المبحث الأول: الكتاب المقدس فى مواجهة حقائق العلم
تكشف أخطاء الكتاب المقدس فى عالم الحيوان أن مؤلفى الأسفار كانوا "ظاهريين" جدا فى وصف ما هو قريب من حياتهم اليومية فوقعوا فى أخطاء علمية كبيرة تكشف الأصل البشرى للنصوص و من أمثلة ذلك:
1-الوبر و الأرنب مجتران: جاء فى لاويين 11/ 2-6 زعم بأن الوبر و الأرنب من الحيوانات المجترة و هذا خطأ سببه أن ظاهر حركة الفك و الأسنان لديهما تشبه الاجترار لكنهما فى الحقيقة لا يجتران و قد حاول بعض المدافعين التملص من الخطأ بزعم أن الحيوان المذكور ليس الأرنب الا أن أى عالم لغات سامية أو عبرية يعلم جيدا أن "أرنبت" العبرية هى أرنب و قد حاولت بعض نسخ الترجمة السبعينية اليونانية تفادى خطأ النص الأصلى بتحريف الترجمة باضافة "لا" عند فعل "يجتر"
2-الجمل غير مشقوق الظلف: ذكر لاويين 4/11 أن الجمل غير مشقوق الظلف و هذا خطأ عائد الى الملاحظة الظاهرية فالجمل له ظلف مشقوق و لكن ظاهر قدمه سميك و موسد فلا يظهر الشق.
3-ركوب النسور: يذكر التثنية 32/ 11-12 أن النسر يحمل أفراخه على أجنحته و هو طائر و هذا غير صحيح و أشار بعض النقاد ك"جون والتون" أن هذه الفكرة مشتقة من الملاحم السومرية التى كانت فيها النسور ركوبا لبشر.
4-وحم الخراف: يذكر تكوين 30/ 37-39 نجاح محاولة النبى يعقوب أن يحتال على خاله لابان ليأخذ ما تنتجه أغنامه بأن وضع قضبانا مخططة أمام الغنم لتتوحم عليها فتلد غنما مخططة و بعيدا عن اتهام نبى بالاحتيال و خيانة الأمانة فان هناك مشكلة علمية فى زعم أن شكل المولود يتأثر بما يراه الأبوان و هذا خطأ علمى دارج فى الثقافة الفولكلورية الشعبية أما علميا فشكل المولود و صفاته يحددها ما يرثه من جينات أبويه و لا علاقة لما يروه بالموضوع
5-الحية تقتل بلسانها لا بنابها: يذكر أيوب 16/20 هذا الأمر و هو خطأ شاع قديما بسبب الحركة النشطة المستمرة للسان الأفعى بينما اكتشف العلم الحديث أن هذا النشاط الحركى للسان سببه أن فيه جهاز الشم للأفعى و لكن لا علاقة له بالقتل و تفريغ السم لدرجة أن بعض الترجمات مثل The New American Bible حرفت النص و وضعت كلمة fangs أنياب مكان لسان مع أن الأصل العبرى "لشون" يعنى لسان
6-أمة النمل بلا قيادة: يذكر الأمثال 6/ 6-8 أن النمل ليس له قائد أو متسلط و هذا خطأ لأن عالم النمل منظم هرميا و الملكة تصدر أصواتا تأمر من خلالها العمال أن يقوموا ببعض الوظائف.
