 أن المعنى "هذا ابن" فلا علاقة للموضوع لا بالنظر و لا المذلة سوى تشابه صوت الحروف الذى قاد المؤلف الى هذا الاستنتاج


9-جرشوم: يفشر نص خروج 22/2 اسم جرشوم بالكلمتين العبريتين "جير" بمعنى "ساكن غريب أو أجنبى" و "شام" أى "هناك" بينما الواقع أن جذر "ج-ر-ش" يشير الى الطرد لا السكن.


10-الموءابيين: يذكر تكوين 19/ 35-37 أن تسمية الموءابيين نسبة الى أباهم موءاب الذى اشتق اسمه من العبارة العبرية لماء الأب و ذلك لولادته من علاقة لوط عليه السلام [حاشاه] باحدى ابنتيه و قد نبه كثير من النقاد على الأصل العنصرى الفاسد للتسمية و أنها قصة مخترعة للحط من شأن الموءابيين و وصفهم بأنهم أبناء زنا محارم بينما لا يزال أصل اسمهم مجهول حتى الان


المبحث الثانى: هل فى القران أخطاء فى التأثيل اللغوى؟


حاول البعض الطعن فى صوابية استخدام القران لأسماء لها مقابل فى الكتاب المقدس فأتوا من حيث لم يحتسبوا بأمور تثبت اعجازه أو تظهر معرفة نبى الاسلام بدقيق خبر الكتاب المقدس الذى لم يعرب الا بعد البعثة النبوية [و هناك تفنيد مفصل لتلك الدعوى فى كتاب "هل القران مقتبس من كتب اليهود و النصارى؟" للدكتور سامى عامرى]


1-ادريس و أخنوخ: أخطأ القران بتغيير اسم النبى أخنوخ الى ادريس و عامة علماء الاسلام و المستشرقين على أنهما نفس الشخص بسبب توافق ما جاء فى مريم 57 "وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا" مع ما جاء فى سفر التكوين 5/ 21-24 من رفع أخنوخ الى السماء و الرد على هذا من وجهين. الأول أن مخالفة القران الكتاب المقدس فى نقل اسم نبى لا يطعن فى صحته بل يدعو الى البحث فى أصل التسمية فمثلا لا يمكن أن يخطئ أى عربى التقى باحاد النصارى فى نقل اسم يسوع و يجعله عيسى لذلك يحاول من يزعمون نقل القران من الكتاب المقدس فهم أصل التسمية لادراكهم استحالة النقل دون ملاحظة هذا الاسم المحورى. الثانى-و هنا محل الاعجاز-أن اسم أخنوخ فى العبرية هو "حنوك" و ينطق "حنوخ" لأن الكاف فى اخر الكلمة العبرية تنطق خاء و معناها متدرب أو متعلم و وزارة التعليم فى الأرضى المحتلة اليوم اسمها "مسرات حاحنوخ" و فى المقابل فان اسم "ادريس" من فعل "درس" المقابل لنفس المعنى


2-يحيى: أخطأ القران فى مريم 7 "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا" لأن اسم يحيى فى الأصل العبرى يوحانان و هو اسم كان موجودا من قبل ولادته و الجواب من أوجه. أولا أن كلمة "سميا" لا تعنى بالضرورة شخصا بنفس الاسم و انما قد تأتى بمعنى "نظيرا أو مثيلا" و قد ذكر هذا ابن منظور فى لسان العرب و انتصر لهذا المعنى مجاهد ابن جبر المتوفى 104 هجريا مستشهدا بمريم 65 "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" و من شواهد هذا المعنى أيضا النجم 27 "إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَىٰ" فالتسمية الواردة فى الاية بمعنى الوصف بأنهن اناث فهى قد تأتى بمعنى الوصف لا الاسم و قد اجتمع فى يحيى ما لم يجتمع فى نبى واحد قبله فقد أوتى النبوة فى الصبا و جعله الله حصورا حتى لا تشق عليه العصمة و الطاعة و ولد لأبويه بعد شيخوخة و عقر و هذا مصدق لانجيل متى 11/11 “لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان". الطريف أنه حتى على القول بأن "سميا" المراد بها الاسم لا الصفات فان لوقا 1/ 59-63 يذكر على لسان أمه أن أحدا لم يسمى بهذا الاسم فى عشيرتها من قبل و هى معلومة لا يمكن أن يصل اليها أمى من صحراء العرب فى القرن السابع. ثانيا-فى العبرية الجذر "حنا" غير المشدد معناه "حصر و ضيق" و بالتشديد بمعنى "يشدد الحصر عليه" و باضافة "يو" و هى مختصر اسم الله فى العبرية يصبح المعنى "حصره الله" مصداقا لوصف الحصور فى القران.


3-طالوت: أخطأ القران فى قصة داوود النبى بتغيير اسم ملك بنى اسرائيل من شاؤول الى طالوت و السؤال هنا هو: كيف نقل كاتب القران القصة من أهل الكتاب [على زعم المعترض] فأصاب فى داوود و جالوت ثم جعل شاؤول طالوت و هى كلمة غير مشابهة بالمرة؟ يجيبنا سفر صموئيل الأول 2/9 و 23/10 واصفا شاؤول بالطول و بأنه أطول من فى الشعب و هو نفس ما أشار اليه القران اذ أن طالوت مصدر من طال كما فى ناس و ناسوت و هو الوصف الأنسب فى سياق الحرب و القتال من شاؤول التى هى كلمة عبرية بمعنى "المسئول" أى الذى يسأله الناس حاجاتهم. [و مرة أخرى نكرر من يريد أن يتبنى الزعم الخيالى بأن أمى من أمة الأميين قد اطلع على كل هذه الأسفار التى لم تكن ترجمت أصلا فسيتم تفنيد هذا الزعم بالتفصيل ان شاء الله عند تناول كتاب "هل القران مقتبس من كتب اليهود و النصارى؟"]





106 views0 comments

Comments


Commenting has been turned off.
Post: Blog2_Post
bottom of page