7-النعامة تهمل صغارها: يذكر نص أيوب 39/ 13-17 أن النعام يهمل بيضه و صغاره و هذا باطل فالأنثى تحتضن البيض خلال النهار و الذكر يتولى الوظيفة ليلا و بعد أن يفقس البيض تعتنى الأم بالصغار لأكثر من شهر أما السلوك الذى فسره مؤلفو الأسفار بسطحية أنه اهمال للغار فهو ابتعاد النعام عنهم عند هجوم الصيادين و يعرف الخبراء اليوم أن النعام فى الواقع يبتعد ليحاول سحب الصيادين اليه لحماية الصغارلا أنه يهرب و يتركهم
المبحث الثانى: هل فى القران أخطاء فى علم الحيوان؟
تعترض الكتابات الالحادية و التنصيرية على القران بالاعتراضات الاتية:
1-تكلم النمل: يزعم القران فى النمل 18 أن النمل يتكلم "حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" و هذا خطأ علمى فالنمل يتواصل بالإفرازات الكيميائية و الجواب: جاء فى مقال "تحليل الاتصالات الصوتية عند النمل" أن النمل يتواصل باستخدام مستقبلات صوتية على هيئة شعيرات على الهوائيات:
كما جاء فى المقالة السالف ذكرها عند الحديث عن قيادة الملكة للنمل أن النمل يغرس ميكروفونات صغيرة فى الأعشاش تستخدمها الملكة لاصدار التعليمات
[فسبحان الذى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى-بعيدا عن الموضوع الأصلى للكتاب لكن مستقبلات صوتية على هوائيات و ميكروفونات و نظام اتصالات محكم و طبعا كل هذا بدون تصميم مسبق بل بطفرات عشوائية كما تخبرنا الداروينية!!!]
2-العسل يخرج من بطون النحل: يقول القران فى النحل 69 "ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" أن العسل يخرج من بطون النحل بينما هو يخرج من فمه و الجواب: أولا الرحيق فعلا يتم حمله فى بطون النحل ثم يخرج منها و كونه يخرج عن طريق الفم لا ينفى أصل خروجه من البطن. ثانيا أن القران قد حسم مسألة خلافية فى عصره و هى هل النحل يصنع العسل أم يجمعه فقط بل ان من كان من المسلمين متعصبا لعلوم عصره تعسف فى التعامل مع الاية كالشريف الرضى المتوفى 406 ه الذى قال فى "تلخيص البيان فى مجازات القران" ص 143-144 “و العسل عند المحققين من العلماء غير خارج من بطون النحل انما تنقله بأفواهها من مساقطه و مواقعه" فرفض معنى الاية الظاهر لتعارضه مع علوم عصره و قد جاء نفس المعنى فى التلمود و فى وثيقة اشورية قديمة تشير الى "حشرات طنانة تجمع العسل" وفقا للموسوعة اليهودية Encyclopaedia Judaica 9/517 فخالف القران كل هذا و وافق صحيح العلم. و قد ذكرت الاية "الأكل" من الثمرات قبل خروج الشراب مؤكدة بذلك أن هذا الأكل غير الشراب و نافية جمع الشراب كما كان سائدا فالنحل فعلا يتغذى على حبوب اللقاح و الرحيق و على الثمر كالخوخ و العنب و التين و التفاح و ثمر العليق اذا صار طازجا جدا يسهل التقامه أو اذا تعفن فصار لزجا.
أضف الى ذلك أن النحل لا ينتج العسل فقط بل لديه غدد تفرز ما يسمى صمغ النحل propolis و هو مادة ذات مقاومة عالية للعدوى يتم استخدامها لتبطين شمع الخلية و يتم بيعها للاستهلاك مع العسل و غذاء ملكات النحل (الذى هو الاخر يحتوى على مضادات عدوى)
3-من بين فرث و دم: يقول القران فى النحل 66 "إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ" أن اللبن يخرج من بين الدم و الفضلات و هذا خطأ فهو يخرج من الضرع و غدد الثدى و الجواب: أولا أن مجرد افتراض أن هذا خطأ من "كاتب القران" عبث فقد كان راعيا للغنم!!! و عرب الجاهلية [و أجيالا من البشر قبلهم] كانوا يحلبون الحيوانات و يعلمون جيدا موضع خروج اللبن فالأولى البحث فى معنى نص بدلا من طرح فرضيات ساذجة بأنه خطأ. ثانيا أن مكونات اللبن التى تستخدمها الغدد الثديية فى تكوينه تأتى من الطعام الذى يأكله الحيوان و المهضوم جزئيا فى معدة الاجترار (الفرث) و الذى يتحول ما تبقى منه فى النهاية الى فضلات و يتم نقل هذه المكونات من الجهاز الهضمى الى الغدد الثديية بواسطة الدورة الدموية المسئولة عن توزيع الغذاء و الأكسجين فى الجسم اذن فالضرع أو الغدد الثديية حرفيا تحصل على مكونات صناعة اللبن من بين فرث و دم أى أن هذا الاعتراض هو فى الواقع سبق علمى و اعجاز اذ أن الدورة الدموية و اليات الهضم لم تعرف الا بعد البعثة بقرون
4-زوجية الكائنات الحية: تقول الذاريات 49 "وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" بزوجية الكائنات الحية و تلك دعوى فاسدة فان من الكائنات الحية ما ليس له ذكر و أنثى و الجواب أن القران لم يقل أبدا أن الزوجية المقصودة فى مسألة الجنس و التكاثر فقط [فالملائكة مثلا مخلوقات لا جنس ذكورة و لا أنوثة لها أى أن مسألة انعدام الزوجية الجنسية ليست ايرادا جديدا على الاسلام] و قد فهم علماء الاسلام منذ عصر النبوة أن الزوجية هى تقابل الوجهين مقترنين كانا أو نقيضين [كالخير و الشر مثلا] و ليس مجرد الذكورة و الأنوثة و قال بذلك ابن منظور فى "لسان العرب" مادة "زوج" و الزبيدى فى "تاج العروس" 1/ 1426-1427 و الأصفهانى فى "مفردات القران" بل و قال به القران نفسه فى الصافات 22 "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ" فأزواجهم أى أقرانهم المقتدين بهم فالله لن يدخل زوجا جهنم بذنب زوجها و قد مدح الحديث النبوى اسية زوجة فرعون المجرم الظالم بل ان الفيزيائى الشهير و رائد ميكانيكا الكم هايزنبرج قال "تشكل خصائص التناظر أهم السمات الأساسية للنظرية العلمية"
5-أمم أمثالكم: يزعم القران فى الأنعام 38 "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ" أن الحيوانات أمم بينما نحن نعلم أن منها ما يعيش منفردا و الجواب أن سياق الايات من 36-40 يتحدث بوضوح عن دعوة الناس و استجابتهم أو تكذيبهم لايات الله و بعث الموتى و قدوم الساعة فالسياق لا يقتضى معنى العيش الجماعى دون غيره فمثلا فسرها القرطبى فى "الجامع لأحكام القران" 420/6 بمعنى أمثالكم فى الخلق و الرزق و الموت و البعث و قال اخرون أى مخلوقة من الصانع دالة عليه اية على وجوده و قدرته.
[6-أما حديث الذباب و أن فيه داء و دواء فالداء بداهة قد يكون ما ينقله من قاذورات و جراثيم بسبب وقوفه كثيرا على البقايا و الفضلات أما الدواء فالأبحاث تشير الى قدرة الحشرات عامة و الذباب خاصة على العمل كمصادر للمضادات الحيوية و التى هى بداهة علاج و دواء
Michael Zasloff "Antimicrobial peptides of multicellular organisms" Nature volume 415, pages389–395 (2002)
و المصدرين الاخيرين يتحدثان عن اكتشاف كون حشرات أخرى متعددة تصلح كمصادر للمضادات الحيوية (العلاج) اذ تعيش عليها سلالات من البكتيريا التى تنتج المضادات
و أخيرا هناك قاعدة مهمة جدا فى التعامل مع هذه الأمور...ان كون أمر ما لم يكتشفه العلم بعد لا يعنى أنه ليس بموجود فمثلا تخيل شخصا يعيش فى التسعينات قبل هذه الاكتشافات هل معنى هذا أن الذباب لم يكن يحمل المضاد الحيوى بالنسبة له؟ بالطبع لا فهو يحمله من قبل أن يولد هذا الشخص و أباءه و أجداده و لكن العلم فقط لم يكن قد اكتشف هذا الأمر بعد لذلك فان عدم وجود دليل علمى على أمر ما لا يعنى أنه خاطئ فربما يتم اكتشافه بعد عام أو عشرة أو مائة بل و أحيانا يقول العلم شيئا كأنه حقيقة ثم يعود فيصحح نفسه بعد أعوام و يكتشف خطأ ما كان يظنه حقيقة و من أشهر الأمثلة على ذلك الحمض النووى الخردة الذى كان التطوريون يقسمون برأس داروين أنه بلا وظيفة لعقود و فى العشر سنوات الأخيرة بدأت الاكتشافات تتوالى بوظائف أجزاء كثيرة منه]
الفصل الرابع من الباب الثالث : الكائنات الخرافية فى الكتاب المقدس
تضم أسفار العهد القديم أخبارا عن كثير من المخلوقات الخرافية المقتبسة من ثقافات الشرق القديم و المقصود هنا ليس الكائنات الغيبية التى يخرج رصدها عن مجال العلم كالملائكة بل حيوانات برية و بحرية زعم المؤلفون وجودها و هى فى الواقع مقتبسة من الأساطير السائدة فى ذلك العصر
المبحث الأول: كائنات البر الخرافية فى الكتاب المقدس
1-الغول: يذكر اشعياء 21/13 “معز الوحش" و مقابلها فى النص العبرى "سعيريم" أى "كثيرى الشعر" و اليونانى "ديمونيا" أى شياطين و الحديث عنها كما فى سفر اللاويين 7/17 و 2 أخبار الأيام 15/11 يشير الى حيوانات شيطانية كثيفة الشعر تشبه الماعز و هى خرافة وثنية قديمة. فى المقابل روى الامام مسلم فى صحيحه كتاب السلام باب "لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لا صفر و لا نوء و لا غول و لا يورد ممرض على مصح" ح/2222 الحديث النبوى النافى لمثل هذه الخرافات التى كانت سائدة بين العرب [و كما نبهنا سابقا فالاحتجاج يكون بالحديث الصحيح لا الضعيف الذى رده العلماء لسوء حفظ الراوى أو وجود انقطاع بينه و بين من يزعم الرواية عنه و ما شابه ذلك]
2-ليليت: يذكر اشعياء 14/34 كائن مسمى ليليت يسكن الخرائب و يهاجم البيوت و هو فى الواقع خرافة مقتسبة من التراث البابلى/السومرى
3-الثعبان الطائر: يذكر اشعياء 29/14 و 6/30 وجود أفعى مجنحة و هى أسطورة منقولة من تراث الفراعنة
المبحث الثانى: كائنات البحر الخرافية فى الكتاب المقدس
1-لوياثان: يذكر اشعياء 1/27 و المزمور 14/74 و المزمور 26/104 و أيوب 8/3 الحية البحرية الأسطورية أو التنين البحرى لوياثان و تشير عددا من المقاطع كاشعياء 9/51 و أيوب 12/26 الى معركة بين الرب و هذا الوحش و مع الاكتشافات الأركيولوجية ظهر مصدر هذه القصة من الأساطير الكنعانية و قد اقر بهذا المعجم اللاهوتى للعهد القديم 7/509 Theological dictionary of the old testament و الموسوعة اليهودية 12/ 696-697 Encyclopedia Judaica
2-التنين: جاء ذكر التنانين فى مزامير 7/148 و تثنية 33/32 حيث كلمة الثعابين أصلها فى النص العبرى "تنينيم" أى تنانين و حزقيال 3/29 حيث كلمة تمساح أصلها فى النص العبرى "تنيم" أى تنين و لكن غير المترجمون النص الأصلى فى الترجمات اللاحقة و لا أظن من الضرورى أن نذكر أن التنانين لا تعيش فى الأنهار و البحار...و لا فى أى مكان فى الواقع.
Comentários